بالمشاركة مع محمد بهلول
تدخل الجزائر الأسبوع الثالث من الحراك بعد خروج مئات الآلاف من المواطنين، للمطالبة بعدول الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن الترشح لعهدة خامسة بعد تدهور حالته الصحية، ويأتي ارتفاع سقف المطالب بعد تجاهل المسؤولين كافة في الدولة لها، واستمرارهم في مقابل ذلك في دعم الرئيس بوتفليقة، ويتزايد الاهتمام الدولي بالملف الجزائري، خاصة أن المنطقة العربية حاليًّا تشهد موجة جديدة من الحراك في كل من السودان والجزائر وحتى مصر، تتشابه مطالبها في الغالب، وفيما يلي أهم مطالب الحراك الشعبي في الجزائر:
– عدم ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة.
– رحيل كل الطاقم الحكومي المعين من الرئيس.
– حل البرلمان بغرفتيه، لعدم وقوفه بجانب المطالب الشعبية.
– تمكين الشباب في الحياة الاقتصادية والسياسية.
– إنهاء سيطرة الحزب الحاكم “جبهة التحرير الوطني “، وتغيير إطاراته وتشبيب قيادييه.
تكشف عبارة وردت في إحدى الجرائد الوطنية (جريدة النهار) عشية مظاهرات 8 من مارس: “الآن فهمتُ مطالبكم” أن النظام السياسي الجزائري يتخذ منحى الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي
وكان الرئيس بوتفليقة قد وجه رسالة إلى شعبه عقب إيداع ملف ترشحه لدى المجلس الدستوري بتاريخ 3 من مارس السابق، من مدير حملته الانتخابية عبد الغني زعلان، تضمنت إشادة بسلمية المظاهرات واقترحت أجندة إصلاحات ونقلاً سلميًا للسلطة ووضع دستور جديد عن طريق الاستفتاء الشعبي، وعشية مظاهرات يوم الجمعة 8 من مارس التي تزامنت مع اليوم العالمي للمرأة وشهدت مشاركة واسعة وحضورًا قويًا للمرأة الجزائرية في عيدها العالمي، حذّر بوتفليقة من اختراق سلمية المظاهرات من أطراف تسعى إلى نشر الفتنة والفوضى، لكن الواضح أن النظام الحاليّ لا يزال متمسكًا بمخاطبة عواطف الشعب من خلال التعهد بإجراء إصلاحات شاملة وانتقال سلمي للسلطة، وإشادة بالبُعد الديمقراطي للحراك في البلاد.
وتكشف عبارة وردت في إحدى الجرائد الوطنية (جريدة النهار) عشية مظاهرات 8 مارس: “الآن فهمتُ مطالبكم” أن النظام السياسي الجزائري يتخذ منحى الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي الذي تجاهل كل المطالب في البداية، وبعد الحراك في تونس خاطب شعبه بنفس العبارة.
التاريخ يتشابه في الكثير من الأحداث، فنفس العبارة قالها شارل ديغول بعدما تأكد أن الشعب الجزائري بدأ انتقامه من فرنسا منذ بداية الثورة التحريرية سنة 1954، ويتضح أن القاسم المشترك بين أنظمة هؤلاء الثلاث (بوتفليقة وبن علي وديغول) هو الضغط الشعبي في مقابل تعنّت الحكومة.
وفي حين رحل ديغول ثم بن علي، بقي بوتفليقة في الحكم 20 سنة كاملة، فهل أتى الحراك الشعبي في الجزائر متأخرًا أم أن النظام الجزائري كان ذكيًا في احتواء وتسيير موجة الحراكات المتباطئة التي عرفتها البلاد منذ 2011؟ وهل نفس متغيرات البيئة تؤدي في نهاية المطاف إلى نفس النتائج كما حدث مع نظام ديغول ثم بن علي؟ الإجابة ستكشف عنها الأيام القليلة المقبلة، فالحراك والغضب لا يزالان مستمرين في ظل المناداة بعصيان مدني شامل لمختلف القطاعات في الدولة.
يأمل الشعب الجزائري أن تكون مرحلة انتقالية تقود في النهاية إلى الاستقرار المجتمعي على الأصعدة كافة
ويدخل الحراك في الجزائر أسبوعه الثالث في ظل غموض المواقف الدولية، ففي حين عبرت فرنسا عن حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره ومستقبله، دعت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمفوضية الأوروبية إلى احترام حرية التعبير والتظاهر، بصورة تؤكد بأن تسارع الأحداث في الجزائر تدعو إلى عدم التسرع في اتخاذ موقف معين وثابت، لكن من جهة أخرى، ردود الفعل الدولية الغامضة في الوقت الحاليّ تذكرنا بنفس المواقف الدولية قبل سبع سنوات عند بداية الحراك في عدد من الدول العربية كتونس ومصر، فمن منطق الترقب والمتابعة إلى منطق دعم الحراك والغضب الشعبي في محاولة القوى الكبرى للاستفادة من موطئ قَدم جديد في المنطقة العربية بما أن المصلحة هي ما يحرك المواقف وردود الفعل.
ما يمكن استنتاجه من وتيرة الأحداث المتسارعة أن الجزائر أمام مرحلة جديدة، يأمل الشعب الجزائري أن تكون مرحلة انتقالية تقود في النهاية إلى الاستقرار المجتمعي على الأصعدة كافة، لذلك بات من الصعب التنازل عن المطالب الأساسية للحراك.