ترجمة حفصة جودة
في غضون أسابيع قليلة انقلب الوضع السياسي في الجزائر بعد أن بدا غير قابل للتغيير، فقد أدت موجات التظاهر إلى عزم بوتفليقة عدم الترشح للولاية الخامسة، ثم تنحيه تمامًا عن الحكم.
لكن استقالة بوتفليقة لم تمح الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد التي يعتقد أن الكثير منها كانوا يديرون المشهد من خلف الستار، ويعرفهم الجزائريون باسم “السلطة” أو “النظام”، في الحقيقة لقد عززت تلك الطبقة من قوتها في أثناء الـ20 عامًا الماضية، وكان الكثير منهم يعملون على ضمان أن خططهم بعد رحيل بوتفليقة ستحافظ على نفوذهم، لكن المتظاهرين ورموز المعارضة تعهدوا بمحو بقايا نظام بوتفليقة.
يجب أن يعلم الجميع تلك الأسماء خلال التفاوض على فصل جديد في تاريخ الجزائر:
عبد القادر بن صالح
في يوم الثلاثاء أصبح عبد القادر بن صالح – 76 عامًا – رئيس مجلس الأمة الجزائري، رئيسًا مؤقتًا للبلاد وفقًا للقانون الجزائري بعد استقالة بوتفليقة، كان عبد القادر رئيسًا للبرلمان الجزائري لمدة 17 عامًا، ورغم مشاكله الصحية كان بن صالح ممثلاً رسميًا لبوتفليقة في الزيارات الخارجية الرسمية بعد إصابة بوتفليقة بجلطة في المخ عام 2013.
كان صالح أحد مؤسسي حزب التجمع الوطني الديموقراطي “RND” برئاسة رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، وفي التسعينيات قاد بن صالح المجلس الوطني الانتقالي الذي كان محل البرلمان الوطني بعد حله عام 1992 في بداية الحرب الأهلية الجزائرية.
بعد استقالة بوتفليقة يوم 2 من أبريل، طالب المتظاهرون برحيل بن صالح بسبب وضعه السياسي كشخصية بارزة في النظام السابق ولأنه يمثل السلطة في الجزائر بشكل عام، خرج المتظاهرون للشوارع مرة أخرى بعد أن أعلن البرلمان تعيين بن صالح رئيسًا مؤقتًا للبلاد، وحتى داخل النظام السياسي الذي يندد به المتظاهرون فإن بن صالح لا يحظى باجتماع الرأي عليه وتشكل سيرته الذاتية الطويلة عقبة أمام أي انتقال سياسي قد يؤديه.
أحمد قايد صالح
يشغل صالح منصب رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي منذ عام 2004، ووجد نفسه في قلب الأزمة منذ اندلاع المظاهرات في فبراير الماضي، تخلى صالح – الذي كان مواليًا لبوتفليقة فترة طويلة – عن الرئيس علنًا بعد شهر من اندلاع المظاهرات وطالب البرلمان بإعلان عدم صلاحية الرئيس للحكم.
قدم صالح نفسه كضامن لعملية انتقال السلطة والمسيطر عليها، لكن المتظاهرين في الجزائر يخشون استيلاء الجيش بقيادة صالح على “ثورة الابتسامات”، أحكم صالح سيطرته على استخبارات البلاد وأصر على انتقال السلطة بشكل قانوني، مما يعني بقاء ممثلي النظام القديم في السلطة.
علي بن فليس
واجه علي بن فليس – 74 عامًا – المحامي والمدعي العام السابق، بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية عام 2004 و2014، يعرف بوتفليقة وبن فليس بعضهما جيدًا فقد كان بن فليس مديرًا للحملة الانتخابية لبوتفليقة حتى عام 1999 قبل أن يتولى منصب رئاسة الوزراء ثم رئيس الحكومة بين عامي 2000 و2003.
منذ ذلك الحين أصبحت خلافات بوتفليقة مع بن فليس معروفة للجميع وكان بن فليس يعلن دائمًا معارضته لبوتفليقة، وفي 2015 أسس حزبه السياسي “طلائع الحرية”، ويرى بن فليس أنه من الأفضل إنشاء مجلس رئاسي توافقي لا تزيد مدته على 6 أشهر حتى الاستعداد لانتخابات رئاسية.
محمد “توفيق” مدين
كانت رئاسة محمد مدين – 80 عامًا – لإدارة الاستخبارات والأمن الجزائرية لغزًا غامضًا، يُعرف مدين باسم الجنرال توفيق وكان بوتفليقة قد أجبره عام 2015 على التقاعد بعد إدارته للدولة العميقة لمدة 25 عامًا، حتى أصبح يسمى “إله الجزائر”.
تحت رئاسة مدين أصبحت إدارة الاستخبارات تضم جهاز المخابرات والبوليس السري الذي يتولى مسؤولية قمع المعارضة، وبسبب غيرته من قوة توفيق، أضعف بوتفليقة ودائرته الخاصة الداخلية جهاز المخابرات تدريجيًا عام 2013 ثم حل المؤسسة بالكامل بعدها بـ3 سنوات.
بعد اختفائه فترة ظهر مدين مرة أخرى يوم 30 من مارس كمبعوث لسعيد بوتفليقة شقيق بوتفليقة، ويقول اليمين زروال – الذي كان رئيسًا للجزائر في التسعينيات – إن مدين طلب منه نيابة عن سعيد أن يقود الحكومة الانتقالية، لكن زروال رفض العرض، ويرى المحللون أن الجنرال الغامض سوف يستمر في عمله بالظل، ويدفع لفترة انتقالية تؤدي إلى فقدان خصمه الأبدي – أحمد قايد صالح – للسلطة.
نور الدين بدوي
حصل نور الدين بدوي على أسوأ هدية من بوتفليقة: وهي قيادة أكثر حكومة غير شعبية منذ استقلال البلاد عام 1962، يعد بدوي – 59 عامًا – من الوجوه الشابه نسبيًا بين سياسي الجزائر حيث تتجاوز أعمار بقية القادة 75 عامًا.
تولى بدوي رئاسة الحكومة في منتصف مارس وكانت مهمته تشكيل حكومة وسط المظاهرات التي تطالب بإسقاط جميع أركان النظام، أعلن بدوي تشكيل حكومته يوم 31 من مارس قبل يومين من تنحي بوتفليقة.
تصف المعارضة بدوي باسم “وزير التزوير الانتخابي” بسبب دوره في تنظيم الانتخابات كوزير للداخلية بين 2015 وهذا العام، ويعرف بدوي أيضًا بعلاقته المقربة بعبد الرحيم بوتفليقة الأخ الأصغر لعبد العزيز، حيث التقي به عندما شغل عبد الرحيم منصب الأمين العام لوزارة التعليم المهني قبل عدة سنوات.
وفي 3 من أبريل أقسم بدوي على السماح بمزيد من الأحزاب والمنظمات السياسية، لكن المتظاهرين في الجزائر كانوا متمسكين بمطلبهم في تنحي رئيس الوزراء.
مصطفى بوشاشي
يعد مصطفى – 65 عامًا – أحد المتحدثين باسم المعارضة في الجزائر، فهو متحدث عام ومدافع عن حقوق الإنسان منذ الثمانينيات عندما كانت البلاد خاضعة لحكم الحزب الواحد، وكان بوشاشي رئيسًا للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان منذ 2007 وحتى 2012.
استقال بوشاشي من منصبه كنائب برلماني مع زملائه من حزب جبهة القوى الاشتراكية اعتراضًا على وضع البرلمان كدمية في نظام بوتفليقة، وفي الاحتجاجات على الأرض أو على وسائل التواصل الاجتماعي كان بوشاشي ممثلاً محتملاً للثورة الشعبية التي انطلقت في 22 من فبراير.
كان بوشاشي قد رفض اقتراحات تنصيبه زعيمًا لثورة الابتسامات لكن منهجه غير الحزبي المدافع عن الحقوق جعله في موقع متميز للمشاركة في عملية انتقال سياسي متحررة من نفوذ الحرس القديم لبوتفليقة.
عبد الرازق مقري
كان عبد الرازق مقري – 58 عامًا – طبيبًا منفتحًا على طموحاته الرئاسية، فمثل بن فليس خطط مقري لخوض الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها يوم 18 من أبريل وألغيب بسبب المظاهرات، لكنه سحب ترشحه بعد أن أعلن بوتفليقة نيته للترشح لولاية خامسة، لكن استقالة الرئيس غيرت الوضع.
يقود مقري حركة مجتمع السلم الجزائرية التي يُعتقد أنها مقربة من جماعة الإخوان المسلمين، وكسياسي ذكي لعب مقري دورًا في مفاوضات 2018 مع سعيد بوتفليقة للدفع بانتخابات رئاسية مقابل الحصول على مشاركة بارزة لمجتمع السلم في الفترة الانتقالية بعد بوتفليقة.
اليوم يصور مقري نفسه كرمز المعارضة الأول في الجزائر – وهو ما لا يتفق مع تقاليد حزبه منذ أن كانت حركة السلم عضوًا في التحالف الرئاسي حتى عام 2012 – ويصف مقري نفسه بأنه “غنوشي الجزائري” في إشارة إلى قائد حزب النهضة التونسي، حيث يهدف إلى أن يصبح شخصية محورية في عملية الانتقال السياسي في الجزائر ويدعو إلى انتخابات رئاسية مفتوحة بعيدًا عن سيطرة النظام القديم.
المصدر: ميدل إيست آي