عبر عدد من الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة، عن تفاؤلهم بما توصلت إليه فصائل المقاومة الفلسطينية من تفاهمات مع الاحتلال الإسرائيلي أفضت إلى توسعة مساحة الصيد لـ 15 ميلاً بحرياً.
ويعد هذا خبرا ذو أهمية بالنسبة لهم، في ظل معاناة الصيادين الفلسطينيين في الحصول على قوت يومهم في قطاع غزة، حيث يعد صيد السمك مهنة الموت لهم، حيث يُلاحقون من قبل الزوارق الحربية الاسرائيلية ويتم اعتقالهم وأحيانا أخرى اغتيالهم.
ويجدر بالذكر بأن مساحة الصيد في غزة إحدى أهم بنود السلام التي اشترطها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على الإدارة الأمريكية والاسرائيلية في ظل محادثات أوسلو عام 1993.
كما أنها باتت ضمن بنود وقف اطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي برعاية مصرية ورعاية الأمم المتحدة منذ معركة شهر 11 عام 2012، وصولا لاتفاقيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة صيف عام 2014.
وكان آخرها التفاهمات التي جرت بين فصائل المقاومة الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي بوساطة مصرية، حيث كان من المقرر اندلاع معركة في حال ما تم المساس بالمتظاهرين السلميين خلال المسيرة المليونية المتزامن ميقاتها مع الذكرى الأولى لانطلاق مسيرات العودة الكبرى، والذكرى الـ43 ليوم الأرض، في الثلاثين من مارس لهذا العام، إلا أن توصلا الفريقان لبنود واتفاقيات جديدة منعا لاندلاع حرب قبل المسيرة بيوم واحد، أهمها إبعاد المتظاهرين عن السياج الفاصل بين قطاع غزة ودولة الاحتلال مسافة 700 متر، مقابل فك الحظر عن بحر غزة مسافة 15 ميل.
بمجرد إعلان سلطات الاحتلال عن ذلك، انتشرت الفرحة بين أرجاء قطاع غزة، إذ يعد ذلك أولى خطوات رفع الحصار المفوض على قطاع غزة منذ 13 عاما وحتى اليوم
وقال نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عياش “إن ما حققته الفصائل الفلسطينية بما يتعلق بمساحة الصيد يعتبر انجازاً لم نستطع الوصول إليه منذ 13 عاماً، لافتاً إلى أن بعض القوارب قامت بعملية صيد مريحة، إلا أن كمية صيد الأسماك كانت متباينة بين الصيادين بين الجيدة والمرضية، كما أن بعضهم يحتاج لتطوير معداته من أجل الإبحار والصيد في المناطق المسموحة مؤخراً”.
وبمجرد إعلان سلطات الاحتلال عن ذلك، انتشرت الفرحة بين أرجاء قطاع غزة، إذ يعد ذلك أولى خطوات رفع الحصار المفوض على قطاع غزة منذ 13 عاما وحتى اليوم، إلا أن ذلك لم يكن بالحل الكافي والمرضي لبعض تجار السمك والصيادين.
جرائم وتجاوزات للاحتلال بحق الصيادين
حيث يشكل حاجز الخوف من الغدر الإسرائيلي مانعا أمام صيادو غزة بعدم مغامرة البعض منهم، وخاصة بعدما اعتدى الاحتلال على الصيادين من خلال الاعدامات والخطف، أو من خلال رش المياه وإطلاق النار بالهواء، بزعم تجاوزهم المنطقة المسموحة عقب إعلانهم فك الحظر عن البحر.
وأكد بعض الصيادون، في أحاديث منفصلة لـ”نون بوست”، أن الهاجس الوحيد الذي يؤرقهم هو تنصل الاحتلال الإسرائيلي من تلك التفاهمات، ومواصلة مسلسل الاعتداءات اليومي بحقهم في عرض بحر غزة.
جري بين الفترة والأخرى عمليات إعدام أو اغتيال للصيادين في عرض البحر، كان آخرهم شهيد لقمة العيش الصياد مصطفى أبو عودة الذي استشهد برصاص الزوارق الحربية المصرية
فضلا عن ذلك ما زال بعض رفاقهم بالعمل يعانون من الآلام المستمرة على مدار اليوم كموت محتم لهم، تعدى بعضهم مرحلة بتر إحدى أطرافه او فقدانه لإحدى حواسه.
أهم هذه الحالات الصياد الجريح خضر الصعيدي، الذي فقد بصره بعد إطلاق عليه 20 رصاصة مطاطية أصابت وجهه ومناطق متفرقة بجسده قبل أن يتم اعتقاله، ليتم الإفراج عنه بعد ثلاثة أيام، ورجع لذويه بلا عين أو نظر، وبلا مركب، التي كبدته مخاسر قيمتها 40 ألف دولار كانت تشكل مصدر قوت أسرته جميعا.
الصعيدي الذي اعتقل خمس مرات وعاد بالمرة الأخيرة بلا عين وبلا عدة، هو واحد من 4000 صياد تعرضوا للظلم والاعتداءات الوحشية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويتعمد الاحتلال إطلاق رصاصات من قناصته أو مدفعيته البحرية على المحركات الخاصة بالمراكب، التي لا تتوفر لها بديل بغزة أساسا، نتاجا لمنع دخولها للقطاع من قبل السلطات الإسرائيلية، بهدف تقليص مهنة الصيادين في عرض البحر الغزي.
وقال الصعيدي “نعمل في بيئة خطرة، القوارب العسكرية الإسرائيلية تحيط بنا من كل اتجاه، وتعمل على التضييق علينا بشتى الوسائل، مستغلين العوامل الطبيعية في ذلك”، منوهاً إلى أن الاحتلال في كثير من الأحيان يتحجج بتجاوزنا للمنطقة المسموحة لممارسة اعتداءاته.
وتجري بين الفترة والأخرى عمليات إعدام أو اغتيال للصيادين في عرض البحر، كان آخرهم شهيد لقمة العيش الصياد مصطفى أبو عودة الذي استشهد برصاص الزوارق الحربية المصرية، إضافة للصياد نواف العطار للذي استشهد برصاص الزوارق الحربية الاسرائيلية، وقد سجل عام 2018 عدة اغتيالات أخرى بحق الصيادين بعد إغراق متعمد لمراكبهم في عرض البحر.
في السياق، أكد مسؤول لجان الصيادين بغزة زكريا بكر، أن الصيادين وصلوا إلى 12 ميل بحري فقط من أصل أربعة أميال سابقا، لافتاً إلى أن البحرية الإسرائيلية تراوغ فيما يتعلق بالأميال الثلاثة المتبقية.
موسم السردين
ويجدر بالذكر بأن الاحتلال فك الحظر لمسافة 15 ميلا عن بعض المناطق المعينة فقط من بحر قطاع غزة التي يعيبها كثرة الصخور بها، فيما تبقى المناطق الأخرى محظورة، إلا انها قد تكون مرضية للبعض مقارنة بالإجراءات المسبقة، ولكنها قد تشهد تراكم كثيف لكافة الصيادين بهذه المناطق مما يعيق عمل الكثيرين منهم، حسب ما أوضح زكريا بكر.
على المستوى الاقتصادي، أشار المختص بالشأن الاقتصادي الفلسطيني الدكتور سمير أبو مدللة بأن مهنة صيد السمك قد تعد عاملا مساهما بنهوض الاقتصاد بغزة بنسبة 3% في أسوأ حالاتها
وينتظر الصيادون في الأيام القادمة موسم السردين في الأول من شهر مايو، وقد تشهد المناطق التي تم فك الحظر الإسرائيلي عنها تراكما وضغطا لكافة الصيادين الذين يبلغ عددهم 4000 صياد على 1200 قارب، يعيلون به أسرهم البالغين عددهم أكثر من 70 ألف شخص، وموسم السردين هذا العام سيكون الاختبار الأول لقوات الاحتلال لمدى التزامه بتفاهمات التهدئة بينه وبين فصائل المقاومة الفلسطينية.
الصيد والاقتصاد الفلسطيني
على المستوى الاقتصادي، أشار المختص بالشأن الاقتصادي الفلسطيني الدكتور سمير أبو مدللة بأن مهنة صيد السمك قد تعد عاملا مساهما بنهوض الاقتصاد بغزة بنسبة 3% في أسوأ حالاتها، وفي وفرة الصيد الثمين والسماح للصيادين باجتياز الأربعة أميال قد تصل لـ 9% وأحيانا أخرى 13%، وخاصة أن عدد أفراد الأسر الذين يعتاشون من مهنة صيد السمك بغزة يزيد عددهم عن 70 ألف شخص من أصل مليونان فلسطيني يعيش في قطاع غزة.
ولكن ذا ما تم فك الحظر عن بحر قطاع غزة ككل وليس منطقة معينة، فمن المتوقع أن يعود ذلك بالنتائج الايجابية على الاقتصاد بغزة بشكل إيجابي مما يرفع الاقتصادي الغزي وينعشه بنسبة 27%، أما على مستوى فلسطين ككل 9%، حيث يتنصل الاحتلال الاسرائيلي من تلك الاتفاقيات بحجة استعمال المناطق البحرية لأعمال المقاومة التي تختص الضفادع البشرية وجنود البحر.