ودع مطار أتاتورك الدولي في مدينة إسطنبول البارحة أخر رحلاته بعد 119 عام من الخدمة، المطار الذي بني عام 1900 وكان مطاراً عسكرياً حتى تحول في عام 1944 إلى مطار إسطنبول الدولي، وبقي هكذا بجانب مطار “صبيحة غوكشين” القابع في القسم الآسيوي من المدينة حتى البارحة، تاركاً مكانه لمطار إسطنبول الجديد.
هبطت طائرة الرئيس رجب طيب أردوغان في المطار الجديد لإسطنبول في 22 حزيران من العام الماضي لتكون أول طائرة تهبط في مطار إسطنبول الجديد القائم على طول ساحل البحر الأسود في القسم الأوروبي. تم بناء المطار على تلة تشامليجا، تقاطع منطقتي جوكتورك و أرناؤوط كوي، على مساحة 76.5 كم مربع. ويعتبر موقع المطار مثالي للغاية إذ تكون عند نقطة اتصال الجسر الثالث (جسرالسلطان يافوز سليم) بالطريق الأكثر ملاءمة لازدحام مدينة إسطنبول.
ويعتبر المطار مصدر تهديد للعديد من دول الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي نظراً إلى خططه التشغيلية التي تشير إلى أنه يستحوذ على حركة الطيران والمسافرين بمطارات إقليمية ودولية منها: مطار دبي في الشرق الأوسط، ومطار فرانكفورت في ألمانيا، ومطار هيثرو في بريطانيا، ومن المتوقع أن يتحكم في حركة طيران القارات الثلاث بفضل حجمه وقدرته على استيعاب أكبر عدد من المسافرين.
تبلغ مساحة المشروع الإجمالية 76.5 مليون متر مربع، ما يجعله أكبر مطار تحت سقف واحد في العالم.
في مدرج يبلغ طوله 3 آلاف و750 متراً وعرضه 60 متراً يتسع المطار لـ 114 طائرة في آن واحد، وبإمكانه تسيير ثلاثة آلاف رحلة في اليوم. ووفقاً لوزير النقل التركي في وقت سابق إنه جرى استثمار نحو 10.2 مليارات دولار في المشروع الذي يتوقع أن يدر نحو 22 مليار دولار في 25 عاماً قبل احتساب ضريبة القيمة المضافة. وتتراوح استطاعة المطار بين 150 مليوناً و200 مليون راكب سنوياً مقارنة بتسعين مليون في مطار أتاتورك.
تبلغ مساحة المشروع الإجمالية 76.5 مليون متر مربع، ما يجعله أكبر مطار تحت سقف واحد في العالم. كما يضم محطة رئيسية مع قدرة إستيعاب ركاب إجمالية بسعة 90 مليون راكب، بمساحة 680 كيلومتر مربع، ومدرجين مستقلين، و موقف سيارات داخلي بسعة 12 ألف سيارة. كما يوجد خدمات أخرى كمستشفيات، وأماكن الصلاة والعبادة، ومراكز مؤتمرات، وفنادق وصالة لكبار الشخصيات.
يتميز المطار بأنه المطار الذكي الأول عالمياً، فهو مجهز بأحدث أجهزة التفتيش وتعبئة الحقائب وقراءة جوازات السفر من دون الحاجة للاستعانة بموظفين،كما تم توفير عدة تطبيقات لخدمة المسافرين من بينها تطبيق أطلق عليه اسم “?Aracım nerede” الذي يعني “أين سيارتي؟” يمكّن مستخدميه من إيجاد مكان شاغر للسيارة قبل وصولهم إلى المطار، و يمكن لأي شخص تحميله مجاناً على الهواتف الذكية من آبل وبلاي ستور.
يحتوي المطار على أكبر مركز تسوق بتصميم مميز على شكل مضيق البوسفور، ومجهز بأفرع لأشهر الماركات عالمية والذي يمكن زائريه من تجربة تسوق فريدة خالية من “ضرائب جمركية”، وتبلغ مساحة السوق 100 ألف متر مربع موفراً أفضل تجربة تسوق في العالم، وأيضاً يضم صالون للطعام بأشهر المطاعم الأجنبية والتركية بمساحة 32 ألف متر مربع منافساً أفضل مطاعم مطارات العالم.
يعد المطار الأن من أكثر المطارات راحة ورفاهية، وصاحب أقل نسبة إنتظار في العالم، والمطار الأقرب إلى مركز المدينة، فقد وعد الرئيس طيب أردوغان سكان إسطنبول في وقت سابق بخط مترو جديد يربط بين وسط المدينة والمطار في مدة لا تتجاوز 25 دقيقة.
تم تحديد ثلاث نقاط نقل لـ 700 مركبة تشغيلية بوزن 47 طن من معدات سحب الطائرات إلى مواد دقيقة، بعضها سيتم نقله براً بواسطة شاحنات مجهزة وبعضها الأخر عبر طرقات المدينة التي تشهد إغلاق عدة شوارع وطرق صباح السبت.
شهدت مدينة إسطنبول البارحة بدء عملية انتقال ضخم والأول من نوعه عالمياً، إذ اطلق عليها اسم “الانتقال الكبير”، وهي المعنية بنقل كافة طائرات وبضائع مطار أتاتورك إلى مطار إسطنبول الجديد، ويأتي ذلك في يوم الجمعة 5/04 في الساعة الخامسة مساءاً بالتوقيت المحلي وتنتهي في الساعة العاشرة صباح يوم السبت، لتكون أسرع عملية نقل تستمر لمدة 45 ساعة فقط، كما سيتم إغلاق المطار تماماً أمام الرحلات بينما ستستمر الملاحة العامة وأعمال الصيانة و رحلات شحن البضائع والطائرات الخاصة والحكومية باستخدام مطار أتاتورك.
تم تحديد ثلاث نقاط نقل لـ 700 مركبة تشغيلية بوزن 47 طن من معدات سحب الطائرات إلى مواد دقيقة، بعضها سيتم نقله براً بواسطة شاحنات مجهزة وبعضها الأخر عبر طرقات المدينة التي تشهد إغلاق عدة شوارع وطرق صباح السبت.
وحسب مصادر تركية فإن عملية النقل تحتوي على 10 آلاف قطعة، يعادل حجمها 5 آلاف شاحنة، والمسافة التي ستحملها هذه الشاحنات تُحسب على أنها 400 ألف كيلومتر في 45 ساعة. أيّ ما يعادل الدوران حول العالم 10 مرات.
تأمل المؤسسة العامة لمطارات الدولة بأن يصبح المطار الجديد أحد أكثر المطارات ازدحاماً في العالم خلال السنوات القليلة المقبلة
وتتضمن هذه العملية توظيف 800 عامل واستعدادات واسعة لكل من فرق الطوارئ والإسعاف تحسباً لوقوع أيّ حادث طارئ من شأنه تعطيل سير العملية،كما تم إنشاء محطات “احتياطية” في 5 نقاط مختلفة من المدينة، يمكن أن تتدخل على الفور في حال حدوث أي عطل في الناقلات.
حاز برج المراقبة الجوي الخاص بالمطار الذي بني مشابهاً لتصاميم الحضارة الإسلامية ومستوحاً من “زهرة اللالي” التي تشتهر بها المدينة على جائزة أفضل تصميم معماري في عام 2016.
واعتبرت صحيفة “ذا إيكونوميست” البريطانية، في تقرير نشرته عام 2017، أن إنشاء مطار إسطنبول الجديد يهدد مطار “هيثرو” البريطاني، الذي يعدّ ثالث أكثر مطارات العالم ازدحاماً، مضيفة أن مشروع “غراند إسطنبول” سيُشكل “التهديد الأكبر للنقل الجوي الأوروبي”.
كما قامت قناة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة بالتعاون مع الخطوط الجوية التركية بنشرها فيديو تشويقي على موقع إنستغرام، يستعرض كل تفاصيل عملية النقل وتوثيقها في فيلم خاص مطلقة عليه اسم”The largest move” من إنتاجها سيعرض في وقت لاحق من هذا العام.
تأمل المؤسسة العامة لمطارات الدولة بأن يصبح المطار الجديد أحد أكثر المطارات ازدحاماً في العالم خلال السنوات القليلة المقبلة، إذ سيشكل نقطة فارقة في الاقتصاد التركي، ويزيد من فرص العمل، كما سيساهم في إدخال تركيا بقائمة أقوى 10 اقتصادات في العالم، تحقيقاً لأهم أهداف “خطة 2023”.
وبالرغم من أن الفرص والمشاريع العملاقة التي تسهم في زيادة نمو الاقتصاد التركي، لم تتوقف منذ 17 عاماً إلا أن حكومة أردوغان تخطط لجعل المطار الجديد طفرة اقتصادية غير مسبوقة، بأن يضيف نسبة 4.9% إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025.