يخرج الجزائريون اليوم للجمعة السابعة على التوالي في مسيرات جديدة تهدف إلى تغيير ما تبقى من رموز نظام الرئيس بوتفليقة الذي استقال مضطرا الثلاثاء الماضي، وعلى رأسهم وزيره الأول نور الدين بدوي ورئيس مجلس الامة عبد القادر بن صالح غير المرغوب بهما في قيادة المرحلة الانتقالية التي ستعيشها البلاد، قبل انتخاب رئيس جديد يخلف المستقيل الذي طلب العفو والصفح في آخر رسالة له للشعب الذي تحرك ضده بعد 20 سنة من المعاناة التي تحملها تحت حكمه.
واستطاع الجزائريون في 6 أسابيع أن يزيحوا بوتفليقة من السلطة بعد عقدين من الزمن، وأفشلوا مشاريع مكوثه في كرسي الرئاسة لخمس سنوات إضافية بإسقاط مخطط الولاية الخامسة ومشروع التمديد والاستقالة المؤجلة.
يرحلون جميعا
يصر الجزائريون على أن يكون التغيير الذي ينشدونه يشمل جميع أقطاب النظام الذي عاشوا تحت وطأته لسنوات، وأكدوا في المسيرات التي تلت تنحي بوتفليقة أو على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم لن يكتفوا بالتخلص من الرئيس الذي جاء إلى السلطة عام 1999 فقط، بل إن مقصلة التغيير ستمس أيضا بقايا نظامه وأشكالهم الذين عششوا في دواليب السلطة لسنوات أكثر حتى مما بقاه بوتفليقة.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي يتداول الجزائريون وسوم #حراك_05_أفريل و “يتنحاو_قاع و#ترحلوا_يعني_ترحلوا لحث الجميع على المشاركة في الجمعة السابعة وعلى عدم الاكتفاء باستقالة بوتفليقة فقط.
لعل أكبر المطالبين بالرحيل الفوري رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح الذي ستؤول إليه رئاسة الدولة لتسعين يوما وفق ما تنص عليه المادة 102 من الدستور، حيث يطالب نشطاء الحراك الشعبي والمعارضة باستقالة بن صالح وإحالة رئاسة البلاد في هذه الفترة لهيئة رئاسية أو لشخصية تلقى توافقا بين الجميع وذات ماض نظيف
ويأتي على قائمة المطالبين بالرحيل الوزير الأول نور الدين بدوي المرفوض من قبل الجميع بقيادة المرحلة الانتقالية بالنظر إلى أنه من أشرف على تزوير الانتخابات لما كان وزيرا للداخلية، ويضاف إليه وزير داخليته الذي كان أمينا عاما لوزارة الداخلية قبل تقلده منصب الوزير لأنه مشارك أيضا في التزوير.
وتضم قائمة المرفوضين رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز الرجل المقرب من بوتفليقة والذي تقلد في ولاياته الأربعة مناصب وزير للداخلية والعدل ومستشارا قانونيا بالرئاسة، لذلك يلقى بقاءه على رأس هذه المهمة استهجانا واسعا.
ولعل أكبر المطالبين بالرحيل الفوري رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح الذي ستؤول إليه رئاسة الدولة لتسعين يوما وفق ما تنص عليه المادة 102 من الدستور، حيث يطالب نشطاء الحراك الشعبي والمعارضة باستقالة بن صالح وإحالة رئاسة البلاد في هذه الفترة لهيئة رئاسية أو لشخصية تلقى توافقا بين الجميع وذات ماض نظيف.
ويريد الجزائريون من خلال دعوات ضرورة رحيل جميع رموز النظام التأكيد على أن حراكهم لم يكن ضد شخص بوتفليقة لوحده، إنما ضد جميع أذرع نظامه الذي عاث في الأرض فسادا دون رقيب أو حسيب.
استمرار
بالنسبة للجزائريين، فإن مسيرة التغيير طويلة ورحيل بوتفليقة مجرد خطوة أولى لرحيل النظام، لذلك دعا المحامي والناشط السياسي مصطفى بوشاشي للخروج بقوة هذه الجمعة لرفض بقاء رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح والحكومة الحالية.
وقال بوشاشي في فيديو نشره على فايسبوك “أهنئ الشعب على الانتصار الجزئي المتمثل في الاستقالة التي لم تكن رغبة ذاتية للرئيس أو لمحيطه الذين كانوا يريدون إبقاءه إلى آخر لحظة ودفع الجزائر إلى المجهول”.
وأضاف “عندما خرجنا يوم 22 فبراير شباط، وبقينا نخرج ونكبر في مسيراتنا كانت مطالبنا واضحة هي ذهاب النظام، والرئيس الحالي لم يكن هو من يسير البلاد، بل كانت جماعته هي التي تسير الوطن”.
حاول الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة تبييض صفحته أمام الجزائريين عبر رسالة حملت العديد من عبارات الاعتذار وطلب الصفح عما تكبده الجزائريون طيلة 20 سنة
وشدد بوشاشي على أن تكون مسيرة هذه الجمعة “كبيرة وأن نخرج جميعا لمطالبة هؤلاء بالذهاب وأعتقد أنهم لن يتعنتوا أكثر وسيستجيبون لمطالب الحراك”.
ودعت حركة مجتمع السلم أكبر حزب إسلامي ومعارض في البلاد إلى ضرورة استمرار الحراك الشعبي وحماية مطالبه، والمبادرة بفتح حوار شفاف حول آليات الانتقال الديمقراطي السلس بعيدا عن الرؤى الانفرادية والأحادية.
وينتظر أن تعرف مسيرة الجمعة مشاركة كبيرة للجزائريين لأنها أول جمعة بعد استقالة بوتفليقة، والتي سمحت للحراك الشعبي بأخذ جرعة حماس إيجابية تجعله يواصل نضاله بحشود أكبر، خاصة وأن هذه الجمعة تتزامن مع عودة الطلبة من العطلة الربيعية، والذين كان حضورهم دائما لافتا لاسيما في العاصمة الجزائر.
تدارك.
رغم الرفض المطلق لحكومة الوزير الأول نور الدين بدوي، إلا أنها تحاول أن تظهر نفسها أنها ستتماشى مع طلبات الحراك الشعبي، وأفاد بيان للوزارة الأولى أن الحكومة الجديدة عقدت الأربعاء اجتماعا برئاسة الوزير الأول نور الدين بدوي قررت خلاله “اعتماد الشفافية والموضوعية في منح الإشهار العمومي دون إقصاء ودون تمييز بين كل وسائل الإعلام العمومية والخاصة. ولهذا الغرض، كلف وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة بدراسة ووضع حيز التنفيذ الطرق والآليات القانونية والتنظيمية والإجرائية من أجل ضبطه.”
وقررت الحكومة “دراسة الملفات المودعة لدى الوزارة المكلفة بالداخلية والمتعلقة باعتماد الأحزاب السياسية والجمعيات ذات الطابع الوطني وما بين الولايات والبت فيها، حيث يكلف وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية بتنفيذ ذلك وفقا للشروط المنصوص عليها في كل من القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية وقانون الجمعيات.”
وأمرت الحكومة بـ” دراسة الملفات المودعة لدى الوزارة المكلفة بالعمل والمتعلقة باعتماد النقابات والبت فيها، حيث يكلف السيد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي بتنفيذ هذا الإجراء”.
وبدوره، حاول الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة تبييض صفحته أمام الجزائريين عبر رسالة حملت العديد من عبارات الاعتذار وطلب الصفح عما تكبده الجزائريون طيلة 20 سنة.
الخطوة من الحكومة ومن الرئيس المستقيل الذي عينها لم تلق اهتماما من الجزائريين الذين رأوا في ذلك مجرد تفصيل صغير في مطلبهم العام الداعي لرحيل النظام ومحاسبة العصابة والقوى غير الدستورية التي حكمت البلا
وقال بوتفليقة “وأنا أغادر سدة المسؤولية وجب علي ألا أنهي مساري الرئاسي من دون أن أوافيكم بكتابي الأخير هذا، وغايتي منه ألا أبرح المشهد السياسي الوطني على تناء بيننا يحرمني من التماس الصفح ممن قصرت في حقهم من أبناء وطني وبناته من حيث لا أدري رغم بالغ حرصي على أن أكون خادما لكل الجزائريين والجزائريات بلا تمييز أو استثناء”، وأضاف “أطلب منكم وأنا بشر غير منزه عن الخطأ، المسامحة والمعذرة والصفح عن كل تقصير ارتكبته في حقكم بكلمة أو بفعل.”
لكن يبدو أن هذه الخطوة من الحكومة ومن الرئيس المستقيل الذي عينها لم تلق اهتماما من الجزائريين الذين رأوا في ذلك مجرد تفصيل صغير في مطلبهم العام الداعي لرحيل النظام ومحاسبة العصابة والقوى غير الدستورية التي حكمت البلاد، والتي لا تزال بقاياها تبحث عن موطئ قدم في المرحلة القادمة من خلال التعنت ومحاولة إطالة الأزمة، غير أن الجزائريين يؤكدون أنهم على تحقيق الهدف ماضون، هدف لا يمكن في الوقت الحاضر تحقيقه سوى بالمزاوجة بين الحلول القانونية والسياسية بسبب المستحيلات والحواجز الدستورية التي عمل نظام بوتفليقة على وضعها لحماية نفسه من أي قرار قد يتخذ ضده.