ترجمة وتحرير نون بوست
بدأ عدد من الرسامين السياسيين الرواد حول العالم في تكثيف جهودهم لإنتاج أعمال فنية في الشوارع؛ احتجاجًا على الجرائم التي ارتكبها الرئيس المصري المقبل “عبدالفتاح السيسي”.
فقد بدأ عدد من رسامي الجرافيتي الدوليين والأكثر شهرة مثل (جنزير، سامبسا، كابتن بوردرلاين، والرسامة مولي كرابابل) في خلق تصاميم تحمل شعار “جرائم حرب السيسي” في العديد من المدن في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة وشمال أفريقيا.
يقول الفنانون إن مبادرتهم تهدف لتشجيع الانتقادات الدولية ضد سلوك السيسي العنيف في التعامل مع معارضيه، فبعد إزالة الرئيس محمد مرسي في يوليو الماضي بانقلاب عسكري، قاد قائد الجيش السابق حملة قمعية شديدة الشراسة، لم يقف ضدها زعماء العالم.
“محمد فهمي” والشهير بجنزير، هو أحد الفنانين المصريين الذين برزوا على الساحة العالمية بعد ثورة يناير 2011، يقول إنه “يأمل في أن تغير هذه الأعمال الفنية من السردية السائدة حول السيسي”، وأضاف “يبدو أن السيسي استطاع أن يخدع المجتمع الدولي بسهولة حين أخبرهم أن غالبية المصريين يقفون بجانبه، كل الصور التي انتشرت في وسائل الإعلام كانت لمؤيدي السيسي، مع القليل من الأخبار من جانب المعارضة، إلا إذا كانت معارضة الإخوان المسلمين، لكن هناك معارضة ضخمة للسيسي، ليست جزءًا من جماعة الإخوان”.
أما أنصار السيسي فهم يخالفون تلك الحقيقة إذ يعتقدون أن السياسيين والصحفيين الأجانب وقفوا بجانب الإخوان المسلمين ضد الحكومة التي عينها السيسي بعد الانقلاب العسكري في أوائل الصيف الماضي.
جنزير وزملاؤه يشعرون أن المجتمع الدولي لم يقم بما يجب لإبعاد السيسي، كما أنهم يبدون متصالحين تمامًا مع فكرة انتخابه رئيسًا في الانتخابات التي ستجري نهاية الشهر الحالي.
أما من خارج مصر، فالفنان الفنلندي “سامبسا” كان هو أول رسام جرافيتي يرسم عملاً مناهضًا للسيسي خارج مصر. الرسام الذي اشتهر بدعمه تفعيل قوانين ملكية فكرية أكثر عدلاً لصالح المؤلفين، رسم صورًا تشير إلى القتلى المصريين على أرصفة باريس ومباني نيويورك. الفنان الفرنسي “لافاليت”، والخطاط التونسي “السيد”، وغيرهم يخططون لأعمال مشابهة، ومجموعة كابتن “بوردرلاين”، المؤسسة لأكبر مهرجات لفنون الشارع في أوروبا يخططون للتعاون مع جنزير لرسم لوحة جدارية كبيرة في ميونخ.
جرافيتي في باريس
الرسامة “مولي كرابآبل” في نيويورك سترسم كذلك عملاً يُظهر المحتجزين المصريين داخل جلسات المحاكمة وتقول “أنا مشمئزة من الطريقة التي سُرقت بها الثورة المصرية بواسطة ديكتاتورية عسكرية قاتلة أسوأ بمراحل من نظام مبارك”.
جنزير وزملاؤه المصريين “زفت” و”عمار أبو بكر” يعملون لإنشاء أعمال مكافحة للديكتاتورية في شوارع القاهرة، رغم أن العمل في السياق الحالي يزداد خطرًا بشكل كبير.
سامبسا يقول مشيرًا إلى رسامي الجرافيتي المصريين “هؤلاء هم رواد الفن السياسي المعاصر”، ويتابع “إن نجوم هذا الفن خارج مصر لا يلتفتون لإجراء تغيير حقيقي في الواقع، لكن الرجال في مصر يرسمون كنوع من النشاط السياسي”.
سابقًا كانت شوارع مصر خالية من التعبير الفني، لكن بعد إزالة مبارك في فبراير عام 2011، صُور الجرافيتي على أنه رمزًا لمكتسبات الثورة، لكن رسم الجرافيتي لم يكن سهلاً أبدًا بعد ذلك، فعادة ما تمسح السلطات كل الجداريات التي تُرسم، جنزير يقول إن “الأمر الآن صار أصعب من أي وقت مضى، فأعداد الشرطة زادت في الميادين العامة، وقانون التظاهر الجديد بالتوازي مع المجتمع الأكثر عدوانية جعل الفنانين أكثر حذرًا”.
#انتخبوا_العرص – عمل لعمار أبوبكر
وعلى غرار العديد من زملائه، عمل جنزير لفترة طويلة ضد الإخوان المسلمين، لكنه الآن يخشى من اعتباره عضوًا في الإخوان!، “في هذه اللحظة، يعتبر الناس أي معارض من الإخوان، ومن السهولة بمكان أن يهاجموك ما لم تقنعهم بأنك ترسم شيئًا مؤيدًا للعسكر، لذلك من الصعب للغاية رسم شيء جيد للمعارضة، إذ أنك بحاجة للإنهاء سريعًا”.
ولحماية أنفسهم، يقنع جنزير ورفاقه المارة من مؤيدي العسكر أنهم يرسمون شيئًا مؤيدًا لهم، لكنهم ابتكروا تقنية من خلالها يمكنهم إضافة تفاصيل صغيرة في نهاية الجداريات تحول المشهد تمامًا. مثلا، كان يرسم عددًا من الجماجم بجوار جندي، وأقنع المارة أن هؤلاء هم المصريين الأبرياء، لكن قبل أن يرحل، أضاف دمًا على فم الجندي، وكتب: “الجيش فوق الجميع”، حينها أخذت الصورة معنى أكثر خبثًا.
ومنذ أن خلع السيسي، مرسي في يوليو تموز الماضي، بعد أيام من التظاهرات الحاشدة، تم القبض على ما لا يقل عن 16000 من المعارضة المصرية، وقتل الآلاف خلال احتجاجات مناهضة للانقلاب. الحملة التي بدأت ضد الإسلاميين من أنصار مرسي، اتسعت لتشمل النشطاء الليبراليين والعلمانيين.
الحكومة وقطاع كبير من المصريين يلقون باللائمة في العنف على الإخوان المسلمين، ويقولون إن الشرطة القوية ضرورية لقمع “الإرهاب”. هناك أصوات أيضًا تقول إن البلاد في طريقها نحو الديمقراطية، “نبيل فهمي” وزير الخارجية المصري، أخبر الغارديان “إذا لم تفعل الصواب، ستتعرض للمساءلة، وهذا ليس استبدادًا على الإطلاق”.