ترجمة حفصة جودة
منذ سنوات كانت مصر تراقب الصراع في ليبيا الذي يهدد بنشر التوتر وعدم الاستقرار على الحدود، والآن يتجه الجنرال خليفة حفتر – الذي قاد القوات العسكرية الليبية في شرق ليبيا لسنوات – للاستيلاء على العاصمة وتوحيد المزيد من المدن. يعد ذلك نصرًا كبيرًا لمصر، ليس فقط من أجل تأمين حدودها والعثور على شريك قوي للعمل في ليبيا، ولكن من أجل دورها الإقليمي أيضاً.
أطاح الربيع العربي في 2011 قد بمعمر القذافي في ليبيا وحسني مبارك في مصر، لكن ليبيا غرقت في الحرب الأهلية بينما ظلّت مصر متماسكة نسبيًا، لكن العنف المتصاعد في سيناء والاضطرابات المتزايدة دفعا الجيش للتدخل في احتجاجات 2013 والإطاحة بالرئيس محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين.
أصبح عبد الفتاح السيسي – القائد العسكري السابق – رئيسًا لمصر وبدأ يتطلع إلى تعزيز حكمه في المستقبل، لكن دور مصر الإقليمي تضاءل في الـ8 سنوات الأخيرة حيث كانت تحاول تعزيز اقتصادها ومحاربة الإرهاب الذي يهددها في الداخل، فالمعركة ضد داعش في سيناء كانت تشكل تحديًا كبيرًا.
بينما يبدو حفتر كأنه القائد الرئيسي في ليبيا، تبدو الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة ضعيفة ومنقسمة
كانت الحدود الليبية تشكل تحديًا أيضًا، فالقوات الجوية المصرية تضرب بانتظام أهدافًا عسكرية لميلشيات تهرب السلاح وأشياء أخرى عبر الحدود، فعلى سبيل المثال يوم 28 من سبتمبر 2017 ضربت القوات الجوية المصرية 10 مركبات كانت تعبر الحدود.
وفي يوم الإثنين الماضي ناقش الرئيس عبد الفتاح السيسي الوضع في ليبيا والسودان مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فقد أطاح الجيش السوداني بعمر البشير الأسبوع الماضي، والآن تسعى مصر لأن تلعب دورًا في السودان كذلك، على الأقل فيما يتعلق بمناقشة الوضع مع القوى الأوروبية، فتقول مصر إنها ترغب في استقرار وأمن المنطقة لذا فهي تراقب عن كثب ما يحدث عند جيرانها الغربيين والجنوبيين.
في 14 من أبريل/نيسان التقى حفتر بالسيسي في القاهرة لمناقشة التطورات في ليبيا، كان حفتر قد شن هجومًا مفاجئًا مطلع الشهر على العاصمة طرابلس ويبدو أن قواته ستستولي على المدينة في النهاية، وبينما يبدو حفتر كأنه القائد الرئيسي في ليبيا، تبدو الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة ضعيفة ومنقسمة.
يرى الجميع أن مصر بالإضافة إلى دول الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة يدعمون حفتر، لكن مصر تقول بشكل رسمي إنها تعمل على دعم الجهود التي تحارب الإرهاب والجماعات المتطرفة. ما سيحدث بعد ذلك في ليبيا يشكل أهمية كبيرة لمصر، فهي تريد لجيرانها أن يكونوا أكثر استقرارًا حتى يتمكنوا من تأمين حدودها.
مع هزيمة داعش وانتهاء الصراع السوري تقرييًا سوف يتزايد الدور المصري في المنطقة
يشكّل ذلك أيضًا تجديدًا لدور مصر الإقليمي، فبعد أن كانت أقوى دولة في المنطقة، تقلّص دورها في مناقشة القضايا والصراعات الكبرى في المنطقة مثل الصراع السوري أو القضية الفلسطينية الإسرائيلية، وأصبحت تعمل بهدوء على قضايا الشرق الأوسط، ويبدو أن مصر لا ترغب في الحصول على دور كبير في مناقشة التدخل الإيراني في المنطقة.
وحتى عندما تلعب مصر دورًا مثل النقاشات مع السلطة الفلسطينية وحماس فإنها تفعل ذلك دون ضجة كبيرة، لكن الوضع قد يتغير، فمع هزيمة داعش وانتهاء الصراع السوري تقرييًا سوف يتزايد الدور المصري في المنطقة.
مع زيادة هذا الدور ستعمل مصر مع المملكة العربية السعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة في القضايا الإقليمية، وستكون ليبيا الاختبار لمصر، فهل ستتمكن مصر بشكل علني أو بهدوء من لعب دور في حل الصراع الليبي؟ وهل ستستمع القوى الأوروبية وغيرها إلى الآراء المصرية؟
تتطلع القاهرة إلى معرفة ما إذا كانت محادثاتها الهاتفية ونقاشاتها ستسفر عن تغير في الخطاب أو التحركات بشأن ليبيا والسودان.
المصدر: جيروزاليم بوست