أعلنت شركة الخطوط الجوية الإثيوبية تحطم طائرة ركاب تابعة لها بعد دقائق قليلة من إقلاعها من مطار أديس أبابا في اتجاهها إلى نيروبي، صباح أمس الأحد، ومقتل كل من كانوا على متنها وعددهم 157 شخصًا من جنسيات مختلفة، فيما نشرت الشركة تغريدة بجوار صورة لمديرها التنفيذي وهو ممسك بقطعة من الحطام وسط حفرة كبيرة قالت فيها “لا يوجد ناجون”.
تحطم الطائرة من طراز بوينغ 737 ماكس 8 الجديدة وهو نفس طراز الطائرة التي تحطمت في أكتوبر الماضي بإندونيسيا في أثناء رحلة داخلية وأسفرت عن مقتل 189 شخصًا أثار الكثير من التساؤلات عن مدى أمان الطائرة من هذا الطراز الذي دخل الخدمة في 2017.
الغريب أن حادثة الخطوط الإثيوبية ليست الوحيدة في هذا اليوم التابعة لبوينغ، حيث تعرضت طائرة ركاب تركية من طراز بيونغ 777 لاضطرابات جوية عنيفة في أثناء رحلتها من إسطنبول إلى نيويورك أول أمس وأسفرت عن إصابة 30 شخصًا، وفي وقت سابق من نفس اليوم اضطرت طائرة من طراز بوينغ 737 تابعة لخطوط ترانسات الجوية الكندية للقيام بهبوط اضطراري في مطار نيويورك بنيوجيرسي بعد رصد انبعاث دخان في مقصورة الحقائب دون وقوع إصابات.
وكانت الطائرة المنكوبة قد أقلعت في تمام الساعة 8.38 صباحًا بالتوقيت المحلي من مطار بولي في أديس أبابا قبل أن تفقد الاتصال مع برج المراقبة بعد الإقلاع بدقائق وتحديدًا في تمام الساعة 8:44 لتسقط قرب بلدة بيشوفتو التي تقع على بعد 62 كيلومترًا إلى الجنوب الشرقي من العاصمة الإثيوبية.
لا يوجد ناجون
قالت الشركة إن الرحلة (إي. تي 302) سقطت وعلى متنها 149 راكبًا وطاقم من 8 أفراد، جميعهم لقوا حتفهم، فيما نقل مراسل وكالة “رويترز” من قلب الحادث أن الطائرة أصبحت عبارة عن قطع كثيرة متناثرة واحترقت بشدة، كما تبعثرت ملابس ومتعلقات شخصية على مساحة شاسعة من المنطقة التي سقطت بها الطائرة.
أما موقع (فلايت رادار 24) على حسابه على تويتر فقال إن السرعة الرأسية للطائرة بعد الإقلاع لم تكن مستقرة، ولا يوجد أي مؤشر حتى الآن على سبب تحطم الطائرة، بينما اعتبر خبراء في سلامة النقل الجوي أنه من السابق لأوانه تخمين السبب، مشيرين إلى أن معظم الحوادث من هذا النوع تقع نتيجة لمجموعة من العوامل.
تحت عنوان “هل هناك مشاكل مع بوينغ 737 ماكس؟” تساءلت الكاتبة سارة ميروفيش في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، عن الأسباب الكامنة وراء تحطم طائرتين من طراز بوينغ 737 ماكس خلال فترة تقل عن ستة أشهر من تسلمهما، أودى بحياة ما يزيد على 300 شخص
المدير التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الإثيوبية تيولدي جبري مريم خلال مؤتمر صحفي قال إن الطيار ذكر أنه يواجه مشكلات وأنه يريد العودة، مضيفًا أن ركاب الطائرة كانوا من 33 دولة، من بينهم مواطنون من كينيا وإثيوبيا والولايات المتحدة وكندا وفرنسا والصين ومصر والسويد وبريطانيا وهولندا والهند وسلوفاكيا والنمسا وروسيا والمغرب وإسبانيا وبولندا و”إسرائيل”.
الشركة أوضحت كذلك أن من بين الضحايا أربعة على الأقل يعملون لصالح الأمم المتحدة، فيما أكد مدير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة فقدان البرنامج لعدد من العاملين معه في الحادث.
حطام الطائرة المنكوبة
بوينغ 737 ماكس
دخلت الطائرة بوينغ 737 ماكس 8 الاستخدام التجاري، عام 2017 فقط إلا أنها تتميز عن غيرها من طرازات بوينغ بأن “محركها يقع إلى الأمام قليلاً، وأعلى قليلاً بالنسبة إلى الجناح، مقارنة بالنسخة السابقة من الطائرة. وهذا يؤثر على توازن الطائرة”، بحسب جيري سويجاتمان، محلل طيران ومقره في جاكرتا، في حديثه لـ”بي بي سي“.
وأضاف “الطائرة القديمة جدًا تكون عادة أكثر عرضة لخطر وقوع حوادث، لكن الطائرات الجديدة جدًا تواجه أيضًا مخاطر عالية”، لافتًا إلى أنه إذا كانت “الطائرة جديدة جدًا فثمة بعض المشكلات التي تكشف نفسها بعد استخدام الطائرة بطريقة متكررة، وتحُدد هذه المشكلات في غضون أول ثلاثة أشهر”.
يذكر أنه قبل 5 أشهر وفي أعقاب سقوط الطائرة الإندونيسية أشارت اللجنة الوطنية لسلامة النقل في إندونيسيا إلى أن الرحلة رقم 610 لطائرة شركة لاين إير تعرضت لـ”مدخلات خاطئة”، من أحد أجهزة الاستشعار، المصممة لتنبيه الطيارين، في حال كون الطائرة معرضة لخطر التوقف، ولم يصل التحقيق حتى الآن إلى نتائج نهائية، بشأن سبب الكارثة.
هذا المستشعر الذي أشارت إليه اللجنة يعمل والبرمجيات المتصلة به بطريقة مختلفة، عن الطرز السابقة من الطائرة بوينغ 737، لكن لم يتم إخبار الطيارين بذلك، وفي غضون أيام من حادث تحطم الطائرة، أصدرت شركة بوينغ نشرة تشغيل إلى شركات الطيران.
وبعدها بأيام قليلة أصدرت الهيئة الفيدرالية للطيران المدني في الولايات المتحدة توجيهات “عاجلة”، بشأن سلامة الطيران، إلى شركات الطيران الأمريكية، عن هذا المستشعر المسمى “مستشعر زاوية الهجوم”، وقالت: “مشكلة المستشعر، إن لم يتم معالجتها، يمكن أن تسبب صعوبة للطاقم في التحكم في الطائرة، ما يؤدي إلى انخفاض مقدمة الطائرة بشكل كبير، وفقدان الارتفاع بشكل كبير، وتصادم محتمل مع التضاريس الأرضية”.
قالت إدارة الطيران في الصين صباح اليوم إنها طلبت من شركات الطيران المحلية وقف استخدام الطائرات من طراز بوينغ 737 ماكس 8 وعددها نحو 100 وهو ما يمثل أكثر من ربع الأسطول العالمي لهذه الطائرات
وتحت عنوان “هل هناك مشاكل مع بوينغ 737 ماكس؟” تساءلت الكاتبة سارة ميروفيش في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، عن الأسباب الكامنة وراء تحطم طائرتين من طراز بوينغ 737 ماكس خلال فترة تقل عن ستة أشهر من تسلمهما، أودى بحياة ما يزيد على 300 شخص، مضيفة أن الطائرة الإثيوبية التي تحطمت أمس لم يمض على تسلمها سوى أربعة أشهر.
وأوضحت أن حادثة إثيوبيا تذكر بسيناريو سقوط طائرة “ليون إير” الإندونيسية من الطراز نفسه التي تحطمت بعد تسلمها بنحو شهرين فقط وقتل من كانوا على متنها، وعددهم 189 شخصًا، حيث ساقت أوجه الشبه بين سقوط الطائرتين، كونهما من الطراز نفسه ولم يمض على تسلمهما سوى بضعة أشهر.
الطائرتان كذلك تحطمتا بعد دقائق قليلة من الإقلاع، حيث تحطمت الأولى بعد 13 دقيقة من إقلاعها، بينما تحطمت الثانية بعد نحو ست دقائق، إذ فقدت الطائرة الإثيوبية الاتصال بعد نحو ست دقائق من إقلاعها، وأُعطي الطيار تصريح للعودة إلى المطار في أديس أبابا، وفقًا لشركة الخطوط الجوية الإثيوبية التي تدير الرحلة، لكن الطائرة سقطت على بعد 35 ميلاً جنوب شرق العاصمة، أما في حادثة “ليون إير”، فقد وقع أيضًا بعد دقائق من إقلاع الطائرة، وبعد أن طلب الطاقم الإذن بالعودة إلى المطار.
صور أولية لموقع الحادث
تعليق استخدام بوينغ
ورغم أن السبب في تحطم تلك الطائرة قيد التحقيق، في الوقت الذي قال فيه مسؤول كبير في الحكومة الأمريكية إنه من السابق لأوانه القول بوجود أي صلة بين حادثي التحطم، ومراجعة هذه المسألة ستكون ضمن الأولويات القصوى للمحققين، فإن عددًا من الخطوط الجوية علقت استخدام هذا النوع من الطائرات.
فعلى حسابها الرسمي على تويتر أعلنت شركة الخطوط الجوية الإثيوبية اليوم الإثنين وقف استخدام أسطولها من طائرات بوينغ 737 ماكس 8 حتى إشعار آخر ردًا على حادثة الأمس، وقالت الشركة: “على الرغم من أننا لا نعرف بعد سبب تحطم الطائرة فقد قررنا عدم طيران هذا الأسطول بالذات كإجراء وقائي إضافي من أجل السلامة”.
كما قالت إدارة الطيران في الصين صباح اليوم إنها طلبت من شركات الطيران المحلية وقف استخدام الطائرات من طراز بوينغ 737 ماكس 8 وعددها نحو 100 وهو ما يمثل أكثر من ربع الأسطول العالمي لهذه الطائرات، وذلك بحلول الساعة السادسة صباحًا بالتوقيت المحلي (1000 بتوقيت جرينتش) بعد حادث الطائرة الإثيوبية، وذلك لحين إشعار آخر يتوقع حتى انتهاء التحقيقات وكشف سبب الحادث الحقيقي.
وفي السياق ذاته أعلنت شركة كايمان إيرويز أنها أوقفت استخدام طائرتيها من هذا الطراز لحين الحصول على مزيد من المعلومات، وفق ما تسفر عنه تحقيقات الشركة الأم في أمريكا أو الشركة الإثيوبية.
وعلى الجانب الآخر أكدت بعض الشركات استمرار استخدامها لهذا الطراز، حيث ذكرت متحدثة باسم الخطوط الجوية النرويجية أن الشركة التي تملك 18 طائرة من هذا الطراز في أسطولها الذي كان يضم 164 طائرة في نهاية 2018 ستواصل استخدامها، وقالت الشركة مؤخرًا إنها ستتسلم عشرات الطائرات الجديدة من هذا الطراز ليصل عدد ما تملكه منه إلى أكثر من 70 بنهاية 2021.
كما أعلنت شركة فلاي دبي التي تدير أسطولاً من طائرات 737 يضم الطائرة ماكس 8، أنها لا تزال تثق في صلاحية طائراتها من طراز بوينغ 737 ماكس 8 رغم سقوط الطائرة الإثيوبية، حيث ذكرت المتحدثة باسم الشركة “نراقب الوضع ومستمرون في التواصل مع بوينغ.. سلامة ركابنا وأطقمنا أولويتنا القصوى”.
الطائرة الإندونيسية من نفس الطراز التي سقطت أكتوبر الماضي
ليست الأولى
لم تكن حادثة الطائرة الإثيوبية ومن قبلها الإندونيسية خلال الستة أشهر الأخيرة هي الأولى من نوعها للطائرات من طراز بوينج، إذ شهد العديد من الكوارث أسفرت عن سقوط مئات القتلى وآلاف المصابين، الأمر الذي وضعها في مرمى سهام التساؤلات بشأن معايير السلامة والأمان بها.
ففي 17 من نوفمبر 2013 تحطمت طائرة بوينغ طراز 737 في مدينة قازان الروسية، وذلك في أثناء هبوطها قادمة من موسكو، ولقي جميع من كان على متنها وهم 44 راكبًا وطاقمها المكون من 6 أشخاص مصرعهم، بينما في يناير 2010 سقطت طائرة من نفس الطراز تابعة للخطوط الإثيوبية أيضًا في البحر المتوسط بعد الإقلاع في رحلة من بيروت إلى أديس أبابا وقتل جميع من عليها.
أما في سبتمبر 2008 تحطمت طائرة روسية من طراز بوينغ 737 بالقرب من مدينة بيرم في منطقة الأورال وقُتل كل من كان على متنها وعددهم 88 شخصًا، وكانت قد انفجرت وسط الجو قبل سقوطها، فيما تحطمت طائرة بوينغ 737-800 تابعة للخطوط الجوية الكينية في مايو 2007 بمنطقة مستنقعات غابية قرب مطار دوالا بالكامرون بعد وقت قصير من إقلاعها متجهة إلى نيروبي، وقتل في الحادث 114 شخصًا.
وفي يناير من نفس العام سقطت طائرة بوينغ 737-400 تابعة لطيران آدم الإندونيسية في البحر قرب جزيرة سلاوسي خلال رحلة داخلية من سرابايا إلى منادو، ويعتقد بأن جميع من على متنها قتلوا وعددهم 102.
العديد من التساؤلات أثارتها حادثة شركة الطيران الإثيوبية أمس، لا سيما أن الطائرة تعد من الطرازات الجديدة التي لم يبلغ على دخولها حيز العمل أكثر من عامين
كما تحطمت طائرة بوينغ 737-200 تابعة لشركة طيران إيه دي سي النيجيرية بعد إقلاعها وسط رياح عاتية من أبوجا متجهة إلى سكوتو، في أكتوبر 2006، وأسفرت عن مقتل 97 شخصًا من بينهم امرأة كانت تعمل في الحقل، فيما اصطدمت طائرة بوينج 737-800 تابعة لطيران غول البرازيلي في رحلة داخلية من مناوس إلى براسيليا مع طائرة خاصة جديدة من طراز إمبراير لغاسي متوجهة إلى الولايات المتحدة في سبتمبر من العام ذاته.
وفي مارس 2003 قتل 102راكب في حادث تحطم طائرة من طراز بوينغ 737 تابعة للخطوط الجزائرية، بينما قتل 135 شخصًا على الأقل في حادث تحطم طائرة من طراز بوينغ 727 كانت في طريقها إلى بيروت بعد سقوطها أمام سواحل جمهورية بنين بالقارة الإفريقية، في ديسمبر من نفس العام.
وقد قتل 92 شخصًا في تحطم طائرة بوينج من طراز 727 فوق جبال كولومبيا في يناير 2002، قبل أربعة أشهر على حادث تحطم طائرة من طراز بوينغ 747 تابعة للخطوط الجوية التايوانية بعد سقوطها في البحر قبالة السواحل التايوانية الذي أسفر عن مقتل 225 شخصًا.
وفي أبريل 2000 قتل ما يقرب من 131 شخصًا في سقوط طائرة بوينغ فلبينية بالقرب من مدينة دافاو الجنوبية، فيما لقى 217 شخصًا حتفهم إثر تحطم طائرة بوينغ مصرية قبالة ساحل ماساتشوستس الأمريكي بعد نحو ساعة من إقلاعها في أكتوبر 1999.
هذا بخلاف ما يزيد على 123 شخصًا قتلوا إثر اصطدام طائرة بوينج تابعة لشركة الطيران في بيرو بجبل في أثناء استعدادها للهبوط في أريكويبا الواقعة على بعد ألف كيلومتر إلى الجنوب من العاصمة ليما، ولم ينج أحد في الحادث، وذلك في فبراير 1996، قبل 9 أشهر من مقتل 151 آخرين في تحطم طائرة بوينغ نيجيرية كانت في طريقها من بورت هاركوت إلى لاجوس.
العديد من التساؤلات أثارتها حادثة شركة الطيران الإثيوبية أمس، لا سيما أن الطائرة تعد من الطرازات الجديدة التي لم يبلغ على دخولها حيز العمل أكثر من عامين، الأمر الذي ربما يضع بوينغ 737 ماكس 8 في مرمى الاتهامات المتكررة خلال الفترة المقبلة وهو ما قد ينعكس بصورة أو بأخرى على مبيعات الشركة من هذا الطراز على وجه الخصوص.