عبد الرحيم علي.. رجل ابن زايد لتنفيذ الأجندة الإماراتية في مصر

bd_lryhm

أحد أبرز المهووسين بالشهرة، الحالمين بالأضواء، الساعين إلى الصدارة أيًا كانت الطريقة، مكيافيللي التوجه، لُقب بـ “المتلون” تارة، و”العميل” تارة أخرى، نجح في وقت قصير أن يفرض اسمه على المشهد الإعلامي والسياسي المصري لا سيما في أعقاب ثورة الـ25 من يناير 2011.

عبد الرحيم علي.. الكاتب الصحفي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، المعروف عنه قربه الشديد من جهاز أمن الدولة (الأمن الوطني حاليًّا)، أحد أبرز الأدوات التي استخدمها نظام ما بعد 30 من يونيو 2013 لتشويه صورة المعارضين وإلصاق التهم عبر برنامج تليفزيوني أُعد خصيصًا لهذا الغرض.

كرس جهده في انتقاد جماعات الإسلام السياسي على رأسها الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية، أكل على العديد من الموائد حتى وجد ضالته، حين قدم له أبناء زايد حلمه على طبق من فضة في أن يصبح شخصية مشهورة، فلم يرفض الهدية، وحارب لأجلها، فبات في غضون ست سنوات رجل الإمارات الأول في مصر وحامل أجندة أولياء نعمته.

بداية إخوانية

بدايته الصحفية كانت في موقع “إسلام أون لاين” الذي يملكه الدكتور يوسف القرضاوي، وهو أحد المواقع المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، حيث تخصص في شؤون الحركات والجماعات الإسلامية، وقدم أوراق اعتماده عبر التودد إلى عدد من قياديي الموقع الذي كان يعد الأشهر في مصر طيلة السنوات الماضية قبل أن ينقل مقره ثم غلقه قبل 4 سنوات.

وبحسب مصدر داخل الموقع فإنه هبط على الموقع بصورة مفاجئة كالباراشوت، خاصة أنه لم يكن مؤهلاً حينها للكتابة في هذا الكيان الذي كان يختار محرريه بعناية فائقة ويخضعهم للعديد من الاختبارات، إلا أن ما حدث مع عبد الرحيم كان استثنائيًا، حيث فوجئ العاملون بشخص جديد انضم لفريق العمل دون أي معايير تقييم.

المصدر في حديثه لـ”نون بوست” أشار إلى أن تساؤلات عدة فرضت نفسها بعد أيام قليلة من انضمام عبد الرحيم، حيث تعرض بعض الزملاء للمضايقات الأمنية والبعض الآخر للاعتقال، هذا فضلاً عن التهديدات التي كان يتلقاها الكثيرون من عناصر أمن الدولة وقتها.

ومع مرور الوقت زادت الأوضاع سخونة إلى الحد الذي تقدم فيه بعض محرري الموقع بشكوى مجمعة إلى الإدارة للكشف عن ملابسات ما يحدث، خاصة أن جل ما يدور بين أروقة الصحفيين والباحثين يصل بصورة شبه كاملة إلى الأجهزة الأمنية وهو ما تم التأكد منه بعد ذلك من خلال مواجهة من يتعرضون للاعتقال بتلك المعلومات.

عبد الرحيم علي، تم فرضه من جهاز أمن الدولة إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، للعمل بموقع “إسلام أون لاين”

عميل لأمن الدولة

ومع تكرر الشكاوى والمضايقات التي يتعرض لها العاملون بإسلام أون لاين بدأت تتكشف الأوضاع يومًا تلو الآخر، حيث أسدل الستار عن تعاون خفي بين الصحفي الجديد وجهاز أمن الدولة، كان في صورة نقل كل ما يحدث داخل الموقع للجهاز، وتقديم تقارير دورية عن الصحفيين والباحثين.

الداعية الإسلامي الشيخ عصام تليمة، قال إن عبدالرحيم علي، تم فرضه من جهاز أمن الدولة إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، للعمل بموقع “إسلام أون لاين”، مضيفًا في مقال كتبه على صفحته الشخصية بموقع “فيس بوك”: “حينما كنت مديرًا لمكتب الدكتور يوسف القرضاوي الأمين العام للاتحاد العالمي للمسلمين، قمنا بتأسيس وإطلاق موقع “إسلام أون لاين” وكانت تأتيني الشكاوى من القراء والجهات من الصحفي عبد الرحيم الذي يقوم بفبركة أخبار عن طريق أمن الدولة، حتى اضطررنا لنشر اعتذارين وتكذيبين لشخصين نشر عنهما هذا الصحفي أخبارًا كاذبة، مما أفقد الموقع كثيرًا من سمعته المهنية”، وفقًا لقوله.

وتابع: “اضطررنا لفتح تحقيق شفوي وعتاب للقائمين على الموقع من هذا الصحفي الذي مصدره في المعلومات أمن الدولة، وهدفه تشويه المعارضين للمخلوع مبارك، وبكلام كذب، فكانت الإجابة من مكتب القاهرة إنه صحفي فرضه أمن الدولة، وإلا سيغلق مكتب القاهرة وإسلام اون لاين بالكامل، فإما التضحية بالموقع، أو أن يظل الصحفي المخبر، مع مراعاتنا فيما بعد في الأخبار التي ينشرها”.

بعد أن فاحت رائحته بين العاملين في الموقع، وبات شخصًا منبوذًا، اضطر أمن الدولة لتعويضه بإنشاء المركز العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية عام 1998 ليكون منصة جديدة لمهاجة جماعة الإخوان وتيارات الإسلام السياسي

هذه الشهادة أكدها المستشار خليل الجبالي في مقال آخر، حين أشار إلى أنه في أواخر التسعينيات نشأت عداوة بين عبد الرحيم علي وجماعة الإخوان بعدما اكتشفت إدارة إسلام أون لاين التي كان يعمل فيها أنه عميل لأمن الدولة، فتم طرده من الموقع، وظن عبدالرحيم علي أن الجماعة هي السبب، حيث إن كثيرًا من الإسلاميين كانوا يعملون في ذلك الموقع بما فيهم أفراد من جماعة الإخوان.

وأضاف أن مباحث أمن الدولة قامت بالضغط على إدارة المواقع لإعادته للعمل مرة أخرى، وبالفعل رضخت لتلك الضغوط وأعادته في موقع إداري كبير، الأمر الذي سمح له بالوشاية أكثر بزملائه في العمل وتقديم كل بياناتهم وتحركاتهم للجهاز الأمني، وهذا كان السبب في لجوء العديد من الصحفيين لترك العمل خشية المضايقات الأمنية.

لم يستمر هذا الموضوع طويلاً، وبعد أن فاحت رائحته بين العاملين في الموقع، وبات شخصًا منبوذًا بين العاملين، اضطر أمن الدولة لتعويضه بإنشاء المركز العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية عام 1998 ليكون منصة جديدة لمهاجة جماعة الإخوان وتيارات الإسلام السياسي.

الطرد من إسلام أون لاين ليست الحالة الأولى التي تعرض لها الصحفي المقرب من الأجهزة الأمنية، إذ التحق بعدها مباشرة بجريدة الأهالي لسان حال حزب التجمع، كمراسل بمحافظة المنيا، وتعرض للفصل للمرة الثانية.

المركز العربي للبحوث

كان إنشاء المركز المكافأة التي منحتها الأجهزة الأمنية لعلي تقديرًا لجهوده المبذولة في إسلام أون لاين، وفي المقابل كان المركز الواجهة الخفية للهجوم على الجماعات الإسلامية في مصر وتشويه سمعة قادتها بالإضافة إلى تقديم تقارير كافية عن طبيعة عمل تلك الجماعات في صورة أوراق بحثية.

المركز وعلى موقعه الإلكتروني يعرف نفسه كمركز علمي مستقل، ويشير إلى أن التركيز على دراسة حركات الإسلام السياسي هو العمود الفقري للمركز، ولكنه في عام 2012، لم يعد يقتصر في أعماله على دراسة الحركات الإسلامية فقط، حيث امتد مجاله إلى دراسة النظريات الاجتماعية التي ترصد وتفسر وتحلل سلوك الجماعات الدينية، بالإضافة إلى دراسة الأيديولوجيات التي تتبناها الحركات الإسلامية ودوائر حركاتها وأنماط تفاعلاتها الداخلية والبينية والدولية.

في هذا الإطار، يهتم النشاط العلمي للمركز باللحظة التاريخية، التي تعيشها مصر وجميع الدول العربية دون استثناء، واتساع آفاق النقاش العام حول صعود حركات الإسلام السياسى للحكم بعد ثورات الربيع العربي، ويهتم المركز كذلك بدراسة الخريطة المعرفية لتيارات الإسلام السياسي في مصر والعالم، ومصادر تمويلها وطبيعة الفروقات داخل تيار الإسلام السياسي (الإخوان والجماعات السلفية والجماعة الإسلامية والجهاد.. إلخ)،  والطرق التي تستخدمها هذه التيارات لاستقطاب أعضاء جدد، ودراسة طرق التعبئة التي تستخدمها هذا التيارات، وأخيرًا، تقييم أداء مؤسسات الدولة بعد تولي جماعة الإخوان في مصر وحزب النهضة في تونس للسلطة.

كما يهتم المركز بدراسة امتدادات لجماعة الإخوان في منطقة الخليج، ومعرفة الخريطة المعرفية لحركات الإسلام السياسي في دول الخليج العربي، وخريطة حركات الإسلام السياسي الشيعية في كل من إيران والعراق ولبنان، والقاعدة وامتدادتها الجديدة في البلدان الإفريقية ومستقبلها، وغيرها الكثير من القضايا المطروحة في المستقبل.

الدور المحوري الذي يقوم به المركز في خدمة جهاز أمن الدولة في تشويه صورة الإسلاميين ربما كان السبب الرئيسي في استثنائه من قضية التمويل الأجنبي الشهيرة التي طالت عشرات منظمات المجتمع المدني، رغم ما أثير أكثر من مرة من تلقي المركز تمويلاً كبيرًا من عدد من الجهات الخارجية على رأسها الإمارات.

الصندوق الأسود

لم تكتف الأجهزة الأمنية بدعم حليفها بمركز للأبحاث وفقط، بل منحته برنامجًا تليفزيونيًا قدمه للجمهور المصري على طبق من ذهب، حين تدخلت من أجل تقديمه لبرنامج “الصندوق الأسود” على قناة “القاهرة والناس”، وزودته بالعديد من المستندات والتسريبات التي ساهمت في ذيع صيته وتحقيقه لشهرة كبيرة.

البرنامج بجانب أنه كان سببًا لشهرة علي إلا أنه في المقابل كان سوطًا مسلط على ظهور المعارضين والمناوئين والمغردين خارج السرب وفق نظرة السلطات الأمنية، فحين يرى جهاز أمن الدولة تجاوز شخص ما للخط المرسوم له يزود البرنامج ببعض التسريبات التي تفضح هذا الشخص ليجد فيها علي مادة خصبة للجماهيرية.

المادة المقدمة عبر حلقات هذا البرنامج اعتمدت على الفضائح والتسريبات المسجلة، الأمر الذي اعتبره خبراء الإعلام من أبرز السقطات الإعلامية، نظرًا لكونها أحد أشكال اختراق خصوصيات المواطنين، إذ تحولت إلى منصة لتصفية الحسابات مع خصوم علي أو جهازه الذي يدعمه.

تحولت الصحيفة مع مرور الوقت إلى بوق للنظام الإماراتي، منفذ لأجندته بصورة كبيرة، سواء في الترويج للدعم الإماراتي لمصر ودور أبو ظبي في الوقوف بجانب النظام المصري، أو تشويه خصومها في الداخل والخارج

ومن أبرز الحملات التي شنها الصحفي الصعيدي ابن محافظة المنيا (جنوب) كانت ضد الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد الأسبق، باستخدام ألفاظ نابية ضده، بجانب حملته المسعورة ضد الدكتور عمرو الشوبكي المرشح إبان الانتخابات التشريعية الأخيرة، وذلك على خلفية تصريحاته بأن الدعاية الانتخابية لـ”علي وأحمد مرتضي منصور” تجاوزت 4 ملايين جنيه، قائلًا: “انتخاب عمرو الشوبكي هو عار على دائرة الدقي والشعب المصري، وعلى مؤيدي أحمد مرتضى الذهاب إلى اللجان ومقابلة الشوبكي بما يستحقه من مقابلة، فهذا رجل تافه وسافل”.

ومن أشرس الحملات التي خاضها الصحفي المتلون، حملته ضد رجل الأعمال نجيب ساويرس، فرغم تبرع الأخير لدعم البرنامج بـ150 ألف جنيه، فإنه انقلب عليه بعد ذلك، إذ شن عليه هجومًا حادًا بسبب رفضه وآخرين التبرع للدولة ولصندوق تحيا مصر، إلا أن الأمر تبدل بعد ذلك، حيث تدخل ساويرس بقوة لوقف البرنامج وبالفعل فوجئ علي بقطع البث عن برنامجه وهو على الهواء، ليسدل الستار عن واحدة من أسوأ التجارب الإعلامية في مصر في العصر الحديث.

أجندة الإمارات

بعد ثورة الـ25 من يناير سعت الدول المناوئة للربيع العربي لتجنيد رجال لها لإجهاض هذا الحراك الذي أثار قلق الكثير من الأنظمة خشية انتقال العدوى، على رأسها النظام الإماراتي الذي لم يتوان في دعم الثورة المضادة بشتى السبل، ولعل ما تم الكشف عنه من دعم لحركة تمرد وأعضاء جبهة الإنقاذ وغيرها نماذج فاضحة لهذا التوغل.

وكان الإعلام أحد أبرز الأدوات التي استعانت بها أبو ظبي لتحقيق أجندتها في مصر، ومن ثم وقع الاختيار على عبد الرحيم علي الذي ذاع صيته في أعقاب برنامجه التليفزيوني الذي حقق نسب مشاهدة عالية لما يتضمنه من تسريبات وفضائح يحبها الشعب المصري بصورة كبيرة.

صحيفة”البوابة”

كانت الخطوة الأولى لدعم علي إماراتيًا تمويل إنشاء صحيفة “البوابة” التي بدأت بموقع إلكتروني تحول بعد ذلك إلى جريدة يومية، خرجت من رحم المركز العربي للبحوث، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات حينها عن مصادر تمويل إنشاء صحيفة يومية وهي الخطوة التي تحتاج إلى مبالغ طائلة.

عشرات الملايين من الدولارات ضختها أبو ظبي لدعم الصحيفة حتى باتت واحدة من أكثر الصحف انتشارًا، ضمت بين جنباتها عشرات الصحفيين ومئات العاملين، واتخذت من أحد المواقع الشهيرة في منطقة الدقي بالقاهرة مقرًا لها، فضلاً عن استقطابها للعديد من الكتاب وأصحاب الرأي.

تحولت الصحيفة مع مرور الوقت إلى بوق للنظام الإماراتي، منفذ لأجندته بصورة كبيرة، سواء في الترويج للدعم الإماراتي لمصر ودور أبو ظبي في الوقوف بجانب النظام المصري، أو تشويه خصومها في الداخل والخارج لا سيما قطر وتركيا وجماعة الإخوان المسلمين.

ابنة عبدالرحيم علي التي عينها رئيسًا للتحرير التنفيذي لموقع البوابة

أحد الصحفيين بالديسك المركزي العاملين بالصحيفة في تصريحاته لـ”نون بوست” كشف أن هناك تعليمات مشددة بالإكثار من المواد التي تشوه صورة الدوحة وحكامها وتركيا والإخوان والداعمين لهم في الداخل والخارج، في مقابل التمجيد من أبناء زايد والعزف على أوتار دعمهم ومواقفهم النبيلة مع المصريين.

الصحفي الذي رفض ذكر اسمه أكد أن المواد المستلمة من المحررين في هذا الشأن يتم نشرها فورًا دون تيقن من صحة المصادر، الأمر الذي أدى إلى نشر مواد ربما لا يقبلها العقل ولا المنطق، على شاكلة اتهام بعض قيادات الإخوان بالشذوذ والترويج لبيع الرئيس الأسبق محمد مرسي الأهرامات لقطر وغير ذلك من المواد التي تصب في صالح الأجندة الإماراتية في المنطقة.

مركز دراسات الشرق الأوسط

استطاع علي بالتعاون مع الأجهزة الأمنية في مصر، أن يسوق نفسه لدى الإماراتيين وإقناعهم بتمويل مشروع لحملة إعلامية لتشويه دولة قطر لدى المجتمع الغربي، وخاصة في فرنسا، وبالفعل حصل على تمويل بآلاف الدولارات، حيث بدأ تأسيس شركة خاصة يدشن من خلالها مؤسساته في باريس، تحت مسمى “مركز دراسات الشرق الأوسط”.

“المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط”  في تقرير له كشف تمويل الإمارات حملة إعلامية ضد قطر، وصلت إلى فرنسا عبر إعلامي مصري معروف بارتباطاته بأجهزة الأمن المصرية، في إشارة إلى عبد الرحيم علي، بجانب محمد دحلان، القيادي المفصول عن حركة فتح، والمستشار السياسي لمحمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، الذي زار عددًا من الصحف المصرية في 2017.

وأضاف المجهر وهو مؤسسة أوروبية تعني برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروبا ـ أن الإمارات خصصت تمويلاً ضخمًا للإعلامي المصري من أجل تنفيذ أنشطة ودعم مواقع صحفية وعقد مؤتمر تحريضي في العاصمة الفرنسية باريس لمهاجمة قطر بدعوى دعم “الإرهاب”.

تبنى عبد الرحيم توجهات مموليه في دعم أبناء مبارك ونشره بعض الموضوعات عن تحركات جمال وعلاء الشعبية، ثم من بعدهما الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك والمرشح الرئاسي الخاسر

وبالفعل تم افتتاح مكتب رئيسي لموقع صحيفة “البوابة” في باريس، بمشاركة أحمد الخطيب رئيس تحرير الصحيفة السابق، الهارب من حكم نهائي بالسجن خمس سنوات، بسبب إهانته الأزهر الشريف، وقال المجهر: “علي حصل أيضًا على ملايين الدولارات من أجل عقد مؤتمر تحريضي والقيام بأنشطة ضد الدوحة داخل الأوساط الفرنسية”.

وبيّن المجهر الأوروبي أن المؤتمر الذي عقد في أكتوبر 2017 واجه عزوفًا كبيرًا عن المشاركة من النخب الإعلامية والبحثية والسياسية الفرنسية، وهو الأمر الذي أدى إلى تحويره بما يشبه ندوة إعلامية، كما لفت إلى أن معظم المشاركين في كتابة المقالات عبر موقع “صحيفة البوابة” يرتبطون بعلاقات وثيقة مع اللوبي الصهيوني في فرنسا، فضلًا عن معاداتهم الواضحة للمسلمين وقضاياهم، وأشار إلى الكاتب الصحفي جورج مالبورنو المعروف بعدائه الشديد للمسلمين ونشره عددًا من المقالات التي تهاجم قطر.

وأضاف أن أبرز الشخصيات التي أسهمت في كتابة مقالات عبر صحيفة علي وزير الخارجية الأسبق رولان دوما الذي برز في أكثر من مرة مهاجمًا دور قطر في ليبيا، ومحرضًا عليها، وكان دوما قد شارك قبل عدة أسابيع في ندوة نظمها مركز دراسات يتبع أحد المشاركين في مؤتمر عبد الرحيم علي ويدعى إيلي حاتم.

ومن خلال الفيديوهات والصور التي بثت لندوة عبد الرحيم ظهر مدى فشلها، حيث لم يحضرها سوى 15 شخصًا على أقصى تقدير، كما أنها عقدت في فندق نابليون بالضاحية الثامنة في باريس، كما تخللتها  كلمات لبعض المتحدثين، وتم تعريفهم على أنهم خبراء الإرهاب في العالم، ومنهم رولان جاكار وآلان مارصو وريشار لابيفيير وعتمان تزاغرت، وهؤلاء غير معروفين في الأوساط الحقوقية أو الدولية.

الغريب في الأمر أن الندوة تضمنت تحريضًا سافرًا على المسلمين في أوروبا، رغم أنها حملت عنوان “التحديات الجديدة أمام مكافحة تمويل الإرهاب”، حيث قال عبد الرحيم علي: “جمعيات كثيرة تدعي بناء المساجد ومساعدة المحتاجين، وتقدم 20% من مدخلاتها لهذا الاتجاه، مقابل 80% لتمويل العمليات الإرهابية”.

وزعم علي أن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الإرهابي، لديه حتى الآن فائض مالي، يقدر بـ3 مليارات دولار، كما أن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين يمتلك أكثر من 60 مليار دولار، وتنظيم القاعدة من 6 إلى 9 مليارات دولار، دون أن يشير إلى مصدر معلوماته.

دعم أبناء مبارك وشفيق

تبنى عبد الرحيم توجهات مموليه في دعم أبناء مبارك ونشره بعض الموضوعات عن تحركات جمال وعلاء الشعبية، ثم من بعدهما الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك والمرشح الرئاسي الخاسر الذي أقام في الإمارات منذ خسارته في 2012 وحتى عودته للقاهرة العام الماضي.

التقى الصحفي المصري بشفيق الذي قيل إنه كان يعمل مستشارًا لابن زايد في الإمارات أكثر من مرة، وفي 2015 أجرى حوارًا معه عبر من خلاله عن استيائه من أداء الرئيس الحاليّ عبد الفتاح السيسي، كما أكد على مصرية تيران وصنافير، وهي التصريحات التي أغضبت السلطات المصرية من شفيق والإمارات على حد سواء.

في يناير 2016 تقدم المحامي عبد المجيد جابر بطلب لرئيس مجلس النواب لرفع الحصانة البرلمانية عن النائب بسبب اتهامه بـ”التورط في فضائح جنسية” تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل هزلي

الحوار كان مقررًا له أن يبث في 15 من يونيو 2017 إلا أن جهات غير معلومة منعت من نشره رغم بث قناة “العاصمة” برومو الحوار، الأمر الذي دفع علي إلى بثه على موقع يوتيوب، ما تسبب فيما بعد من اختفائه من على الشاشة لفترة طويلة دون إبداء أي أسباب.

وفي أعقاب تضحية الإمارات بحليفها شفيق وتسليمه للقاهرة استرضاء للنظام الحاكم ورجوعه عن فكرة الترشح للانتخابات الرئاسية 2018 التي كان قد أعلن خوضها، تراجع بالتبيعة رجلها في مصر عن مواقفه، ما دفعه ليبادر بنشر مقال على صفحته تحت عنوان “إنهم يسيئون لقيم الرئيس”، يعلن تبرؤه من المرشح الرئاسي السابق، ومدعيًا دعمه وانتخابه للرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية ثانية، ولكن يبدو أن هذا المقال جاء بعد فوات الأوان.

سقوط أخلاقي

واجه الإعلامي البرلماني اتهامات عدة بالفساد الأخلاقي، حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي العديد من المقاطع المصورة وبعض المانشيتات الرئيسية لصحيفته “البوابة” تلك المقاطع والأخبار المسيئة للدين الإسلامي  من جانب، وتكشف العلاقات غير السوية من جانب آخر

التاريخ الأسود لعبد الرحيم كما يطلق عليه الرواد دفعت إلى تسميته تحت قبة البرلمان بـ”النائب سيء السمعة”، حيث دعا أكثر من مرة إلى شرب الخمر ودخل في معارك مع شيخ الأزهر بشأن العقيدة، حتى وصل الأمر إلى تصدر عبارة “كرهت الله” كمانشيت لأحد أعداد جريدته وهو ما أثار موجة سخط كبيرة ضده.

في يناير 2016 تقدم المحامي عبد المجيد جابر بطلب لرئيس مجلس النواب لرفع الحصانة البرلمانية عن النائب بسبب اتهامه بـ”التورط في فضائح جنسية” تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل هزلي، وتساءل المتداولون كيف يكون هذا الشخص عضوًا بالبرلمان المصري ونائبًا عن الشعب، كما زعم أن النائب لديه ثروة طائلة غير معلومة المصدر.

غلق الصنبور رويدًا

الاتهامات التي لاحقت ولا تزال تلاحق الإعلامي المصري أثرت بشكل كبير على مكانته لدى أبو ظبي، لا سيما بعد أن حول صحيفته إلى ممتلكات شخصية يعين فيها أقاربه وذويه، إذ عين ابنته داليا رئيسًا تنفيذيًا للتحرير، والأخرى غادة مديرًا عامًا، وأعطاهما سلطة مطلقة في الموقع ما أثار حفيظة الصحفيين والعاملين.

شكاوى عدة قدمها عدد من الصحفيين المفصولين على أيدي ابنتيه لنقابة الصحفيين نددوا فيها بالغطرسة الواضحة في التعامل والفساد والمحسوبية المتفشية بين أروقة المؤسسة، الأمر الذي تزامن مع شهادة رئيس تحرير الصحيفة الأسبق محمد الباز بشأن الممارسات الجنسية لعلي داخل الصحيفة.

افتضاح أمر رجل الإمارات في مصر دفع السلطات في أبو ظبي إلى غلق صنبور الدعم رويدًا رويدًا كـ”قرصة ودن” حتى يعود إلى رشده مرة أخرى، وهو الأمر الذي دفعه إلى التخلص من عدد كبير من العمالة لديه، وتقليص رواتب الموظفين إلى الثلث، بالإضافة إلى دراسة مقترح تحويل الصحيفة إلى أسبوعية بدلاً منها يومية في محاولة لتقليل النفقات.

موقف متأزم يواجهه حامل لواء أجندة أبناء زايد في مصر، لا سيما بعد توتر العلاقات بينه وبين نظام السيسي في أعقاب دعمه لأحمد شفيق وتأييده لمصرية تيران وصنافير، وهو الموقف الذي لن تنساه السلطات المصرية للرجل الذي صعد على أكتاف ودعم الجهاز الأمني الأول في الدولة.