كلمة رئيس اتحاد المحامين الأتراك التي كان المفترض أن تستمر لمدة 20 دقيقة فاستمرت لحوالي ساعة، لم تحو أي تهجم على أي شخص بصفة مباشرة أو غير مباشرة وإنما تضمنت العديد من الجمل الاستفزازية والتي لا تليق بكلمة تُلقى أمام رئيس الجمهورية وكل أركانها، وكانت آخر هذه الجمل قوله: “أنهيت.. أنهيت.. أنهيت.. أنهيت.. ولكن لن أنهي قبل أن أتحدث عن هذا” ثم شرع في الحديث عن انتخابات الرئاسة.
عند قول رئيس الاتحاد لهذه الجملة خرج رئيس الوزراء “رجب طيب أردوغان” عن هدوئه وصرخ واصفًا تصرفات المتحدث بقلة الأدب وبعدم احترام الجالسين، مشيرًا إلى أن الكلمة تجاوزت الوقت المحدد لها وإلى أنها لم تتحدث عن مسائل قانونية كما كان مفترضًا وإنما عن مسائل سياسية ليس المتحدث بمؤهل لحديث فيها في هكذا مكان.
تحليلات عربية:
وتبنى عدد من المحللين رأيًا روج له عدد من المحسوبين على حزب العدالة والتنمية مفاده أن رئيس اتحاد المحامين تعمد إثارة هذه المشكلة حتى تسلط عليه الأنظار ويحصل على شعبية تمهد لترشيحه من قبل المعارضة في الانتخابات الرئاسية القادمة، نسجا على منوال الرئيس التركي السابق “نجدت سيزار” الذي نقلته بعض تدخلاته في السياسة من رئاسة محكمة النقض إلى رئيس الجمهورية.
ولكن هذا الرأي لا يتماشى مع الواقع الجديد لتركيا؛ إذ أن الرئيس في أيام نجدت سيزار كان ينتخب من قبل البرلمان، وغالبًا ما تفرضه الدولة العميقة على أحزاب البرلمان، أما في انتخابات أغسطس 2014 فسيتم انتخاب الرئيس من قِبل الشعب ولهذا فإن أي مرشح آت من خارج المشهد السياسي سيكون ضعيفًا في وجه مرشحين آخرين عاشوا بين جماهير السياسة طيلة السنوات الماضية.
تعليق أردوغان:
في أول خطاب له بعد الحادثة، هاجم أردوغان – دون ذكر أسماء – أشخاصًا منتسبين لسلك القضاء يرغبون دائمًا في لعب دور سياسي دون التخلي عن مناصبهم القضائية، مشيرًا إلى أن جزءًا مهمًا من الانقلاب الذي قاده حزب الشعب الجمهوري في سنة 1960 على رئيس الوزراء المنتخب “عدنان مندريس” أعده ونفذه قضاة، مشيرًا إلى أن أحكام الإعدام التي نُفذت بحق مندريس ووزرائه أصدرها قضاة وطالب بها مدعون عامون.
ومضى أردوغان في تعليقه على قيام القضاة بدور سياسي قائلاً إنه عاد لدراسة ملفات الفترة التي سبقت وتلت انقلاب 1960 فوجد أن الخطوات التي نُهجت ضد حكومته من قِبل السلك القضائي ومن قِبل الإعلام مطابقة بالكامل للخطوات التي اتبعت للإطاحة بعدنان مندريس، مشيرًا إلى أنهم اتهموا مندريس بالفساد كما اتهموه هو وتجسسوا عليه وعلى المقربين منه بنفس الطريقة التي تجسس بها على كل المقربين من حكومة العدالة والتنمية.
وختم أردوغان تعليقه على الحادثة: “لو نجحت عملية 17 ديسمبر (اتهام العشرات من المقربين من أردوغان بالفساد) لكان هؤلاء يحاكموننا الآن ولأصدروا في حقنا أحكامًا بالإعدام كما أصدروها في حق عدنان مندريس وغيره”.
وإن كان أردوغان استشهد بحادثة تاريخية للاستدلال على تورط بعض المنتمين لجهاز القضاء في السياسة وعلى استعدادهم لمساندة المنقلبين على الحكومات التي لا يتفقون معها، فإنه من الممكن الاستشهاد أيضًا بانقلاب مصر الذي قام الجنرالات على إثره بتعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسًا للجمهورية، والذي قام القضاة على إثره بإصدار آلاف الأوامر القضائية لحبس واعتقال وإعدام آلاف المعارضين للانقلاب.