بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، باتت كل الظروف في المنطقة العربية جاهزة ومهيأة على أعلى طراز للإعلان عن صفقته السياسية الجديدة التي باتت تُعرف إعلاميًا باسم “صفقة القرن” التي من المتوقع أن تُغير الخريطة الجغرافية والسياسية بأكملها.
التمويل المالي للصفقة الذي قد يتجاوز الـ50 مليار دولار، توفر من دول عربية وأخرى أوروبية، والانتخابات الإسرائيلية انتهت وأفرزت حكومة يمينية ملائمة لتطلعات إدارة ترامب، والظروف العربية الحاليّة المتراخية والراكدة خلف الرضا الأمريكي والإسرائيلي، جميعها ظروف تجمعت لتدفع ترامب للإعلان عن صفقته.
التصريحات التي تخرج عن مسؤولي البيت الأبيض تؤكد جميعها أن “صفقة القرن” سترى النور أخيرًا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وستكون مفاجئة ومدوية للجميع خاصة الفلسطينيين الذين يرفضون وبشكل قاطع التعامل معها، ويؤكدون أنها لن تلزمهم بأي عملية سياسية مقبلة.
رغم اقتناع الإدارة الأمريكية أن صفقتها ستُقابل برفض فلسطيني شديد قد يصل لإشعال الأراضي الفلسطينية بانتفاضة ثالثة لا يمكن لأحد أن يتوقع أين ستصل نيرانها أو حتى متى ستنتهي وهذا ما تخشاه “إسرائيل” فعليًا، فإن ترامب مصر على عدم مغادرة البيت الأبيض إلا وهو متأكد أنه قضى تمامًا على القضية الفلسطينية
أكبر المستفيدين من هذا التحرك الأمريكي الذي يرى فيه سياسيون ومراقبون أنه “قنبلة سياسية خطيرة”، ستكون دولة الاحتلال الإسرائيلي التي ضمنت نهاية العام 2017 القدس عاصمة لها، وقُضي على حلم عودة اللاجئين وضمت الجولان المحتلة تحت سيادتها، وكل ذلك بجرة قلم من الرئيس الأمريكي.
الجولة الأخيرة قبل إعلان الصفقة
رغم اقتناع الإدارة الأمريكية أن صفقتها ستُقابل برفض فلسطيني شديد قد يصل لإشعال الأراضي الفلسطينية بانتفاضة ثالثة لا يمكن لأحد أن يتوقع أين ستصل نيرانها أو حتى متى ستنتهي وهذا ما تخشاه “إسرائيل” فعليًا، فإن ترامب مصر على عدم مغادرة البيت الأبيض، إلا وهو متأكد أنه قضى تمامًا على القضية الفلسطينية ووضع حدًا لصراع استمر منذ العام 1948 لصالح المحتل الغاصب.
الرئيس ترامب، وبحسب معلومات حصرية حصل عليها مراسل “نون بوست” من أوساط مصرية مسؤولة، سيقوم قبل أيام من إطلاق صفقته السياسية بجولة مهمة للمنطقة العربية وسيلتقي بزعماء عرب لوضع اللمسات الأخيرة على صفقته.
وتحدثت تلك الأوساط أن ترامب سيزور خلال نهاية شهر أبريل الحاليّ العديد من الدول العربية والخليجية وعلى رأسها: السعودية ومصر والإمارات، وسيعقد مع زعماء تلك الدول لقاءات مهمة متعلقة بإطلاعهم على التفاصيل الأخيرة لصفقة القرن وطلب زيادة التمويل المالي لها.
وتابعت حديثها لـ”نون بوست”، أن ترامب وبعد لقائه بالزعماء العرب، سيجري زيارة سريعة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، وسيعلن من مقر السفارة الأمريكية في مدينة القدس المحتلة، عن صفقته السياسية الجديدة المتعلقة بحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في المنطقة.
“إسرائيل” أكبر المستفيدين من الصفقة الأمريكية
ولفتت الأوساط المصرية إلى أن صفقة ترامب ستغير تفاصيل الخريطة السياسية والجغرافية بأكملها في المنطقة، وخطر بنودها لن يكون فقط على القضية بل سيصل إلى مصر والأردن وسوريا وحتى لبنان، مشيرةً إلى أن المنطقة تمر بمرحلة حساسة للغاية وإذا لم يكن هناك موقف عربي واضح وقوي ضد المخططات الأمريكية والإسرائيلية فستحل على الجميع الكارثة.
صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، كشفت نقلًا عن القناة الأمريكية “ABC“، أن خطة التسوية الأمريكية، المعروفة إعلاميا باسم “صفقة القرن”، سيتم الإعلان عنها ونشر تفاصيلها، نهاية شهر أبريل الحاليّ.
وبحسب الصحيفة العبرية، أوضحت القناة الأمريكية أن هذا الإعلان يأتي عقب تأكيد فوز نتنياهو بالانتخابات العامة للكنيست، والإعلان عن تفاصيل الخطة، سيكون بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وأشارت إلى أن مصادر مطلعة بالبيت الأبيض، أكدت للقناة الأمريكية، أن هناك احتمالية لتأجيل موعد الإعلان ونشر تفاصيل الصفقة، لما بعد شهر رمضان وعيد الفطر.
“صفقة القرن” هي خطة أعدتها إدارة ترامب بهدف تسوية الصراع في الأراضي الفلسطينية مع “إسرائيل”، ويتردد أنها تتضمن إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لمصلحة الاحتلال، كما أنها تتلقى دعمًا من السعودية والإمارات ومصر دول عربية أخرى.
القيادي في حركة حماس حسن يوسف قال إن تنفيذ “صفقة القرن” بدأ فعليًا على أرض الواقع من خلال التطبيع واللقاءات الرسمية بين دول عربية و”إسرائيل”
وأعلنت القيادة الفلسطينية رفضها المسبق لخطة السلام الأمريكية بعد أن أعلن ترامب أنها ستُسقط موضوع القدس من طاولة المفاوضات، كما أوقفت القيادة الفلسطينية اتصالاتها السياسية مع الإدارة الأمريكية بعد إعلان ترامب، في الـ6 من ديسمبر 2017، الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، ونقل السفارة الأمريكية إليها.
هل السلطة الفلسطينية شريكة؟
رغم الرفض الفلسطيني القاطع للصفقة الأمريكية التي لم تعلن رسميًا بعد، فإن القيادي في حركة حماس حسن يوسف قال إن تنفيذ “صفقة القرن” بدأ فعليًا على أرض الواقع من خلال التطبيع واللقاءات الرسمية بين دول عربية و”إسرائيل”، مؤكدًا أن السلطة الفلسطينية تسهّل تطبيع الدول العربية مع الاحتلال، من خلال تنسيقها للقاءات وزيارات بشكل رسمي.
وأضاف “السلطة برئاسة محمود عباس المسؤول الأول عن فتح نافذة التطبيع مع الاحتلال، من خلال تنسيقها المتواصل مع قادته”، مبينًا أن دولًا عربية ستنظم زيارات إلى دولة الاحتلال خلال المرحلة القادمة ضمن موجة التطبيع غير المسبوقة مع “إسرائيل”.
وربط القيادي في حماس تطبيع أنظمة عربية مع “إسرائيل”، بما يسمى “صفقة القرن”، إذ اعتبره “إحدى أدواتها التي بدأت تنفذ على الأرض بشكل عملي”، مضيفًا “صفقة القرن بدأت على الأرض، ويؤكد ذلك عدة مؤشرات، أبرزها حديث غادي أيزنكوت رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، قبل استقالته، عن عقد لقاءات مع مسؤولين عرب”.
تعيش القضية أصعب مراحلها تزامنًا مع تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتطبيق ما يسمى “صفقة القرن” بمباركة دول عربية
ومضى يوسف قائلًا: “كذلك فإن الإجراءات العقابية التي تقوم بها السلطة ضد غزة، التي كان آخرها حل المجلس التشريعي، تعد فصلًا سياسيًا لغزة عن الضفة الغربية”، ومع أن يوسف لم يذكر الدول المقصودة من التطبيع، فإن عام 2018 شهد نشاطًا تطبيعيًا غير مسبوق بين “إسرائيل” ودول عربية أبرزها السعودية والبحرين والإمارات ومصر.
وكانت القناة العاشرة الإسرائيلية كشفت مؤخرًا أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أخبر مسؤولين يهودًا أمريكيين بأن أمام الفلسطينيين خيارين: إما القبول بعملية السلام التي باتت توصف بـ”صفقة القرن”، وإما التوقف عن الشكوى. وتتمسك الرياض وأبوظبي بطرح “صفقة القرن” الأمريكية، على الرغم من الرفض الفلسطيني القاطع لها، لما تحمله من مخاطر كبيرة تهدد مستقبل قضيتهم.
تعيش القضية أصعب مراحلها تزامنًا مع تلويح ترامب، بتطبيق ما يسمى “صفقة القرن بمباركة دول عربية، فهل ستكون الصفقة بداية نهاية القضية الفلسطينية أم سيكون لأصحابها رأي آخر؟