مخطط خطير تقوده دول عربية وفتح لإغراق غزة بالفلتان وإسقاط حكم حماس

cat53151_img878339196

لا تزال الأحداث في قطاع غزة تشهد حالة من الغليان الشعبي المتصاعد، بعد اشتداد عود الاحتجاجات التي خرجت ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس وجابت شوارع ومفارق القطاع، رفضًا لسياسية الحركة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية قبل السياسية التي يعاني منها السكان، وموجة الغلاء الفاحش التي اجتاحت القطاع دون سابق إنذار.

ورغم أن هذا الحراك الشعبي الذي يتصدر عنوان “بدنا نعيش”، استطاع أن يحشد الآلاف من الغزيين خلفه، وسط مطالبات بخفض الأسعار والبحث عن حلول للأزمات الاقتصادية التي يعاني منها سكان القطاع بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض عليهم منذ أكثر من 12عامًا، وزاد من ثقله وقسوته العقوبات التي فرضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأدخلت القطاع بأزمة طاحنة، يحيط به الكثير من الشكوك بشأن أهدافه الحقيقية والجهات التي تقف خلفه.

فبعد أن كانت غزة مصدرًا للحدث الأهم والأبرز الذي أعاد رونق واهتمام العالم أجمع بالقضية الفلسطينية، وفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وقمعه ضد المتظاهرين في مسيرات العودة الكبرى التي ستدخل عامها الثاني في 31 من مارس المقبل، حتى تبعثرت كل الأوراق وأصبح الجميع يترقب سقوط حركة حماس ويضع المراهنات بخصوص نجاح وفشل هذا الحراك الشعبي بتحقيق أهدافه.

تصريحات الشيخ ليست وحدها التي كانت تدعو للتمرد والعصيان في قطاع غزة، بل سبقه عضو اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد الذي حرّض مرارًا وتكرارًا ضد قطاع غزة

ما زاد من الشبهات حول هذا الحراك الشبابي الذي يدخل يومه السادس على التوالي، التصريحات التي نقلت عن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، بأن حركة فتح من تقم خلف هذا الحراك وتدعمه بالمال وكل ما يلزم من أجل إسقاط حكم حماس في القطاع.

من يقف خلف تمرد غزة؟

تصريحات الشيخ ليست وحدها التي كانت تدعو للتمرد والعصيان في قطاع غزة، بل سبقه عضو اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد الذي حرّض مرارًا وتكرارًا ضد قطاع غزة، داعيًا إلى فرض العقوبات عليه وإعلانه “إقليمًا متمردًا”، وقال الأحمد في تصريحات متعددة “إذا استطعتم قطع الهواء عن قطاع غزة فاقطعوه”، مشبهًا غزة بـ”الطائرة المخطوفة”.

الهجوم الفتحاوي ضد غزة، توافق كثيرًا مع التعليقات وردود الفعل الإسرائيلية، فعلق وزير الاقتصاد الإسرائيلي إيلي كوهين على الأحداث بغزة قائلًا: “الإطاحة بنظام حماس كما هو مصلحة لسكان غزة لا يقل عن أنه مصلحة لإسرائيل”، مضيفًا “لأن أولئك الذين أخذوا أموال الفلسطينيين وبدلًا من صرفها على العلاج استخدموها في الأنفاق، الآن هم يدفعون الثمن” على حد زعمه.

المشهد في قطاع غزة لم يتوقف عند التهديد والتحريض من فتح و”إسرائيل” وهذا التوافق الكبير لإسقاط حكم حماس، بل إن ما كشفته مصادر أمنية فلسطينية عن تفاصيل مخطط أمني تقوده الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، يستهدف قطاع غزة وحركة حماس كان الأخطر والأكبر

عضو الكنيست الإسرائيلي موتي يوغيف، توافق تمامًا مع تصريحات قادة فتح وقال: “أشد على أيدي سكان قطاع غزة الذين يحتجون على منظمة حماس”، متابعًا “على أمل أن نساعد في يوم من الأيام في تدمير قادة حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى وإنشاء قيادة مدنية ستنشأ في قطاع غزة وتحولها إلى منطقة متنامية ومجددة ومزدهرة”.

أما الكاتبة والمحللة الإسرائيلية شمريت مئير، فقد أكدت أن الافتراض السائد أن “إسرائيل” راضية عن الاحتجاجات في غزة، وقالت: “هذا يضع حماس في الوضع الذي نرغبه، إذا تطور هذا إلى حدث ينتهي بإسقاط النظام، إما ستكون هناك فوضى أو أبو مازن سيتولى السيطرة على غزة، وبعدها ستعود حماس إلى 100% عسكر خالية من المسؤولية المدنية”.

جانب من مظاهرات غزة احتجاجًا على ارتفاع الأسعار وسوء الأحوال الاقتصادية

المشهد في قطاع غزة لم يتوقف عند التهديد والتحريض من فتح و”إسرائيل” وهذا التوافق الكبير لإسقاط حكم حماس، بل إن ما كشفته مصادر أمنية فلسطينية عن تفاصيل مخطط أمني تقوده الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، يستهدف قطاع غزة وحركة حماس كان الأخطر والأكبر.

وقالت المصادر: أجهزة أمن السلطة وضعت مخططًا أمنيًا إعلاميًا بالتنسيق مع جهات دولية بتمويل مفتوح يستهدف غزة وحماس محليًا وإقليميًا ودوليًا“، موضحةً أن المخطط الأمني الإعلامي يتم تنفيذه على أربع مراحل وتشرف عليه قيادات أمنية رفيعة المستوى، ويشارك فيها شخصيات فتحاوية من أعضاء اللجنة المركزية.

وأضافت المخطط الأمني الإعلامي ضد غزة وحماس يبدأ بمواقع التواصل الاجتماعي وينتهي بحراك ميداني”، مشيرة إلى أنه يستهدف ضرب علاقة حماس بفصائل منظمة التحرير.

شهدت مناطق بقطاع غزة تظاهرات بدعوة من حراك “بدنا نعيش”، رفضًا للممارسات والسياسات الاقتصادية والسياسية التي تطال المواطنين

وعلم مراسل “نون بوست”، أن المخطط الفتحاوي لإسقاط حكم حماس في غزة، يقوده مدير جهاز المخابرات الفلسطينية العامة اللواء ماجد فرج، بعد زيارات مكوكية سرية أجراها لمصر والسعودية، وحصوله على الدعم المالي واللوجستي اللازمين لتنفيذ مخطط إغراق القطاع بالفوضى والفلتان الأمني.

المخطط زرع الفلتان والفتنة

وشهدت مناطق بقطاع غزة تظاهرات بدعوة من حراك “بدنا نعيش”، “رفضًا للممارسات والسياسات الاقتصادية والسياسية التي تطال المواطنين”، لكن منظمي الحراك يواجهون اتهامات من أطراف في غزة باستغلال الوضع المعيشي لأهداف سياسية.

وفي الوقت الذي يقول فيه منظمو الحراك إنهم لا يتبعون لجهات معيّنة ويمثّلون المواطنين، زخرت منصات حركة فتح وبعض أجهزة السلطة الفلسطينية والصفحات الموالية لها على مواقع التواصل بالتحريض على الخروج ضد حماس في غزة و”إسقاط الانقلاب”.

أكد الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس عبد اللطيف القانوع، أن تصريحات قيادات فتح وناطقيها اتفقت مع تغريدات الناطقين في دولة الاحتلال في استغلال معاناة الناس ومطالبهم ولإحداث فوضى وفلتان في غزة

وأعلن عضو المجلس الثوري لحركة فتح المتحدث باسمها أسامة القواسمي عن دعم حركته الحراك ضد حماس في غزة، قائلًا – عبر تليفزيون فلسطين -: “الطريق إلى القدس يبدأ من إنهاء الاستبداد والظلم بغزة”.

في السياق أكد الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس عبد اللطيف القانوع، أن تصريحات قيادات فتح وناطقيها اتفقت مع تغريدات الناطقين في دولة الاحتلال في استغلال معاناة الناس ومطالبهم ولإحداث فوضى وفلتان في غزة.

وأضاف القانوع بأن حالة الوعي لدى شعبنا أفشلت مخططاتهم، مشيرًا إلى أن حركة حماس تعمل على فكفكة الأزمات ومساندة شعبنا، في المقابل لا يزال فريق السلطة يواصل الضغط على غزة وخنقها.

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، أن الكشف عن هذا المخطط يؤكد أن السلطة الفلسطينية وحركة فتح استغلت بعض التحركات التي قام بها بعض الشبان في غزة لصالح تسييس هذا الحراك من خلال توجيه العاملين بالأجهزة الأمنية في قطاع غزة لما يسمى بحراك بدنا نعيش من أجل إحداث حالة من الفوضى والإرباك لحركة حماس في القطاع.

ويوضح أن ما كشفته حماس يأتي في سياق فضح هذه الممارسات وهذا الدور، مشيرًا إلى أن الحراك تلاشى وتريد حماس توضيح أن ما كشفت عنه هو إفشال لمخطط كانت تقوده الأجهزة الأمنية في الضفة باستغلالها التحركات العفوية من بعض الشبان الطامحين بتحسين الأوضاع في القطاع.

لفت إياد القرا  إلى أن الهدف من هذا التدخل من أجهزة السلطة هو حرف الأنظار ونقلها من الحدود الشرقية لقطاع غزة إلى المواطنين والسكان في الداخل

ويتابع حديثه “حماس نجحت بكشفها لهذا المخطط في إفشال الحراك الذي كان يراد منه إحداث فوضى وتغييرات بالقطاع”، موضحًا أن الأجهزة الأمنية لا تستسلم بسهولة، وواصلت خلال فترات ماضية وتواصل خلال هذه المرحلة إفشال مسعى أجهزة السلطة بتجنيد البعض لإحداث إرباك في قطاع غزة.

ولفت إلى أن الهدف من هذا التدخل من أجهزة السلطة هو حرف الأنظار ونقلها من الحدود الشرقية لقطاع غزة إلى المواطنين والسكان في الداخل، مؤكدًا أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها السلطة هي التي تسببت بتدهور الأوضاع الإنسانية والحياتية في القطاع.

وعن دلالات استمرار السلطة في تضييقها على القطاع، أشار المحلل السياسي إلى أن ما هو واضح أن هناك تيارًا واضحًا في السلطة مدعوم إقليميًّا من “إسرائيل” وبعض الأطراف الدولية نحو إبقاء الأزمات لحركة حماس، واستغلال أي شكل من أشكال التوتر لإشغالها عن مخططها القائم بشكل أساس على مقاومة “إسرائيل”، وأوضح أن من بين الدلالات التي كانت ستطبق حال نجح الحراك، أنه كان سيريح “إسرائيل” من تنفيذ تفاهمات مسيرات العودة التي يتم الاتفاق عليها.

وردًا على حراك “بدنا نعيش”، جابت شوارع قطاع غزة مسيرات حاشدة، دعمًا للمقاومة ورفضًا للعقوبات التي تفرضها السلطة التي أدت إلى مفاقمة الأوضاع الاقتصادية في القطاع، ورفع المشاركون لافتات تندد بقطع السلطة لرواتب الموظفين ومخصصات الشهداء والأسرى، محملين الرئيس عباس مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية في القطاع.

تحاول حركة فتح وبأقصى ما لديها من إمكانات وتحركات الزج بقطاع غزة في بحر من الفوضى، ليتسنى لها تنفيذ ما عجزت عنه “إسرائيل” وأجهزة مخابرات عالمية بالقضاء على المقاومة

كما ردّد المشاركون هتافات غاضبة، طالبوا خلالها برفع العقوبات عن غزة، معتبرين أنها تتقاطع مع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يزيد على 12 عامًا.

ومنذ أبريل 2017 الماضي تفرض السلطة الفلسطينية في رام الله عقوبات على قطاع غزة تمثلت في خصم رواتب الموظفين، وقطع مخصصات الشهداء والأسرى، إضافة لتقليص الأدوية الواردة لغزة من رام الله، وتقليص حصة غزة من تحويلات علاج المرضى في الخارج، وقبل نحو شهرين، فوجئ آلاف من الموظفين وذوي الشهداء والجرحى والأسرى في قطاع غزة بقطع السلطة رواتبهم دون سابق إنذار أو مبرر، الأمر الذي استهجنته الفصائل والفعاليات الشعبية.

وتحاول حركة فتح وبأقصى ما لديها من إمكانات وتحركات الزج بقطاع غزة في بحر من الفوضى، ليتسنى لها تنفيذ ما عجزت عنه “إسرائيل” وأجهزة مخابرات عالمية بالقضاء على المقاومة، ولكن مع هذا التطور يبقى السؤال الأبرز: هل سينجح المخطط؟ ومن المستفيد من سقوط حماس والمقاومة في غزة؟ وهذا ما ستكشف إجابته الساعات القليلة المقبلة.