لعل أكثر ما تحفظه الذاكرة عن مسرحية “المحطة” للأخوين عاصي ومنصور رحباني، التي أخرجها برج فازليان وعُرضت لأول مرة بمسرح قصر البيكاديلي ببيروت عام 1973، أغانيها التي ذاعت وانتشرت بشكل واسع، وخاصة أغنية “يا رئيس البلدية” لفيروز ونصري شمس الدين، وتصف الواقع اللبناني الحزين بفكاهة عالية الدقة.
في قرية وادعة مجهولة الاسم، يغلب عليها طابع روتيني ممل، لا حلم لغد أفضل، ولا دعوة للتغيير، ولا عمل لأهلها سوى زراعة “البطاطا”، اقنعت فتاة غريبة (تقوم بدورها فيروز) أحد الفلاحين أن موضع حقله ما هو إلا محطة للقطار، سيأتي حتمًا ليأخذه إلى مكان أفضل، حتى صادفت دعوة وردة هوى أهل القرية، وداعبت نفسهم أحلام تكوين الثروة وتحقيق الثراء السريع نتيجة ارتفاع سعر الأرض.
وصلت شائعة المحطة إلى رئيس البلدية وبوليس البلدية الذين اتهموا هذه الفتاة بإثارة الفوضى داخل القرية، بمنطق أن السُلطة لا ترضى كثيرًا عن دعوات التغيير، فترد عليهم في الأغنية: “يا رئيس البلدية خطية ومية خطية، أنا شو ذنبي كل ساعة بتبعتلي البوليسية، ما قلت لحدا يسافر وصلوا وقطعوا تذاكر، شغلة وصارت وحياتك لا تحط الحق عليَّ، يا رئيس البلدية”.
بكلمات وألحان الأخوين رحباني، يرد المغني المسرحي اللبناني نصري شمس الدين، الذي أدَّى دور رئيس البلدية، واصفًا امتعاضه من أحلام الأهالي الذين ابتاعوا بطاقات تذاكر مزيفة من الحرامي للسفر على متن القطار الموعود، ويقول رئيس البلدي: “شو بدي أعمل فيهن، نيمهن وطعميهن، هيدا بدو تبُّولة، وهيدا بدو ملوخية، ناقص تقلي بطاطا وتقدم على الصينية”.
ونتيجة للشعبية المتزايدة أصبحت أحلام الفلاحين مطمعًا سهلاً للاستغلال, فقام أخيرًا رئيس البلدية بافتتاح المحطة رسميًا اقنع أهل القرية بأن “المحطة” واحدة من إنجازاته الوهمية، لكن انتظار القطار طال لأيام، وكل ذلك على نفقة رئيس البلدية الذي أمَّن احتياجاتهم، لكن في النهاية وصل القطار وسافر الجميع باستثناء وردة التي لم تحصل على بطاقة، وبقيت وحيدة في المحطة لأن أصحاب الأحلام الكبيرة، ربما لاتُتح لهم الفرصة ليجنوا ثمار جهودهم في غرس الآمال.
متصرفية جبل لبنان.. أول بلدية في السلطنة العثمانية
لم تكن بعض دول العالم العربي على علم بتجربة المجالس البلدية حين تردد صدى أغنية “يا رئيس البلدية” في لبنان، البلد الذي كان مدخلاً لتاريخ العمل البلدي في باقي دول المنطقة، فبدخول العثمانيين سوريا عام 1516، خضع لبنان للحكم العثماني الذي استمر لأكثر من 400 عام (من 1516 حتى العام 1919)، وأصبح البلد تابعًا لتقسيماتهم الإدارية التي تركت أثرها على تنظيم وطرق الإدارة في لبنان، هذا الأثر الذي لا تزال بعض معالمه ظاهرة في وقتنا الحاضر في الكثيرمن الدول التي كانت خاضعة لسيطرة الدولة العثمانية.
لكن جبل لبنان كان له وضع خاص، فقد مر الحكم العثماني له بـ3 مراحل؛ أولها مرحلة الإمارة التي استمرت حتى عام 1840، حينما نشبت الصراعات الدموية الطائفية بين المسيحيين والدروز، التي استغلتها الدول الأوروبية كي تضغط على السلطان بشكل يحقق مصالحها الاقتصادية والأيديولوجية في الشرق العربي، وعلى إثرها قسمت الدولة العثمانية جبل لبنان الى قائمقاميتين: قائمقامية مسيحية وقائمقامية درزية، لكن هذا النظام لم ينجح في وقف الفتن الطائفية التي تجددت عام 1860، مما أدى الى إلغاء القائمقاميتين، وإلى وضع نظام جديد لجبل لبنان عُرف بـ”نظام المتصرفية”.
أول دائرة بلدية في مدينة بغداد
ويذكر الأديب اللبناني لحد خاطر في كتاب “عهد المتصرفين في لبنان 1861 – 1918″، أنه بموجب بروتوكول عام 1864، جُعِلَ من جبل لبنان متصرفية ذات حكم ذاتي من الناحية الإدارية عن باقي بلاد الشام، يتولاها متصرف مسيحي (ليس لبنانيًا بل من رعايا الدولة العثمانية) تعيّنه السلطنة العثمانية العثمانية بموافقة الدول الأوروبية العظمى الست: بريطانيا وفرنسا وبروسيا وروسيا والنمسا وإيطاليا، وقد استمر هذا النظام حتى نهاية الحرب العالمية الأولى وإعلان الانتداب الفرنسي.
كان المتصرف يتولى السلطة الإجرائية، وكان مسؤولاً عن حفظ الأمن والنظام في الجبل، ومسؤولاً عن تحصيل التكاليف منه، وكان يعود له تعيين الموظفين والقضاة، وكان يعاونه في إدارة الجبل مجلس إدارة مؤلف من 12 عضوًا منتخبين من الطوائف الستة التي ينتمي إليها سكان جبل لبنان، وقُسم جبل لبنان إلى 7 أقضية يدير كل منها قائمقام.
عهد متصرفية جبل لبنان، الذي استمر قائمًا لمدة 57 عامًا، هو العهد الذي حمل إلى الجبل اللبناني أولى المؤسسات الإدارية الواضحة المعالم التي ستؤسس فيما بعد لممارسة فريق من اللبنانيين للنظم الإدارية والمالية والقضائية والتمثيلية في جو من شبه الروح الاستقلالية في ظل الدولة العثمانية، ففي هذه المرحلة من الحكم العثماني ظهرت مؤسسة البلدية ما عُرف بـ”القومسيون البلدي” ومؤسسة المختار والمجلس الاختياري.
بعد جو التنظيمات ذات الروح الأوروبية التي اقتبستها الجماعة الإصلاحية العثمانية، كان من الطبيعي أن تدخل مؤسسة البلدية الى دائرة التنظيمات الجديدة التي سيكون للبنان نصيب منها في ظل إدارة متصرفية جبل لبنان، حتى أصبحت البلديات جزءًا رئيسيًا من سياستها الإدارية في المناطق الخاضغة لسيطرتها بعد أن أصبحت البلديات جزءًا من النظام الإداري للحكومة المركزية العثمانية.
ففي عام 1857 تأسست أول بلدية في الدولة العثمانية في العاصمة إسطنبول، وما لبثت البلديات، بعد هذا التاريخ، أن أصبحت جزءًا من التنظيم الإداري الذي اعتمدته الحكومة المركزية العثمانية في قانون الولايات الصادر في العام 1864 وقانون البلديات الصادر في العام 1877.
كانت بلدية دير القمر عام 1864 أول خطوة تأسيسية لنشوء أول مؤسسة للبلدية في متصرفية جبل لبنان
ويروى عبدالله الملاح في كتاب “البلديات في متصرفية جبل لبنان”، قصة المحاولات التنظيمية الأولى، حيث جاء دخول البلديات إلى جبل لبنان بعدما طرحت اللجنة الدولية في 21 مارس/آذار 1861، مسألة استحداث المؤسسات البلدية، وبرغم هذا الطرح لم تذكر نصوص بروتوكول 1861 أي شيء عن البلديات، لكن ذلك لم يحل دون انتشار البلديات منذ عهد داود باشا، إذ بادر هذا المتصرف الأول في 1864 إلى إنشاء “قومسيون بلدي” في دير القمر للاهتمام بالبلدة والسهر على نظافتها وترتيبها.
كان ذلك أول قومسيون بلدي من نوعه في بلاد الشام، وتكون المجلس البلدي من 7 أشخاص معتبرين في البلدة، وكان للمجلس كاتب، ويجتمع كل يوم جمعة برئاسة مأمور دير القمر، ويستثمر المجلس بعض الأموال ويوظفها بالفائدة على أن تكون المصارفات من هذه الفوائد.
ولما كان لبنان منقسمًا بين متصرفية جبل لبنان والمقاطعات اللبنانية، التي تغيرت تبعتيها لأكثر من ولاية (دمشق وعكا وبيروت)، فإن الوضع الإداري فيهما كان متباينًا، فبينما كانت بلدية دير القمر عام 1864 أول خطوة تأسيسية لنشوء أول مؤسسة للبلدية في متصرفية جبل لبنان، فإن المقاطعات اللبنانية الأخرى تأخر فيها إنشاء البلديات وتنظيمها، وذلك حتى صدور القانون التنظيمي في العام 1867، باعتباره أول قانون ينظم إنشاء البلديات في السلطنة العثمانية.
ومع صدور القانون، تأسست في العام نفسه بلدية بيروت، وفي العام 1871 صدر قانون عثماني فُرض بموجبه تشكيل مجالس بلدية في مراكز الولايات والمتصرفيات والقامقاميات، أمَّا في العام 1877، فقد نص قانون جديد، وفي فصله الأول، وفي مادته الأولى، على أنه “يترتب مجلس بلدي في كل مدينة وقضية”، وإثر صدور القانون الجديد مباشرة تأسست بلدية صيدا، ولاحقًا بلديات أخرى عديدة في باقي المدن والقرى.
ومع نجاح تجربة دير القمر، رأى المتصرف رستم باشا 1873 – 1883 الذي كان يهوى الأناقة والنظافة أن تنتشر البلديات في كل من زحلة وجونيه وجبيل والبترون وطبرجا والعقيبة، وأصدر أمرًا بهذا الخصوص في 24 ديسمبر/كانون الاول 1878، أمَّا في المدن الرئيسية الأخرى، فإن الأمر تأخر بعض الوقت، ففي العام 1880 تأسست بلدية طرابلس والميناء، وفي العقد الأخير من القرن التاسع عشر، تأسست بلديتا صور والنبطية، وفي سنة 1889، تأسست بلدية جزين.
المجتمعات العربية الأولى في تجربة الحكم المحلي
تلازم ظهور البلديات مع ظهور المختارين (زعماء القرى المنتخبين) والمجالس الاختيارية، ففي عام 1864 لجأت السلطنة العثمانية – بموجب قانون الولايات – في إطار الضبط والمراقبة الحكومية على فلاحي الأرياف الزراعية وحرفي المدن إلى إنشاء مؤسسة المختار والمجالس الاختيارية كأول مؤسسة قاعدية للسلطة، سبقها مدير الناحية والمتصرف.
بلدية سلفيت التي أُنشئت عام 1882 من أقدم البلديات الفلسطينية
وكان المجلس الاختياري وعلى رأسه المختار الحلقة الأدنى في سلسلة حلقات الجهاز الإداري العثماني التي أمَّنت الربط المباشر لهذا الجهاز بالقوى المنتجة الفلاحية والحرفية والتجارية، ولجأت السلطات العثمانية الى إيجاد هذه المؤسسة لتكون سلطة بديلة لسلطة مجلس شيوخ القرية أو مجلس شيوخ الحرفة والنقابات الحرفية في المدن، ولتؤمن التوازن بين الجماعات العائلية المؤلفة لمجتمع القرية أو الحي في المدينة.
استمرت هذه المرحلة حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى حيث ألغت السلطنة العثمانية هذا النظام الخاص للجبل وولت عليه متصرفًا تركيًا لإدارته كسائر المتصرفيات في ولايات السلطنة، واستمر هذا التنظيم الإداري في لبنان حتى استبداله بالتنظيمات الإدارية التي وضعتها سلطات الانتداب الفرنسية عام 1918، وكانت تشبه النظام القديم، مع بعض التعديلات البسيطة في طريقة التنفيذ، وتسيطر الحكومة على أعمال البلدية بواسطة وزارة الداخلية.
لبنان لم تكن الدولة الوحيدة التي عرفت البلديات مبكرًا، فقد سبقت المجتمعات العربية الأولى العالم في اتباع الحكم المحلي واللامركزية والديموقراطية في المجتمع القبلي، نتيجة تقاطع المصالح بين أفراد القبيلة، لينشأ مجلس القبيلة الذي تولى إصدار القرارات بدافع من المصلحة العامة واستنادًا إلى توجهات الرأي العام.
وفي أواخر عام 2008، تناول المعهد العربي لإنماء المدن، قضية اللامركزية ونشأة البلديات في الدول العربية بشكل كبير، حيث أشارت دراسة أعدها المعهد إلى أنه بعد توسع العواصم والمدن الكبرى وتضخمها، أصبح من العسير على سلطة محلية واحدة أن تدير خدماتها بكفاءة وفاعلية، كما أن اتساع الرقعة الجغرافية للعواصم والمدن الكبرى والكثافة العالية لقاطنيها فرض نظام الأحياء والضواحي والبلديات الفرعية.
بعد صدور قانون تشكيل الولايات العثماني (قانون البلديات” لعام 1877) توسعت دائرة إنشاء المجالس البلدية التي امتدت إليها يد الادارة العثمانية، التي بدأت سياسة الإصلاحات في كل الولايات
هذا التطور سايرته معظم الدول العربية في تكييف إداراتها، لكن لم يوازه في المقابل الأداء نفسه والفاعلية على مستوى الخدمات البلدية المقدمة للمواطنين، إثر ذلك بوشر بتأسيس عدد من البلديات في عدد من الولايات العثمانية ومنها الولايات العراقية حيث أسست أول بلدية في ولاية بغداد 1869، وفي العام ذاته شرع مدحت باشا بإنشاء دوائر بلدية في المدن الرئيسية ولاسيما الموصل والبصرة، كما شيدت بناية خاصة لدائرة بلدية بغداد.
بعد صدور قانون تشكيل الولايات العثماني (قانون البلديات” لعام 1877) توسعت دائرة إنشاء المجالس البلدية التي امتدت إليها يد الادارة العثمانية، التي بدأت سياسة الإصلاحات في كل الولايات، وكان لسياسة التحديث على النمط الأوروبي بالغ الأثر في نمط الإدارة ومؤسسات الحكم القائمة في فلسطين والأردن وتونس ومصر، وغيرها من الدول التي عرفت االمجالس البلدية بالتزامن مع لبنان.
مثلت هذه التجربة بعد عقود منعطفًا كبيرًا في سبيل تطور المجتمعات الخليجية بعد الحرب العالمية الأولى، وفي عشرينات القرن الماضي عرفت دول الخليج المجالس البلدية، حيث شهدت تلك الفترة ظهور أول تنظيمات إدارية تولت القيام بأعمال البلدية، وصولاً إلى تعيين أول مجلس بلدي في مسقط عام شهد عام 1939، كما نشأت بلدية الكويت عام 1930، وكانت الفرصة الأولى للكويتيين في تاريخهم لممارسة تجربة الانتخابات حيث اختار الكويتيون مجلسً ا للبلدية عن طريق الانتخابات.
وبعد الحرب العالمية الثانية، شهدت الإدارة المحلية عبر العالم عدت تطورات من الوصول الى إدارات ومجالس محلية قادرة على تلبية الاحتياجات المحلية النوعية مع أقل تكلفة مالية أو غيرها، رغم اختلاف الأنظمة العالمية الأيديولوجية والسياسية إلا أننا نجد هناك تقارب كبير في نوعية وطبيعة الإدارات المحلية العالمية، ربما يكون سبب ذلك هو تشابه الحاجيات المحلية للمواطنين عبر العالم والتي تتحكم بدورها في طبيعة الإدارة و شكلها و طريقة ممارسة نشاطها.
بين المجالس البلدية والمحلية
منذ ولادة أول بلدية في لبنان تعاقب صدور القوانين والتشريعات البلدية، وصولاً إلى القانون الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 118 بتاريخ 30 يونيو/حزيران 1977، وقد نصَّت المادة الأولى من هذا القانون على أن البلدية هي إدارة محلية، تتكون عن طريق التعيين أو الانتخاب، وتقوم ضمن نطاقها بممارسة الصلاحيات التي يخولها إياها القانون وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري.
كان يقع على عاتق هذه البلديات أو القومسيونات المبادرة إلى إجراء ما يلزم لرفع وتيرة العمران والتنظيم المدني في المدن والقرى اللبنانية، وكان ظهور البلديات بعيد انطلاق نظام المتصرفية طريقًا لتطوير الممارسة العمرانية من جهة والسياسية من جهة أخرى، مع المشاركة في لعبة الحياة الديموقراطية.
كان الفرق بين البلديات القائمة في ظل المتصرفية وتلك الموجودة في المدن الخارجة عن سلطة المتصرف هو خضوع الأولى للمجلس الإداري اللبناني وارتباط الثانية بوزارة الداخلية العثمانية، أضف الى ذلك عدم خضوع بلديات المتصرفية لأحكام القانون البلدي العثماني مع التأكيد على وجود “تعليمات” خاصة ببلديات جبل لبنان.
أمَّا البلدية في الوقت الراهن، فهي دائرة حكومية أو جماعة عمومية (يعني غير خاصة)، محلية (يعني تهتم بسكان المنطقة التي يوجد بها مقر البلدية)، مستقلة (تمنح سكان تلك المنطقة استقلالية عن السلطة الإدارية المركزية بالعاصمة أو الجهوية)، ولها مساحة ترابية محددة، وتتمتع بالشخصية المدنية، فهي لها اسم، وتاريخ ميلاد أو تاريخ إحداث.
كما أنها لها مسؤوليات محددة، فهي تقوم بتطوير المدن والقرى المحيطة بها، بالإضافة إلى تقديم الخدمات العامة مثل إنارة الطرق وتنظيف الشوارع وتجميلها بالأشجار واللوحات الإرشادية وتنفيذ المخططات للمواطنين وتنظيم الأسواق، وتقوم بتصريف مياه الأمطار والمحافظة على نظافة المدينة وتقوم الدولة بتخصيص ميزانية ضخمة للبلدية من أجل التطور وتحسين مظاهر المدن.
وتسمح البلدية لسكان المنطقة بتسيير شؤونهم المحلية وتنظيم حياتهم اليومية، وهي لها موارد مالية متنوعة خاصة بها تجمعها من الأداءات البلدية ومن المداخيل المتأتية من كراء الأملاك البلدية أو بيعها، وكذلك من مقابل الخدمات المختلفة التي تقدمها للمواطنين بتلك المنطقة.
في كثير من الأحيان تتضارب الصلاحيات بين مديري مناطق البلديات ورؤساء المجالس المحلية، وينتج ذلك عن عدم وضوح مهام وواجبات وأدوار المجالس المحلية والبلدية، الأمر الذي يرفع وتيرة نزاعاتهم
عادة ما تتكون من عدة أقسام، يرأسها رئيس البلدية، وهو المسؤول الرئيسي عن البلدية، ويتمتع بصلاحيات واسعة تمكنه من الموافقة على تنفيذ المشاريع وتوظيف العمال، يليه القسم الفني وقسم صحة البيئة وقسم مراقبة الأراضي والتعديات وقسم الشؤون المالية وقسم الاستثمارات قسم شؤون الموظفين، ولكل من هذه الأقسام اختصاصه ومهامه المخولة إليه.
وفي حين أن المجلس البلدي حسب أنظمته ولوائحه يختص بمناقشة ومتابعة الأعمال البلدية فقط، تلعب المجالس المحلية دورًا هامًا على صعيد زيادة المشاركة الشعبية عن طريق تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدنى، وذلك ترسيخًا للديمقراطية وتعميقًا للامركزية القرار عن طريق مشاركة المواطن مشاركة حقيقية وفعلية فى إدارة المرافق والخدمات العامة فى داخل كل مجتمع محلى.
وفي كثير من الأحيان تتضارب الصلاحيات بين مديري مناطق البلديات ورؤساء المجالس المحلية، وينتج ذلك عن عدم وضوح مهام وواجبات وأدوار المجالس المحلية والبلدية، الأمر الذي يرفع وتيرة نزاعاتهم، وهو ما جرى في الأردن، وتسبب بأن يتدخل رئيس بلدية الكرك الكبرى إبراهيم الكركي ولأكثر من مرة لـ”فض” ما أسماه بـ”شجارات” وقعت بين الطرفين، نتيجة عدم الفهم الكافي لأدوار كل منهم.
وفى الديمقراطيات الكبرى تعـتبر المجالس الشعبية المحلية من أهم حلقات الإدارة المحلية أو الحكم المحلى، إن لم تكن أهمها على الإطلاق، حيث تُعتـبر حلقة الوصل بين المجتمعات المحلية والسلطة التنفيذية والتشريعـية فى الدولة، إذ تُعـد هى المسئولة الأولى عن التنمية الاقتصادية والعـمرانية والاجتماعـية لمجتمعاتها المحلية، بالمشاركة مع الأجهزة التنفيذية لوحداتها الإدارية.
من هنا تتبوأ انتخابات المجالس المحلية والبلدية أهميتها وحيويتها، إذ تضع الدول الضوابط والمعايير الدقيقة، التى تضمن إفراز العـناصر المؤهلة بما يضمن تحقيق المهام المنوطة لهذه المجالس بأعلى عائـد، وبما يحدث النماء والازدهار لمجتمعاتها المحلية، لكن ذلك لا يخلو من التحديات والمعوقات، إذ بعد مرور قرن ونصف على ولادة أول بلدية لم يتغير شيء كثير في لبنان، على سبيل المثال، بالنسبة لضبط النظافة والغش والطرق غير المستقيمة.