خرج من منزله سالمًا كعادته، متوجهًا بابتسامة طيبة لصلاة الجمعة بأحد مساجد نيوزيلندا ليلقى مصيره المحتوم على يد شيطان إرهابي غاشم لم تمنعه ابتسامة “داوود نبي” من تصفية جسده بالرصاص، هكذا انتقلت روح الشهيد داوود نبي إلى الرفيق الأعلى وانتهت حياة أول ضحايا الحادث الإرهابي النيوزلندي بمسجد النور.
فر من الموت مع والديه ليلقى مصيره في أكبر مذابح نيوزيلندا على الإطلاق
انتقل داوود نبي – البالغ من العمر 71 عامًا – مع والديه من أفغانستان فارًا من الغزو السوفيتي قبل 40 عامًا أو أكثر في الثمانينيات من القرن العشرين ليستقر بنيوزيلندا، وقضى حياته كلها في مساعدة اللاجئين من خلال الجمعية الأفغانية، وكعادته توجه إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة، ولكن كانت هذه الجمعة تحديدًا 15 من مارس 2019 موعد لقاء داوود نبي بربه مستشهدًا على يد الإرهابي برينتون ترانت البالغ من العمر 28 عامًا.
بحسب الفيديو الذي تداوله الكثير على مواقع التواصل الاجتماعي، صور المجرم الأسترالي الإرهابي اليميني برينتون ترانت جريمته كاملة بتثبيت كاميرا على رأسه وتصوير مجزرته وبثها مباشرة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”؛ الأمر الذي أثار ضجة عارمة وغضب واستياء عدد كبير من خلال إصدار ردود فعل غاضبة ورسومات وعبارات مؤثرة.
هاشتاغ #مرحبًا_أخي” يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
كما وثق مقطع الفيديو الذي بثه المجرم، ظهر داوود نبي في استقبال الإرهابي بابتسامة وعبارة ترحيبية على باب المسجد ليتلفظ بآخر عبارة: “مرحبًا أخي Hello Brother”، ولكن لم يُبد الجاني أي تعاطف تجاه تلك العبارة الودودة والابتسامة المتسامحة ليصفي جسد الضحية الأولى بأكثر من 7 رصاصات دون أي رحمة.
صرح بعض شهود العيان من الناجين من الحادث أن داوود نبي ألقى بنفسه أمام السفاح لحماية المصلين ومنحهم فرصة للهرب، ولكن رصاصات المجرم كانت أقوى من محاولته وقتل الضحية الأولى بدم بارد
لم يكتف المجرم بتصفية ضحية واحدة، بل توجه إلى داخل المسجد لتصفية 50 مصليًا وإصابة أشخاص آخرين وصار يجول بالمسجد للتأكد من تصفية جميع الضحايا بتصويب النيران أكثر من مرة.
وبعد تداول الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، استخدم المدونون وسم #مرحبًا_أخي أو #Hello_Brother لإعلان حالة الغضب والاستياء جراء تلك المجزرة الشنعاء على ضحايا مسجد النور بمدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا.
وقد صرح بعض شهود العيان من الناجين من الحادث أن داوود نبي ألقى بنفسه أمام السفاح لحماية المصلين ومنحهم فرصة للهرب، ولكن رصاصات المجرم كانت أقوى من محاولته وقتل الضحية الأولى بدم بارد.
بأي ذنب قتلت.. ردود فعل غاضبة
جراء الحادث الدموي الشنيع، انتشر وسم #مرحبًا_أخي على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تويتر، ليعلق أشهر المدونين من الرؤساء والكتاب والمشاهير والدعاة على هذه المجزرة غير الآدمية بعبارات ووسوم وأدعية ورسوم كاريكاتيرية للضحايا.
بعد وقوع الحادث أعربت عدة جهات عن غضبها ودعمها لضحايا مجزرة نيوزيلندا بكل حدة وصرامة، فقد أعربت الدكتورة ليان ديلزيل عمدة مدينة كرايست تشيرش عن غضبها واستيائها من هذا الحادث الدموي الإرهابي معلنة دعمها وتضامنها مع ضحايا الحادث، فصرحت: “رحبنا بأناس جُدد جاءوا إلى مدينتنا، وهم أصدقاؤنا وجيراننا، ولا بد من أن نصطف من أجل دعمهم”.
كما ألقت الشرطة بنيوزيلندا خطابًا على المسلمين توضح فيه جهودها لحماية المسلمين وحماية الضحايا، ومن جانبها غردت جاسيندا أردرن رئيسة وزراء نيوزيلندا على تويتر بأن ما قام به الإرهابي هو عنف غير مسبوق في نيوزيلندا، ولذلك أعلنت رفع مستوى الأمن والحماية لجميع المهاجرين إلى نيوزيلندا.
أدان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – الذي تم الإشادة به في رسالة الإرهابي – الحادث، حيث قال: “هذا الحادث مؤلم وقدم أحر التعازي القلبية، وأعلن تضامن الولايات المتحدة مع نيوزيلندا واستعدادها الكامل لتقديم ما تستطيع القيام به في سبيل حفظ أرواح الجميع”
وعلى الجانب السياسي، أدان سكوت موريسون رئيس الوزراء الأسترالي وقوع الحادث في أثناء صلاة الجمعة، مقدمًا تصريح تم إذاعته على “بي بي سي” يقول فيه: “أود أن أعرب عن خالص عزائي للضحايا النيوزيلنديين المسلمين الذين لقوا حتفهم في هذا الهجوم الغاشم”.
وعلى خلفية الحادث، أدانه الشيخ تميم بن أحمد آل ثان أمير دولة قطر، وتقدم ببرقية تعزية للمحكمة العامة بنيوزيلندا ولذوي ضحايا الحادث، من جانبه، استنكر رجب طيب أردوغان الرئيس التركي تلك المجزرة الدموية وأعرب عن خالص أسفه وتعازيه لضحايا الحادث.
كما أدان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – الذي تم الإشادة به في رسالة الإرهابي – الحادث، حيث قال: “هذا الحادث مؤلم وقدم أحر التعازي القلبية، وأعلن تضامن الولايات المتحدة مع نيوزيلندا واستعدادها الكامل لتقديم ما تستطيع القيام به في سبيل حفظ أرواح الجميع”.
“أرضنا لن تصبح أبدًا للغزاة”
هكذا علق مرتكب العملية الإرهابية الشنيعة في نيوزيلندا بعد إلقاء القبض عليه وتقديمه إلى المحكمة لتمثيل جريمته أمام القضاء، فأقر الإرهابي اليميني برينتون تارانت بتعمده ارتكاب الجريمة وأنه غير نادم على هذه الإبادة الجماعية للمصلين بالمسجد، فيعتقد المجرم أن هجرة المواطنين إلى الدول الغربية يشكل خطرًا وتهديدًا كبيرًا للمجتمع، وقام بالمجزرة في سبيل إيقاف عملية الهجرة لاستقرار أمن وحماية البلاد، مؤكدًا ارتكابه للجريمة في سبيل إقناع الغزاة بأن “أرضنا لن تصبح أبدًا للغزاة”، وانتقامًا لملايين الأوروبيين الذين قتلوا على يد الغزاة الأجانب.
ولذلك تعمد ترانت القيام بالحادث لترهيب المهاجرين من التفكير بالهجرة إلى الدول الغربية وترحيل ما تبقى منهم إلى بلادهم، معربًا عن تمنيه قتل المزيد والمزيد من الخونة والغزاة، وأنه لم يكن هناك أي برئ بين ضحاياه لأن كل من يغزو أرضًا ليست له فليتحمل عواقب أفعاله.