ترجمة وتحرير: نون بوست
يعد القطاع المصرفي من بين القطاعات التي نجحت في توظيف التطورات التكنولوجية ضمن منتجاتها وخدماتها وعملياتها. ومع ذلك، لا تقتصر الأطراف الفاعلة التي ساهمت في هذا التحول نحو رقمنة الشؤون المالية على هذه البنوك فقط. فوفقا لتقرير نشره فيسبوك حول جيل الألفية والمال، تبين أن 92 بالمئة من هذا الجيل، وهو الأكبر عددا على الإطلاق بمتوسط عمر يبلغ 26.5 سنة، لا يثقون في البنوك التقليدية وهو ما يعتبر بلا شك نتيجة للأزمة المالية لسنة 2008.
تتجسّد النتيجة الملفتة للنظر في اكتساح منتجات وخدمات جديدة للسوق وظهورها على نطاق واسع منذ فترة. ففي السنوات الأخيرة، وفّرت شركات عملاقة في مجال التكنولوجيا على غرار مجموعة “علي بابا” وشركة “تينسنت” القابضة و”بينغ آن” و”بايدو” وغيرها من الشركات التي تتمتع بقواعد عملاء ضخمة واحتياطيات نقدية هائلة، خيارات سداد جديدة للعديد من الزبائن الذين لم يسبق لهم أن قاموا بمعاملات مصرفية. وتتمثّل هذه التسهيلات في خدمات المحفظة الرقمية التي تعوّض المعاملات النقدية وبطاقات الائتمان في كل من السوق المحلية والعالمية.
على الرغم من بداياتها المتأخرة في مجال التكنولوجيا المالية ودمج التكنولوجيا والابتكار في القطاع المالي مقارنة بنظرائها الغربيين، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، تتمتع الصين حاليا بميزة “التحليل المتأخر” في هذا القطاع إلى جانب العمل على تحرير اقتصادها.
مقارنة بالسنتين الماضيتين، فإنه من غير المفاجئ أنه في الوقت الذي حققت فيه شركتا التكنولوجيا الصينية “تينسنت” و”علي بابا” ومنصات الدفع عبر الإنترنت التابعة لهما، “وي تشات” وأليباي”، رأس مال قدره 231.9 و213.4 مليار دولار أمريكي على التوالي
وفقًا للمراجعة التي أعدها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كانون الثاني/ يناير سنة 2019، سجلت سوق الدفع عبر الهاتف الجوال في الصين مبالغ ضخمة بقيمة 15.4 تريليون دولار، محققة إيرادات أكثر بـ 41 مرة من سوق الولايات المتحدة. ويعكس الاختلاف في كل من عمليتي النمو والتأقلم بين البلدين كيف يمكن لقدرة التباين في المناهج والاستثمارات والدعم من طرف عامة الشعب أن يخلق مجموعتين من التوجهات.
مقارنة بالسنتين الماضيتين، فإنه من غير المفاجئ أنه في الوقت الذي حققت فيه شركتا التكنولوجيا الصينية “تينسنت” و”علي بابا” ومنصات الدفع عبر الإنترنت التابعة لهما، “وي تشات” وأليباي”، رأس مال قدره 231.9 و213.4 مليار دولار أمريكي على التوالي، بلغت قيمة رأس مال الشركات الأمريكية على غرار “باي بال” و”ماستر كارد” و”فيزا” نحو 47.6 و112.4 و181.2 مليار دولار أمريكي، وذلك حسب ما ورد في تقرير البيانات المالية لفاكتسيت لنظم البحوث سنة 2016.
في دراسة أخرى للسوق وردت في تقرير خاص بشبكة “برايس ووترهاوس كوبرز” نُشر سنة 2018 حول أفضل 100 شركة في العالم حسب رأس المال السوقي، يلتحق طرفان جديدان وهما شركتا التكنولوجيا الصينية تينسنت وعلي بابا بالمراكز العشرة الأولى، لتحل محل الشركات الأمريكية “إكسون موبيل” و”ولز فارجو”. وبينما لا تزال الولايات المتحدة تهيمن على قائمة 100 أفضل شركة في العالم بنحو 54 شركة في سنة 2018، مقابل 42 شركة في سنة 2009، تأتي الصين في المركز الثاني بحوالي 12 شركة.
لقد حصلت شركات التكنولوجيا ومنصات الدفع الصينية على ثاني أكبر زيادة مطلقة في القيمة السوقية بين 20 دولة في جميع أنحاء العالم خلال سنة 2018، مقارنة بالبيانات الخاصة بسنة 2017 مع معدلات تغير بنسبة 82 بالمئة و75 بالمئة على التوالي.
من أين يتأتى ثقل تينسنت وعلي بابا؟
يكمن جزء من نجاح مجموعة علي بابا في منصة الدفع عبر الإنترنت بواسطة الهاتف المحمول التابعة لها تحت إدارة شركة “آنت فاينانشال”، وهي شركة فرعية لمجموعة علي بابا حققت دفوعات بقيمة 1.1 مليار على موقعي تيمول.كوم وتاوباو.كوم.
وفقا لبيانات مأخوذة من “أناليسيس إنترناشيونال”، تحظى “آنت فاينانشال” حاليا بحوالي 450 مليون مستخدم نشط من خلال توفير نظام خاص بتطبيق أليباي. وقد أخذت خدمة الدفع الرقمي في التوسع لتؤمّن خدمات في التجارة الإلكترونية لقاعدة عملاء أكبر في بر الصين الرئيسي.
تحتلّ شركة تينسنت القابضة المركز الثاني بصفتها شركة عملاقة نجحت في تحويل نفسها فعليًا إلى بنك رقمي لفائدة عملائها. وقد صُمّمت تينسنت كتطبيق مراسلة متاح للجميع يستخدمه أكثر من 800 مليون شخص في أنشطة الاتصال والدفع اليومية.
منذ سنة 2016، وصل معدل النمو السنوي في استمالة وكسب المستخدمين إلى 30 بالمئة بفضل الفرص التي يوفرها منتجها الرائد ويتشات وويتشات باي للأعمال التجارية الرقمية، الذي يتيح للمستخدمين النفاذ إلى الإدارة المالية والمعاملات المصرفية ودفوعات الند لند وأكثر من ذلك.
من عمليات الدفع وصولا إلى الخدمات المصرفية
للمرة الأولى، تخطط حكومة هونغ كونغ لتوفير تراخيص تتعلق بالخدمات المصرفية الرقمية لأهم الشركات التكنولوجية وتلك المتخصصة في الدفع الإلكتروني في الصين، على غرار آنت فاينانشيال وتينسنت وزونغ آن وشاومي. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة إنجاز رائد لهذه التقنيات العملاقة التي أزاحت النظام المصرفي التقليدي القديم المتعارف عليه.
تتنزل مثل هذه المحاولة التي قامت بها حكومة هونغ كونغ في سياق تغيير سياستها التي تهدف لتغيير البلاد، خاصة وأن هذه المنطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي عن الصين وهي بصدد التطور حاليا إلى مدينة ذكية عن طريق فتح سوقها الخاص أمام المنافسة الرقمية.
حتى الآونة الأخيرة، اكتشفنا أن قلّة من البنوك على غرار بنك هانغ سانغ وستاندرد تشارترد وبنك إتش إس بي سي، تمتلك نصيب الأسد من بطاقات الائتمان وقروض الرهن العقاري التي تقدر بحوالي 66 بالمئة في هونغ كونغ، وذلك وفقا للأبحاث التي أجرتها مؤسسة غولدمان ساكس. فعلى سبيل المثال، ضمِن بنك إتش إس بي سي موقعه الريادي في السوق خلال السنة الماضية نتيجة حصوله على أرباح بقيمة 1.4 مليار دولار بفضل إدارة الثروات وسياسة عمليات البيع بالتجزئة خلال الربع الثاني من السنة.
لكن لا يزال بعض العملاء غير راضين عن النماذج المصرفية المتوفرة حاليا. ووفقا لتقرير أجراه باحثو شركة أكسنتشر للاستشارات الإدارية نُشر سنة 2017، فإن ما يزيد عن نصف العملاء في هونغ كونغ راضون عن بنوكهم الحالية مقارنة مع الولايات المتحدة، حيث تصل نسبة رضا العملاء هناك إلى 88 بالمئة. وقد علق المدير العام لشركة أكسنتشر في منطقة المحيط الهادي وآسيا، فيرغوش غوردن قائلا: “إن نسبة كبيرة من العملاء في الأسواق الكبرى على استعداد للقيام بأعمال مصرفية وفقا لنماذج مختلفة، وتمتلك البنوك الرقمية فرصة رائعة للاستفادة من ذلك”.
في الحقيقة، لا يقتصر الأمر على القروض الممنوحة، فقد أصبحت هاتان المنصتان الرئيسيتان الطريقة المتبعة لاستثمار الأموال
يبدو أن بروز عمالقة التكنولوجيا المالية الجديدة بات يؤثر على عمليات الإقراض. كما أن النمو الذي يسجله هذا القطاع مهم للغاية، سواء من حيث الكمية أو المعاملات، وهو مؤشر حقيقي على نجاح عمليات توسيع نطاقها. وعلى الرغم من أن منصة ويلي داي للإقراض التابعة لويتشات قد بدأت عملياتها سنة 2014، إلا أنها شهدت نموا هائلا تجاوزت قيمته 133 مليار دولار من القروض سنة 2017، وقد نجحت في استقطاب 12 مليون عميل. كما تشير معدلات النمو الحالية إلى أن القطاع سيشهد نموا أكبر خلال السنوات القادمة.
في الحقيقة، لا يقتصر الأمر على القروض الممنوحة، فقد أصبحت هاتان المنصتان الرئيسيتان الطريقة المتبعة لاستثمار الأموال. ومن جهته، يتلقى صندوق السوق النقدي يوباو التابع لأليباي استثمارات تصل إلى ثلاثة آلاف دولار محققًا عائدا سنويا نسبته 4 بالمئة، علما وأن المبلغ الاجمالي تجاوز 160 مليار دولار.
مع ذلك، لا يعتبر الأشخاص غير الراضين عن النماذج المصرفية التقليدية العملاء التابعين لسوق هونغ كونغ فقط. فلفترة طويلة، كان مقدمو العروض يأملون في التصدي لـ “ظاهرة الاحتكار” التي تمارسها البنوك التقليدية في السوق من خلال تقديم بديل رقمي للعملاء غير الراضين عن الخيارات الحالية المقدمة لهم في معظم الأسواق وعلى نطاق عالمي.
هونغ كونغ
مجالات تكنولوجية أخرى تدخل المجال المصرفي
مع تنامي المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا والبنوك التقليدية لإرضاء العملاء، صادفنا مجموعة واسعة من الأدوات والمنصات الجديدة على غرار الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والبنى التحتية للبلوكتشين التي فتحت الباب أمام قدرات وإمكانيات أخرى. ويمكننا الاستنتاج أن مثل هذه التقنيات تحدث ثورة في المشهد المالي التقليدي وتعيد تشكيل منهجيات المؤسسات المالية في تقديم الخدمات، وذلك وفقا لتوقعات العملاء “المرتابين”.
بغض النظر عن كونها ابتكارًا مدمرًا، يبدو أن تكنولوجيا البلوكتشين بدأت تتطور لتشكل تحديًا أمام العلاقات الاجتماعية والاقتصادية وبالتالي العلاقات السياسية القائمة على الصعيدين المحلي والعالمي. ويبدو أن هذه التكنولوجيا تجمع تمامًا بين شفافية شبكة الإنترنت وضمان إخفاء البيانات، ما يعني أن التوقعات بشأن وجود عالم رقمي ديمقراطي وأكثر أمانا ستصبح حقيقة بمرور الأيام. ولا ترتبط الطبيعة الديمقراطية لشبكة البلوكتشين بقدرتها على تمكين الناس من التحقق من بياناتهم الخاصة فقط، وإنما تمتاز أيضا بقدرتها على توفير بنية تحتية للاقتصاد التشاركي تشمل جميع المشاركين في الشبكة.
على الرغم من كونها أكثر الابتكارات المدمرة في عالمنا اليوم، إلا أن البلوكتشين كانت أكثر كلمة متداولة وأكثر تكنولوجيا لاقت انتشارًا واسعًا خلال سنة 2018
يُدرك عمالقة التكنولوجيا مدى قوة تكنولوجيا البلوكتشين في مختلف المجالات، لهذا السبب بدأوا مؤخرًا في دمج هذه التكنولوجيا في آليات الذكاء الاصطناعي لشركاتهم. فعلى سبيل المثال، شرعت شركة علي بابا، وهي إحدى أكبر شركات التجارة الإلكترونية العملاقة في الصين، في استخدام تكنولوجيا البلوكتشين لتسريع عمليات الدفع على الساحة الدولية. وبفضل البلوكتشين، سيتم التحقق من رصيد حساب المستخدمين من خلال العقود الذكية، وهذا يعني أنه لن يكون هناك حاجة إلى استخدام المزيد من الخوادم؛ حيث سيتم تشغيل النظام بطريقة أكثر فعالية من حيث التكلفة عبر شبكة البلوكتشين.
أطراف فاعلة قديمة، مظاهر جديدة
على الرغم من كونها أكثر الابتكارات المدمرة في عالمنا اليوم، إلا أن البلوكتشين كانت أكثر كلمة متداولة وأكثر تكنولوجيا لاقت انتشارًا واسعًا خلال سنة 2018. واليوم، يقوم تطبيق تيليجرام للمراسلة بتنفيذ مشروع (تون) الذي يعتمد على تكنولوجيا البلوكتشين وذلك بهدف زيادة عدد تطبيقات العملات الرقمية من خلال فكرة استخدام العملات الرقمية لأول مرة على الإطلاق في السوق.
في الوقت الذي تُحدث فيه البلوكتشين وشركات التكنولوجيا ثورة في العالم، تسعى الكثير من الشركات العملاقة من مختلف البلدان إلى الانضمام للركب
بما أن مشروع (تون) سيوفر الحد الأقصى من الأمان والحد الأدنى من الوقت لإجراء المعاملات، فإنه من المتوقع أن يصبح النظام البيئي البديل لماستركارد/ فيزا. وفقًا لـ “ذو بلوك”، وهو تقرير لمستثمرين في المشروع، فإن برنامج “تون فيرتشوال ماشين” يسمح بإجراء العقود الذكية واستكمالها في اللحظة نفسها. علاوة على ذلك، أعلنت شركة فيسبوك أنها تعمل أيضًا على إنشاء عملة جديدة من شأنها أن تمكن مستخدمي واتساب من تبادل العملات الرقمية.
في الوقت الذي تُحدث فيه البلوكتشين وشركات التكنولوجيا ثورة في العالم، تسعى الكثير من الشركات العملاقة من مختلف البلدان إلى الانضمام للركب. وفي الأسبوع الأخير من شهر شباط/ فبراير، أعلنت “ميغا بانك”، وهي مجموعة ميزوهو المالية اليابانية، والتي تبلغ قيمتها حاليًا 1.8 تريليون دولار، أنها ستطلق عملة رقمية “جي كوين” أملا في استخدامها في خدمات المدفوعات والتحويلات. وتُعد ميغا بانك ثاني شركة تقوم بهذه الخطوة بعد شركة فيسبوك، التي سبق وصرحت بأنها تعمل كذلك على إنشاء عملة رقمية جديدة ستمكن مستخدمي تطبيق واتساب من تبادل العملات الرقمية.
في الوقت الذي نتحدث فيه عن الشركات العملاقة المهتمة بتكنولوجيا البلوكتشين، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار مشروع “ستايبل كوين” الأحدث من نوعه، الذي تشرف عليه شركة جي بي مورغان تشيس. وبما أن جي بي مورغان يعد أحد أكبر البنوك في الولايات المتحدة الأمريكية، يبدو أنه يبدي اهتماما بعالم البلوكتشين حيث أصبح الآن من بين المؤسسات المصرفية “الموثوقة” بفضل عملته المستقرة في سوق تعرف بتقلبها إلى حد كبير. ولا تمثل هذه الأمثلة الثلاثة العملة اللامركزية في حد ذاتها بشكل مثالي، ولكنها تمثل حالة استخدام مثالية لتكنولوجيا البلوكتشين، التي قامت بنشرها إحدى الشركات المركزية.
السباق نحو اعتماد تكنولوجيا البلوكتشين
من الواضح أن تطبيق تيليجرام، وهو منافس مباشر لتطبيق واتساب، على بعد خطوات قليلة من تحقيق رؤيته. فقد نجح تطبيق المراسلة الجديد الذي يبلغ من العمر خمس سنوات في جمع 1.7 مليار دولار خلال الطرح الأولي للعملة، كما يبدو أن الشركة ترغب بشدة في تحقيق رؤيتها المتمثلة في إنشاء منصة لتبادل العملات الرقمية على تطبيقها. وتعتبر هذه المحاولات الأكثر جرأة في سنة 2018 لدفع الجمهور نحو التكيف مع تطبيقات البلوكتشين.
تهدف بروتوكولات التشفير الخاصة بتكنولوجيا البلوكتشين إلى السماح للمستخدمين بمزيد التحكم في بياناتهم الخاصة
في هذه المرحلة، من المهم إدراك الموجة المتزايدة من قنوات “الاقتصاد البديل” التي تم إنشاؤها ليس فقط من قبل البنوك التقليدية التي بدأت في استخدام التكنولوجيا الرقمية والشركات التكنولوجية العملاقة المذكورة أعلاه التي تحولت إلى بنوك رقمية جديدة، وإنما أيضا بواسطة شركات البلوكتشين الناشئة القائمة على شعار “الاقتصاد التشاركي”.
هل تدعم تكنولوجيا البلوكتشين الشركات التكنولوجية العملاقة؟
على الرغم من أنه يمكن اعتبار شركات التكنولوجيا العملاقة بنوكا رقمية بديلة لنظيرتها التقليدية في السنوات الأخيرة، إلا أنه من المفارقات أن تقوم شركات التكنولوجيا الضخمة بدمج تكنولوجيا البلوكتشين والذكاء الاصطناعي نظرا لأن عمالقة التكنولوجيا يواصلون الاضطلاع بدور حراس بوابة البيانات.
في المقابل، تهدف بروتوكولات التشفير الخاصة بتكنولوجيا البلوكتشين إلى السماح للمستخدمين بمزيد التحكم في بياناتهم الخاصة. ونظرا لزيادة عدد القنوات البديلة التي تهدف إلى دعم مفهوم هوية المستخدم “المتمتعة بالحكم الذاتي” يوما بعد يوم، تزداد الشكوك حول كفاءة الشركات التكنولوجية في هذا الخصوص. ويمكن فهم مهمة بعض الشركات الناشئة القائمة على تكنولوجيا البلوكتشين في إطار الاقتصاد المشترك “غير المكتمل”، حيث تهدف إلى إنشاء نهج يعتمد على تجارة البيانات بدلاً من العملة، وبالتالي محو هيمنة التكتلات الاحتكارية من خلال التمكين من النفاذ المجاني إلى المعلومات.
من خلال نظام دفتر الأستاذ اللامركزي والموزع لتقنية بلوكتشين، فإن العملية بأكملها المقسمة بين عدة عقد باتت الآن أسرع وأكثر مصداقية بسبب شروط الحصول على الترخيص التي تتضمن عقودًا ملزمة قانونا ورخصًا لأغراض تجارية. وتُمكن تقنية البلوكتشين المستخدمين من تصميم العقود بسهولة باستخدام الأدوات المدمجة ونقل الحقوق إلى بياناتهم بكفاءة إلى كيانات أخرى. ونتيجة لذلك، يمكن اعتبار أن منشئي المحتوى حصلوا على جوائز بشكل منصف إلى حد ما نظير الجهود التي بذلوها في إطار “الاقتصاد التشاركي” من خلال البلوكتشين.
تتضمن التكنولوجيا الجديدة خاصية اللامركزية ويبدو أن العالم يتكيف مع الفكرة بسرعة كبيرة، حيث أننا نقترب أكثر من المستقبل حيث لن يتصدر عمالقة وادي السيليكون العالم بعد الآن
سيكون تنبؤًا متفائلًا للغاية إذا قلنا إن تقنية البلوكتشين سيكون لها تأثير إيجابي متساوٍ في جميع أنحاء العالم. وقد بدأنا بالفعل في رؤية اختلافات كبيرة في النهج الذي تتبعه هذه العملات الجديدة والابتكارات. وفي الوقت الحالي، تضطلع بعض البلدان بالفعل بدور الريادة بفضل النهج الابتكاري الذي تتبعه ومستوى إقدامها على المخاطرة. وفي هذا السياق، يخدم توجّه الصين المتزايد في الاستثمارات التكنولوجية والنمو في طلبات براءات الاختراع مصالح البلاد بشكل كبير.
مع ذلك، لا تحذو الكثير من الدول الغربية على غرار سويسرا ومالطا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وإستونيا وعملاق آسيا اليابان حذو الصين. وقد أصبحت مدينة زوغ السويسرية بالفعل معروفة على أنها “وادي التشفير” بفضل اعترافها المبكر بأهمية هذه التكنولوجيا الحديثة، حيث دعمتها من خلال وضع لوائح خاصة بمشروعات الاستثمار التي تنوي تطبيق تقنية البلوكتشين.
تتضمن التكنولوجيا الجديدة خاصية اللامركزية ويبدو أن العالم يتكيف مع الفكرة بسرعة كبيرة، حيث أننا نقترب أكثر من المستقبل حيث لن يتصدر عمالقة وادي السيليكون العالم بعد الآن. ومع التقدم الجديد لهذه البلدان وانضمام المزيد منها لهذه الثورة التكنولوجية، فإنه من المتوقع أن تمر المناطق التي تعمل على تكييف التكنولوجيا الجديدة بتحسّن كبير فيما يتعلق بالإيرادات والنمو.
المصدر: هاكرنون