خلال الأسابيع القليلة الماضية، ارتفعت الأصوات الرسمية المصرية مؤكدة تعاون البريطانيين مع الدعوات التي أُرسلت إلى لندن، والتي لم تبدأ بطلب تجميد أموال الإخوان المسلمين في المملكة المتحدة، ولم تنته بالدعوة إلى حظر الجماعة واعتبارها إرهابية على غرار ما حدث في مصر والسعودية.
لكن ردود الأفعال البريطانية أشارت إلى وضع مخالف بشدة لما ردده الإعلام المصري، والخليجي على مدار الأسابيع الماضية. خاصة بعدما أعلنت الحكومة البريطانية منذ قرابة الشهر أن “الجهات التي يهمها الأمر” يمكنها تقديم أدلة متعلقة بجماعة الإخوان، من أجل مساعدة لجنة التحقيق التي شكلها رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، مطلع أبريل الماضي، لإجراء تحقيق شامل في نشاط الجماعة، وفلسفتها، وأثرها على المصالح الوطنية لبريطانيا.
فقد أكد قطاع الاستثمار والابتكار والمهارات بوزارة التجارة البريطانية إلغاء وتجميد بعض الرخص المتعلقة بالمنتجات العسكرية المصدرة لمصر. ويعود هذا القرار إلى أكتوبر الماضي حيث أجرت لجان مختصة فحصا وإعادة تقييم لعدد من الرخص الممنوحة للقاهرة انتهت بإلغاء وسحب سبع رخص وتعليق العمل بـ16 أخرى.
وفي رسالة بعثت بها لوريل سميثسون كبيرة مسؤولي قسم الاتصال بقطاع الاستثمار والابتكار والمهارات بالوزارة لموقع الجزيرة نت، قالت إن المملكة المتحدة لديها واحد من أقوى وأمكن نظم التراخيص في العالم، وموقفها يتلخص بعدم تصدير رخص لأي مكان يوجد فيه خطر أو احتمال استعمال السلع فيه للقمع الداخلي.
وقال الناطق باسم قطاع الاستثمار والابتكارات في الوزارة أن تقييما أجرته لجنة مختصة للوضع في مصر انتهى إلى الغاء سبعة تراخيص وسحبها وتعليق 16 أخرى، مشيرا إلى أن التجميد سيبقى على ما هو عليه حتى الحكم على أن الوضع تغير بما فيه الكفاية، حسب تعبيره.
وأوضح المتحدث أن بداية هذه القصة تعود إلى قرار وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي نهاية أغسطس الماضي بتجميد تصدير السلع والمعدات العسكرية لمصر والتي يمكن استعمالها في القمع الداخلي، وشمل القرار -الذي اتخذ بعد حملة القمع الواسعة التي شنتها السلطات المصرية ضد رافضي الانقلاب- 48 نوعا، قلص فيما بعد إلى 47، مبينا دعم والتزام لندن الكامل بهذا القرار في حينه.
وأشار المتحدث إلى أنه وبناء على توصية مجلس الشؤون الخارجية أعيد تقييم جميع التراخيص الممنوحة لمصر، ورفع الحظر عن 24 رخصة بعد التأكد أنها لن تستعمل في القمع الداخلي، وسحب سبعة رخص كان واضحا جدا إمكانية استعمالها في القمع الداخلي، وتعليق العمل بـ16 رخصة أخرى يجري الآن تقييم كل واحدة على حدة لاتخاذ قرار مستقبلا بشأنها.
وشمل التجميد مجموعة واسعة من المعدات وقطع الغيار لطائرات الهليكوبتر والطائرات، والبرمجيات المتخصصة ومعدات الاتصال.
وقبل أسبوع، صرح الكاتب والصحفي البريطاني ديفد هيرست بأن المؤشرات تدل على أن الحكومة البريطانية لن تقدم على خطوة إعلان جماعة الإخوان المسلمين “جماعة إرهابية”.
واستشهد هيرست -الذي يرأس تحرير موقع “ميدل إيست آي”- على ذلك بإلغاء الحكومة البريطانية ثلاثة عقود دفاع مع مصر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مضيفا أن حكومة كاميرون لا تشعر بالقلق حيال الإخوان، فقد سبق لكاميرون دعوة المتحدث باسم الجماعة جهاد الحداد لمأدبة غداء عندما كان الإخوان في السلطة.
ويأتي الكشف عن هذا القرار بالتزامن مع وصول سيمون مانويل مساعد رئيس الأركان البريطاني إلى القاهرة يوم الأربعاء الماضي في زيارة لمصر تستغرق عدة أيام يرافقه عدد من العسكريين البريطانيين في زيارة لم تحدد أهدافها.
وفي تصريحات صحفية اعتبر النائب البرلماني العمالي جيرمي كوربن أن هذا القرار ذو دلائل سياسية أكثر من كونه اقتصاديا، معبرا عن اعتقاده بضرورة عدم رفع هذا التعليق أو إعادة رخص التصدير في الوقت الحالي لمصر.
وأكد كوربن على موقفه الداعي لوجوب استمرار بريطانيا بتعليق إمداد مصر بالسلاح خاصة التجهيزات الفردية التي يمكن أن تستعمل في قمع الاحتجاجات والمظاهرات، مشيرا أن لندن ليست بصدد توريد أسلحة للدول التي يمكن أن يسهم فيها هذا السلاح في تفاقم التوتر