لليوم الثاني على التوالي يواصل المصريون الاستفتاء على التعديلات الدستورية المقترحة برلمانيًا (20-22 إبريل الجاري)، والتي تعبد الطريق أمام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي البقاء في الحكم حتى 2030 فضلًا عن ملامستها لبعض الجهات السيادية في الدولة على رأسها القوات المسلحة والقضاء.
شهد اليومان، الأول والثاني، حزمة من الممارسات التي اعتبرها البعض مخالفة واضحة للقانون والتي تستهدف في المقام الأول تحقيق المشاركة الكبيرة والضغط على المواطنين بشتى السبل في محاولة لتصدير صورة للداخل والخارج بشأن الموافقة الشعبية على تلك التعديلات التي أثارت الكثير من الجدل على مدار الشهرين الماضيين.
تجييش غير مسبوق من كافة أجهزة الدولة للحشد لهذه الخطوة التي يتم التعامل معها على أنها مسألة حياة أو موت للنظام الحالي وحلفاءه في الداخل في مقابل تحركات حثيثة من قبل التيار الرافض لتلك التعديلات وتسجيل موقف واضح حتى وإن جاءت النتيجة في النهاية لصالح النظام.
ورغم ما تشهده أجواء الاستفتاء من رشاوى انتخابية وحملات دعائية مكبرة وتنوع أساليب الضغوط الممارسة على المواطنين من جانب، في مقابل دعوات التصويت بالرفض والمقاطعة من جانب أخر، إلا أن هذا كله لن يؤثر بالإيجاب أو السلب في النتيجة النهائية، والتي من المؤكد ستكون على غرار الاستفتاءات الثمان الأخرى التي شهدها الشارع المصري خلال الـ 54 عاما الأخيرة والتي جاءت نتائجها بالكامل بالموافقة.
الرشاوى الانتخابية
الملاحظة الأبرز التي فرضت نفسها خلال يومي الاستفتاء انتشار الرشاوى الانتخابية بصورة مكثفة، فاقت في كثير منها ما كان عليه الوضع إبان الحزب الوطني المنحل في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وبينما كانت جماعة الإخوان المسلمين تتهم بتوزيع الزيت والسكر إذ بالأحزاب الحالية تتجاوز هذه المرحلة بمسافات طويلة.
استغلال عوز وفقر المواطنين والعزف على وتر الحاجة كانت الملاحظة الأكثر فجاجة في المشهد الانتخابي، وليس هناك أقسى من تلك الصور التي تناقلتها كاميرات المراسلين والمتابعين لكبار السن من الرجال والنساء وهم متكئين على عصاهم حاملين ثمن أصواتهم في صورة كراتين تحت الإبط وفي الأيدي.
” قول نعم وخد كارتونة”.. كانت هذه العبارة هي الأكثر انتشارا على مدار ساعات التصويت خلال الثمان وأربعين ساعة الماضية، حيث انتشرت الكراتين المقدمة للمواطنين مقابل المشاركة والتصويت بالموافقة على التعديلات، ورغم تعدد الجهات المتورطة في هذه الفضيحة إلا أن حزب “مستقبل وطن” الموالي للنظام جاء على رأس تلك الأحزاب الأكثر توزيعا لتلك الرشاوى.
الحاج علي.. (67عاما) كشف في حديثه لـ”نون بوست” أن أمام اللجنة التي من المفترض أن يصوت فيها في محافظة الجيزة فوجئ بخمسة شباب وامرأة استقبلوه قبيل دخول اللجنة، وقدموا له “كوبون” يسمح له بالحصول على كرتونة عقب الإدلاء بصوته شرط أن يقول “نعم”.
الرجل السبعيني عبر عن فرحته من هذا الموقف، كاشفا أنه وبعد خروجه من اللجنة حصل على الكرتونة بالفعل وكان بها سكر وزيت وشاي ومكرونة، الأمر الذي دفعه لأن يطلب من المسئولين عن توزيع تلك الكراتين أن يستقدم أبناءه وزوجته للتصويت نظير حصول كل منهم على كرتونة، وبالفعل اتصل بهم هاتفيا على الفور وجاءوا وعادوا إلى منازلهم بـ 6 كراتين.
وفي سياق تنوع الرشاوى قدم البعض مبالغ مالية نظير التصويت، تراوحت ما بين 50- 200 جنيها مصريًا (3-12 دولار) وهو ما أكد عليه حسن (35 عامًا) والذي أشار إلى حصوله وزوجته على مائتي جنيه عقب المشاركة وإن لم يتطرق إلى طلب أحد منه التصويت بالموافقة أو الرفض، إلا أنه أشار إلى وقوف بعض الأشخاص أمام اللجان تطالب الجميع بالموافقة على التعديلات حماية للوطن ودعما للاستقرار على حد قوله.
أما حسين.. العامل بإحدى شركات السياحة فأكد أن شركته التي رفض أن يسميها اتفقت مع وزارة التضامن الاجتماعي بتوفير 5 تذاكر عمرة للمشاركين في الاستفتاء في منطقة قصر النيل، وذلك من خلال قرعة تتم عقب الانتهاء من الاستفتاء وإعلان النتائج، وهو ما حدث كذلك مع أحد الفنادق الشهيرة.
كذلك لجأت بعض محال التموين إلى ابتزاز المواطنين بتوزيع كوبونات عليهم وتعليق صرف مستحقاتهم التموينية إلا بعد المشاركة وإبراز مكان الحبر الفوسفوري على أصابع الناخبين، الأمر الذي دفع الكثير إلى النزول خوفا على حصصهم التموينية خاصة وأنهم مقبلون على شهر رمضان المبارك.
هذا بخلاف ما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي من حفلات توزيع الكراتين على المواطنين المشاركين والرشاوى التي باتت سمة بارزة في الاستفتاء الجاري، في الوقت الذي تبرر فيه وسائل الإعلام الموالية للنظام ماحدث بأنه شيئ طبيعي وليس من العيب مساعدة الأهالي المحتاجين كما جاء على لسان الإعلامي أحمد موسى.
No caption needed #لا_للتعديلات_الدستورية pic.twitter.com/k1dp72r17S
— Husseiny BM (@7oseiny_ahmad) April 20, 2019
حشد العمال والموظفين
ومن الملاحظات التي فرضت نفسها على المشهد الانتخابي الحالي رغم أنها ليست بالجديدة حشد رجال الأعمال للموظفين والعمال العاملين بشركاتهم ومصانعهم وتوجيههم إلى اللجان الانتخابية، ومن يثبت تقاعسه أو امتناعه يواجه عقوبات ربما تصل إلى الفصل من العمل حسبما أشار حسن ح (30 عاما)
العامل في تصريحاته لـ “نون بوست” أشار إلى أن صاحب المصنع الذي يعمل فيه وهو عضو برلماني سابق وقيادي حالي بحزب مستقبل وطن الموالي للنظام، اشترط عليهم المشاركة في الاستفتاء والتصويت بنعم مقابل مكافأة يحصلون عليها أول شهر رمضان بجانب إجازة نهاية هذا الأسبوع.
وأضاف أن مدير شئون العاملين في المصنع حذر من التلاعب في النتيجة أو عدم التصويت بالموافقة من خلال زرعه لبعض العاملين المتواطئين معه وسط بقية الموظفين، وفي حال ثبوت عكس ما تم الاتفاق عليه يتعرض العامل للخصم المباشر وربما يصل إلى حد الفصل.
Distribution of food aid to participants at helwan in the referendum of Egyptian constitutional amendments#الاستفتاء#لا_للتعديلات_الدستورية#اطمن_انت_مش_لوحدك#باطل pic.twitter.com/PHxPldxhdA
— Nahla Ahmed Abdelbaky – Psychologist (@nahlaahmedPsych) April 21, 2019
وفي لجان مدينتي أكتوبر والسلام والعاشر من رمضان لوحظ حشود من العمال موحدي الزي في طوابير أمام اللجان، وفي لقاء مع بعضهم أكدوا أنهم حصلوا على مكافات وشنط رمضان وبعض المزايا الأخرى مقابل المشاركة والتصويت بالموافقة، وبسؤال أحدهم عن مضمون التعديلات الدستورية أجاب بأن ذلك لا يفرق معه “المهم الفلوس اللي هناخدها وشنط العيال وهدية رمضان والعيدية”.
بعض العمال في حديثهم لـ “نون بوست” أكدوا رفضهم لتلك التعديلات في ضوء ما سمعوه من بعض الموثوق في أرائهم بالنسبة لهم إلا أنهم خافوا على مستقبلهم الوظيفي حال التصريح بذلك، وحرصا على الحفاظ على وظائفهم أضطروا للمشاركة والموافقة على التعديلات رغم عدم موافقتهم عليها.
حشد العمال والموظفين للتصويت
حزب النور.. علامة استفهام
حشد حزب النور السلفي أعضاءه أمام اللجان الانتخابية منذ صباح أمس، اليوم الأول للاستفتاء، وفي تطور غير مسبوق تفاعل أعضاء الحزب مع الأغاني والموسيقى الصاخبة المنتشرة أمام اللجان، سواء بالتصفيق أو الرقص، وهو ما أثار سخرية واستهزاء الكثير من الحضور.
الغريب أن الحزب الذي كان يحرم خروج النساء في الشوارع وذهابهن إلى العمل سمح لهن بالمشاركة في الحشود والمشاركة حاملات شعارات التأييد للتعديلات وآخريات يحملن صورة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بل وصل الأمر إلى مشاركة بعض النساء المنتقبات بالرقص دون التيقن من مسألة عضويتهن للحزب من عدمه.
وبسؤال أحد أعضاء الحزب من الرجال عن دوافع المشاركة رغم إعلان الرفض قبل ذلك، اعتبر أن الضرورة تسمح بذلك، وأن الظرف الراهن الذي تمر به الدولة يتطلب غض الطرف عن بعض التفاصيل على حد قوله، وبمواجهته برد فعل الحزب حيال استفتاء 2012 أجاب “هذه نقرة وتلك نقرة أخرى”.
يذكر أن الحزب وعلى لسان رئيس الهيئة البرلمانية له أحمد خليل خير الله، قد أعلن موافقته على التعديلات الدستورية، خلال الجلسة المخصصة للتصويت النهائي على التعديلات نداءً بالاسم، متراجعا عن موقفه الرافض لها قبل ذلك، بعد طمأنة رئيس البرلمان لهم بأن المدنية لا تعنى العلمانية، وهي كانت نقطة الاعتراض الوحيدة على التعديلات.
حزب النور يتراجع ويؤيد التعديلات الدستورية
الوافدون كلمة السر
في الوقت الذي تعاني فيه الكثير من اللجان من تواضع الإقبال أللهم إلا العشرات أمام كل لجنة من أنصار الأحزاب الموالية وفرق الرقص والموسيقى الصاخبة، كان للوافدين رأي أخر، إذ أشير لهم على أنهم حصان الرهان في تعويض الحضور الهزيل في معظم لجان المحافظات لاسيما القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية)
وبعد جدل قانوني طويل استقرت الهيئة الوطنية للانتخابات على السماح للوافدين والمغتربين من المحافظات الإقليمية بالتصويت في أي لجنة في أي مدينة، فقط ببطاقة الرقم القومي، بصرف النظر عن صلاحيتها من عدمه، وهو الأمر الذي أدى في نهاية الأمر إلى اكتظاظ الطوابير أمام بعض اللجان لاسيما على الأطراف الحدودية للقاهرة الكبرى.
وأمام هذه المعادلة نشط عدد من الأحزاب بجانب بعض رجال الأعمال في حشد موظفيها وعمالها المغتربين للتوجه إلى صناديق الاستفتاء، هذا بجانب استمالة المئات من العمالة اليومية في الميادين والشوارع الرئيسية كما في مناطق الهرم وفيصل وبولاق بمحافظة الجيزة ومصر القديمة والسلام والنهضة في محافظة القاهرة، وشبرا في محافظة القليوبية، نظير مقابل مادي أو كرتونة كما تم ذكره سابقا.
وبمراجعة خبير قانوني حيال تصويت المغتربين أكد أنه لا توجد أي وسيلة للتحقق من عدم تكرار التصويت، وهو ما يفتح الباب أمام الكثير من التساؤلات، إذ لم يكن هناك أي وسيلة للتأكد من التصويت سوى وجود أثر الحبر الفوسفوري على إصبع الناخب، هذا في ظل عدم وجود قاعدة بيانات انتخابية وعدم ربط اللجان ببعضها إلكترونيا.
الخبير في تصريحاته لـ “نون بوست” أشار أنه يمكن إزالة أثار الفوسفور بسهولة من على الأصابع نظرا لأنه محلي الصنع وكفاءته متواضعة ومن ثم سهولة إزالته، ما يعني إمكانية تكرار التصويت بالنسبة للناخب الواحد، هذا بجانب عدم فصل صناديق الناخبين الوافدين عن غيرها، فالكل يصوت في صناديق واحدة، وهو ما يصعب من عملية الفصل بينهما حال ورود أي شكاوى.
فتح اللجان أمام الوافدين ببطاقة الرقم القومي
مسيرات دعائية
رغم الحظر الذي فرضته السلطات المصرية على المسيرات الدعائية والتظاهرات الجماهيرية إلا بالحصول على تصريح موافقة من الأمن، إلا أن الشوارع المصرية شهدت خلال اليومين الماضيين عشرات المسيرات التي نظمها حزب مستقبل وطن وبعض الأحزاب الأخرى الداعية للتصويت على التعديلات.
المسيرات التي جابت شوارع القاهرة الرئيسية لم تنحصر على العشرات أو المئات من المشاركين فحسب، بل شهدت طوابير من السيارات والباصات وفرق موسيقية ومطربين وفنانيين في بعض الأحيان، هذا بجانب مشاركة بعض مسئولي الدولة فيها كما حدث في محافظة الغربية حيث شارك المحافظ في مسيرة حاشدة بمنطقة المحلة الكبرى أمس.
وفي كفر الشيخ الأمر لم يختلف كثيرًا حيث شارك المحافظ مسيرة لطلاب مدارس بالمحافظة لدعوة المواطنين للمشاركة، كما نظم عدد من الأئمة والخطباء بالمحافظة مسيرة داعمة بمشاركة وكيل وزارة الأوقاف في المحافظة وعضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، كذلك الوضع في الدقهلية والشرقية ودمياط وغيرها من المدن المصرية.
الملفت للنظر أن وزارة الداخلية كانت قد رفضت منح ترخيص لمسيرة معارضة طالبت بتنظيمها أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية أمام مجلس النواب في 28 مارس الماضي، هذا في الوقت الذي طاف فيه المطرب الشعبي حكيم شوارع وسط الجيزة وبالتحديد في منطقة الدقي مستقلا حافلة غير مغطاة مرددا أغنيته “عندك نزوله يا أبو الرجولة” وعددا من الأغاني التي اشتهر بها لجذب المواطنين.
الرقص أمام اللجان
الظاهرة الأكثر حضورًا على مدار السنوات الخمس الأخيرة الرقص أمام اللجان الانتخابية، والتي باتت حديث العالم ووسائل إعلامه المختلفة، هذا في الوقت الذي تساءل فيه الكثيرون عن العلاقة بين الاستحقاقات الانتخابية والرقص لاسيما من قبل النساء وكبار السن من الجنسين.
التطور الذي شهدته العملية الحالية انضمام الشباب والرجال إلى قائمة الراقصين، وهو الأمر الذي أثار سخرية الكثير من رواد السوشيال ميديا، فأمام إحدى لجان مصر القديمة فوجئ الحضور ببعض الشباب لم تتجاوز أعمارهم 30 عاما يتبادلون وصلات الرقص على أنغام أغاني حسين الجسمي وحكيم ومحمد فؤاد
وبسؤال أحدهم عن الدافع وراء هذا الرقص كانت الإجابة: “بنكيد الإخوان وأهو كله بثمنه” مستطردًا : نزلنا النهاردة عشان نقول نعم للرئيس عبد الفتاح السيسي ولا للإخوان” وحين سألته عن علاقة الإخوان بالموضوع أجاب: التعديلات دي قضت على حلم الإخوان في العودة مرة أخرى”.. وهي العبارة التي رددها الإعلامي أحمد موسى أكثر من مرة في تبريره للتعديلات الدستورية.
أما ما يتعلق بوصلات الرقص للسيدات والفتيات فأشارت العديد من المصادر أن الانتخابات “موسم” بالنسبة لبعض الفئات، حيث يتم الاستعانة ببعض السيدات من مناطق بولاق الدكرور والسيدة عائشة ومصر القديمة وفيصل للرقص أمام اللجان مقابل 200 جنيه يوميًا وفق شهود عيان.
وعن الجهة التي تمول حفلات الرقص الصاخبة أشارت المصادر أن الأحزاب السياسية ورجال الأعمال وبعض أعضاء مجلس النواب هم من يمولون هذه الحملات، هذا بجانب بعض الإدارات المحلية والتنفيذية التي تتسارع فيما بينها لإثبات ولائها عبر حشود الدعم والتأييد.
التهديد.. لغة العصر
بعيدًا عن أساليب الترغيب المستخدمة والتي ربما لاتخلو انتخابات منها إلا أن توظيف لغة الترهيب والعزف على وتر تخويف الناس وتهديديهم كان من السمات التي تميز بها الاستفتاء الجاري، وهو ما وثقته كاميرات رواد السوشيال ميديا منذ أمس وحتى اليوم، الأمر الذي أثار احتقان الكثيرين.
ففي إحدى اللجان المرورية وقف عدد من أفراد يرتدون زيا مدنيًا يزعمون أنهم من الأمن أمام سيارات الأجرة وإجبار الركاب على النزول والمشاركة في التصويت ومن يعترض فلا يلومن إلا نفسه، وأمام لغة التهديد ماكان من المواطنين سوى الانصياع حفاظا على حياتهم وتجنيب أنفسهم مغبة الاعتقال والحبس.
وفي بعض مواقف السيارات في القاهرة والجيزة فوجئ السائقين ببعض المنتسبين للأمن – دون إبراز ما يثبت ذلك- يسحبون رخص القيادة ويطالبون من السائقين التوجه بالركاب إلى اللجان الانتخابية، ومن يعترض فلن يحصل على رخصته، وفي نهاية اليوم يحصل السائق على 100 جنيها وكوبون يحصل به على كارتونة بها زيت وسكر وشاي ومكرونة.
تهديد من نوع آخر تعرض له أصحاب المحال التجارية، فبعد أن أجبروا على تعليق لافتات دعاية للتعديلات بالإكراه إذ بهم يجبروا على الذهاب للتصويت واستحضار أهليهم وذويهم مقابل عدم التعرض لهم في محالهم وتجنب اختلاق الأزمات لاسيما المتعلقة بالضرائب والصحة وغيرها.
بينزلوا الناس من المواصلات بالعافية علشان تنزل تشارك ?
متقاوحش.. هتنزل زي ما نزلنا غيرك كتير.. هتنزل عافية #لا_للتعديلات_الدستورية #لا_للتمديد. pic.twitter.com/jmajnYY80d
— Ahmed Taha ?? (@ahmed_taha25jan) April 20, 2019
المعارضون يشاركون
رغم رفض المعارضين للتعديلات للاجتراء على الدستور وتفصيله على مقاس شخص بعينه، إلا أنهم يعانون من حالة انقسام، ففريق يرى بضرورة المشاركة والتأكيد على رفض ما وصفوه بالجريمة، فيما فضّل أخرون خيار المقاطعة تجنبًا لما أسموه “حصول النظام على اللقطة” من خلال الحضور الكثيف.
وطيلة الأيام الماضية شهدت منصات السوشيال ميديا سجالا بين فريقي المعارضة، فلكل وجهة نظره التي يؤمن بها، إلا أنه من الواضح من خلال جولة أولية في عدد من اللجان مشاركة نسبة لا بأس بها من الرافضين للتعديلات، ممن شاركوا لتسجيل موقفهم الرافض وتفويت الفرصة على السلطات لتزوير إرداتهم على حد قولهم.
أحمد علي، أحد المصوتين بـ “لا ” على التعديلات أكد أنه على علم يقين أن موقفه لن يؤثر في نتيجة الاستفتاء إلا أنه في الوقت ذاته ربما يكون نواة لبناء قاعدة قوية من المعارضة، يتناسى فيها الجميع خلافاته البينية، ويوحدوا موقفهم وأرائهم انطلاقا من هذه النقطة الفاصلة في مستقبل الوطن وحاضره.
فيما ذهب الكاتب الصحفي أنور الهواري أن “مواجهة تلك الديكتاتورية يجب أن يكون بسياسة الاعتدال المطمئن والنفس الطويل والصبر الجميل، بالرأي والفكر والعلم والثقافة والوعي والإقناع” مضيفا سنذهب ونقول: لا للتعديلات الدستورية، لا لتأسيس ديكتاتورية جديدة، لا للحكم الفردي المطلق، لا لاستغفال الشعب، لا لمصادرة مستقبل الأجيال، لا للحكم بالحديد والنار”.
وهو نفس ما ذهب إليه محمد سعد عبدالحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين المصرية، الذي طالب بالوقوف طوابير أمام لجان الاستفتاء “كلموا الناس علشان كل واحد رافض للتعديلات الدستورية يعرف أنه مش لوحده.. جربنا المقاطعة كتير.. بس وإحنا بنقاطع قبل كدة كان عندنا فرصة نعبر عن رفضنا من خلال الشارع ومن خلال منصات إعلامية كان فيها هامش حرية، دلوقتي مفيش قدمنا غير صناديق الاقتراع.. هننزل ونشارك ونقول #لا_للتعديلات_الدستورية”
وفي المجمل.. وبصرف النظر عن نتيجة الاستفتاء التي من المرجح أن تنحاز إلى نتيجة الاستفتاءات الثمان السابقة إلا أن الظواهر التي شهدتها هذه المرة من المؤكد سيكون لها ارتدادات عكسية في القريب العاجل وهو ما ذهب إليه البعض، خاصة مع اتساع رقعة المعارضين لهذه الخطوة التي تلاشت معها عبارات التخوين بين الفصائل المعارضة عكس الاستحقاقات الماضية، وتبقى الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة عن العديد من التساؤلات التي تداعب خيالات البعض بشأن احتمالية ميلاد معارضة قوية من رحم تلك التعديلات التي تكرس لديكتاتورية من نوع جديد.