بداية لا بد من التأكيد على أن النتائج الصادرة حتى الآن هي النتائج غير النهائية، فقد أتاحت لجنة الانتخابات العليا مدة للطعن في النتائج الحاليّة قبل إعلان النتائج النهائية وتسليم ما يطلق عليه “المضبطة” للفائزين في رئاسة البلديات.
وقال رئيس اللجنة العليا للانتخابات في تركيا سعدي غوفن، إن اللجنة ستمنح الوثيقة الرئاسية للفائزين في المدن والمناطق التي لم يتم فيها الاعتراض على نتائج الانتخابات المحلية، علمًا أن مرحلة الاعتراض على نتائج الانتخابات المحلية بدأت أمس الإثنين، وتستمر حتى الساعة 15:00 بعد ظهر اليوم الثلاثاء.
وفي هذا الإطار أعلن حزب العدالة والتنمية أنه سيتقدم باعتراضات لدى لجنة الانتخابات في مدينة إسطنبول كافة، وأظهر رئيس حزب العدالة في إسطنبول بعض تقارير اللجان التي توضح أرقامًا لم تحسب لحزب العدالة والتنمية في بعض الصناديق ويقول الحزب إن التصحيح قد يؤثر على النتيجة.
كان عدد الذين يحق لهم الانتخاب نحو 57 مليون ناخب وقد مارس حقه الانتخابي منهم أكثر من 48 مليون بما يعني أن نسبة المشاركة في الانتخابات وصلت 84%
لقد شهدت الانتخابات البلدية هذه المرة أكثر مستوى من التنافس بين الأحزاب المتنافسة، حيث وصل الفارق إلى بضعة آلاف، وفي بعض المدن كانت النتيجة لحزب وتحولت بأصوات معدودة إلى حزب آخر، ولم يقتصر هذا الأمر على أنقرة وإسطنبول اللتين حظيتا بمتابعة حثيثة من المهتمين والمتابعين، بل كان هناك الكثير من المدن التي حصلت فيها حالات مشابهة.
نظرة عامة على النتائج الحاليّة
كان عدد الذين يحق لهم الانتخاب نحو 57 مليون ناخب وقد مارس حقه الانتخابي منهم أكثر من 48 مليون بما يعني أن نسبة المشاركة في الانتخابات وصلت 84% وهي نسبة تعتبر جيدة ومخالفة للتوقعات التي كانت ترى أنها قد تكون أقل من ذلك وربما كان لحدة التنافس والاستقطاب الحاصل دور في زيادة المشاركة، فعلى سبيل المثال بقي الرئيس أردوغان يحث أنصاره حتى آخر لحظة للمشاركة، كما أن حزب الشعوب الديمقراطية الذي لم يرشح أي مرشحين في أنقرة وإسطنبول دعا أنصاره للمشاركة والتصويت ضد حزب العدالة والتنمية.
حصل تحالف الجمهور (حزب العدالة والتنمية والحركة القومية) على قرابة 24 مليون صوت بما يشكل 51.6% فيما حصل تحالف الأمة (حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد مع دعم من حزب الشعوب في معظم المدن) على 37.5%
وصل عدد الأصوات الملغاة في هذه الانتخابات إلى قرابة مليوني صوت وهو رقم كبير جدًا بالنظر إلى أن أوراق الانتخابات كانت هذه المرة بسيطة وخالية من التعقيد واحتمالات الخطأ أو وضع الختم في المكان الخطأ كانت ضئيلة، ولهذا رجح عدد من المحللين مثل أوكان مدرس أوغلو أن الكثير من الناخبين تعمدوا ذلك لأسباب تعبر عن عدم رضاهم عن شخص المرشح أو عن الحالة بشكل عام أو لأسباب أخرى، وبالنظر إلى هذا العدد الكبير من الأصوات الملغاة والفارق البسيط الذي كان يحدد الحزب الفائز فإن الأشخاص الذين ألغوا أصواتهم ربما يشعرون بالندم لعدم المساهمة بأصواتهم في تحديد النتيجة.
نتائج الأحزاب والتحالفات
حصل تحالف الجمهور (حزب العدالة والتنمية والحركة القومية) على قرابة 24 مليون صوت بما يشكل 51.6% فيما حصل تحالف الأمة (حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد مع دعم من حزب الشعوب في معظم المدن) على 37.5%، وهذا الرقم يؤكد نتيجة عام 2018 التي تم بموجبها تغيير النظام السياسي من البرلماني إلى الرئاسي، مما أعطى مؤشرًا إيجابيًا للطبقة الحاكمة في هذه النقطة.
وقد استطاع حزب العدالة والتنمية الفوز بـ15 بلدية كبرى و24 بلدية مدينة و537 بلدية صغرى، فيما استطاع حزب الشعب الجمهوري الفوز بـ11 بلدية كبرى و10 بلديات مدن و190 بلدية صغرى (قضاء)، وبحساب أعداد البلديات فإن حزب العدالة أكثر حزب فاز ببلديات كبرى وبلديات مدن وبلديات أقضية ولكن مع خسارته للبلديات الكبرى الثلاث حتى الآن فإن هذه النتيجة غطت على الأرقام التي حققها الحزب نظرًا لأهمية البلديات الكبرى.
فيما عدا الأحزاب الكبيرة فقد فاز حزب تركيا الشيوعي ببلدية تونجلي كما فاز مرشح مستقل ببلدية مدينة كركلار الي وهذه أول مرة يحدث فيها هذا الأمر في هذه البلديات
أما الحزب الجيد فلم يفز في أي بلدية كبرى ولا في أي بلدية مدينة لكنه فاز بـ18 بلدية قضاء، وهذه النتيجة ربما يكون لها أبعاد سلبية على الحزب، فالمتشائمون يرون أن الحزب سوف يتفكك بعد هذه النتيجة أو تتغير قيادته، ولكن هذا غير واضح حتى الآن، كما أن تحالف الحزب مع الشعب الجمهوري كان له دور في تسهيل فوز الأخير ببلديات أنقرة وإسطنبول حسب النتائج غير النهائية وهو الأمر الذي سوف تستفيد منه قيادة الحزب الجيد على أنه إنجاز لها في نقل هذه البلديات من حزب العدالة والتنمية إلى المعارضة.
كما أن الأمر الآخر الذي سيرتكز عليه الحزب أنه حصل على نسبة 7.4% في عموم تركيا وهي نسبة أعلى من نسبة الحزب الذي انبثق عنه حزب الحركة القومية ولو كانت بفارق ضئيل، ولكن هذه النسبة قد تكون غير دقيقة بسبب التحالفات وعدم ترشح الأحزاب في المدن كافة.
أما حزب الحركة القومية فقد حصل على نسبة 7.3%، حيث حصل على بلدية كبرى و10 بلديات مدن و145 بلدية قضاء ويعتبر حزب الحركة القومية من الأحزاب الفائزة في هذه الانتخابات مقارنة بالانتخابات البلدية السابقة.
أما حزب الشعوب الديمقراطية فقد حصل على نسبة 4% في عموم تركيا وإن كانت هذه النسبة تمثل فقط مدن الشرق التي ترشح بها الحزب، فقد حصل على 3 بلديات كبرى و5 بلديات مدن و50 بلدية قضاء، وبشكل عام فقد تراجع الحزب في هذه الانتخابات حيث خسر عددًا من البلديات مثل بيتليس وشرناق وتونجلي.
أما حزب السعادة فقد حصل على نسبة 2.7% في عموم تركيا ولكنه لم يحصل على أي بلدية كبرى أو بلدية مدينة فيما حصل على 9 بلديات أقضية، وهذا ربما بسبب عدم رضا بعض قواعد الحزب عن توافق الحزب مع حزب الشعب الجمهوري وانتقاده المستمر لسياسة الرئيس أردوغان.
وفي ذات السياق حصل حزب الديمقراطي اليساري على أقل من 1% التي لم تؤهله للحصول على أي بلدية مدينة أو بلدية كبرى فيما حصل فقط على 3 بلديات أقضية، وكان متوقعًا أن يحصل على أصوات من حزب الشعب الجمهوري لكن النتائج أوضحت أن أنصار حزب الشعب نظروا لمرشحي الحزب الديمقراطي الذين جاءوا من حزب الشعب الجمهوري نظرة سلبية واعتبروهم لا يريدون مصلحة الحزب.
جمعت المعارضة لأول مرة في يدها أكبر 3 بلديات كبرى في تركيا هي إسطنبول وأنقرة وإزمير ويشكل هذا الفوز لإنجازًا للمعارضة ستجعل منه مرتكزًا مهمًا لتحقيق نتائج ومكاسب سياسية لها
فيما عدا الأحزاب الكبيرة فقد فاز حزب تركيا الشيوعي ببلدية تونجلي كما فاز مرشح مستقل ببلدية مدينة كركلارالي وهذه أول مرة يحدث فيها هذا الأمر في هذه البلديات.
المدن الكبرى
فيما يتعلق بأهم المدن الكبرى، فقد حصل حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول على 48.79% فيما حصل حزب العدالة والتنمية على 48.5% وهذه النتيجة التي لم تكن متوقعة للمراقبين إن تم إقرارها تؤهل المعارضة للوصول لبلدية إسطنبول وهي التي لم تستطع الوصول لها منذ أن فاز بها رجب طيب أردوغان عام 1994، وهذا يعتبر إنجازًا معنويًا وماديًا كبيرًا للمعارضة وسوف تعمل على الاستفادة منه سياسيًا في المرحلة القادمة وهو ما يصعب التحدي على حزب العدالة والتنمية.
وكذلك الحال فإن مرشح حزب الشعب الجمهوري فاز ببلدية أنقرة بنسبة 50.9% فيما حصل مرشح حزب العدالة والتنمية على 47.1% وفيما كانت النتيجة في أنقرة شبه متوقعة فإن فقدان العاصمة أيضًا له دلالة معنوية ومادية للمعارضة.
حتى هذه اللحظة حرصت الأحزاب كافة على تصدير خطاب وحدوي وأكدت حرصها على الاستقرار بما يدلل أنه لا يوجد ترجيح لاحتمالات توتر كبيرة بسبب الخلاف بعد إعلان النتائج النهائية، ولكن في حال حدث تغير في نتائج إسطنبول فإن هذا يبقى احتمالاً واردًا
جمعت المعارضة لأول مرة في يدها أكبر 3 بلديات كبرى في تركيا هي إسطنبول وأنقرة وإزمير ويشكل هذا الفوز إنجازًا للمعارضة ستجعل منه مرتكزًا مهمًا لتحقيق نتائج ومكاسب سياسية لها، فيما سيبدأ حزب العدالة والتنمية مرحلة تحد كبيرة لا وقت فيها للراحة وسيزيد الصعوبة عليه نشوء أحزاب جديدة من نفس تياره أو صعوبة الوضع الاقتصادي والتحديات السياسية خاصة في ظل العلاقة المتدهورة مع الولايات المتحدة.
حتى هذه اللحظة حرصت الأحزاب كافة على تصدير خطاب وحدوي وأكدت حرصها على الاستقرار بما يدلل أنه لا يوجد ترجيح لاحتمالات توتر كبيرة بسبب الخلاف بعد إعلان النتائج النهائية، ولكن في حال حدث تغير في نتائج إسطنبول فإن هذا يبقى احتمالاً واردًا.