في أجواء تملأها الحماسة ويسودها تفاؤل بسرعة القضاء على ميليشيات الحوثي وتمكين الحكومة الشرعية ومساعدة اليمنيين على الصعود من أزمتهم المعَّقدة، انطلقت عملية “عاصفة الحزم” في مثل هذا اليوم، 25 من مارس/آذار 2015، واستمرت تحت اسم “إعادة الأمل” بقيادة السعودية والإمارات.
4 سنوات مرت ولم يتغير ميزان المعركة ولم يتحقق الهدف المعلن من العملية، المتمثل في إنهاء انقلاب جماعة الحوثي وإعادة الشرعية إلى السلطة في البلاد، فأصبح السؤال المهم بعد هذه السنوات: أي حصيلة لعملية التحالف العربي في اليمن؟ وهل كان هدف “العاصفة” فعلاً إعادة الشرعية في اليمن أم العصف بها؟ وهل أصبح اليمن لليمنيين أم أنه يتجه أكثر نحو أيدٍ خارجية؟
انكشف الحزم وخاب الأمل
لم يتوقع أسوأ المتشائين أن تتعثر طوال تلك السنوات تلك المهمة التي كان يُفترض أنها ميسورة، حتى الرئيس اليمني الذي دعا حلفائه حينها للتدخل قال مؤخرًا إنه لم يكن يتوقع أن يطول الأمر إلى هذا الحد.
لا يكاد يمر يوم دون أن تكشف أبعاد مريرة من التدخل الإماراتي في اليمن
مع طول أمد الحرب أخذت بعض الممارسات العسكرية للسعودية والإمارات على أرض اليمن تُظهر تناقضًا بين ما هو معلن وما يحدث، وبدا خطاب إعادة الشرعية كما لو أنه ورقة لتمرير أهداف أخرى، جعلت العملية في نظر الكثيرين واحدة من أغرب العمليات العسكرية.
جاءت عاصفة الحزم ومن بعدها إعادة الأمل لنجدة الشرعية وبطلب منها، لكنها لم تسمح لها بممارسة سلطاتها في الأراضي التي حُررت من قبضة الحوثيين، وهي التي جاءت لدعم الجيش اليمني لكنها شكَّلت ميليشيات لا تخضع لإدارة هذا الجيش ولا تواليه.
كانت اللافتة المرفوعة هي الحد من نفوذ إيران في المنطقة، لكن بينما كانت الوقائع على الأرض تُكسب هذا النفوذ حضورًا لم يكن في الحسبان، تعاظم التهديد أكثر من ذي قبل في ظل تجاهله بين ثنايا “لعبة المصالح” فوق جثث اليمنيين.
ومن مفارقات عملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل أن الرئيس اليمين عبدربه منصور هادي طلب تدخل السعودية وحدها وليس غيرها، لكنه وجد نفسه لاحقًا أمام تحالف لم يشارك في إنشائه ودولة تتصدر المشهد هي الإمارات، دون أن يكون قد طلب مشاركتها، ثم أمام حالة صمت يعجز فيها عن كشف الحقائق لشعبه.
الرجل الذي كان يواجه انقلابًا واحدًا قبل 4 سنوات صار اليوم أمام انقلابات كثيرة لا قِبَل له بها، خاصة مع تناسل الجماعات المسلحة الخارجة عن سيطرة الشرعية، حتى لا يكاد يمر يوم دون تُكشف أبعاد مريرة من التدخل الإماراتي في اليمن، فالدولة الشقيقة تسترت قبل 4 سنوات عجاف برداء التحالف مع الرياض ودول أخرى لاستعادة الشرعية المنقلب عليها من الحوثيين.
اليمن في زمن الكوليرا.. من سيء إلى أسوأ
مرت 4 سنوات ولم يتحقق أي من تلك الأهداف، فما زال الحوثيون يسيطرون على صنعاء، ولم تعد تستبعد الرياض وأبو ظبي أن يكون لهما دور في العملية السياسية، أمَّا الرئيس هادي فما زال أكثر بعدًا حتى عن العاصمة المؤقتة عدن قياسًا بفترة بقائه الطويلة في الرياض، أما الأزمة فلم تصبح أقل تعقيدًا، وباتت خيارات السعودية في التعامل معها “من سيء إلى أسوأ”، كما قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
خلقت العملية العسكرية في نظر مراقبين واقعًا جديدًا يضفي على الأجندات سعودية والإماراتية طابع الاستمرار دون أفق للحل أو الحسم
ورغم المشاورات السياسية أكثر من مرة برعاية من الأمم المتحدة لاحتواء تداعياتها أفرزت الحرب أيضًا أوضاعًا صعبة للمدنيين، وخلقت العملية العسكرية في نظر مراقبين واقعًا جديدًا يضفي على الأجندات سعودية وإلإماراتية طابع الاستمرار دون أفق للحل أو الحسم، ودون أي اعتبار لسيادة اليمن وحتى القوانين والأعراف الدولية، وصعُب التفريق بين ما يفعله الحوثيون وما تفعله الرياض وأبو ظبي من حيث استهداف الشرعية.
خلال العام الأخير تحديدًا، قدَّمت منظمة العفو الدولية “أمنستي” صورة مفزعة بالغة القتامة وتكاد لا تصدق عن أحوال اليمنيين، لا عمن أصبحوا جثثًا ولا عمن تكتظ بهم مستشفيات البلاد، بل عمَّا يحدث في الحديدة تحديدًا حيث كبرى موانئ البلاد والكثافة السكانية الأعلى بعد العاصمة.
احصاءات الضحايا المدنيين نتيجة الغارات التي تشنها قوات التحالف خلال 1400 يوم – المصدر: المركز القانوني للحقوق والتنمية
وبحسب تقرير المنظمة، شهدت مناطق الساحل الغربي لليمن حالة نزوح غير مسبوقة، فنحو مئة ألف نزحوا من المناطق القريبة لساحات القتال وخصوصًا من مناطق زبيد والجراحي وحيس وسواها، وثمة روايات مأساوية لرحلة الهروب إلى عدن لأطفال وأمهات أُجهدن في الطريق ولعائلات تضطر لبيع كل ممتلكاتها لتأمين مصاريف رحلة الفرار، فالقصف وفقًا للمنظمة أعمى ومن ينجو منه قد يتعرض للموت جراء الألغام أو الغارات الجوية.
وفق إحصائية نشرها المركز القانوني للحقوق والتنمية، بعد مرور 1400 يوم على بدء غارات التحالف، ذكرت أن أكثر من 15 ألف من المدنيين قُتلوا بطائرات التحالف، بينهم 3 آلاف ونصف طفل، وأكثر من ألفي امرأة، كما أُصيب ما لا يقل عن 23 ألف مدني، وأشار التقرير أنّ عشرات الآلاف ما زالوا إلى اليوم يعانون من قلة الأدوية والمستلزمات الطبية والعلاج النوعي، بسبب الحصار المضروب من طرف قوى العدوان، في ظل صمت مريب لمنظمات الطفولة وحقوق الإنسان.
بحسب منظمة “أوكسفام” الدولية الإنسانية فإن وباء الكوليرا “يقتل شخصًا واحدًا تقريبًا كل ساعة، وإنه سيهدد حياة آلاف الأشخاص”
كما قدَّر المركز وفاة ما لا يقل عن 160 ألف مواطن يمني، من الأطفال والمرضى والجرحى، وأصحاب الأمراض المزمنة بالقتل البطيء الصامت، جراء الحصار المفروض على اليمن، الذي نتج عنه انعدام المستلزمات الأساسية والأدوية والخدمات الطبية.
وكنتيجة أخرى للحصار المفروض على اليمن برًا وبحرًا وجوًا، أحصى المركز القانوني للحقوق والتنمية وفاة ما يقارب 2200 يمني، بالإصابة بمرض الكوليرا الذي اجتاح البلاد منذ بداية العام الحاليّ، وتتسع دائرة انتشاره وسط توقعات بوصول عدد المصابين إلى 150 ألف حالة وفق تقارير إنسانية دولية، وبحسب منظمة “أوكسفام” الدولية الإنسانية فإن وباء الكوليرا “يقتل شخصًا واحدًا تقريبًا كل ساعة، ويهدد حياة آلاف الأشخاص”.
ما أسوأها حصيلة تلك التي انتهت إليها 4 أعوام من حملة التحالف العربي في اليمن، فضرباته الجوية التي لم تسلم منها حتى قيادات المقاومة مضت تحصد أرواح المدنيين ما يفوق قتلاها من الحوثيين بكثير، ومن لم يمت بغارات التحالف مات بالمرض.
لعبة مصالح
من المسائل التي تحيِّر اليمنيين أكثر عدم تمكين شرعيتهم من إدارة الأماكن المستردة من قبضة الحوثيين، فالرئيس اليمني لم يُسمح له بزيارة اليمن منذ فبراير/شباط 2017، وتتآكل سلطة حكومته الشرعية، ويبدو التغول السعودي الإماراتي واضحًا في التدخل بقرارات هادي السيادية في تعيين المسؤولين الحكوميين والعسكريين أو عزلهم، والسعي لتمكين قادة وقوى تناهض الشرعية وتخضع لأجندات البلدين.
كشفت منظمة العفو الدولية في تحقيق نشرته الشهر الماضي كيف أصبحت الإمارات قناة رئيسية لتسليح المليشيات بمجموعة من الأسلحة المتطورة
لا تبدو تلك أولوية التحالف المنشغل فيه الإمارات برعاية سعودية كما يبدو بالسيطرة على موانئ اليمن (الحديدة وعدن) وجُزره (ميون وسقطرى) وسواحله (ذباب والمخا)، فتعمل على تعطيلها لصالح مينائها “جبل علي”، وتبني قواعد عسكرية في سقطرى والمخا، وتمنع اليمنيين من الصيد في مياههم الإقليمية وتتيح ثروتهم السمكية لشركات صيد كبرى تنقلها إلى الإمارات.
لكن ذلك لا يشغل أبو ظبي عن محاولة استيلاد شرعيات بديلة للرئيس هادي في الجنوب اليمني، ولا يُقعدها عن إدارة سجون سرية ودعم ميلشيات محلية بين أحزمة ونخب حتى تهيمن على المشهد الهش أمنيًا في الأساس، حيث قامت الإمارات بتدريب وتمويل المليشيات بصورة مباشرة، ومن بينها قوات “الحزام الأمني” و”قوات النخبة”، التي تدير شبكة غامضة من السجون السرية المعروفة باسم “المواقع السوداء”.
لا بأس أيضًا بتشجيع قوى انفصالية للانقلاب على الأجهزة الشرعية في عاصمتها المؤقتة بموازة تكريسها سلطة منفى لا أكثر، فقد كشفت منظمة العفو الدولية في تحقيق نشرته الشهر الماضي كيف أصبحت الإمارات قناة رئيسية لتسليح المليشيات بمجموعة من الأسلحة المتطورة وتوريد المركبات المدرعة وأنظمة الهاون والبنادق والمسدسات والرشاشات التي يتم تحويلها بطريقة غير مشروعة إلى الميليشيات غير الخاضعة للمساءلة، والمتهمة بارتكاب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة.
زيارة وزيرة الدولة لشؤون التعاون الإماراتي ريم الهاشمي لميناء عدن
تُمنع الحكومة اليمنية كذلك من إعادة تصدير النفط أو الغاز لتوفير إيرادات تعينها على دفع رواتب الموظفين، كما بدأت الإمارات عمليًا سرقة الموارد النفطية اليمنية، من خلال شركة نمساوية تستحوذ أبو ظبي على جزء من رأسمالها عبر أذرع متعدّدة، وتحجب عن البنوك اليمنية السيولة النقدية الحيوية وتُتهم بالوقوف وراء انهيار العملة اليمنية، حتى تهتز صورة الحكومة الشرعية وتبدو عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها لدى اليمنيين.
يبدو من ذلك ما هو أكثر من مناصبة الشرعية العداء، إنه تفتيت للدولة، استدعى في نهاية المطاف تنديد وزراء في الحكومة اليمينة واحتجاجهم على تقويض شرعية الرئيس هادي وانحراف التحالف عن أهدافه، وهو ما أشارت إليه رسالة الحكومة اليمنية إلى مجلس الأمن بشأن تقرير فريق الخبراء الدوليين بشأن اليمن.
ثمة من يأمل في أن يدفع الأمر بالرياض قائد التحالف العربي إلى إعداد جردة حساب لأعوامها الأربعة في اليمن، التي كانت أعوامًا من الدم والدمار والبؤس، وبشَّر ولي العهد قبل عامين تقريبًا بقرب انتهائها، لأن حربه كما بدت له حينذاك استوفت أهدافها، لكن رحلة واشنطن فتحت عينيه على خيارين لا ثالث لهما في اليمن، وهما “السيء والأكثر سوءًا”.
من مهاجم إلى مدافع.. هذا ما جناه التحالف
لم تتمكن حملة التحالف من ردع ميليشيا الانقلاب ولم تحِّيد قدراتها العسكرية ولم تحقق هدف منع أذاها عن دول الجوار، فصواريخ الحوثيين الباليسية صارت تهدد عمق السعودية وليس فقط حدها الجنوبي، بل إنهم يهددون بضرب مطارات السعودية والإمارات وموانئهما، وسبق أن فعلوها باستهداف بلدات سعودية حدودية والرياض بصواريخ باليستية، إضافة إلى تبني هجمات بطائرات مسيرة على مطاري أبو ظبي ودبي، وذلك ردًا على تشديد الحصار على اليمن.
ذلك الحصار لا يعيق فحسب تحرير تعز التي لا يختلف حالها كثيرًا عن حال أخواتها في اليمن، وإنما يفاقم أزمة إنسانية كبرى تتسع رقعتها منذ دخل التحالف العربي خط النزاع اليمني، فملايين ممن سلموا من القتل بأدوات الحرب يحاصرهم الجوع وأمراض نسيها العالم، حتى تسببت “بأسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ قرن من الزمن”، حسب الأمم المتحدة.
اللافت أن الإمارات خلال هذه الفترة بنت تشكيلات عسكرية عدة في الجنوب مناهضة لهادي وحكومته، أي أن أبو ظبي عمليًا تصرفت ضد أهداف التحالف المعلنة
لكن اليمنيين لم يخسروا وحدهم في هذه المعركة، فقد جنى قطبا التحالف على نفسهما بسبب حسابات غير دقيقة بشأن العدو والحلفاء، وبعد 4 أعوام من حرب كان يُفترض أنهما سيُعيدا الحكومة الشرعية إلى صنعاء، ويُنهيا الانقلاب، لكن يبدو أن واقع الأمر انقلاب آخر وحدود غير آمنة، وتشهد الوقائع أن جازان وعسير ونجران ولأكثر من مرة كانت هدفًا لصواريخ ميليشيا الحوثي وقذائفها، وشهدت أكثر من محاولة لاقتحامها.
أين يكمن الخلل في حرب موازين القوى فيها غير متكافئة؟ اعتمد الحوثيون وقوات صالح على أسلوب قصف الحدود السعودية كلما أرادوا تمرير رسالة للتحالف الذي يبدو أن أجندة أطرافه ليست واحدة، وكثيرًا ما يتكرر خبر اعتراض القوات السعودية صواريخ الحوثيين باتجاه ينبع والطائف بل وحتى الرياض قبيل زيارة ترامب للمنطقة في مايو الماضي.
تكرر وسائل إعلام الحوثيين نشر أخبار مفادها أنها أصابت أهدافها داخل تراب المملكة، وفي ظل تضارب الأنباء لا يُعرف من يصدق القول، غير أن المؤكد هو وصول أكثر من صاروخ بالستي سماء السعودية منذ بداية الحرب في ربيع عام 2015، كما يُجهل ما إن كانت تلك الصواريخ فعلاً من طراز “سكود” الموجودة في مخازن الجيش اليمني أم إن ميليشيا الحوثي حصلت على صواريخ إيرانية الصنع.
ترفض الرياض الكشف عن أرقام دقيقة لعدد القتلى في صفوف قواتها منذ بداية الحرب التي تستنزف جميع الأطراف، لكن إحصاءات سعودية رسمية تقول إن قتلى الجيش السعودي في مواجهات الحد الجنوبي زادوا على 40 منذ مايو الماضي، في حين تقول مصادر إن عدد القتلى 4 أضعاف الرقم المعلن.
لم يتوقع المسؤولون العسكريون والسياسيون بالسعودية أن يتحول التدخل إلى ورطة كبرى تكلفهم الكثير على الصعيد العسكري والاقتصادي، واستنزاف مستمر، لا سيما مع إصرار الحوثيين على إثبات طول نفسهم، وتؤكد معظم الأرقام والتقديرات الانعكاسات السلبية الكبيرة للحرب – التي تدخل عامها الخامس دون أفق واضح للحسم العسكري – على الاقتصاد السعودي، وبالتالي على الوضع الاجتماعي والسياسي.
أمَّا الإمارات ففقدت دورها الريادي بتدخلها في الشؤون الإقليمية عبر الحوار، وخلق تدخلها في اليمن بتلك الطريقة الأعداء والخصوم ليس في اليمن فقط بل وفي بقية دول المنطقة، كما خسرت الإمارات في تدخلاتها العسكرية خارج حدودها منذ عام 2015 قرابة 111 فردًا من قواتها العسكرية أغلبهم في اليمن، وفقًا لورقة بحثية أصدرها مركز “إيماسك” للدراسات منتصف العام الماضي.
حماسة الرياض تصطدم كل يوم بحقيقة أن هناك فرقًا بين ما خططت له وما هو على أرض الواقع
ومنذ انضمامها إلى التحالف العسكري في اليمن، تنفق الإمارات قرابة 1.3 مليار دولار على تدخلها في اليمن شهريًا (16 مليار دولار سنويًا)، بهدف معلن تمثل في استعادة شرعية هادي من يد الحوثيين، لكن اللافت أن الإمارات خلال هذه الفترة بنت تشكيلات عسكرية عدة في الجنوب مناهضة لهادي وحكومته، أي أن أبو ظبي عمليًا تصرفت ضد أهداف التحالف المعلنة.
حسابات بداية الحرب لم تكن دقيقة، فحماسة الرياض تصطدم كل يوم بحقيقة أن هناك فرقًا بين ما خططت له وما هو على أرض الواقع، فالحوثيون ومن معهم يضغطون على المملكة باستهداف الحدود وإعلان هجمات يسمونها “مرحلة ما بعد الرياض”، والهدف من الضغط رسائل سياسية تنفع يوم يقرر الجميع التفاوض.
لكن التفاوض على ماذا بالضبط؟ تلك مسألة حُبلى بالمفاجآت، فحليفة السعودية (دولة الإمارات) مهتمة بالممرات البحرية مثل مضيق باب المندب وميناء المخا وبعض الجزر الإستراتيجية مهما كان الثمن، من الحرب لم يجن اليمنيون سوى الكوليرا والمجاعة وبوادر التقسيم.
سنوات عجاف إذًا مرت على اليمن منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وانطلاق حرب السعودية والإمارات دون وقفة تقويم أو مراجعة، غير أن أكثر الطموحات حضورًا اليوم في الشارع اليمني تتجلى في إيجاد صيغة تمنح اليمين قراره المستقل القادر على إنهاء كل أشكال الانقلابات وصنوف التبعية للخارج سواء كانت للسعودية والإمارات أم لإيران.