الأسبوع الماضي شاهدتُ في إحدى قاعات السينما فيلمًا حديثًا يحمل اسم “Hotel Mumbai” فندق مومباي، وهو مأخوذ عن قصةٍ حقيقيةٍ لهجومٍ إهابي حدث قبل 10 أعوام في فندق تاج محل بالاس الفاخر في مدينة مومباي الهندية.
الفيلم رغم ما فيه من مآسٍ وأحداث مرعبة يتناول بتفصيلٍ دقيقٍ الثغرات الأمنية الكبيرة التي كانت تعاني منها مومباي المدينة الهندية الشهيرة حيث يسكنها أكثر من 15 مليون نسمة أي أضعاف سكان العاصمة نيودلهي، وتتمثل أبرز الثغرات التي أظهرتها المأساة أن مومباي ليس بها تجهيزات أمنية تمكنها من كشف الاختراق الأمني عن مداخل المدينة، ولا توجد فيها قوات تدخل سريع Rapid deployment force قادرة على التعامل مع الجرائم المركبة، وتضم عددًا من وحدات النخبة العسكرية (مثل العمليات الخاصة وسلاح المظلاّت ومشاة البحرية والاقتحام…).
أوجُه الشبه بين ما يجري في مقديشو وأحداث فيلم “فندق مومباي”، أن السلطات الأمنية في المدينتين ليس لديهما جهاز مخابرات قوي يمكنه التنبؤ بالجريمة قبل وقوعها عن طريق معلومات المصادر واعتراض المحادثات الهاتفية المشبوهة
فعندما وقعت الجريمة الإرهابية التي بدأت بتفجيرات وإطلاق نار عشوائي في محطة القطار، ثم دخل 4 صبية مغرر بهم إلى الفندق الكبير وحاولوا قتل أكبر عدد ممكن من الزوار خاصة الأجانب منهم، لم تكن الشرطة المحلية مدربةَ ومؤهلة على التعامل مع المهاجمين رغم عددهم القليل وحداثة سنهم، فاضطرت الحكومة الهندية إلى إرسال وحدات من قوة التدخل السريع إلى مومباي من العاصمة نيودلهي الأمر الذي استغرق 9 ساعات إذ تبعد المسافة بين المدينتين نحو 1400 كيلومتر، وخلال هذه الفترة الطويلة قَتَل الإرهابيون نحو 100 شخص من طاقم الفندق ونزلائه.
حادثة فندق مومباي أقرب ما تكون إلى حوادث التفجيرات الإرهابية التي يشهدها الصومال خلال الفترة الأخيرة، ففي الأسبوع الماضي فقط شهدت العاصمة الصومالية مقديشو 5 تفجيرات إرهابية أودت بحياة العشرات، وتسببت في نكسة أمنية، وقللت من مستوى الثقة بحكومة الرئيس محمد عبدالله فرماجو ورئيس وزرائه حسن خيري بعد فترة من الاستقرار والتعافي النسبي.
أوجُه الشبه بين ما يجري في مقديشو وأحداث فيلم “فندق مومباي”، أن السلطات الأمنية في المدينتين ليس لديهما جهاز مخابرات قوي يمكنه التنبؤ بالجريمة قبل وقوعها عن طريق معلومات المصادر واعتراض المحادثات الهاتفية المشبوهة، والإجراءات الأمنية الاحتياطية مثل نشر كاميرات المراقبة في كل مكان والتفتيش العشوائي وغير ذلك، فالأفضل دائمًا ألا تنتظر الأجهزة الأمنية حتى وقوع الجريمة ثم تتعامل معها، بل يجب بقدر الإمكان منع وقوعها من الأساس وضبط المشتبه بهم قبل ساعة الصفر، وفي حالة حدث أي خرق تكون وحدات التدخل السريع مستعدة وقادرة على الوصول إلى مكان الحدث بأسرع ما يمكن، بما يقلل عدد الضحايا إلى أقل حد ممكن.
هجوم أكتوبر 2017 الدامي بمقديشو
ذاكرة الصوماليين لن تنسى الهجوم الدامي الذي شهدته العاصمة مقديشو يوم 14 من أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، عندما انفجرت شاحنة مفخخة في تقاطع “زومبي”، وهو في حالة ازدحام بالسيارات والمارة، لم يكن الانفجار كباقي الانفجارات التي اعتادتها مدينة مقديشو في الأعوام العادية لقد كان واحدًا من أكثر الحوادث الإرهابية فتكًا، منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
أودى التفجير بحياة أكثر من 200 شخص فورًا، وارتفع العدد لاحقًا إلى ألف شخص، وخلّف مئات الجرحى، وعلى الفور تبنّت “حركة الشباب المجاهدين” التفجير الانتحاري، وهي حركة معروفة بتدبير تفجيرات من هذا النوع، ولا توجد لها أهداف محددّة غير إرهاب المدنيين فتستهدف الأسواق والمطاعم والفنادق والقواعد العسكرية، وكانت هجماتها الإرهابية تتم بصورة متقطعة وبطريقتين: تفجير سيارات مفخخة أو إطلاق نار عشوائي أو الاثنين معًا، لكنها تكثفت في العام الماضي لتصل بها الجرأة إلى مهاجمة مباني وزارة الداخلية مما يشير إلى وجود خلل واضح وثغرات أمنية كبيرة، كما هاجمت عناصر الحركة الإرهابية الأسبوع الماضي مقر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، الأمر الذي أدى إلى مقتل نائب وزير العمل عضو مجلس الشعب صقر إبراهيم عبد الله.
ما هي حركة الشباب التي تنفذ الهجمات الإرهابية؟
حركة الشباب الإسلامية أو الشباب المجاهدين حركة سلفية صومالية ظهرت في 2006 كذراعٍ عسكري لاتحاد المحاكم الإسلامية التي كانت تسيطر على مقديشو وتهدف إلى فرض الشريعة الإسلامية، وساهمت الحركة في مساندة المحاكم خلال معاركها ضد القوات الحكومية المدعومة بقوات إثيوبية اضطرت إلى الانسحاب نهاية 2008، تاركة الساحة لقوات الاتحاد الإفريقي (أميصوم) التي تمركزت على الخطوط الأمامية في الحرب ضد الإسلاميين.
وحركة الشباب ذات “توجه إسلامي سلفي” هدفها المعلن إقامة دولة على أسس الشريعة، ارتبطت بتنظيم القاعدة من خلال وساطة بعض مسؤولي خلايا التنظيم الدولي في شرق إفريقيا، واستمرت الصلة بين الشباب والقاعدة إلى العام 2009 حين أعلنت الحركة الصومالية الولاء للقاعدة بشكل نهائي.
في أيلول/سبتمبر 2014، بات أحمد عمر أبوعبيدة على رأس “حركة الشباب الإسلامية” بعد تأكد مقتل زعيمها السابق أحمد عبدي “غودان” الذي لقي مصرعه في ضربة جوية أمريكية، وفي نفس السنة، جدد “الشباب” ولاءهم لأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة.
سيطرت الشباب الإسلامية في فترة سابقة على معظم أراضي العاصمة مقديشو، وكادت تقضي على الحكومة الصومالية السابقة برئاسة شيخ شريف أحمد المدعومة غربيًا وإفريقيًا، لولا نجاح القوات الحكومية تساندها قوات الاتحاد الإفريقي في طرد عناصر الحركة إلى خارج مقديشو في العام 2011
وتضم الحركة الصومالية بين صفوفها ما بين خمسة إلى تسعة آلاف مقاتل بحسب مصادر لوموند، بينهم صوماليون ومقاتلون أجانب أغلبهم قدموا من دول عربية إضافة إلى باكستان، وعددهم نحو 800 مقاتل، ويُعتقد أن المنتمين إلى الحركة تلقوا تدريبات في إريتريا حيث أقاموا هناك عدة أسابيع في دورة اكتسبوا خلالها مهارات حرب العصابات واستخدام القنابل والمتفجرات.
سيطرت الشباب الإسلامية في فترة سابقة على معظم أراضي العاصمة مقديشو، وكادت تقضي على الحكومة الصومالية السابقة برئاسة شيخ شريف أحمد المدعومة غربيًا وإفريقيًا، لولا نجاح القوات الحكومية تساندها قوات الاتحاد الإفريقي في طرد عناصر الحركة إلى خارج مقديشو في العام 2011، ثم حدثت خلافات بين زعيم الشباب السابق أحمد عبدي غوني والمتحدث السابق باسم الحركة مختار علي روبو أبو منصور الذي انسحب بمعظم قواته وانعزل عن الحركة ليعمل بشكل مستقل، وهو أكثر اعتدالًا من القادة الآخرين، حيث نجحت حكومة الرئيس فرماجو العام الماضي في التوصل إلى تسوية دولية رفعت اسمه من قوائم الإرهاب.
لاحقًا، حاول روبو الترشح لانتخابات ولاية جنوب غرب الصومال، لكن سلطات مقديشو احتجزته منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي حيث اتهمته بالتملص من الاتفاقية التي أبرمها مع الحكومة عند انشقاقه عن حركة الشباب العام الماضي، التي نصّت على نبذه الفكر المتطرف والتنديد به وعدم القيام بما يضر بالنظام، وأثار خبر ترشح روبو جدلًا كثيفًا إذ قيل كيف لشخصٍ كان متطرفًا إلى وقتٍ قريبٍ يصف منافسيه والحكومة المركزية بأنهم “مرتدين” أن يترشح لرئاسة حكومة الإقليم؟ إلا أن اللجنة المنظمة لتلك الانتخابات أكدت أنه لا يوجد مسوغ قانوني يمنعه من المشاركة ومنحته أوراق الترشح، قبل أن تحتجزه السلطات الأمنية ويقال إنها توشك على إطلاق سراحه قريبًا.
قصة مختار علي روبو أبو منصور مثال يؤكد صعوبة إدماج مقاتلي حركة الشباب في المجتمع الصومالي، حتى إن تخلوا عن أفكارهم، فحالة عدم الثقة لا تساعد على بناء علاقة إستراتيجية، وهذه واحدة من الصعوبات التي تواجه الحكومة الفيدرالية وحكومات الأقاليم.
أماكن نفوذ الشباب حاليًّا
بعد طردها من العاصمة مقديشو، انتقلت حركة الشباب على مدى السنوات الماضية إلى عدة مناطق في جنوب ووسط الصومال، وحاول مقاتلوها الاندماج مع السكان المحليين لتسهيل حرية الحركة ولتفادي استهدافهم من القوات الحكومية وقوات الاتحاد الإفريقي (أميصوم) والقوات الأمريكية، كما تسلّلوا إلى قوات الأمن الصومالية، وزادت وتيرة الهجمات على أفراد القوات الأمن الصومالية، وبعثة الاتحاد الإفريقي (أميصوم).
ورغم تمكن الحكومة الصومالية من السيطرة على المدن الرئيسية مثل كسمايو ومركا وبراوة وجوهر وبلدوين وبيدوا، فإن حركة الشباب ما زالت تسيطر على مناطق شاسعة في وسط وجنوب البلاد منها إقليم جوبا الوسطى الذي تديره الحركة بشكل كامل مما يشكل تحديًا على تنقل القوات الحكومية والإفريقية بين المناطق الخاضعة لسيطرتها.
العمليات المشتركة حققت بعض النجاحات النسبية، لكنها ليست كافية لقلب الموازين الإستراتيجية للحركة أو منعها من التأثير في مناطق سيطرتها أو حتى في مقديشو التي برهنت الأحداث والتفجيرات الأخيرة أن الحركة ما زالت قادرة على العمل فيها
صحيح أن القوات الأمريكية توجه ضربات شبه يومية لحركة الشباب، وذلك انطلاقًا من إستراتيجية أمريكية جديدة في مواجهة الحركة، حيث تكثّف عملياتها التي تعتمد على الطائرات دون طيار، وتستهدف المواقع والتمركزات التابعة للحركة، دون تحمّل تكاليف باهظة لمحاربة مقاتلي الحركة، وأحيانًا تشن قوات الكوماندوز الوطنية الصومالية، بالتعاون مع حليفتها الأمريكية هجمات برية على قواعد لميليشيات “الشباب” مثلما حدث الشهر الماضي في منطقة بلد الأمين التابعة لإقليم شبيلي السفلي.
هذه العمليات المشتركة حققت بعض النجاحات النسبية، لكنها ليست كافية لقلب الموازين الإستراتيجية للحركة أو منعها من التأثير في مناطق سيطرتها أو حتى في مقديشو التي برهنت الأحداث والتفجيرات الأخيرة أن الحركة ما زالت قادرة على العمل فيها.
وللتعرف على أسباب ودلالات كثرة الهجمات الإرهابية في الآونة الأخيرة تحدّث إلى “نون بوست” الكاتب والباحث الصومالي محمد موسى، معتبرًا أن هنالك عدة أسباب أدت الى تصاعد وتيرة هجمات حركة الشباب في الآونة الأخيرة، ومن أهمها: “ضعف التنسيق الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين أجهزة الأمن، وفشل الخطط والتدابير الأمنية التي اتخذتها الحكومة لتأمين العاصمة، وتمكّن عناصر حركة الشباب من اختراق بعض قوات الأمن وزرع خلايا نائمة تابعة لها فيها، وانسحاب بعض فرق الجيش بشكل مفاجئ من مناطق حيوية في منطقة شبيلي السفلى القريبة من العاصمة والصراعات والخلافات السياسية المزمنة داخل النظام السياسي”.
روشتة أمنية لوقف الهجمات
ويرى موسى أن الحكومة الفيدرالية في الصومال تحتاج الى وضع إستراتيجية شاملة للتعامل مع الانهيار المستمر في الأوضاع الأمنية تكون أبرز أهدافها:
– الإسراع في بناء الجيش الوطني وتجهيزه وتدريبه حتى يستعد لتسلم المهام الأمنية بشكل كامل بعد انسحاب قوات الاتحاد الإفريقي من البلاد عام 2020.
– إقالة ومحاسبة كل المسؤولين المتهمين بالتقصير وقلة الخبرة الأمنية وانعدام الكفاءة، ومن بينهم وزير الأمن الداخلي محمد أبوبكر دعالي، ومدير جهاز الاستخبارات العامة فهد ياسين الحاج طاهر.
الكاتب عبدالرحمن عبدي يعتقد أن الحكومة الصومالية استنفدت طاقاتها كاملة وبذلت أقصى جهدها فيما يتعلق بهيكلة وإصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية المختلفة
– تخصيص ميزانيات كافية للجيش وقوات ضبط الأمن، ومعاقبة كل الضباط وقادة كائب الجيش المتسببين في أزمة تأخر صرف رواتب بعض ضباط وأفراد الكتائب المتمركزة في المحافظات الجنوبية من البلاد مؤخرًا.
ويختتم الباحث محمد موسى حديثه لـ”نون بوست” قائلًا: “حكومة الرئيس فرماجو ورئيس الوزراء حسن خيري اتخذت بعض التدابير بعد الهجمات الأخيرة، لكنها غير كافية وغير ناجعة لوقف الهجمات والتصدي لها”.
لكنّ الكاتب عبدالرحمن عبدي يعتقد أن الحكومة الصومالية استنفدت طاقاتها كاملة وبذلت أقصى جهدها فيما يتعلق بهيكلة وإصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية المختلفة، كما تم إنشاء أكثر من تشكيلات عسكرية خاصة مكلفة بحماية استقرار وأمن العاصمة، ويستدرك قائلًا: “لكن تلك الخطط لم تأت أكلها، ولم تكن للأسف الشديد ثمارها رطبًا طريًا”، ويطرح عبدي حلًا آخر يتمثل في “توسيع قاعدة التشاور والمشاركة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ذات قاعدة عريضة تستوعب المعارضة ولا تستثني أحدًا من الأطراف السياسية في البلاد وتشجعهم على المساهمة في الجهود الجارية لاستعادة الأمن والاستقرار”.
إلى قطر وتركيا: الصومال ينتظركم
في تقديرنا، الصومال يحتاج إلى التحرك في أكثر من اتجاه لمعالجة الخلل الأمني وإعادة السلام والاستقرار، فإلى جانب الحلول الأمنية والسياسية المذكورة أعلاه وبالعودة إلى أحداث فيلم “فندق مومباي”، نرى أن الحكومة الصومالية بحاجة ماسّة إلى معدات عسكرية متقدمة وتجهيزات لوجستية مثل كاميرات المراقبة وبرامج الذكاء الاصطناعي وغيرها من المعينات الحديثة.
دولة الإمارات أوقفت دعمها للصومال عقابًا له على موقفه الرافض لاتفاقية ميناء بربرة التي وقعتها شركة موانئ دبي مع حكومة أرض الصومال وإثيوبيا
صحيح أن قطر قدمت دعمًا عكسريًا لا يستهان به تمثّل في 68 سيارة مدرعة، علّقت عليه وزارة الدفاع القطرية قائلة “إنها تشد من عضد مؤسسات الدولة” الصومالية، كما أن تركيا تقدم دعمًا أمنيًا لحكومة فرماجو من خلال قاعدتها العسكرية في الصومال، لكن مقديشو مؤكد أنها تأمل في مزيد من الدعم المادي والعسكري من هاتين الدولتين لمجابهة التحديات الأمنية التي تكاد تعصف من جديد بالصومال بعد فترة من التعافي النسبي وعودة شركات الطيران والسفارات الأجنبية والمؤسسات الدولية إلى العمل من داخل البلاد.
نذكّر بأن دولة الإمارات أوقفت دعمها للصومال عقابًا له على موقفه الرافض لاتفاقية ميناء بربرة التي وقعتها شركة موانئ دبي مع حكومة أرض الصومال وإثيوبيا، وكذلك على مصادرة قوات الأمن الصومالية العام الماضي 10 ملايين دولار وصلت على متن طائرة إماراتية خاصة العام الماضي حاولت السفارة الإماراتية إدخالها من دون علم السلطات الصومالية، وهذا الخبر بالتحديد جعل العديد من النشطاء الصوماليين يتهمون أبو ظبي بالتورط في مخططات ضرب استقرار الصومال والوقوف وراء الهجمات الإرهابية.
قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر بالإجماع قبل يومين بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في الصومال (يونسوم)، حتى 31 من مارس/آذار 2020، يشكل خطوةً إيجابية لحكومة الصومال
لذلك، ينبغي على تركيا وقطر المسارعة إلى نجدة الصومال بغض النظر عن الإجراءات الداخلية التي سيتخذها الرئيس فرماجو ورئيس الوزراء حسن خيري، فضَعف رواتب العسكريين الصوماليين وتأخرها أمر يؤثر على معنويات الجنود على أقل تقدير، إن لم يدفع ضعاف النفوس إلى التواطؤ مع عناصر الشباب ومخططاتها الإجرامية، وعلى تركيا أن تسرع من وتيرة تدريب قوات الأمن الصومالية وتجهيز فرق مختصة قادرة على اكتشاف المخططات الإرهابية والتعمل معها في الوقت المناسب.
أخيرًا، قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر بالإجماع قبل يومين بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في الصومال (يونسوم)، حتى 31 من مارس/آذار 2020، يشكل خطوةً إيجابية لحكومة الصومال، إذ يؤكد على مواصلة البعثة دورها في تقديم الدعم الإستراتيجي لكلٍ من الحكومة الفيدرالية وبعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم) بشأن إحلال السلام وبناء الدولة، وإصلاح قطاع الأمن، وتطوير نظام اتحادي، ومراجعة الدستور، وتنسيق دعم المانحين الدوليين.
رغم المرارات لا تزال هناك فرصة أمام الرئيس فرماجو لإصلاح الوضع الأمني وعودة الاستقرار والتعافي إلى الصومال، البلد الذي يتمتع بموارد وثروات ضخمة لم يستفد منها الشعب، بل تحوّلت حياته إلى جحيم بفعل الصراعات وأعمال العنف.