ترجمة حفصة جودة
في خطابه أمام الائتلاف اليهودي الجمهوري قال ترامب: “كيف كان بإمكانكم دعم الرئيس أوباما؟ كيف دعمتم الديموقراطيين؟” ورغم أنه من السهل أن تدحض المجموعة هذه التساؤلات فإن الحديث لم يكن موجهًا بشكل مباشر لجمهور مؤتمر التحالف في لاس فيغاس الأسبوع الماضي، كانت تلك التساؤلات موجهة للمجتمع اليهودي الذي يدعم أغلبه خصوم ترامب الديمقراطيين.
يستغل ترامب انتقادات السياسيين الديمقراطيين لـ”إسرائيل” لجذب اليهود الأمريكييين للمعسكر الجمهوري، ومع إعادة انتخاب بنيامين نتنياهو رئيسًا للوزراء، فقد أصبح الرئيس الأمريكي يملك سلاحًا سريًا لمعركته الانتخابية العام القادم.
منذ انتخاب ترامب رئيسًا أصبحت واشنطن متحيزة بشكل كامل للحكومة اليمينية في “إسرائيل”، وقدم انتصارات متتالية في السياسة الخارجية لنتنياهو مما ساعده في حملته الانتخابية، ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية 2020، فقد حان الوقت ليرد نتنياهو الجميل السياسي لترامب.
أفضل صديق لـ”إسرائيل”
على مدار العاميين الماضيين، ألغى البيت الأبيض الاتفاق النووي الإيراني ونقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس وأغلقت مقر الوفد الفلسطيني في واشنطن، وقطعت المساعدات عن اللاجئين الفلسطينيين وانسحبت من جميع المنظمات الدولية التي تنتقد “إسرائيل”.
وقبل الانتخابات الإسرائيلية بأقل من شهر، اعترف ترامب بسيادة “إسرائيل” على هضبة الجولان السورية المحتلة، وفي هدية انتخابية أخيرة لنتنياهو قامت الإدارة الأمريكية بإضافة فيلق الحرس الثوري الإيراني الإسلامي إلى القائمة السوداء كجماعة إرهابية.
أعلن نتنياهو عن علاقته الوثيقة بترامب كجزء من إستراتيجية إعادة انتخابه، فقد وضع ملصقات عملاقة في حملته الانتخابية تحمل صورته بجوار ترامب، لكنه كذلك لم يفوت الفرصة لشكر ترامب وتمجيده كجزء من الدعم الذي سيزداد مع اقتراب الانتخابات الأمريكية.
في انتخابات التجديد النصفي 2018، صوت 79% من اليهود الأمريكيين للديموقراطيين
قال نتنياهو لترامب بعد توقيع إعلان الجولان الشهر الماضي: “على مر السنين كانت “إسرائيل” محظوظة بامتلاك العديد من الأصدقاء الذين جلسوا على المكتب البيضاوي، لكن “إسرائيل” لم تحظ بصديق أفضل منك”.
تقول آريل غولد مدير الجماعة النسوية ضد الحرب “CODEPINK” إن ترامب يستخدم بالفعل تحالفه مع نتنياهو كجزء من حملة إعادة انتخابه، ففي يوم الأربعاء ربط الرئيس الأمريكي نفسه بانتصار نتنياهو، حيث غرد بصورة لمؤيدي رئيس الوزراء وهم يرفعون علمًا يحمل اسم ترامب.
تضيف غولد: “إنه يحاول أن يقول لليهود الأمريكيين: انظروا، أنا شريك نتنياهو، لقد ساعدته في الفوز بالانتخابات، لا أريدكم أن تعلموا أكثر من أنني كما ترون أفضل صديق لـ”إسرائيل”، وهذا ما يجب أن تهتموا به”.
لكن ترامب متوهم إذا كان يعتقد أن اليهود – الذين يلتزم أغلبهم بالقيم التقدمية – سوف يتخلون عن الحزب الديمقراطي لأجل رئيس الوزراء الإسرائيلي، ففي انتخابات التجديد النصفي 2018، صوت 79% من اليهود الأمريكيين للديمقراطيين وفقًا لاستطلاعات الرأي.
تقول غولد – وهي يهودية أمريكية -: “الثابت هنا أن غالبية اليهود الأمريكيين صوتوا للديمقراطيين، وما أراه أن هناك توجهًا مستمرًا بين اليهود الأمريكيين بالابتعاد عن التعاطف مع “إسرائيل” ودعمها والابتعاد عن دعم نتنياهو”.
إن الجمهور الأساسي المستهدف من سياسات ترامب الداعمة لنتنياهو هم المسيحيون الإنجيليون كما ترى غولد الذين يملكون التزامًا دينيًا تجاه “إسرائيل”، وهذه الهدايا لنتنياهو هي هدايا للقاعدة الإنجيلية أيضًا.
لقد استخدم ترامب تعبيرًا مجازيًا معاديًا للسامية، واتهم اليهود بالولاء المزدوج
وأضافت غولد أن الإنجيليين يفضلون رئيس الوزاراء الإسرائيلي نتنياهو في الانتخابات على منافسه الأكثر وسطية جنرال الجيش المتقاعد بيني غانتز، فالمسيحيون الإنجيليون في أمريكا لديهم نفس أهداف المستوطنين من اليمين المتطرف في “إسرائيل”.
رئيس وزرائكم
من ناحيتها تقول تمارا خروب الزميلة بالمركز العربي في واشنطن إن نتنياهو سيدعم ترامب في انتخابات 2020، لكن هذا الدعم المتبادل بين الزعيمين ليس نتاج خطوة محسوبة أو اتفاق شخصي.
يرغب نتنياهو في جذب الجماعات الموالية لـ”إسرائيل” ذات النفوذ القوي في الولايات المتحدة، بينما يسعى نتنياهو لكسب مزيد من التنازلات من الإدارة الأمريكية بما في ذلك الدعم لضم المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية، وتضيف خروب: “أعتقد أن نتنياهو يدعم ترامب علنًا بينما يدفعه في السر لدعم سياسات الضم بشكل أكبر”.
يتطلع الرئيس الأمريكي والجمهوريون إلى تقسيم الديمقراطيين الذين لم يشهدوا بشكل مباشر الصراع في الشرق الأوسط، مع ظهور قاعدة تقدمية أكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين، بينما لا يزال الحرس القديم للحزب ملتزمًا بدعمه لـ”إسرائيل”.
لكن خروب تنفي احتمالية أن يتجه اليهود الأمريكيون إلى الحزب الجمهوري بسبب سياسات ترامب الداعمة لـ”إسرائيل”، لأن المجتمع اليهودي متنوع سياسيًا للغاية، فالعديد من اليهود الأمريكيين غير سعداء بإدارة ترامب ودعهما لسيادة البيض، وتضيف: “هناك أيضًا عدد كبير من الشباب التقدمين اليهود غير السعداء بالسياسات الإسرائيلية وبالاحتلال وانتهاك الحقوق الفلسطينية”.
كان ترامب متهمًا منذ فترة كبيرة بعدم إدانته بشكل قوي وكافٍ للقومية البيضاء، فبعد الحشد العنيف للنازيين الجدد في شارلوتسفيل عام 2017، ساوى ترامب بين المتظاهرين العنصريين ومتظاهري المعارضة وقال إن كلا الجانبين أشخاص جيدون.
وفي الشهر الماضي، عندما قتل رجل أبيض مسلح عشرات المصلين في مسجد بنيوزيلندا قال ترامب إنه لا يعتبر القومية البيضاء تهديدًا متزايدًا في جميع أنحاء العالم، وقبل عدة أشهر قتل أحد القوميين البيض المسلحين 11 شخصًا في كنيس بمدينة بيتسبرغ.
كان ترامب قد اتُهم بمعاداة السامية الأسبوع الماضي عندما أشار إلى نتنياهو بكلمة “رئيس وزرائكم” في أثناء خطابه مع الائتلاف اليهودي الجمهوري، تقول غولد: “لقد استخدم تعبيرًا مجازيًا معاديًا للسامية، واتهم اليهود بالولاء المزدوج، فقد اعتبر نتنياهو رئيس وزراء اليهود الأمريكيين، وهو في الحقيقة ليس كذلك”.
المصدر: ميدل إيست آي