في غضون تسع سنوات، نما الصندوق السيادي السعودي من 84 مليار دولار في عام 2014 إلى 940 مليار دولار في عام 2024، ليُصبح اليوم أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم. وهذا الارتفاع الصاروخي يعود إلى محمد بن سلمان، ولي العهد، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلسي الشؤون السياسية والأمنية والشؤون الاقتصادية والتنمية، والأهم رئيس صندوق الاستثمارات العامة، والحاكم الفعلي للسعودية.
لكن لم يحصل الصندوق على كل هذه الأموال الهائلة وفي هذه الفترة القصيرة بسبب الاستثمارات الناجحة، بل من خلال المصادرة والاستحواذ على أصول الشركات وثروات الأفراد، وتحديدًا من خلال الحملة السرية التي وُصفت بشكل ملطف بـ”مكافحة الفساد”، خاصة حملة 2017.
في الواقع، كان صندوق الاستثمارات العامة عنصرًا محوريًا في جهود ولي العهد، ومن خلال هيمنته على هذا الصندوق، وضع ابن سلمان نحو تريليون دولار من ثروة السعودية في متناول يده مباشرة، ويطمح إلى تضخيم الرقم إلى تريليوني دولار بنهاية عام 2030. وتتوقع رؤية السعودية 2030 أن يصبح الصندوق أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم.
يكشف تقرير “هيومن رايتس ووتش” الصادر في نوفمبر 2024 تحت عنوان “الرجل الذي اشترى العالم: الانتهاكات الحقوقية المرتبطة بصندوق الاستثمارات العامة السعودي ورئيسه محمد بن سلمان” استنادًا إلى وثائق ومقابلات وتحقيقات صحفية كيف حول ولي العهد صندوق الثروة السيادية للدولة السعودية إلى ذراع تابعة له من أجل ابتزاز ممتلكات الآخرين، وشن حملات قمع واعتقالات ضد المعارضين ورجال الأعمال البارزين، بجانب استخدام الصندوق كوسيلة لغسل الانتهاكات وتحسين السمعة.
كيف هيمن ولي العهد على الصندوق؟
صندوق الثروة السيادي للدول هو كيان يتكون من أموال وموارد تملكها الدولة، وتتكون عادة من عائدات الحكومة، وفوائض التجارة والاحتياطيات التي يتم استثمارها محليًا وخارجيًا لتعزيز التنمية وتنويع الاقتصاد المحلي.
وقد أسست صناديق الثروة السيادية على الثروة النفطية، وأنشئ عدد من هذه الصناديق في السبعينيات، ومنها الصندوق السعودي الذي تأسس عام 1971 من أجل التعامل مع التأثيرات الاقتصادية لأسواق النفط غير المستقرة والمساعدة في إنشاء شركات ذات أهمية أساسية للاقتصاد السعودي.
وبين 1971 و 2015 كان مجلس إدارة الصندوق السعودي السيادي يتألف من خمسة أعضاء: وزير المالية الذي شغل أيضًا منصب الرئيس، وعضوان من مجلس الوزراء يرشحهما رئيس مجلس الوزراء، ورئيس هيئة التخطيط المركزية، ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي. كما كان لبعض الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى صناديقها الخاصة للاستثمارات.
ووفقًا لموقعه على الإنترنت، فقد ولد الصندوق السعودي من جديد في عام 2015 عندما أصدر مجلس وزراء المملكة القرار 270، والذي وضع الصندوق تحت إشراف مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي تم تشكيله حديثًا. كما أتاح القرار لرئيس مجلس الوزراء تعيين جميع أعضاء مجلس الإدارة بشكل أحادي.
وحسب الوثائق والمراسم السعودية التي اطلعت عليها “هيومن رايتس ووتش”، ففي عام 2015 أعاد محمد بن سلمان تشكيل الصندوق السعودي، وأجرى تغييرات جذرية على هيكلية ونهج الصندوق بهدف تركيز أكبر قدر من السلطة والموارد بين يديه. لكن كيف وصل محمد بن سلمان إلى رئاسة الصندوق؟
بعد توليه العرش في 2015 ادخل الملك سلمان تغييرات كبيرة على الحكومة، فاستبدال العديد من المجالس والهيئات الاستشارية بمجلسين جديدين أحدهما “مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية” والذي عين ابنه رئيسًا له.
وبموجب مرسوم رقم 270 الصادر في مارس/آذار 2015 عن مجلس الوزراء، تم نقل الإشراف على الصندوق من وزارة المالية إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي أنشئ حديثًا. ومنذ 2015، ترأس ابن سلمان كلًا من مجلس الشؤون الاقتصادية وإدارة صندوق الاستثمارات العامة، وهذا يعنى أن الصندوق لم يعد كيانًا ذاتيًا أو مستقلًا، وإنما أصبح تحت سيطرة مباشرة من ولي العهد.
وفي الواقع، لا يعلم المجتمع السعودي كيف تدار أموال الصندوق وكيف تؤخذ قرارات الاستثمار، وكما أوضح تقرير “هيومن رايتس ووتش” لا توجد آليات يُمكن للجمهور السعودي من خلالها الضغط على الصندوق للتخفيف من حدة الفقر وتوفير الخدمات الأساسية للفئات الأكثر تهميشًا.
ويشير التقرير إلى أن الاستثمارات الكبرى للصندوق انطوت على قرارات أحادية من ولي العهد، ورغم اعتراض مجلس الإدارة ومستشارين محترفين في بعض الأحيان، فإن قرارات الصندوق تخضع لولي العهد محمد بن سلمان، كما يتحايل الأخير على إجراءات الحوكمة من خلال التوجه مباشرة إلى الملك عندما يتم الاعتراض على بعض قراراته.
فمثلًا عند تراجع الأسواق في بداية الجائحة العالمية 2020، أراد ابن سلمان أن يشتري الصندوق أسهمًا محددة، لكن مجلس إدارة الصندوق عارض ولي العهد، وفي مقابلة لفيلم وثائقي على قناة “إم بي سي” قال محافظ الصندوق ياسر الرميان إن مجلس الإدارة صوت ضد هذه الخطوة لأنه اعتبرها محفوفة بالمخاطر.
ووفقًا لـ الرميان، فقد رفع محمد بن سلمان الأمر إلى الملك، وعلى الفور أصدر الملك مرسومًا ملكيًا سمح بتجاوز قواعد حوكمة الصندوق الحالية واتباع رأي رئيس مجلس الإدارة محمد بن سلمان. بجانب ذلك أصبح ابن سلمان رئيسًا للوزراء في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، ما منحه سلطة تعيين جميع أعضاء مجلس إدارة الصندوق.
وفي الوقت الحالي، يضم مجلس إدارة الصندوق تسعة أعضاء إضافة إلى ولي العهد، يشغل سبعة منهم مناصب وزراء، وقد تم تعيين معظمهم في مناصبهم الحالية بعد أن استحواذ ولي العهد على سلطات متزايدة، والعديد منهم من المقربين شخصيًا إلى محمد بن سلمان، وخاصة محافظ الصندوق ياسر الرميان، ووزير الدولة محمد آل الشيخ، ووزير المالية محمد الجدعان، والمستشار السياسي محمد التويجري.
وجدير بالذكر أن معهد بيترسون للاقتصاد الدولي صنف الصندوق السعودي ضمن الصناديق الأقل شفافية وخضوعًا للمحاسبة، وجاء ترتيب الصندوق في المرتبة 56 من أصل 64. كما خلص تقرير المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية لسنة 2019 إلى أن ولي العهد يمارس نفوذًا هائلًا داخل مجلس إدارة الصندوق.
فمن خلال هذا الصندوق، يتحكم ابن سلمان فعليًا بموارد السعودية ويمارس سلطة مطلقة على أهم أجهزة الدولة الأمنية والسياسية والاقتصادية، لكنه لا يُمارس هذه السلطة الواسعة لخدمة الصالح العام، بل يتصرف بشكل تعسفي وبطريقة شخصية كما أوضح تقرير “هيومن رايتس ووتش”.
كيف يستغل محمد بن سلمان صندوق الاستثمارات؟
صندوق سيادي أم “أداة استثمارية لشخص واحد”
يزعم أكاديميون مثل ستيفن هيرتوغ أن الدولة السعودية قبل صعود محمد بن سلمان إلى السلطة كانت عبارة عن عدة مؤسسات وجهات سياسية واقتصادية ذات نفوذ، وتعمل كقطاعات فاعلة في النظام، كالمؤسسة الدينية ورجال دين مستقلين، وأعضاء آخرين مؤثرين في مجتمع الأعمال السعودي.
لكن أدى صعود ابن سلمان إلى هدم هذا الوضع القائم في مطلع 2015، لم يقم ولي العهد بإزاحة كل من يقف في طريقه وتهميش القوى الاقتصادية داخل الأسرة الحاكمة ونخبة الأعمال وتركيزها في يديه وأيدي مجموعة صغيرة من المستشارين المقربين فحسب، بل حول الدولة إلى نظام محوري يتمركز حوله.
وفي نهاية المطاف، أدى التغيير الشامل في الصندوق عام 2015 إلى تركيز قدر هائل من السيطرة في يد محمد بن سلمان، لدرجة أن أحد المحللين السعوديين وصف الصندوق بأنه “أداة استثمارية لشخص واحد”.
وبحسب تقرير صادر عن “المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية” فإن الصندوق السعودي مصمم لخدمة ولي العهد، ويساهم في تعزيز حكمه وتركيز السلطة لصالحه، وخلص التقرير إلى أن تعيين جميع أعضاء مجلس إدارة الصندوق لا يرجع إلى كفاءتهم ومناصبهم الحكومية، بل إلى قربهم الشخصي من ولي العهد.
تحسين السمة وغسل الانتهاكات
في حين أن الصندوق اتخذ قرارات استثمارية يُمكن ربطها بدوافع ربحية، فإن ابن سلمان يستخدم أيضًا استثمارات الصندوق في الولايات المتحدة وبريطانيا وأماكن أخرى في العالم كأداة قوية لحشد الدعم الخارجي لأجندته، وصرف الاهتمام عن سجله الحقوقي السيئ، بجانب سعيه إلى تقويض المؤسسات التي تعارض استبداده، أو المؤسسات التي تنشر معلومات حول السجل الحقوقي للسعودية.
ففي حالات عدة رصدها تقرير “هيومن رايتس ووتش”، تسبب إبرام أو إعلان استثمارات أو اتفاقات تجارية مع الصندوق السعودي في تقييد الانتقادات لمحمد بن سلمان. على سبيل المثال، قامت شركة الإعلام فايس (Vice) بعد أن نشرت وثائقيًا في يونيو/ حزيران 2023 انتقد ولي العهد وعنوانه “سعي ولي العهد الشرس للسلطة”، بحذفه بعد ستة أشهر من دخولها في شراكة مع مجموعة إم بي سي، كما أفادت “الغارديان” أن “فايس” حظرت بشكل متكرر قصصًا إخبارية قد تُسيئ للحكومة السعودية.
ويشير تقرير “هيومن رايتس ووتش” إلى أنه بعد وقت قصير من اغتيال جمال خاشقجي، وقع الصندوق السعودي عقدًا مع شركة “كارف” للعلاقات العامة في نيويورك بقيمة 120 ألف دولار شهريًا، بهدف “تعزيز صورة وسمعة” ابن سلمان وكبار المسؤولين في الصندوق السعودي. في الواقع استخدم ابن سلمان العديد من شركات العلاقات العامة لتحسين صورته، وخاصة من خلال استخدام فنانين ورياضيين.
كذلك يشير التقرير إلى أنه في الوقت الذي يروج فيه الصندوق السعودي لدعم الاستثمار في تقنيات الطاقة النظيفة، فإن استثمارات الصندوق في تقنيات الطاقة النظيفة تظل نسبة ضئيلة، إذ يعتمد بشكل كلي على الوقود الأحفوري.
الغسيل الرياضي وجذب المشاهير
لصرف الانتباه عن الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها السلطات السعودية، استثمر محمد بن سلمان على مدى السنوات الماضية في أحداث رياضية وترفيهية كبرى من خلال “الغسيل الرياضي”، والذي يعمل على تلميع السمعة من خلال جلب كبار نجوم كرة القدم للعب في السعودية، واستضافة أحداث رياضية كبرى تجتذب اهتمامًا إعلاميًا إيجابيًا.
فتحت ستار صندوق الاستثمارات السعودي، قام ولي العهد باستخدام استراتيجية الغسيل الرياضي لتلميع صورته وخلق صورة إيجابية للمملكة على الصعيد الدولي، وإظهار أن السعودية تقوم فعليًا بإصلاحات وليست دولة القمع والانتهاكات.
رصدت هيومن رايتس ووتش عدة نماذج لحملات الحكومة السعودية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات لاستضافة عروض وأحداث ترفيهية وثقافية ورياضية بما في ذلك استضافة مجموعة من مشاهير الرياضية في العالم، وبطولات الغولف، ومباريات في الملاكمة والمصارعة، وسباق الجائزة الكبرى “فورمولا 1”.
وحسب “هيومن رايتس ووتش” فإن الحكومة السعودية ترى أن استضافة مشاهير عالميين وأحداث ترفيهية ورياضية كبرى هي أفضل وسيلة لتلميع سمعتها وإقناع المستثمرين الدوليين بالاستثمار في المملكة رغم تفشي انتهاكات حقوق الإنسان.
ففي يناير/كانون الثاني 2020، شرع الصندوق في محاولة شراء النادي الإنجليزي “نيوكاسل يونايتد”، وتقول “هيومن رايتس ووتش” إنها دعت الدوري الإنجليزي الممتاز إلى إعادة النظر في موافقته على بيع نيوكاسل، والأخذ في الاعتبار ضلوع صندوق الاستثمار السعودي في تسهيل انتهاكات حقوق الإنسان.
لكن في 2021 عقد الصندوق صفقة لشراء نادي نيوكاسل بمبلغ 300 مليون جنيه إسترليني، ووافق الدوري على بيع نيوكاسل لمجموعة من الشركات التي يقودها الصندوق بطريقة غامضة ودون أي سياسة حقوقية، يمتلك الصندوق اليوم 80% من نادي كرة القدم الإنجليزي.
بحسب تقرير “هيومن رايتس ووتش” فقد اعتبر الدوري الإنجليزي أن الصندوق منفصل عن الدولة السعودية، رغم أن الصندوق جهاز تابع للدولة، رئيسه هو الحاكم الفعلي للسعودية وأعضاء مجلس إدارته معظمهم من الوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة.
وهناك جانب آخر من الغسيل الرياضي الذي يقوم به الصندوق، والذي يحظر انتقاد ولي العهد أو الحكومة السعودية، حيث يتدخل الصندوق السعودي لإسكات المنتقدين من التحدث عن الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة السعودية في العالم، على سبيل المثال، في يونيو/حزيران 2023، أعلنت رابطة الغولف “بي جي إيه” وهي منظمة أمريكية عن اتفاق مع الصندوق السعودي.
ونص الاتفاق الإطاري على أن كلا الطرفين لن يقوما في أي وقت من الأوقات، بشكل مباشر أو غير مباشر، بإبداء أو نشر أو تمكين أي شخص أو كيان أو أي منتدى من أي ملاحظات أو تعليقات أو بيانات تشهيرية أو مهينة حول الطرف الآخر أو الشركات التابعة له أو مالكيه أو أعماله أو مديريه أو موظفيه أو مسؤوليه أو مساهميه أو أعضائه أو مستشاريه.
إن هذا الاتفاق بين الصندوق السعودي ورابطة الغولف حسبما أوضح تقرير “هيومن رايتس ووتش” ليس العقد الرياضي الوحيد الذي يحظر انتقاد الحكومة السعودية، فقد كشف تحقيقات صحيفة أن عقد ليونيل ميسي مع الهيئة السعودية للسياحة يحتوي على بند يمنع اللاعب من قول أي شيء قد يلطخ سمعة المملكة، كما منحه العقد مليوني دولار للترويج للسعودية على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي 10 مرات في السنة.
فظاعات باسم الصندوق
ارتباط الصندوق بجرائم القتل
خلال الفترة التي خضع فيها الصندوق لإدارة ولي العهد محمد بن سلمان، سهلت الشركات المملوكة والمسيطر عليها من قبل الصندوق انتهاكات حقوقية خطيرة مرتبطة بولي العهد، أهمها قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018.
وتشير الوثائق السعودية التي استعرضتها “هيومن رايتس ووتش” إلى أن إحدى شركات الصندوق، وهي شركة الطيران “سكاي برايم للخدمات الجوية”، استخدمت طائراتها لنقل الفريق الذي اغتال جمال خاشقجي، حيث استخدم عملاء سعوديون طائرتين للشركة للسفر إلى إسطنبول واغتيال خاشقجي في قنصلية بلادهم هناك والعودة إلى السعودية.
الهدم والإخلاء القسري
لعل أبرز انتهاكات الصندوق والتي ارتكبها ولي العهد، هو مشروع نيوم لتطوير مدينة جدة، والذي يعتبر جزءًا أساسيًا من خطة محمد بن سلمان لرؤية 2030، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2017 أعلن ولي العهد عن مشروع وسط جدة بقيمة 20 مليار دولار لتحويل أحياء وسط مدينة جدة التاريخية إلى منطقة تسوق وإنشاء وجهة عالمية على البحر الأحمر، والصندوق هو الممول لهذا المشروع.
لكن هذا المشروع تسبب في الطرد القسري لأعداد كبيرة من السعوديين من الطبقة المتوسطة والدنيا والعمال المهاجرين، وتم هدم منازلهم وأحيائهم، فقد طردت السلطات السعودية بالقوة أفرادًا من قبيلة الحويطات التي سكنت تبوك لقرون، واعتقلت الذين احتجوا على الإخلاء، وقتلت واحدًا منهم، وحكم على اثنين من السكان بالسجن 50 عامًا، وحكم على ثلاثة آخرين بالإعدام لتصديهم لعمليات الإخلاء القسري التي نفذتها الحكومة السعودية.
ووفقًا لتقرير “هيومن رايتس ووتش”، فمنذ أواخر 2021 وأوائل 2022، طردت السلطات السعودية أعدادًا كبيرة من الناس من منازلهم، وفي كثير من الحالات دون سابق إنذار. وقبل أن تعلن السلطات السعودية رسميًا عن مشروع نيوم، هدمت أحياءً كاملة تسكنها الطبقة العاملة دون التشاور مع المجتمعات المحلية أو تحذير كافٍ من السلطات.
ووفقًا لمنظمتي العفو الدولية ودون DAWN، فبين أكتوبر/تشرين الأول 2021 ومايو/أيار 2022، هدمت السلطات السعودية ما بين 16 و20 حيًا على مساحة 4000 كيلومتر مربع، وأظهرت صور الأقمار الصناعية أن السلطات السعودية هدمت ما لا يقل عن 20 حيًا بين أكتوبر/تشرين الأول 2021 ومايو/أيار 2022. وحسب “هيومن رايتس ووتش”، فهناك وثيقة صادرة عن بلدية جدة تظهر أن عمليات الهدم أثرت على أكثر من 558 ألف ساكن.
في الواقع، يبرهن مشروع نيوم على خضوع موارد وثروة الدولة السعودية لسيطرة شخص واحد ودائرته المقربة، بجانب إهدار ولي العهد مبالغ هائلة في مشروعات لا تساهم فعليًا في إحقاق الحقوق الاقتصادية أو الاجتماعية، حتى إن أحد كبار المديرين في هذا المشروع عبّر لـ”هيومن رايتس واتش” عن انزعاجه مما شاهده من إهدار للمال العام لدرجة أن هذا المشروع يؤرق نومه.