الصورة: محمد عادل، المتحدث الرسمي باسم حركة 6 أبريل
ترجمة وتحرير نون بوست
الشهر الماضي، حظرت الحكومة المصرية – التي عينها الجيش – حركة شباب 6 أبريل بتهمة التجسس وتشويه سمعة الدولة المصرية. الحركة غير الرسمية استطاعت إثارة غضب الحكومة بسبب معارضتها المستمرة لانتهاكاتها، لكن الحركة لم تهدأ! فقد حثت الاتحاد الأوروبي على إلغاء مراقبته على الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما تنشط بقوة في حملة ضد السيسي، لكن الواضح أن مستقبل المعارضة في مصر – في المدى القصير على الأقل – مستقبل أكثر قتامة من أي وقت مضى.
لقد حُكم على “محمد عادل” و”أحمد ماهر” قادة ٦ أبريل بالسجن لمدة ثلاث سنوات في ديسمبر بموجب قانون التظاهر الذي أقرته الحكومة المدعومة من العسكر، والذي ينص على “وجوب موافقة الحكومة على التجمعات التي تتكون من أكثر من ١٠ أشخاص”. ورغم أن هناك العديد من قوانين تنظيم التظاهر في دول العالم، إلا أن القانون المصري صُمم خصيصًا ليضيق المجال العام ويحظر التعبير السياسي السلمي والشرعي.
ورغم تلك القيود، إلا أن 6 أبريل لم يتم حظرها طبقًا لقانون التظاهر، لكن ذلك كان نتيجة دعوى قضائية اتهمت الحركة بالتجسس وتشويه سمعة مصر. التهمة الأولى نتيجة اتهامات لـ 6 أبريل بتلقيها تمويلاً من مصادر أجنبية، وهذا الاتهام ليس جديدًا، وتم دحضه في السابق. إلا أن التهمة الثانية هي المعادل الحديث للتهمة الأزلية “تجريح عظمته” أو “إهانة الذات الملكية”، وهي لا شك محاولة للحد من المعارضة السياسية المشروعة عبر منع النقد تمامًا.
إن هذا النقد شديد الأهمية للمواطنين الذين يقررون على أساسه موافقتهم أو مخالفتهم لقرارات الحكومة، وهذه التهم تمثل انتهاكًا واضحًا للمادة التاسعة عشر من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي أقرته الأمم المتحدة في ستينات القرن الماضي، كما تخالف الدستور المصري الذي أقره العسكر في مادته الخامسة والستين. كما أكدت الحركة ومحاميها أنهم لم يتم إعلامهم بالجلسة القضائية، وهذا انتهاك واضح لمعايير الإجراءات القانونية المصرية، وللمادة 96 من الدستور التي تكفل حق الدفاع القانوني؛ ولذلك، فإن هذا الحكم يمثل إشكالية موضوعية وإجرائية.
الحكم لم يكن مفاجئًا، فحظر 6 أبريل يمثل الخطوة الأخيرة في مسلسل القمع الذي تقوم به الحكومة المصرية لجميع أشكال المعارضة، لقد شهدت الأشهر العشرة الماضية حلقات أخرى من ذلك القمع، مثل قتل آلاف المؤيدين للإخوان في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وفرض حظر التجول، وحالة الطوارئ، وقانون التظاهر المذكور آنفًا، وإعلان الإخوان جماعة إرهابية، واقتحام المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ومحاكمة صحفيي الجزيرة، وأحكام الإعدام الجماعي لأعضاء الإخوان، وقانون الإرهاب، والآن حظر 6 أبريل.
العديد من المعلقين قالوا إن القمع يمثل “حربا على الإسلاميين”، ومع ذلك، إذا كانت الحكومة تشن هذه الحروب للتخلص من الإسلاميين، لكانت قد حظرت حزب النور السلفي، وحركة تمرد، المعادل الموضوعي للإخوان و6 أبريل، لكن تمرد والحزب السلفي قررا أن يكونا أدوات في يد العسكر بدلاً من الوقوف في طريقهم. وعلى هذا النحو، يمكن فهم هذه الإجراءات في إطارها الصحيح، هذه الإجراءات مجرد جزء من جهود الجيش لإسكات كافة أشكال المعارضة ضد النظام، لا يوجد أي تركيز أيديولوجي على الإطلاق، إن مصر الآن تنقسم بالنسبة للحكومة إلى مؤيدي النظام الاستبدادي ومعارضيه.
كما يبين تحليل أعمق لتطور الإجراءات التهميشية التي تتخذها الحكومة إتجاهًا هامًا. الإجراءات تبدأ غالبًا بشكل تنفيذي (فض الاعتصامات، حالة الطوارئ)، ثم الانتقال إلى الإجراءات التشريعية (قانون التظاهر، قانون الإرهاب) ثم الدخول في المرحلة القضائية (أحكام الإعدام الجماعية، محاكمات الجزيرة)، وفي حين انعدام السلطة التشريعية، فإن كل خطوة تدل على المزيد من الإجراءات الاستبدادية للنظام، كما أن تلك الخطوات تؤكد أن الحكومة المؤقتة تسعى بشكل منهجي للحصول على الشرعية على المدى الطويل، وهذا لا يجعل حظر ٦ أبريل خطوة وحيدة، ولكنها توفر سياقًا تستطيع الحكومة أن تستخدمه لاحقًا.
إن هذا الترسيخ القانوني للقمع السلطوي للمعارضة سيخلق مشاكل ضخمة لأجيال مصرية قادمة. على المدى القصير، فإن الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة ستختبر ما إذا كانت الحكومة المؤقتة ستسمح بانتخابات حرة ونزيهة أم لا، كما ستظهر أيضًا مدى استعداد المصريين مرة أخرى للمخاطرة بحياتهم في معارضة حكومة استبدادية.
إن حظر حركة ٦ أبريل أظهر أسباب انعدام الأمل في أن الحكومة المؤقتة قد يكون لديها نية للسماح بفتح المجال السياسي، أو أن تسمح للشعب المصري بأن يعارض سلميًا في فضاء سياسي حر.
المصدر: ميدل إيست آي