اُفتتح المؤتمر العام الأول لحزب العدالة والبناء الليبي بالنشيد الوطني الليبي وبحضور حوالي 500 من أعضاء الحزب التابع لجماعة الإخوان المسلمين، وضيوف آخرين. ومثل الحضور كل مكونات المجتمع الليبي من الجنوب والشمال والشرق والغرب، كما رُفع شعار الحزب باللغتين العربية والأمازيغية: “معًا نرسخ الديمقراطية والتوافق”.
وحضرت المؤتمر وجوه ليبرالية بارزة مثل المحامي الليبرالي “جمعة عتيق” وكذلك قادة سياسيين آخرين غير منتمين للحزب وللإخوان مثل “عبد الحكيم بلحاج” الزعيم السابق للجماعة الإسلامية المقاتلة ورئيس حزب الوطن حاليًا، بالإضافة إلى ممثلين عن أحزاب أخرى غير إسلامية مثل حزب التغيير.
وفي اليوم الأول للمؤتمر ركز المتحدثون على حاجة البلاد لبناء توافق وطني شامل وتجنب انزلاق البلاد في الاستقطاب على أسس أيديوليجية وقبلية وجهوية، كما أشار أحد المتحدثين إلى رئيس حزب حركة النهضة في تونس “الشيخ راشد الغنوشي” واصفًا إياه بأنه قدم المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية، داعيًا إلى اتباع نهجه لإكمال المسار الديمقراطي في ليبيا.
وأقيم المؤتمر في مرحلة حرجة يمر بها الحزب وباقي مكونات المشهد السياسي في ليبيا، وبعد حوالي سنتين من التجارب الديمقراطية المضطربة والمشاحنات الحزبية التي شلت السلطة التشريعية الوليدة في ليبيا، وفي وقت يقول فيه الكثير من الليبيين إن ليبيا ستكون أفضل لو كانت بدون أحزاب.
أحد كبار المسؤولين في حزب العدالة والبناء قال: “نحن نعتقد أننا ارتكبنا أخطاء ، كل واحد منا وقع في عدد من الأخطاء، فنحن حديثو العهد بالسياسة، والآن علينا أن نتعلم من أخطائنا الدروس التي ستفيدنا لمواصلة طريقنا”.
وحتى منتقدو الحزب اعترفوا الأسبوع الماضي أن المؤتمر نظم بشكل رائع يظهر قوة الحزب وصلابته، غير أنهم أشاروا إلى أن هذه القوة التنظيمية لم تترجم عمليًا لتجذب دعمًا شعبيًا قويًا للحزب، وهو الأمر الذي نسبه بعض المتحدثين إلى فترة معمر القذافي التي مورست خلالها عمليات تشويه كبيرة لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الحزب؛ مما جعل الليبيين يشككون في كل المنتمين للجماعة.
وتأسس حزب العدالة والبناء في مارس 2012 بعد أن قررت جماعة الإخوان المسلمين دخول السياسة من خلال حزب مستقل هيكليًا عنها، وذلك خوفًا من أن تؤثر الصورة التي رسمها القذافي عن الجماعة على مستقبلها السياسي، فالجماعة ورغم كونها ضحية لنظام القذافي فإنها جزء من تلك المرحلة واسمها مرتبط بها في ذهن الليبيين.
وفي بعض الأحيان، إن الخطاب المعادي للجماعة يصل إلى حد الادعاء بأن قياديًا في حزب العدالة والبناء التقى في العاصمة القطرية الدوحة بمؤسس جماعة الإخوان المسلمين “حسن البنا” الذي اُغتيل في القاهرة عام 1949، في حين ادعى آخرون أن معمر القذافي نفسه كان عضوا ًفي جماعة الإخوان المسلمين.
ورغم أن هذه الادعاءات سخيفة بشكل واضح ولكنها إلى جانب إشاعات أخرى نجحت في تشويه سمعة الإخوان المسلمين في ليبيا.
ولم يتوقف الهجوم على الجماعة عند ترويج الإشاعات، بل وصل إلى التحريض على العنف، فعندما اُغتيل “عبد السلام المسماري” وبسبب قيامه في بعض الأحيان بانتقاد الإخوان المسلمين؛ قامت بعض القنوات المعادية للإخوان بتمرير مقطع فيديو قصير يظهر فيه المسماري وهو ينتقد الإخوان وينتهي بسؤال “من قتل عبد السلام”.
والآن، يرى مقربون أن على الحزب والجماعة أن ينسحبوا من العملية السياسية تمامًا لبضع سنوات، والتركيز على البرامج الاجتماعية والخيرية التي قد تساعد في اصلاح سمعتها المشوهة، في حين يرى آخرون أن هذا قد يسبب كارثة للجماعة ويدمر مستقبلها السياسي ويعطي فرصة للتيارات أخرى للسيطرة على المشهد السياسي بالكامل.
المصدر: ترجمة نون بوست من فورين بوليسي