تخضع السلطة السياسية داخل إيران إلى سيطرة العديد من مراكز السلطة الرسمية وغير الرسمية، اقتصادية وسياسية وعسكرية، تترابط هذه المؤسسات جميعًا عبر شبكة فضفاضة من العلاقات والتقاطعات، يُقيم بعضها بعضًا، ويسيطر بعضها على بعض، وتتمتع هذه المؤسسات في بعض الحالات بقدر نسبي من الاستقلالية، علاوةً على أنها لا تخضع لمساءلة المؤسسات الدستورية الأخرى.
إذا قسمنا النظام الإيراني وجعلناه كالحلقات فسينتج أربع حلقات تتكون الحلقة المركزية وهي الأولى: مجموعة من رجال الدين ذوي النفوذ، يتبنون الاتجاه المحافظ في المسائل السياسية الاجتماعية، تمثل هذه المجموعة أقوى أجهزة صنع القرار في النظام ولا تسيطر هذه المجموعة على حلقة السلطة المحددة الخاصة بهم فحسب وإنما على جزء كبير من الدوائر السياسية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وبطريقة مباشرة تسيطر هذه الفئة على مراكز السلطة الرسمية مثل مجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء.
أما الحلقة الثانية فتتكون من كبار المسؤولين الحكوميين وموظفي الدولة ومن محافظي الأقاليم والإداريين، وتتكون الحلقة الثالثة من أفراد يسيطرون على كيانات ومؤسسات متنوعة، كالمؤسسات الثورية وأجهزة الأمن المختلفة، كما تتألف أيضًا من كبار الشخصيات في مجال الصحافة والإعلام، وتشكل هذه المجموعات معًا قاعدة السلطة للنظام وتعمل على نشر أيدلوجيته، أما الحلقة الرابعة فتتكون من الأفراد الذين قاموا في الماضي بدور مهم في النظام، ورغم أن هذه النخب السابقة تبقى ذات نفوذ نسبي فهي تعمل على هوامش النظام بين الدولة والمجتمع المدني.
تأسس الحرس الثوري بشكلٍ رسمي عام 1979 بقرار من قائد الثورة الإيرانية روح الله الخميني، إلا أن فكرة تأسيسه انبثقت أساسًا من رغبة الخميني ومستشاريه بتشكيل جيش من الشعب
كما يوجد في إيران شبكة كاملة من قوات الأمن الثورية (تعمل بمعزل عن الجيش النظامي) من أهمها اللجان الثورية الإسلامية وقوات الحرس الثوري الإسلامي والميليشيات الشعبية المعروفة باسم الباسيج، وتتكون اللجان الثورية الإسلامية من أعضاء ينحدرون من دوائر المتدينين التقليديين، ويمكن وصفها بأنها جماعات متجذرة الولاء للولي الفقيه.
سيناقش هذا التقرير إحدى أكبر وأقوى هذه المؤسسات نفوذًا وتمويلًا، الحرس الثوري الإيراني، وسيتم من خلال التقرير مناقشة كينونة الحرس الثوري ونشأته وتسليحه وتمويله والمؤسسات التابعة له، إضافةً إلى التداعيات الفعلية لتصنيفه منظمةً إرهابية من الولايات المتحدة الأمريكية.
ماهية الحرس الثوري (نشأته وأقسامه وتسليحه)؟
تأسس الحرس الثوري بشكلٍ رسمي عام 1979 بقرار من قائد الثورة الإيرانية روح الله الخميني، إلا أن فكرة تأسيسه انبثقت أساسًا من رغبة الخميني ومستشاريه بتشكيل جيش من الشعب يكون قادرًا على مواجهة الشاه الذي كان متوقعًا له أن يصمد لفترة أطول في وجه الثورة، فيكون لهذا الجيش القدرة على إرغام محمد رضا بهلوي على التنحي ومغادرة البلاد، وعلى الرغم من مغادرته في النهاية دون مقاومة، فإن فكرة جيش الشعب بقيت حتى تم الإعلان عنه بعد أسابيع قليلة من نجاح الثورة، ظل الحرس الثوري بتطورٍ مستمرٍ منذ ذلك الحين إلى أن أصبح يمثل القوة الرئيسة السياسية والعسكرية والاقتصادية في إيران.
وتقوم عقيدة الحرس الثوري الإيراني بالأساس على مبدأ حماية الثورة وتصديرها، كما تنص عليه المادة 150 من الدستور الإيراني، وبالنسبة للعقيدة العسكرية للحرس الثوري فإنها ترتكزعلى فرضيات الحرب اللامتماثلة، بما في ذلك توظيف الجغرافيا والعمق الإستراتيجي والرغبة العامة في قبول الخسائر، وترجمتها تحت عنوان الجهاد المقدس، وذلك لمواجهة خصوم متفوقين عليها من الناحية التكنولوجية كالولايات المتحدة و”إسرائيل”.
تتكون قيادة الحرس الثوري من أفراد متدينين عاديين معظمهم من خريجي المجالات الأكاديمية الفنية أو المجالات الهندسية، وقد اكتسب الكثير منهم الخبرة العسكرية في أثناء الصراع المسلح ضد نظام الشاه بالإضافة إلى الخبرة التي اكتسبوها جراء حرب العراقية الإيرانية وتدخلات الحرس الثوري في المنطقة العربية
الجدير بالذكر أن البُعد المذهبي في عقيدة إيران العسكرية ليست مجرد شعارات فقط، وإنما يتعداه إلى تحركات على الأرض، تستهدف دعم الأقليات الشيعية في الدول العربية، وإذا وجدت الفرصة متاحة لها في أي دولة، فإنها تحاول إنشاء أحزاب سياسية أو ميليشيات عسكرية، تعمل على تحقيق مصالحها في هذه الدول، سواء في الضغط على حكوماتها كما هو الحال في حالة “حزب الله” أو في إفشال أي تحركات سياسية لا تتواءم مع مصالحها مثلما فعلت مع الحوثيين حين قدمت لهم الدعم العسكري حتى احتلال الحوثيين لصنعاء عام 2014، بالإضافة إلى دعم الميليشيات والأحزاب السياسية الشيعية العاملة في العراق.
وقد أشار الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى هذا المفهوم في أحد خطاباته بشكلٍ صريح حين قال: “إيران سوف تتدخل في أي مكان توجد به مقامات للشيعة، وتتعرض إلى تهديد من الإرهابيين”، وتلك هي الذريعة التي تفسر من خلالها إيران تدخلها في العراق ولبنان واليمن وسوريا والبحرين، وفي خطابٍ له قال قائد قوات القدس قاسم سليماني: “بات قادة الثورة مشهورين في كل المنطقة، من البحرين إلى سوريا واليمن وحتى شمال إفريقيا”.
تتكون قيادة الحرس الثوري من أفراد متدينين عاديين معظمهم من خريجي المجالات الأكاديمية الفنية أو المجالات الهندسية، وقد اكتسب الكثير منهم الخبرة العسكرية في أثناء الصراع المسلح ضد نظام الشاه بالإضافة إلى الخبرة التي اكتسبوها جراء حرب العراقية الإيرانية وتدخلات الحرس الثوري في المنطقة العربية إبان احتلال العراق 2003 مرورًا بالثورة السورية ودعم جماعة الحوثي في اليمن.
الجدير بالذكر أن قوات الحرس الثوري الإيراني تعمل كثقل مضاد للمؤسسة العسكرية النظامية التي كانت في بادئ الأمر خاضعة لسيطرة مؤيدي نظام الشاه، وكان ولاؤها للثورة موضع شك.
للحرس الثوري الإيراني هيكل معقد يشمل كل الوحدات العسكرية والسياسية، وهو مثل أي جيش يمتلك وحدات برية وبحرية وجوية
يتبع الحرس الثوري للمرشد الأعلى الذي يشغل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد، واستخدم المرشد سلطته لبسط نفوذ وتعزيز قوة الحرس، وذلك من خلال تعيينه العديد من عناصره السابقين في مناصب سياسية رفيعة.
للحرس الثوري الإيراني هيكل معقد يشمل كل الوحدات العسكرية والسياسية، وهو مثل أي جيش يمتلك وحدات برية وبحرية وجوية، إضافةً إلى امتلاكه لوحداتٍ عسكرية وشبه عسكرية، وتربطه علاقات وثيقة مع فرع العمليات الخارجية في وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، لا سيما من خلال قوة (القدس) التابعة له، إضافةً إلى امتلاكه عناصر يمكنها دعم الاستخدام السري للأسلحة النووية، يمتلك الحرس الثوري عشرة مكاتب إقليمية، تعمل في الداخل الإيراني، يقود كل منها مجموعة من القوات الإقليمية (سپاه استانی) تعمل هذه المقرات بشكل مستقل وتدافع عن النظام ضد كل من الحروب العالية الحدة والتحديات الداخلية المنخفضة الحدة مثل التمرد، ويقدم جميع أفراد القوات البرية التابعة للحرس الثوري والباسيج التقارير إلى القوات الإقليمية التابعة للحرس الثوري، أما مهام كل قوة فتشمل الدفاع عن حدودها الإقليمية وقمع الاضطرابات، ويقوم بذلك لواء أمن (يگانه – امنيت) يتألف من القوات البرية التابعة للحرس الثوري ووحدات الباسيج.
القوات البرية
تتميز القوات البرية التابعة للحرس الثوري بما يُمكن أن يُطلق عليه “العقيدة الفسيفسائية”، حيث قسمت هذه العقيدة القوات البرية إلى 31 وحدة صغيرة منفصلة (وحدة واحدة لكل محافظة في إيران واثنان لطهران) ودربتها على مكافحة الاضطرابات الداخلية، إضافة إلى وجود بعض الوحدات السرية للبعثات والحرب غير المتناظرة، ومعظم هذه القوات هي قوات مشاه خفيفة مدربة ومجهزة لمهمات الأمن الداخلي، تشير التقارير إلى أن هذه القوات تضم ما بين 12000 و13000 جندي، وتشكل الصواريخ الباليستية لـ”الحرس الثوري الإسلامي” الدعامة الأساسية لعقيدة الدفاع الإيرانية، حيث يأمل القادة العسكريون التأثير على حسابات العدو من خلال تنوع الترسانة ونطاقها ومعدل الفتك الخاص بها ودقتها وقابليتها للصمود.
تعتمد القوات البرية التابعة للحرس الثوري في إستراتيجية دفاعها عن العاصمة طهران وبقية المدن والمحافظات الإيرانية على حفر الأنفاق وتوزيع منصات صواريخ متحركة تكون جاهزة للإطلاق حال تعرضت لأي هجوم
وقد تم تدريب هذه الوحدات على استخدام مروحيات هجومية مزودة بأحدث الصواريخ الإيرانية المحمولة جوًا، وباستخدام الألغام والمواد المتفجرة كنظم وأساليب للهجوم على أكثر القوات المسلحة تقدمًا، وقد أشار تقرير كتب بواسطة مايكل كونيل من مركز التحليل التابع للبحرية الأمريكية أن الحرس الثوري الإيراني تم تجهيزه منهجيًا، كما تم تنظيم وإعادة تدريب قواته لمكافحة اللامركزية الحزبية وحرب العصابات، وتم دعمه بالأسلحة المضادة للدبابات والمضادة للطائرات الهليكوبتر، كما شكلت العديد من كتائب العمليات التي يمكن أن تستمر في القتال مع قدر كبير من الاستقلال، حتى لو فقدت إيران الكثير من التماسك في قيادتها أو السيطرة على اتصالاتها واستخباراتها.
ويضيف كونيل أن الحرس الثوري الإيراني حاول تطوير وممارسة أساليب الخداع والإخفاء والتمويه وغيرها من صور التغطية الحديثة، بما في ذلك التشتيت إلى فرق صغيرة وتجنب استخدام القوات النظامية للأفراد والمركبات العسكرية، للحد من فعالية الولايات المتحدة.
تعتمد القوات البرية التابعة للحرس الثوري في إستراتيجية دفاعها عن العاصمة طهران وبقية المدن والمحافظات الإيرانية على حفر الأنفاق وتوزيع منصات صواريخ متحركة تكون جاهزة للإطلاق حال تعرضت لأي هجوم وهذا ما أظهرت لقطات بثها التليفزيون الرسمي الإيراني عندما أقدم المسؤولون العسكريون على دعوة الصحفيين المحليين إلى جولة في مجمع تخزين الصواريخ التابع للحرس الثوري، حيث أظهر اللقطات ما يشبه صواريخ عاملة من نوع “قدر” مثبَتَة على منصات متحركة.
وفي الواقع، فإن مجموعتي “قرب نوح” و”قرب غائم”، وهما تكتلان لتعهدات البناء تابعان للجناح الهندسي لـ”الحرس الثوري الإسلامي” المعروف بـ”خاتم الأنبياء”، قامتا ببناء شبكات أنفاق واسعة النطاق لإيواء قاذفات الصواريخ في جنوب وغرب ووسط إيران، وتفيد بعض التقارير أن شبكات منتشرة حول طهران تخفي منشآت لإنتاج الصواريخ.
للحرس الثوري الإيراني فرع بحري به 20.000 مقاتل
وتتضمن الطاقة البشرية لـ”خاتم الأنبياء” 135 ألف موظف عسكري ومدني وموارد تضم 17 آلة عملاقة لحفر الأنفاق، وباستطاعة كل آلة من هذه الآلات حفر ثقوب قطرها 15 مترًا بمعدلٍ يصل إلى 50 مترًا في اليوم الواحد.
القوات البحرية
للحرس الثوري الإيراني فرع بحري به 20.000 مقاتل، بما في ذلك وحدات بحرية تضم 5.000 مقاتل، هذه القوة يمكنها تسليم الأسلحة التقليدية والقنابل والألغام والأسلحة البيولوجية إلى الموانئ وبعض منشآت النفط ومحطات تحلية المياه، وبإمكان هذه القوات تنفيذ عملياتها في الخليج العربي وخليج عمان أو في أماكن أخرى إذا توفرت لها وسيلة نقل مناسبة.
ويتألف الأسطول القتالي لـ”القوات البحرية لفيلق الحرس الثوري” من مئات القوارب الصغيرة وعشرات زوارق الطوربيد الحربية والطائرات سريعة الهجوم المسلحة بصواريخ مضادة للسفن وعدد من الغواصات الصغيرة، وهذه القوات مُدربة ومنظمة للحروب البحرية غير التقليدية ومهام منع الوصول وتعمل في الخليج العربي.
القوات الجوية
يستخدم الحرس الثوري العديد من طائرات التدريب الإيرانية الـ45 PC-7، بالإضافة إلى بعض طائرات التدريب الباكستانية الصنع في مدرسة تدريب قرب “موشاك”، إضافةً إلى أنها تستخدم الصواريخ البالستية “شهاب-3” متوسطة المدى.
فيلق القدس
فيلق القدس هو واحد من خمس وحداتٍ تُشكل الحرس الثوري الإيراني، يتكون الفيلق من 15 ألف مقاتل، وتتركز مهماته على العمليات خارج الحدود الإقليمية مثل إجراء الاتصالات الدبلوماسية السرية وتوفير التدريب وتزويد المنظمات بالأسلحة والدعم المالي وجمع المعلومات الاستخباراتية وتسهيل بعض الدعم الإنساني والاقتصادي الذي تقوم به إيران لدعم سياساته.
تأسس فيلق القدس خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) بهدف القيام بعملياتٍ سرية داخل العراق، وقد اشتمل ذلك على تقديم الدعم للأكراد العراقيين في مواجهة النظام العراقي
ولفيلق القدس مكاتب أو “قطاعات” في العديد من السفارات الإيرانية، وهي غير مسموح بدخولها لمعظم الموظفين في السفارة، وقد تم تقسيم قوات “القدس” إلى فئات محددة من الجماعات أو “الهيئات” لكل بلد أو منطقة يعملون فيها، فهناك مديريات للعراق ولبنان وفلسطين والأردن وأفغانستان وباكستان والهند وتركيا والجزيرة العربية والبلدان الآسيوية والاتحاد السوفياتي السابق والدول الغربية (أوروبا وأمريكا الشمالية) وشمال إفريقيا (مصر وتونس والجزائر والسودان والمغرب).
تأسس فيلق القدس خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) بهدف القيام بعملياتٍ سرية داخل العراق، وقد اشتمل ذلك على تقديم الدعم للأكراد العراقيين في مواجهة النظام العراقي، غير أن الوحدة سرعان ما وسعت أنشطتها لتشمل بلدان أخرى ذات أولوية في مجال السياسة الخارجية، فقد تمثلت إحدى أولى المهمات الإقليمية ذات الأهمية بالمساعدة على إنشاء “حزب الله” عام 1982.
العديد من التقارير تشير إلى أن قوات (القدس) قدمت عمليات نقل أسلحة كبيرة للشيعة في العراق، وقد تشمل هذه العمليات نقل بعض المكونات المتقدمة لصنع أجهزة التفجير في العراق أو المكونات المستخدمة في صنع المتفجرات، بما فيها قطع تجميع الأسلحة والوصلات اللاسلكية المستخدمة لتفعيل هذه الأجهزة وتحريك الآليات العاملة بالأشعة تحت الحمراء، وهذه الأجهزة شبيهة جدًا بتلك التي تستخدم في لبنان، إضافة إلى دور الفيلق في دعم الميليشيات المقاتلة العاملة في سوريا واليمن.
تمويل الحرس الثوري
يسيطر على نحو ثلث الاقتصاد الإيراني (مستوى القوة الاقتصادية الإيرانية بلغ عام 2014 أكثر من 425 مليار دولار، ويعني ذلك أن حجم معاملات تلك القوات كان بمستوى 140 مليار دولار)، وذلك من خلال تحكمه بالعديد من المؤسسات والصناديق الخيرية والشركات التي تعمل في مختلف المجالات، إذ يهيمن على ميزانية الدفاع الإيرانية والصناعات العسكرية الإيرانية، ويمتلك الحرس الثوري مجموعة واسعة من الشركات والمجموعات الاقتصادية العاملة داخل إيران وتنشط في مجال بناء مصحات لعلاج العيون وتعمل في قطاعات السيارات والطرق السريعة والسكك حديدية وبناء مترو الأنفاق والسدود.
تشكل القوة الاقتصادية الهائلة مصدرًا أساسيًا من مصادر قوة ونفوذ الحرس الثوري الإيراني داخليًا وخارجيًا
كما تتشابك أنشطتها مع اقتصاد النفط والغاز واستخراج المعادن، يجدر الذكر أن معظم هذه المؤسسات معفية من الضرائب ولا تخضع للمساءلة الحكومية، وتتربع مؤسسة “خاتم الأنبياء” على عرش الشركات التابعة للحرس الثوري حيث تُمثل مصدرًا رئيسيًا من مصادر تمويل الحرس الثوري وقادته، فهي شركة إنشاءات كبرى تمثل أكبر نظرائها في إيران.
وتمتد نشاطاتها من التجارة إلى التصنيع والإنتاج الصناعي، إضافةً إلى امتلاكه لمجموعة شركات تعمل خارج إيران يديرها رجال أعمال تابعين للحرس الثوري، تتوزع مهامهم بين تجارة الأسلحة وتجارة المخدرات إضافة إلى نشاطاتهم في أسواق النفط السوداء، ويسيطر الحرس الثوري على معظم الصادرات الإيرانية للعراق البالغة 6.5 مليار دولار سنويًا، مثل قطاع نقل طاقة الكهرباء للعراق، ويعد ثالث أغنى مؤسسة في إيران بعد كل من مؤسسة النفط الايرانية ووقف الإمام رضا.
تشكل القوة الاقتصادية الهائلة مصدرًا أساسيًا من مصادر قوة ونفوذ الحرس الثوري الإيراني داخليًا وخارجيًا.
تداعيات تصنيف الحرس الثوري منظمةً إرهابية
في 8 من أبريل/نيسان الحاليّ، أعلن الرئيس الأمريكي ترامب إدراج الحرس الثوري ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية الخاصة بوزارة الخارجية الأمريكية.
سيقلص القرار هوامش مناورة الحرس الثوري الخارجية، مما قد يحد من نفوذه الداخلي والخارجي
ويمثل هذا التصنيف الذي يبدأ سريانه اليوم 15 من أبريل/نيسان أحدث تصعيد لحملة الضغط التي تشنها الإدارة الأمريكية وتستهدف أنشطة إيران الخارجية، والجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، فقد سبق أن تم تصنيف الحرس الثوري من سلطات مكافحة انتشار الأسلحة النووية التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية عام 2007، إضافةً إلى تصنيفه بذات الوصف عام 2017، ورغم من ذلك، فإن هذه المرة الأولى التي يتم فيها تصنيف الحرس الثوري بكل تشكيلاته وأجنحته كمنظمة إرهابية.
الآثار المتوقعة
سيؤثر القرار بشكلٍ رئيس على مصادر دخل الحرس الثوري، وبالتالي على الدولة ككل. كما انه سيعزز القرار من قوة الكتلة السياسية المعادية للتفاوض مع أمريكا. ومن شأن تصنيف ”الحرس الثوري“ بكافة تشكيلاته أوجنحته منظمةً إرهابية أن يزيد من احتمالية إرتكاب ”الحرس“ لعمليات إرهابية منظمة وذات نطاق أوسع من سابقاتها، إضافةً إلى أن القرار سيُقلص هوامش مناورة الحرس الثوري الخارجية، مما قد يحد من نفوذه الداخلي والخارجي، حيث أن أن إدراج المنظمات الإرهابية الأجنبية يؤدي إلى فرض حظر جنائي على توفير الدعم المادي أو الموارد بمعرفة مسبقة إلى المنظمة المصنفة.
الحرس الثوري استطاع خلال العقود الاربعة التي مضت على تأسيسه أن ينسج قوة عسكرية خاصة به عابرة للحدود، وبلذلك أصبح بحد ذاته قوّةً اقليمية تحكم وتتحكم
بالإضافة إلى إدانة الكيانات الرسمية وغير الرسمية في حال تعاملت مع الحرس الثوري ، ومن المتوقع يؤدي القرار الى تضييق الخناق على حزب الله وموقعه في لبنان الذي أُدرج أيضًا على قائمة الإرهاب، وكذلك على الميليشيات الإيرانية العاملة في سوريا، إلّا أن ذلك لن يؤثر على الميليشيات العراقية التي تُموّل ”رسميا“ من قبل خزينة الدولة العراقية.
اكتسب الحرس الثوري نفوذه من خلال علاقته القويّة بالمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية وبمؤسسة، علاوةً على تغلغله الكبير في المؤسسة السياسية، وقدرته الاقتصادية الهائلة، وقد استطاع خلال العقود الاربعة التي مضت على تأسيسه أن ينسج قوة عسكرية خاصة به عابرة للحدود، وبلذلك أصبح بحد ذاته قوّةً اقليمية تحكم وتتحكم .