ترجمة نهى خالد
السكك الحديدية الأفريقية
في أول زيارة أفريقية له هذا الأسبوع، أكّد رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ مجددًا على أهمية السكك الحديدية السريعة لدبلوماسية بكين. من أمريكا إلى آسيا وأوروبا إلى أفريقيا، يقدّم القادة الصينيون التكنولوجيا والتمويل والإدارة لتشييد شبكات سكك حديدية عالية السرعة. في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، محطة كه تشيانغ الأولى في جولته التي شملت أربع دول في “قارة الأمل” كما يسمّيها، أوضح كه تشيانغ خطته لتوصيل المدن الأفريقية الكبرى عبر شبكة سكك حديدية عالية السرعة. المشروع يقع في قلب رؤيته لشراكة صينية أفريقية حددها في كلمته للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا.
لم يكن كلام كه تشيانغ عن “الحلم الصيني” لسكة حديدية على مستوى القارة الأفريقية كلامًا معسولًا. بل كان تجليًا لشغف الصين الدائم بالسكك الحديدية. فأول مؤسس للجمهورية في الصين، سون يات سَن، كان يؤمن بأن السكك الحديدية هي السبيل الأساسي لتحديث وتوحيد الصين. استراتيجية سون للسكك الحديدية لم تكن مقتصرة على الصين؛ إذا رأى توسيعها لتشمل سكك حديدية إلى الهند، والشرق الأوسط، وأفريقيا.
الشيوعيون الذين خلفوا سون استمروا كذلك في هذا الحلم. فرحلة كه تشيانغ إلى أفريقيا تأتي بعد خمسين عامًا من رحلة سلفه شو إنلاي، والذي قام بجولة كُبرى من ديسمبر 1963 إلى يناير 1964 زار فيها عشر دول. تابعت الصين رؤيتها بالقيام بأكبر مشروعات بنية تحتية خارج حدودها، ففي الفترة بين عامي 1970 و1975، أنفقت الصين 500 مليون دولار، ووظّفت 50 ألف مهندس وفنيّ صيني، لتشييد سكة حديد “تان-زام” – طولها 1800 كم – بين المناطق الغنية بالنحاس في زامبيا والعاصمة التنزانية دار السلام على ساحل المحيط الهندي.
ليست رؤية استعمارية
يعي كه تشيانغ جيدًا أن هناك انتقادات موجهة لرؤية الصين لأفريقيا باعتبارها رؤية “استعمارية”، وأنها تركّز بالأساس على استغلال موارد القارة الطبيعية، وقد نفي تلك التُهمة بقوة في عرضِه لدور الصين في تطوير الاقتصادات الأفريقية ومساهمتها في التنمية الشاملة للقارة. في أديس أبابا، أرسى كه تشيانغ أجندة ذات ستة محاور للشراكة المستقبلية بين الصين وأفريقيا، والتي تشمل دعمًا قويًا لتطوير التصنيع الأفريقي وتنمية بنيتها التحتية. وهو يطمح أيضًا إلى مضاعفة التجارة بين الصين وأفريقيا إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2020.
في مواجهة النقد الموجّه لمشارع بكين، والتي يدَّعي نُقَّادُها أنها لا تخلق فرص عمل محلية، وعد كه تشيانغ بنقل الصناعات كثيفة-القوة-العاملة من الصين إلى القارة، كجزء من استراتيجته لبناء شراكة تجارية واقتصادية طويلة الأمد. بالإضافة إلى ذلك، عرض كه تشيانغ 10 مليارات دولار في صورة قروض، و2مليار أخرى لصندوق التنمية الصيني الأفريقي، وكذلك زيادة برامج مكافحة الفقر، ومنح 10 ملايين دولار لحماية البيئة، وتوفير 18،000 منحة لطلاب أفريقيا، ودعم 30،000 خريج ببرامج التدريب اللازمة.
طريق الحرير البحري
جولة كه تشيانغ الأفريقية تشمل إثيوبيا ونيجيريا وأنغولا وكينيا. في نَيروبي، الأسبوع المقبل، سيشدد كه تشيانغ على أهمية شرق أفريقيا في استراتيجية الصين لبناء طريق الحرير البحري. فمنذ تولى كلٌ منهما لمنصبه، كه تشيانغ والرئيس الصيني شي جينبينغ، وهما يدفعان نحو فكرة طريق حرير وحزام صناعي يربط الصين بأوروآسيا، وطريق حرير بحري يربط بكين الشرقية المطلة على المحيط الهادي مع موانئ جنوب شرق آسيا، والهند، والخليج الفارسي، وشرق أفريقيا.
الصين متواجدة أيضًا في تطوير ممرات النقل، وتحديث الموانئ القديمة، وبناء الجديدة، في أفريقيا. على ساحل المحيط الهندي، تتنافس كلٌ من كينيا وتنزانيا في جذب الاستثمار الصيني في بنيتهما التحتية. في العام الماضي، وقعت الصين اتفاقًا مع تنزانيا لبناء ميناء باجامويو، إلى الشمال من دار السلام، وتشييد الطرق والسكك الحديدية اللازمة لربطه بالداخل، وإنشاء منطقة اقتصادية. الاستثمار الإجمالي في المشروع سيتجاوز 10 مليارات دولار.
تدعم الصين أيضًا مشروعًا كبيرًا كشفت عنه حكومات كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان لتنمية ممر تنمية لابسِت (LAPSSET)، والخطة هي وصل ميناء جديد في لامو في شمال كينيا بجنوب السودان وإثيوبيا المحرومتَين من السواحل البحرية.
المصدر: إنديان إكسبرس