يحفل عصر حكم الإسلام كله بالكثير من القصص والشخصيات الشيقة؛ وأخذت فترة حكم الأندس نصيب الأسد من التشويق بمرور حوادث وأشخاص مثيرون للجدل حقًا، مثل “ابن عمار” الذي اشتهر بكونه اشهر شخصية “ميكافيللية” في التاريخ الإسلامي، وكتب التاريخ عنه حكايات درامية حقيقية.
ابن عمار (422-477 هـ/1031-1085 م).. ذو الوزراتين
أبو بكر محمد بن عمار شاعر وسياسي أندلسي، لقب بذي الوزراتين لأنه كان وزيرًا للدولة ووزيرًا للشعر، وُلد في قرية “بشنّبوس” في مدينة “شلب” جنوب البرتغال وهي “سيلفش حاليًا”، لأسرة متواضعة وفقيرة يُقال أن أصلها من اليمن.
رحل ابن عمار من شلب إلى قرطبة في صغره طلبًا للدراسة، حتى برع في الأدب والشعر، فاتخذ من فطانته في الشعر وسرعة بديهته وسيلة لكسب قوته على أبواب الأمراء؛ إذ إنه كان يتنقل بين ملوك وأمراء الممالك الإسلامية حتى المسيحية ليمتدحهم بكلمات شعره العبقرية ويجني النقود، إلى درجة أنه قام في أحد الأيام بمدح فلاح بسيط قام بملء مخلاة ابن عمر بالشعير طعاماً لحماره الهزيل الذي كان وسيلته للانتقال من مكان إلى آخر.
نال الفقر من ابن عمار مرة أخرى حتى أنه كان ذات يوم يرتدي الثياب الرثة ويركب حماره الهزيل بحثًا عن الطعام، حتى أصبح يبحث من جديد عن من يبيعه مديح شعره من التجار أو من ملوك الطوائف حتى استطاع بطريقة ما من الوصول إلى الملك “المعتضد ابن عباد” وابنه الأمير “المعتمد”
يقول عنه الكاتب والروائي المصري الراحل ثروت أباظة بهذا الخصوص أن ابن عمار نزح من شلب مسقط رأسه بسبب فقره، “ليدور بشعره على الملوك يسترفد مالهم بما يرفده عليهم من شعره، ولقد دار ولقد مدح، فبالغ في المديح. ولقد كذب على الحق فأوغل في الكذب، ولقد أمات ضميره ليجعل الظالم منها عادلًا، والمجنون فيهم حكيمًا”.
نال الفقر من ابن عمار مرة أخرى حتى أنه كان ذات يوم يرتدي الثياب الرثة ويركب حماره الهزيل بحثًا عن الطعام، حتى أصبح يبحث من جديد عن من يبيعه مديح شعره من التجار أو من ملوك الطوائف حتى استطاع بطريقة ما من الوصول إلى الملك “المعتضد ابن عباد” وابنه الأمير “المعتمد”.
قصة ابن عمار والملك المعتمد.. أصدقاء لا يفترقون
إن قصة ابن عمار مرتبطة بالملك المعتمد بكل تفاصيلها، فقد كان بنو عباد هم أقوى أسرة حكمت في عصر ملوك الطوائف مقرهم إشبيلية، وكان للملك المعتضد مواقف جيدة أوردها التاريخ كحرصه الشديد على وحدة الأندلس وعدله في بعض القضايا، إلا أنه كان قاس القلب ويبطش في قضايا أخرى، لكنه كان شاعرًا محبًا للشعر ومستمعًا ذواقًا، ينظم له المجالس.
وهذا ما سمع عنه ابن عمار، فشد حماره للقصر عساه يجد لنفسه فرصة مع الملك، فوقف أمامه وجلس إلى جانبه ابنه “المعتمد” الذي كان من أفضل شعراء عصره أيضًا، وألقى ابن عمار قصيدته، ومنها:
أدِرِ الزُّجاجَةَ فالنّسيم قـد انـبـرَىوالنجمُ قد صَرف العنَان عن السُّرَى
والصبحُ قد أهدَى لـنـا كـافـورَهلما استردَّ الليلُ منـا الـعَـنـبـرَا
والرَّوْضُ كالحَسْنَا كَـسـاهُ زَهْـرُه وَشـياً وقـلّـدهُ نَـداهُ جَـوهَـرا
أو كالغَـلاِم زَهـا بـوَرْد رياضِـه خَجَلاَ وتاهَ بـآسـهِـن مُـعـذَّرا
روضٌ كأنّ النَّهر فـيه مِـعـصـمٌ صَافٍ أطلَّ على رِدَاءِ أخـضَـرا
وتكلَّلت بالزَّهر صُلعُ هِـضَـابِـه حتَّى حَسبْنا كُلّ هَضْب قَـيْصـرا
وتَهزُّه ريح الصَّـبـا فـتـخـالُـه سيفَ ابن عبّادٍ يُفرّق عَـسْـكـرا
أُعجب الملك وابنه بالقصيدة وجادوا على ابن عمار بمكافأة مالية كبيرة، بل وطلب الأمير المعتمد أن يصبح ابن عمار من شعراء القصر وشعراء الأمير، حتى أصبح صديقه المقرب، وهكذا كانت البداية مع ابن عمار في السابعة والعشرين من عمره والمعتمد بن عباد في العشرين.
ولزم ابن عمار مجلس المعتمد، وطاف معه وجال في ربوع المدينة وما كان يفارقه إلا ساعة يخلد كل منهما إلى سريره، ولما ندب المعتضد ولده المعتمد لحكم شلب جعل المعتمد من ابن عمار معينًا له، وتوثقت بينهما الصلات.
علاقة الأمير المعتمد بابن عمار أشعلت غيظ الوشاة، وشعراء الملك كالشاعر الشهير “ابن زيدون” إضافة لتسلط ابن عمار في شلب وغياب دور الأمير عن الحكم، حتى استشعر الملك المعتضد شر ابن عمار لينفيه بعيدًا عن قصره وابنه، لكن الأمير المعتمد كان دائم المساعدة والسؤال عن ابن عمار.
يقول المؤرخون أن الأمير الشاب كان دائم البكاء والنواح على إبعاد صديقه الحميم، فرد ابن عمار عليه بقوله قصيدته الشهيرة:
على وإلا ما بكاء الغمائم وفي والا ما نياح الحمائم
وعني أنار الرعد صرخة طالب لثأر وهز البرق صفحة صارم
وما لبست زهر النجوم حدادها لغيري ولا قامت له في مآتم
وهل شققت هوج الرياح جيوبها لغيري او حنت حنين الروائم
بعد المنفى بفترة بسيطة، يحتضر الملك المعتضد ويتوفى ليصبح المعتمد آخر ملوك بني عباد، حتى عاد ابن عمار إلى صديقه الملك في إشبيلية وأصبح أهم وزيرًا في مملكته.
سياسة ابن عمار “ثعلب الصحراء”
تمتع ابن عمار بشخصية ميكافيلية وافرة الدهاء لا تردد في الغدر فلم يدع طريقًا يسلكه للوصول إلى أهدافه إلا وسلكه، كما تميّز بكونه من المعدودين في شعراء الأندلس في زمانه، وأجاد بالأخص شعر الهجاء حتى كان أمراء الأندلس يخشونه لبذاءة لسانه.
طلب الوزير ابن عمار من ملكه أن يكون واليًا على شلب التي كان فيها فقيرًا، ثم عرض على ملكه غزة قرطبة والسيطرة عليها، وساعده بوضع الخطط الإستراتيجية والحربية، وكان يُنهي كل من يعترضه إما بالنفي أو الحبس أو المساومة بدون أي اعتبارات.
لعبة شطرنج تُنقذ إشبيلية وتُدخله التاريخ
كان ابن عمار أيضًا وزيراً وقائداً وسياسياً ودبلوماسيًا بارعًا ساهم في تعاظم ملك بني عباد سواء بالمشورة أو التنفيذ، فذاع صيته في الأندلس وفي الممالك المسيحية، خصوصًا بعدما نجح في رد حملة لألفونسو السادس على إشبيلية التي كانت ستسقط لا محال، بأن استغل غرام ألفونسو بلعبة الشطرنج، الذي كان معجبًا بدهاء ابن عمار ويلقبه بـ “رجل الجزيرة”.
أحكم الوزير الداهية خطته مع كبار المقربين من ألفونسو وطلب اليهم أن يساعدوه في تنفيذها مقالل أموال عظيمة، ثم عرض عليهم رقعة الشطرنج النفيسة التي أحضرها معه من إشبيلية لكي ينقلوا خبرها إلى ملكها، وهذا ما حصل .
وفي اللقاء التالي لابن عمار مع ألفونسو ، قال له الملك الاسباني: كيف أنت في الشطرنج؟ وكان ابن عمار ممن يجيدون اللعب بالشطرنج ببراعة، فأجابه أن أصحابه يقولون أنه يجيد هذه اللعبة، فقال ألفونسو: بلغني أن عندك رقعة في غاية الاتقان ، فأجابه ابن عمار: نعم ، فقال الفونسو: وكيف السبيل الى رؤيتها؟ فقال ابن عمار للمترجم: قل للملك: انا آتيك بها على أن العب معك عليها فان غلبتني فهي لك وأن غلبتك فلي حكمي، فقال ألفونسو: أحضرها لننظر إليها.
فلما وضعت أمام ألفونسو دهش من اتقانها وقال: ما ظننت أن إتقان الشطرنج يبلغ الى هذا الحد، ثم قال لابن عمار: كيف قلت؟ فاعاد ابن عمار عليه مطلبه، فقال ألفونسو: لا ألعب معك على حكم مجهول لا أدري ما هو ولعله شئ لا يمكنني، فقال ابن عمار: لا ألعب الا على هذا الشرط ، وطوى الرقعة، وألفونسو ينظر اليها، ثم خرج .
وهنا سارع حاشية ألفونسو الذين كان ابن عمار قد اتفق معهم، فتكلموا مع ألفونسو وهونوا عليه الامر وقالوا له: ان غلبته كانت عندك رقعة ليس عند ملك مثلها، وإن غلبك فما عساه يحتكم؟ وقبحوا عنده اظهار الملك العجز عن شئ يطلب منه، ثم قالوا له: إن طلب ابن عمار ما لا يمكن فنحن لك برده عن ذلك، ولم يزالوا به حتى أجاب وأرسل الى ابن عمار .
كان ابن عمار من الصعب منافسته في لعبة الشطرنج، فغلب الملك بحركة ظاهرة لجميع الحاضرين، ولم يجد ألفونسو فيها أي مطعن، فلما اعترف بذلك قال له ابن عمار: هل تعطيني حكمي؟ فقال الفونسو: نعم ، فما هو؟ قال: ترجع من هنا الى بلادك وتعود بجيشك
عاد ابن عمار ومعه الرقعة، فقال الملك: قد قبلت ما شرطته عليّ، فقال له ابن عمار: اجعل بيني وبينك شهودًا ، وإذن لي في اختيار الشهود، وتذكر أن كلمة الملك لا ترجع، فوافق الملك على ذلك .
وجاء الشهود الأسبان من حاشية الملك ألفونسو الذين اتفق معهم ابن عمار، وبدأ اللعب، وكان ابن عمار من الصعب منافسته في لعبة الشطرنج، فغلب الملك بحركة ظاهرة لجميع الحاضرين، ولم يجد ألفونسو فيها أي مطعن، فلما اعترف بذلك قال له ابن عمار: هل تعطيني حكمي؟ فقال الفونسو: نعم ، فما هو؟ قال: ترجع من هنا الى بلادك وتعود بجيشك .
فشحب وجه الملك وقام وقعد وقال لحاشيته ثائرًا: أرأيتم ما نصحتم به؟ أرأيتم ما أوقعنا به الرجل؟ ولكن لا.. لا يمكن أن يصبح الهذر جدًا..، فيجيب ابن عمار: إن هذر الملوك جد يا مولاي، وهم بالنكث والتمادي لوجهه إلى إشبيلية، فخرج ابن عمار للجنود يرشوهم بالمال، ليقولوا لملكهم: أنت الملك وكلمتك لا ترجع، ثم التفت الى ابن عمار وقال له: آخذ أتاوة عامين خلاف هذه السنة يا ثعلب الصحراء، فقال ابن عمار: هذا كله لك .
ورجع ابن عمار إلى إشبيلية و قد امتلأت نفس المعتمد سرورًا بخلاصه من هذا المأزق و سلمت له اشبيلية كما امتلأت نفس ابن عمار غرورًا بهذا الانتصار الذي أكسبه شهرة ومجدًا انتشر في سائر الأندلس.
ابن عمار يصبح ملكًا
بعد الانتصارات المتتالية التي حققها وساهم فيها ابن عمار، أحس ابن عمار أن طموحه لا يجب أن يقف عند هذا الحد، وأن مكانه ليس وزيرًا عند ملكًا يراه ابن عمار ليس بمستوى ذكاءه؛ فقرر أن يصبح ملكًا في طريقته الخاصة، بعيدًا عن الأخلاق والقيم.
فوضع ابن عمار كل ما كان بينه وبين صديقه الملك المعتمد، الذي مد يد العون له وانتشله من الفقر، خلف ظهره ووضع خطة لخيانة ملكه، وذلك بدأ بعدما سمع عن وهن جيش ممكلة مرسية التي تقع بجانب إشبيلية ويحكمها “ابن طاهر”.
أشار ابن عمار على المعتمد بعدئذ بضرورة الاستيلاء على مرسية، فعهد إليه المعتمد بوضع خطة لانتزاعها، فعقد ابن عمار صفقة مع “ريموند برانجيه الثاني” كونت برشلونة، يشارك فيها ريموند بفرسانه في حملة ضم مرسية مقابل مبلغ من المال.
قدّم الطرفان الرهائن للوفاء بالصفقة، فقدم الكونت ابن أخيه بالمقابل أقنع ابن عمار المعتمد أن يقدم ابنه الرشيد بن المعتمد، وحاصرت القوتان مرسية، إلا أن المعتمد تلكأ في أداء المال إلى حليفه، فظن الكونت أنه قد غرر به، فقبض على ابن عمار والرشيد، وانسحب بقواته.
فأدى المعتمد المال، وبعث معه ابن أخي الكونت، الذي بدوره أفرج عن الرشيد وابن عمار، وأخفقت تلك الحملة، لكن في عام 471 هـ، ألح ابن عمار على المعتمد بتجهيز حملة أخرى بقيادة ابن عمار نفسه على مرسية، فمر ابن عمار بصاحب حصن “بلج” عبد الرحمن بن رشيق، وسلمه قيادة الحملة الذي حاصر مرسية وفتحها.
انتهز ابن عمار الفرصة، مستكملًا خطته ليصبح ملكًا واستقل بحكم مرسية، وتصرف فيها تصرّف الملوك، فاستعمل عبيده على الحصون، وانهمك في الشراب، وأنكر فضل المعتمد عليه، لتبدأ الخلافات بينهما.
من أعز صديق إلى ألذ عدو
خيانة ابن عمار أثارت حفيظة الملك لكنه كان بدوره يختلق بعض المبررات لصديق دربه، حتى صدمه ابن عمار بقصيدة كتبها يهجوا فيها المعتمد وزوجته اعتماد الرميكية “التي طلبها بنفسه للمعتمد” وأفحش فيها غاية الفحش، قائلًا:
ألا حيّي بالغرب حيـاً حـلالاً أناخوا جمالاً وحازوا جمـالاوعرّج بيـوميـن “أم القرى” ونم فعسى أن تراهـا خيـالاتخيرتها من بنـات الهجـان رمكيـة ما تسـاوى عقـالافجاءت بكل قصيـر العـذار لئيم النجارين عمـّاً وخـالاقصـار القـدود و لكـنهـم أقامـوا عليها قروناً طـوالاسأهتك عرضك شيئاً فشيئـاً وأكشف سترك حـالاً فحـالا
ويُقال أن ابن عمار كتب قصيدته بعدما أخبره الوشاة كذبًا أن المعتمد يهجيه، ووقعت تلك القصيدة في يد أبي بكر بن عبد العزيز صاحب “بلنسية” الذي لم يكن على وفاق مع ابن عمار عن طريق بعض عملائه في مرسية، فأرسلها إلى المعتمد ليؤلبه على ابن عمار.
ثم توفي المقتدر عام 475 هـ، وتقاسم أولاده مملكته، فكانت سرقسطة من نصيب ولده المؤتمن، فظل ابن عمار عنده
تزامن ذلك مع تمكّن ابن رشيق من خلع أبي بكر بن عمار من حكم مرسية، منتهزًا خروجه يومًا لتفقد بعض الحصون، فاستطاع ابن عمار الفرار إلى بلاط ألفونسو السادس، الذي لم يقدم له يد العون، فقصد سرقسطة عند حاكمها المقتدر بن هود، فأكرمه واستخدمه.
ثم توفي المقتدر عام 475 هـ، وتقاسم أولاده مملكته، فكانت سرقسطة من نصيب ولده المؤتمن، فظل ابن عمار عنده، ثم أوعز ابن عمار للمؤتمن بفتح حصن شقورة الذي يقع في أراضي دانية، فبعث المؤتمن ابن عمار في ربيع الأول 477 هـ بقوة لفتح الحصن، إلا أن حاكمه ابن مبارك دعا ابن عمار ورجاله لدخول الحصن وأظهر الترحاب لهم، فانخدع ابن عمار، وما كاد أن دخل الحصن، حتى قبض عليه، وأودع السجن.
وحين علم المعتمد بالحدث، أرسل ابنه الراضي، بالأموال إلى ابن مبارك ليسلمه ابن عمار، فسلم ابن مبارك أسيره للراضي الذي ذهب به إلى قرطبة مذلولًا محملًا على حمار من الخلف حيث كان المعتمد يومئذ، ثم أخذه بعد أيام إلى إشبيلية وسجنه.
نهاية ابن عمار المأساوية
اعترى المعتمد حزنًا بليغًا ولم تهن عليه عشرة السنين، وقال: أما إنه لو تعرض لي لعفوت عنه بحق الأيام السالفة.. ولكنه تطاول على أولادي وزوجتي، وعاتبه المعتمد عتاباً شديداً، وأمر بأن يُزجّ به في غياهب السجون التي كانت في قصره وطال سجنه.
حاول ابن عمار أن يستغل عواطف المعتمد متضرعًا له بأشعاره طالبًا الصفح والمغفرة ومن بعض قوله في هذه الأشعار:
كان ابن عمار شاعرًا يشار له بالبنان بين أقرانه، جمع له ديوانان وديوان مختصر، كلها قد ضاعت، بينما بقيت بعض قصائده محفوظة متناثرة في الكتب، وكانت قصائده سببًا في شهرته ومجده كما كانت سببًا في نهايته
سجاياك أن عافيت أندى وأسجحوعذرك أن عاقبت أجلى وأوضحُ وإن كان بين الخطتيـن مزيـةفأنت إلى الأدنى مـن الله تجنـحُولا تلتفت قول الوشاة ورأيهـمفكـل إناءٍ بالـذي فيـه ينضـحُ كان المعتمد قد همَّ بالعفو عنه بعد أن قرأ قصائد الأعذار منه، على الرغم من تحريض زوجته اعتماد ووزيره ابن زيدون، لكن القشطة التي قسمت ظهر البعير كانت علم المعتمد بمراسلة ابن عمار لألفونسو عدوه من السجن، يتوعّده بعفو المعتمد عنه، ومساعدته على القضاء على بني عباد.
فما أن علم المعتمد بذلك حتى جاءه في سجنه وهوى عليه بفأسٍ فأرداه قتيلاً، سنة 479 هـ، قائلًا: أنت شر، يموت معك كل الغدر والخديعة والشر.. وأمر حارسه بإقامة مراسم دفن رسمية لم تشهدها إشبيلية من قبل للوزير الراحل.
وقد كان ابن عمار شاعرًا يشار له بالبنان بين أقرانه، جمع له ديوانان وديوان مختصر، كلها قد ضاعت، بينما بقيت بعض قصائده محفوظة متناثرة في الكتب، وكانت قصائده سببًا في شهرته ومجده كما كانت سببًا في نهايته.