لم يكن أشد المتفائلين من داعمي المعارضة السورية ولا أكثر المتشائمين في صفوف النظام السوري يتوقع السرعة الخاطفة التي حققتها فصائل المعارضة في معركة “ردع العدوان”، التي انطلقت شمال سوريا، فخلال أسبوع فقط وفي غضون ثلاثة أيام، انهارت دفاعات النظام في مدينة حلب، ثاني أكبر محافظة في البلاد وعاصمتها الاقتصادية، لتقع المدينة تحت سيطرة المعارضة بالكامل، في مشهد يعكس انهيارًا غير مسبوق لقوات النظام وميليشياته الإيرانية.
وخلال أسبوع واحد، بسطت فصائل المعارضة سيطرتها على مدينة حلب الاستراتيجية، وريفها الجنوبي والشمالي والغربي، وكامل الحدود الإدارية لمحافظة إدلب، بينما تواصل عملياتها في ريف حلب الجنوبي الشرقي، فيما سيطرت على عدة بلدات في ريف حماة الشمالي، وتواصل استهداف التحصينات الدفاعية التي شيدتها قوات النظام والميليشيات الإيرانية بعد انسحاباتها من الشمال.
هذا التقدم السريع أحدث زلزالًا عسكريًا وسياسيًا في المشهد السوري، وأثار تساؤلات حول مستقبل النظام في مواجهة هذا التقدم المتسارع.
اليوم الأول.. كسر الخطوط الدفاعية
مع إعلان الفصائل المقاتلة المنضوية ضمن غرفة “إدارة العملية العسكرية” إطلاق عملية ردع العدوان، كسرت عناصر فصائل الخطوط الدفاعية لقوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، واخترقت حصونها في ريف حلب الغربي، بينما فرت عناصر النظام وميليشياته أمام ضربات “كتائب شاهين” وفصائل المعارضة.
وأعلنت فصائل المعارضة، أن العملية العسكرية “ردع العدوان”، جاءت ردًا على الحشود العسكرية لقوات النظام والميليشيات الإيرانية في ريف حلب الغربي، وحماية المناطق المحررة من الهجمات، وتوسيع المناطق الآمنة تمهيدًا لعودة أهلها إليها بعزة وكرامة.
خلال ساعات بسطت الفصائل سيطرتها على 17 قرية وبلدة والفوج 46 في ريف حلب الغربي، وكبدت قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية خسائر كبيرة في العدة والعتاد، نتيجة تعدد محاور الاشتباكات التي فتحتها إدارة العمليات العسكرية.
كما فتحت فصائل المعارضة الباب أمام انشقاق عناصر النظام، وأكدت التزامها بتأمين الحماية الكاملة للمنشقين وعائلاتهم، وتوفير الحماية من أي ملاحقات أمنية أو عسكرية، وتقديم الدعم اللازم لتأمين احتياجاتهم في المناطق المحررة شمال البلاد.
بينما وجهت رسالة طمأنة لأهالي مدينة حلب وريفها التي كانت تحت سيطرة النظام السوري، جاء فيها: “أهلنا المدنيين نحن منكم وأنتم منا، وليس بيننا وبينكم إلا الأخوة بالوطن، حربنا مع بشار الأسد وميليشياته متعددة الجنسيات وإننا نأخذ على عاتقنا مسؤولية حمايتكم والدفاع عنكم”.
على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدتها قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية في جبهات غربي حلب، ورغم الدفع بمعظم قواته لتعزيز الخطوط الدفاعية، يواصل النظام إنكار تلك الخسائر بشكل علني، وفي الوقت نفسه، غاب التعاطي الإعلامي والسياسي للنظام مع مجريات معركة “ردع العدوان”، ما يعكس حالة من التخبط العسكري وعدم القدرة على التعامل مع زخم العمليات العسكرية واتساع نطاقها.
اليوم الثاني.. انهيارات متتالية غرب حلب
مع اليوم الثاني، وسعت إدارة العمليات العسكرية صباح الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني، محاور الاشتباك حتى وصلت إلى مشارف أحياء مدينة حلب، حيث سيطرت على أكثر من 32 قرية وبلدة في ريف حلب الشمالي والغربي والجنوبي، وريف إدلب الشرقي.
وتكبدت قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، في ريف إدلب الشرقي وريف حلب الغربي، خسائر فادحة، حيث بلغ عدد القتلى نحو 200 عنصر إضافة إلى مئات الجرحى، وأكثر من 25 أسيرًا، إلى جانب عن الخسائر في العدة والعتاد، حسب إدارة العمليات العسكرية.
ووجهت إدارة العمليات رسالة إلى المقاتلين السوريين في قوات النظام تدعوهم فيها إلى رمي السلاح والدفاع عن أنفسهم ضد الميليشيات الايرانية العابرة للحدود، وأكدت أن “الميليشيات الإيرانية استباحت الأراضي السورية وتسعى إلى تدمير المجتمع السوري بعادات وتقاليد مختلفة عن عادتنا وتقاليدنا وتاريخنا العربي والإسلامي”.
ولاقت العملية في يومها الثاني دعمًا من الجنوب السوري، حيث أصدر تجمع القوى المحلية في محافظة السويداء، بيانًا، يحيي جهود فصائل المعارضة في استعادة أراضيهم وضمان حق السوريين والعودة الآمنة لمنازلهم. كما أصدرت فعاليات ثورية في محافظة درعا، بيانًا مماثلًا، أكدت خلاله وقوفها إلى جانب أي جهد يسهم في استعادة حق السوريين وعودتهم الآمنة الكريمة من تهجيرهم القسري.
وبعد مرور أكثر من 24 ساعة على معركة “ردع العدوان”، أصدرت وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري بيانًا، أكدت خلاله تعرض قوات النظام لهجوم كبير على جبهة واسعة في ريفي حلب وإدلب، محملةً جهات إقليمية ودولية مسؤولية التحريض، واعتبرت أن المعركة “انتهاك سافر لاتفاق خفض التصعيد”، وزعم البيان، أن قوات النظام تصدت للهجوم، وكبدت الفصائل المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح.
بينما أكدت مصادر أمنية تركية، لـ”رويترز“، أن عملية المعارضة السورية باتجاه حلب تقع ضمن حدود منطقة خفض التصعيد بإدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في 2019، مشيرةً إلى أنها توسعت بعد أن غادرت قوات النظام السوري مواقعها، وأوضحت أن العملية جاءت عقب هجمات النظام على المنطقة.
واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن أنشطة فصائل المعارضة في سوريا، جزء من “خطة أمريكية وإسرائيلية لزعزعة أمن المنطقة”، مضيفًا، أنها تمثل انتهاكًا صارخًا لاتفاقية أستانا التي تشمل مناطق خفض التصعيد في أطراف حلب وإدلب.
كما اتهمت وزارة الخارجية الروسية في أول تعليق لها على التطورات التي تشهدها سوريا، بوقوف قوى الغرب وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا خلف العمليات العسكرية لفصائل المعارضة السورية، معتبرةً أنها “تنشر الفوضى في سوريا عبر جماعات مسلحة وإرهابية”، مؤكدةً دعم روسيا للنظام السوري.
اليوم الثالث.. فتح حلب وانسحاب للنظام
في صبيحة يوم الجمعة 29 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت إدارة العمليات العسكرية سيطرتها بالكامل على ريف حلب الغربي بعد 36 ساعة متواصلة، في إطار عملية “ردع العدوان”، مع استمرار العمليات العسكرية على محور محيط حلب وريف حلب الجنوبي والشمالي، وريف إدلب الشرقي.
وسيطرت فصائل إدارة العمليات العسكرية على أكثر من 26 قرية وبلدة في ريف إدلب الشرقي، وأكثر من 22 موقعًا وقرية وبلدة في ريف حلب الجنوبي. بينما أحزرت تقدمًا في مدينة حلب، بعد فرار قوات النظام والميليشيات الإيرانية نحو ريف حلب الجنوبي الشرقي، لتبسط سيطرتها على ما يقارب 75% من أحياء المدينة بينها مواقع عسكرية وإدارية.
ودعت إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ السورية بإدلب، المجتمع الدولي إلى اكتشاف حقيقة ألاعيب النظام السوري الذي لم يصدر لدول الجوار إلا المخدرات والأزمات، وتحول إلى مركز لاستجلاب الميليشيات العابرة للحدود لقتل الشعب السوري، كما دعت وسائل الإعلام العالمية للتفاعل مع الثورة السورية، والدخول إلى المناطق المحررة حديثًا لرؤية الحقيقة.
بينما وجهت رسالةً إلى روسيا، مستنكرةً خلالها التصعيد العسكري وعمليات القصف الروسية الممنهجة على المدنيين في محافظتي إدلب وحلب، ودعت روسيا “إلى عدم ربط المصالح بنظام الأسد أو شخص بشار، بل مع الشعب السوري بتاريخه وحضارته ومستقبله”.
وأكدت “أن الشعب السوري يسعى لبناء علاقات إيجابية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع كل دول العالم، بما في ذلك روسيا التي نعتبرها شريكًا محتملًا في بناء مستقبل مشرق لسوريا الحرة”.
وعلى الصعيد الميداني وجهت إدارة الشؤون السياسية، رسالة إلى أهالي بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في ريف حلب الشمالي، دعتهم فيها إلى عدم الوقوف إلى جانب النظام السوري ومساندته في قتل الشعب، وتعميق معاناته الإنسانية، مؤكدةً ضرورة حماية المدنيين وصون ممتلكاتهم بناءً على مبادئ الثورة السورية القائمة على العدالة والكرامة.
وفي أول تعليق رسمي تركي على المعركة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، أونجو كيتشيلي: “إن الاشتباكات الأخيرة في شمال سوريا أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه بالمنطقة”، وأوضح، أن مستوى الهجمات يهدد روح اتفاقات أستانا ويضر بعملها، فضلًا عن تسببها في خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين.
اليوم الرابع.. إدلب وريفها في قبضة المعارضة
في اليوم الرابع للعملية، بسطت إدارة العمليات العسكرية كامل سيطرتها على محافظة إدلب إداريًا، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد عمليات عسكرية في معرة النعمان، وأبو الظهور، وخان شيخون، جنوب شرق إدلب، بينما تابعت تقدمها في ريف حماة وسيطرت على مورك، كفرزيتا، اللطامنة، كفرنبوذة، الهبيط، كام سيطرته في ريف حلب الشمالي، على مدن: عندان، حريتان، حيان، رتيان، بيانون، نبل، الزهراء.
في المقابل أطلق الجيش الوطني السوري في صباح 30 نوفمبر/تشرين الثاني، عملية عسكرية موازية لردع العدوان، أطلق عليها “فجر الحرية”، وسيطر خلالها على أكثر من 40 قرية ومزرعة جنوب مدينة الباب في ريف حلب الشرقي بعد طرد قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية.
استغلت ميليشيا قسد في حيي الشيخ مقصود والأشرفية ضمن مدينة حلب، انسحاب النظام السوري وسيطرت على عدد من الأحياء المجاورة، ومطار حلب الدولي، والمحطة الحرارية، والمنطقة الصناعية والشيخ نجار ووصلت مناطق سيطرتها في حلب بمدينة تل رفعت، والسفيرة وتل عرن، إضافة إلى سيطرتها على مطار حلب الدولي قبل استعادته من قبل فصائل المعارضة.
وأصدرت الحكومة السورية المؤقتة بيانًا، أعلنت فيه انطلاق عملية “فجر الحرية”، بعيد ساعات من انطلاق العمليات العسكرية الميدانية على خطوط التماس الممتدة من مدينة عفرين وصولًا إلى ريف حلب الشرقي.
بينما وصف رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة، عملية انتزاع السيطرة على مدينة حلب من قبضة النظام، بأنها “انتصار أخلاقي قبل أن يكون عسكريًا يعكس إرادة السوريين في الكرامة والحرية”، حسب منشور على منصة إكس.
في حين، أجرى بشار الأسد مباحثات هاتفية بخصوص التطورات التي تشهدها سوريا، مع نظيره الإماراتي محمد بن زايد، ونظيره العراقي، محمد شياع السوداني، أبدوا خلالها دعمهم للنظام السوري، بينما توعد الأسد برد حازم على المعارضة السورية التي تخوض معركة ردع العدوان خلال حديثه مع ابن زايد.
وفي أول تعليق له، أكد البيت الأبيض، أن لا علاقة للولايات المتحدة الأمريكية بهذا الهجوم الذي تقوده هيئة تحرير الشام، واعتبر أن رفض النظام السوري المستمر للمشاركة في العملية السياسية حسب القرار 2254، تسبب في استمرار عمليات القتال، وحثت واشنطن على عملية سياسية جادة لإنهاء الحرب الأهلية.
كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن أنقرة ليست منخرطة في الصراعات الدائرة في حلب، مشيرًا إلى أن بلاده تتخذ احتياطاتها، وستتجنب أي إجراء قد يؤدي إلى موجهة هجرة جديدة في سوريا.
اليوم الخامس.. حلب المدينة في قبضة المعارضة
واصلت فصائل المعارضة هجماتها على آخر مواقع النظام السوري والميليشيات الإيرانية ضمن أحياء مدينة حلب في، 1 ديسمبر/كانون الأول، حيث بسطت سيطرتها على كلية المدفعية في الراموسة وكلية المدفعية في الميدان، والأكاديمية العسكرية. بينما أحكمت سيطرتها في ريف حلب على المنطقة الصناعية في الشيخ نجار، والمنطقة الحرة والسجن المركزي، شمال وشرق حلب.
كما سيطرت جنوبي حلب على مواقع استراتيجية في السفيرة وخناصر وجبل عزان، وفي حماة، سيطرت إدارة العمليات العسكرية على منطقة جبل شحشبو وعدد من القرى والبلدات.
كما أحكم الجيش الوطني سيطرته على المنطقة الصناعية الثالثة في الشيخ نجار، والمحطة الحرارية، شرقي حلب ومدينة تل رفعت، وبلدات دير جمال الشيخ عيسى، حربل، تل قراح، كفرنايا، كفين، ومنغ ومطارها العسكري في إطار عملية فجر الحرية.
ووجهت إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ السورية العاملة في إدلب رسالة إلى الحكومة العراقية، خلال بيان، توضح فيه العلاقة الأخوية والودية الراسخة بين الشعبين، السوري والعراقي، على خلفية تصريحات المسؤولين العراقيين حول أمن الحدود مع سوريا.
وأكدت، “أن سوريا لن تكون مصدرًا للقلق أو التوتر في المنطقة، مع الالتزام بتطوير وتعزيز علاقات التعاون الأخوي مع العراق، لضمان استقرار المنطقة وتحقيق المصالح المشتركة للشعبين، السوري والعراقي”.
بينما أجرى وزير خارجية حكومة النظام السوري، بسام صباغ، اتصالات هاتفية مع نظرائه في السعودية، مصر، إيران، العراق، عُمان، الإمارات، الأردن، بحث خلالها التطورات الميدانية التي تشهدها سوريا، وأوضحت دول موقفها الداعم للنظام السوري، مع استمرار التواصل بينهم بشأن تحقيق الاستقرار في سوريا.
وزار وزير الخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، في 1 ديسمبر/كانون الأول، العاصمة السورية دمشق بهدف بحث التطورات الأخيرة الساخنة في سوريا، فيما أكد، دعم إيران للنظام السوري في وجه المعارضة السورية شمال البلاد.
وتوجه عراقجي، بعد زيارته للأسد، إلى أنقرة، والتقى نظيره التركي، هاكان فيدان، وقال الأخير في مؤتمر صحفي: “إن عملية أستانا ساهمت في وقف النزاعات، لكن السبب الرئيسي للصراع هو المشكلات التي لم يتم حلها في سوريا على مدار 13 عامًا”، وأضاف: “الهجمات على المدنيين أدت إلى إشعال الصراع الداخلي من جديد”، مؤكدًا أن بلاده تدعم الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
بينما أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، شون سافيت، موقف واشنطن إزاء التطورات في سوريا، خلال تصريحات لـ”رويترز”، لافتًا إلى أن اعتماد قوات النظام السوري على روسيا وإيران بشكل كامل أدى إلى انهيار دفاعاته أمام فصائل المعارضة شمال غربي سوريا، وشدد على أن رفض النظام المستمر للانخراط في العملية السياسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254 تسبب في استمرار عمليات القتال.
اليوم السادس.. حسم ملف “قسد” شمال حلب
قطعت فصائل المعارضة السورية في عمليتي “ردع العدوان” و”فجر الحرية” الطريق على قوات “قسد” شمال حلب عن مناطق سيطرتها في مدينة منبج، إضافةً إلى عزلها جغرافيًا بين سيطرتها في حيي الشيخ مقصود والأشرفية عن مناطق سيطرتها المتبقية في ريف حلب.
وبسطت فصائل المعارضة كامل سيطرتها على ريف حلب الشمالي وكلية المشاة ومطار النيرب العسكري ومعامل الدفاع في السفيرة، بينما شارفت على أطراف مدينة حماة، التي حشدت فيها قوات النظام والميليشيات الإيرانية بعد انسحابها من حلب وإدلب بشكل تدريجي أمام تقدم فصائل المعارضة.
وعقدت فصائل المعارضة اتفاقًا مع “قسد” في حلب بهدف خروج عناصرها إلى مناطق شمال شرقي سوريا، بينما تركت للمواطنين المدنيين خيار البقاء، وخرجت أرتال عسكرية ومدنية من آخر معاقل “قسد” في ريف حلب باتجاه مناطق سيطرتها في منبج والرقة، ومن المفترض أن تخرج باقي القوات من حيي الأشرفية والشيخ مقصود خلال الأيام القادمة.
وأكدت إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ، في بيان، أن الأكراد جزء من هوية سوريا ونسيجها الوطني، ولهم حقوقهم كباقي مكونات المجتمع السوري، وهم جزء من الهوية السورية المتنوعة، مضيفةً، أنها تؤمن أن التنوع قوة وليس ضعفًا في سوريا المستقبل.
وتوعدت أنها “لن نسمح لأحد أن يعبث بهذا النسيج المتكامل، أو أن يعكر صفو الأخوة والتعاون بين جميع المكونات السورية. نحن نقف مع الأكراد كما نقف مع جميع فئات الشعب السوري في بناء سوريا المستقبل التي تسودها العدالة والكرامة للجميع”.
بينما أكدت هيئة التفاوض السورية على ضرورة استثمار التطورات في سوريا سياسيًا، لتفعيل العملية السياسية، خلال اجتماع طارئ عقدته مع ممثلين من الحكومة السورية المؤقتة والفصائل العسكرية، بهدف مناقشة التطورات الميدانية والعسكرية الأخيرة، وتناول فرص وتحديات تفرضها العملية السياسية.
وأضافت في بيانها، “استمرار اتصالات رئيسها مع الجامعة العربية والأمم المتحدة والمبعوث الأممي والدول الغربية الفاعلة في الشأن السوري من أجل الدفع نحو بدء حل سياسي حقيقي وشامل وفقًا للقرار الدولي 2254”.
ودعت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، في بيان مشترك، إلى وقف التصعيد في سوريا وحماية المدنيين والبنية التحتية الأساسية، وأكدت الحاجة الملحة إلى حل سياسي للنزاع بقيادة سورية بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
من جانبه، عبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن أمله في إنهاء حالة عدم الاستقرار بسوريا، عبر اتفاق يتماشى مع المطالب المشروعة للشعب السوري.
وقال: “نتابع عن كثب التطورات التي استجدت بشكل مفاجئ خلال الأيام الماضية في جارتنا سوريا”. مؤكدًا أن “تركيا كما كانت بالأمس مستعدة، واليوم أيضًا للقيام بما يقع على عاتقها لإخماد النار المشتعلة في المنطقة”.
اليوم السابع.. تطورات ميدانية ومواقف سياسية
بسطت فصائل المعارضة السورية سيطرتها على عدد من البلدات في سهل الغاب وريف حماة الشمالي منذ صباح 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، في إطار عملية ردع العدوان، فيما أكدت إدارة العمليات العسكرية، أن جيش النظام السوري والميليشيات الإيرانية يتعرضون لانهيارات واسعة على جبهات القتال.
ولا تزال العمليات العسكرية مستمرة في خطوط التماس مع قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية في أرياف حماة الشمالية، بعدما حشد النظام قواته وميليشيات محلية سورية وميليشيات إيرانية على أطراف محافظة حماة الشمالية.
وأعاد تقدم فصائل المعارضة السورية رسم خريطة السيطرة الجغرافية في سوريا، وكسر جمود الملف السوري سياسيًا بعد إحكامه باتفاقيتي أستانا وسوتشي بين الدول الضامنة تركيا، روسيا، إيران، ما قيض العملية السياسية، وأطاح بقضية الثورة السورية، وسط استمرار هجمات النظام وحلفائه على مناطق آهلة بالسكان في شمال غربي سوريا.
ويبدو أن تحركات المعارضة السورية المدروسة على الأرض عسكريًا، والتصريحات والرسائل السياسية الإقليمية، والدولية من قبل إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ السورية في إدلب، أعادت أنظار العالم إلى سوريا، بعدما كان موجهًا أنظاره إلى غزة ولبنان في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وكشفت التصريحات الدولية والإقليمية حول التطورات الميدانية والعسكرية السورية مدى الاهتمام الدولي بإيجاد حل حقيقي للقضية السورية، وتوجيه دعوات لبذل جهود مضاعفة للوصول إلى حل سياسي في سوريا وفقًا للقرار الأممي 2254.