بالعودة إلى التوقعات الرسمية المعلنة عن نسبة النمو لهذه الفترة، نجد أن الرقم المسجل بلغ نسبة 0.3% أي بفارق طفيف جدا عن 0.2% وهي النسبة المتوقعة، مما يؤكد أن الأمر لا يستحق كل هذه الجلبة الإعلامية المبالغ فيها، والتي لا تتعدى أن تكون نوعا البروبغاندا الاقتصادية التي تحاول تغطية ستة فصول متتالية من الانكماش الاقتصادي بغربال.
الخبراء الاقتصاديون المنصفون أجمعوا على أن هذا التحسن الطفيف ليس إلا مؤشرا إيجابيا غير قاطع النتائج، وسيكون من الخطأ الاعتقاد أنه سيضع نهاية لمتاعب الدول ذات المديونية العالية وغير القادرة على المنافسة على أطراف المنطقة.
يجب أن ندرك أن المشكلة الحقيقية التي تعاني منها منطقة اليورو تكمن في وقوع بعض دولها في وحل المديونيات العامة التي تفوق بمراحل ميزانيات ومداخيل هذه البلدان، كما هو الحال في اليونان، حيث تعتبر هذه البلدان مفلسة بالأرقام، وأدى ارتباط السياسات النقدية الموحدة لمنطقة اليورو إلى تعطيل عجلة النمو، وعرقلة اقتصادات قوية كالاقتصاد الألماني الذي بات يدفع ضريبة قيادته للمنطقة التي كادت تتهاوى دولها كقطع النرد.
حل مشكلة الديون العامة لن يكون سهلا ولا سريعا، والطرق المتبعة في التغلب عليه، من قبيل إقراض الدول المتعثرة، وتقليص الإنفاق العام، لن تجدي نفعا على المدى المتوسط، وستزيد من التوتر والحنق الجماهيري المتصاعد، بينما تتردد مؤسسات المجموعة الاقتصادية الأوروبية في اعتماد حلول جذرية من قبيل إخراج الدول المتعثرة من المجموعة، أو تخفيض قيمة اليورو لزيادة مستوى التبادل التجاري وتحريك السوق. أي أنها في الواقع أمام خيارين، إما أن تصلح عربات القطار الأوروبي المعطلة، وهذا يستغرق وقتا، أو ان تفصلها عن القطار.