ترجمة وتحرير: نون بوست
عندما يحين موعد الخلود إلى النوم، تحاول ليلى وهي امرأة أفغانية تبلغ من العمر 34 سنة، أن تجد لنفسها مكانا بجوار زوجها على المرتبة السفلية الضيقة على السرير الطبقي، بينما تتقاسم ابنتها المراهقة وابنها البالغ من العمر11 سنة السرير الموجود في الأعلى. وعلى بعد 18 بوصة، تتزاحم عائلة أخرى على سرير طبقي آخر، وفي أسفل الصف، تعيش 20 عائلة أخرى الوضع ذاته.
تعيش هذه العائلات في حاويات شحن معدنية، وسبيلها الوحيد لتحظى بشيء من الخصوصية هو تعليق بطانيات رمادية حول أسرّتها. وحتى تنعم هذه العائلات بقسط من النوم، يجب أن يقوا أنفسهم ليلا من الحكة التي تسببها الحشرات، على غرار بق الفراش والقارمة الجربية، التي تخلّف كدمات في جميع أنحاء الجسم.
في الواقع، ليست الأوضاع أسهل خلال النهار. فبهدف الاستحمام، يتعيّن على هؤلاء اللاجئين انتظار دورهم لمدة ساعة أو أكثر في ظلّ وجود 40 أو ما يزيد عن ذلك من الأشخاص الذين يعيشون مثلهم في الحاويات. أما لتناول الطعام، فينبغي عليهم الاستيقاظ باكرا على الساعة الثالثة صباحا للانتظار في الصف حتى الساعة التاسعة للحصول على علبة عصير وخبز وفواكه لفطور الصباح.
حتى يتمكّنوا من غسل ملابسهم، يجب أن يشقوا طريقهم إلى إحدى الحنفيات الثماني المتاحة لأربعة آلاف شخص يعيشون في الجوار، حيث أن العديد منهم لم تتسن لهم فرصة للعيش في مثل هذه الحاويات. وعوضا عن ذلك، يجب أن يتأقلموا مع العيش في خيام، في حين أن ألف شخص آخرين مُجبرون على العيش خارج المخيم في الغابات في خيام أو أكواخ مصنوعة من أغطية وأقمشة موصولة معا، حيث لا تتوفر فيها لا كهرباء ولا ماء ولا دورات مياه.
كانت الاتفاقية، التي عُقدت في 20 آذار/ مارس 2016، بمثابة استجابة لوصول ملايين اللاجئين إلى تركيا وأوروبا سنة 2015
في السابق، كانت ليلى، التي ترتدي العباءات السوداء ذات الأكمام المخرّمة وأثواب صدرية، سيدة أعمال ومعلمة تدرّس النساء الورعات المهارات المطلوبة، على غرار الخياطة وزراعة الزعفران. في الوقت الراهن، أضحت هي وعائلتها من ضمن الآلاف من طالبي اللجوء الذين فروا من الحرب والاضطهاد والتعذيب ليصبحوا عالقين في جزيرة ساموس، أكثر مخيمات اللاجئين اكتظاظا في اليونان. وقد أصبحت جزيرة ساموس تمثل قسوة الحياة التي نتجت عن الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، والتي تركت حوالي 75 ألف طالب لجوء طيّ النسيان.
كانت الاتفاقية، التي عُقدت في 20 آذار/ مارس 2016، بمثابة استجابة لوصول ملايين اللاجئين إلى تركيا وأوروبا سنة 2015. لقد بدأت هذه الاتفاقية في إطار عملية مقايضة كل لاجئ يصل بشكل غير قانوني إلى هذه الجزيرة اليونانية مقابل لاجئ سوري في تركيا. ووفقا لمنظمة العفو الدولية، استندت عملية التبادل آنذاك إلى “فرضية غير صحيحة، ولكن وقع تجاهلها عن قصد، مع العلم أن تركيا تعد بلدا آمنا بالنسبة للاجئين وطالبي اللجوء”.
فضلا عن ذلك، تضمنت هذه الاتفاقية منح اليونان مساعدات مالية بقيمة 1.6 مليار يورو من أجل إبقاء اللاجئين على أراضيها ومنعهم من السفر إلى باقي الدول الأوروبية. وحاليا، تجري وكالة مكافحة الفساد التابعة للاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية، بروكسل، تحقيقا للكشف عن مصادر إنفاق هذه المساعدات الممنوحة، حيث وقع التأكيد أنها لم تُستخدم لمساعدة اللاجئين.
كانت الآثار المترتبة عن الاتفاقية واضحة بشكل خاص على جزر بحر إيجة الشمالية مثل ساموس، نظرا لأنها تقع بالقرب من تركيا وتستقطب معظم اللاجئين
إذا كان الهدف الرئيسي من عقد هذه الاتفاقية هو ثني اللاجئين عن عبور البحر، فإن الاستراتيجية بدت في البداية ناجحة وساهمت في تراجع عدد الوافدين الجدد. ولكن بحلول صائفة 2018، ارتفع عدد اللاجئين من جديد. فعلى الرغم من الرياح الشديدة والعواصف القاسية، شهد الشتاء المنقضي ارتفاعا في عدد الأشخاص الذين حاولوا اجتياز البحر متّجهين نحو اليونان، حيث وصل إلى 2652 شخصا خلال شهر كانون الثاني/ يناير فحسب، بزيادة تُقدّر بـ 488 شخص مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية. وبحلول الرابع عشر من شهر نيسان/ أبريل الجاري، وصل 9233 طالب لجوء جدد إلى اليونان، و1444 إلى جزيرة ساموس. ومن المتوقع وصول المزيد منهم مع ارتفاع درجات الحرارة.
في 19 آذار/ مارس، أي قبل يوم واحد على الذكرى السنوية الثالثة لهذه الاتفاقية، وقع سحب زورقين مطاطيين إلى الجزيرة، أحدهما كان على متنه 62 شخصا قادمون من القارة الإفريقية، في حين أن الزورق الآخر كان يحمل 55 شخصا من سوريا والعراق. لقد وجدت هذين المركبيْن على مرفأ على الشاطئ، بأجنحة طويلة من المطاط نصفها منتفخ يحتويان على سترات مبلّلة، وأحذية أطفال، وأنابيب داخلية، وسترات النجاة مبلّلة، وأكياس بلاستيكية سوداء استخدمها هؤلاء الأشخاص لحمل أمتعتهم.
تم الاحتفاظ بآلاف اللاجئين على الجزر حتى بعد اجتيازهم لتلك المقابلة، نظرا لأن الحكومة اليونانية ادّعت أنه لا يوجد مكان في البر الرئيسي، وهو ما تسبب حاليا في محاصرة حوالي 15 ألف شخص في الجزر
كانت الآثار المترتبة عن الاتفاقية واضحة بشكل خاص على جزر بحر إيجة الشمالية مثل ساموس، نظرا لأنها تقع بالقرب من تركيا وتستقطب معظم اللاجئين. قبل إبرام هذه الاتفاقية، كان اللاجئون الوافدون يُنقلون إلى البر الرئيسي أو أوروبا في غضون بضعة أيام أو أسابيع. ولكن بعد إبرام الاتفاقية، أجبر الكثير منهم على الانتظار في الجزر لعدة أشهر وحتى سنوات بسبب طبيعة الاتفاقية التي كانت تنص على أنه لا يمكن لطالبي اللجوء مغادرة الجزيرة، إلى حين اجتيازهم مقابلة من أجل تحديد ما إذا كان ممكنا إعادتهم بأمان إلى تركيا، في حين كانت خدمة اللجوء في اليونان تعاني من نقص التمويل ولا تحظى بالاهتمام.
بالإضافة إلى ذلك، تم الاحتفاظ بآلاف اللاجئين على الجزر حتى بعد اجتيازهم لتلك المقابلة، نظرا لأن الحكومة اليونانية ادّعت أنه لا يوجد مكان في البر الرئيسي، وهو ما تسبب حاليا في محاصرة حوالي 15 ألف شخص في الجزر. مؤخرا، نقلت الحكومة اليونانية المزيد من الأشخاص من الجزر إلى معسكرات نائية أو فنادق في البر الرئيسي لانتظار أول مقابلة لهم، إلا أن مدّة انتظار هذه المقابلات زادت لفترة أطول، وصل بعضها إلى العامين.
بالنسبة إلى معظمهم، فإنهم حتى لو نجحوا فإن سنوات أخرى من الترقب في انتظارهم. وقد يعود سبب ذلك أولا إلى أن المقابلة الثانية ستقوم بتحديد وضعية اللاجئين، ثم القيام بالمزيد من المقابلات في حال تم رفض أحدهم وتسجيل استئناف بعد ذلك. ولكن مخيم ساموس يظل مكتظا ذلك أن كل حمولة قارب يتم نقلها إلى البر الرئيسي، يأتي محلها عدد كبير من طالبي اللجوء الجدد.
بقدر ما كانت هذه الظروف مروعة للجميع، فإنها كانت تشكل خطورة خاصة على النساء اللاتي يشكلن 22 بالمئة من سكان المخيم
خلال مقابلة معها أخبرتني ليلى: “عند وصولنا إلى هنا في كانون الأول/ ديسمبر، لم يكن هناك مكان ننام فيه، مما اضطرنا إلى شراء خيمة بأموالنا الخاصة ثم أقمنا في الغابة خارج المخيم”، هذا ما قالته ليلى بلغتها الفارسية وقد ترجم لي لاجئ أفغاني آخر هذه الجمل. (بما أن ليلى من طالبي اللجوء، فقد طلبت تغيير اسمها لحماية هويتها).
في سياق متصل، أضافت ليلى: “كنت مصدومة بالظروف، لدرجة أنني عجزت عن التفكير حتى في البرد والمحاصرة التي كنت سأشعر بهما، لكنني اعتقدت على الأقل أنه سيكون هناك قوانين وأمن. ولكن لم تكن هناك قوانين، حيث كان الناس يتقاتلون في المخيمات، كنت أراهم ينزفون ولكن لم يكن أحد يحرك ساكنا. كان الرجال يشربون ويحتفلون طوال الليل، وهو ما كان عائقا أمام النوم، لقد كانت الأجواء مخيفة للغاية، حتى أنه كان علينا الذهاب إلى المرحاض معًا، يدا بيد”.
بشكل عام، بقدر ما كانت هذه الظروف مروعة للجميع، فإنها كانت تشكل خطورة خاصة على النساء اللاتي يشكلن 22 بالمئة من سكان المخيم، واللواتي يتم تجاهل احتياجاتهن في كثير من الأحيان، في حين يمثل الرجال نحو 54 بالمئة من اللاجئين أما الباقي فهم أطفال.
قالت زينب، وهي أرملة تبلغ من العمر 23 عامًا من الصومال، وقد كانت ترتدي حجابًا أصفر ساطع: “كنّا نخشى الخروج ليلا”. وأضافت لاجئة فلسطينية أخرى في ترجمة من العربية إلى الإنجليزية قائلة: “بالنسبة إلى النساء هنا، فإن الليل يصبح بمثابة سجن، لذلك نذهب إلى الحمام قبل حلول الظلام، ثم نمكث في خيامنا حتى قدوم الصباح.
من المفترض أن تتلقى النساء اللاتي يصلن إلى هنا بمفردهن مثل زينب الرعاية المناسبة، ويجب نقلهن إلى البر الرئيسي بسرعة
لقد أخبرتني زينب أنها اضطرّت إلى ترك ابنها البالغ من العمر أربع سنوات في الصومال مع والدتها هربًا من زواجها قسرا من أحد أعضاء حركة الشباب المجاهدين، وأضافت: “لا أعرف حتى ما إن كنت أرملة أم لا. لقد اضطر زوجي إلى الفرار من هذه الحركة لأنهم كانوا سيقتلونه، فذهب إلى ليبيا قبل عامين، ولم يُسمع عنه شيء منذ ذلك الحين”، كانت عيناها ممتلئة بالدموع وهي تريني صورة ابنها. وصلت زينب إلى ساموس قبل خمسة أشهر، ويتعين عليها الانتظار لمدّة عامين آخرين لإجراء المقابلة التي ستحدد وضع اللجوء الخاص بها؛ وستمرّ هذه السنوات التي سيكبر خلالها ابنها من طفل صغير إلى صبيّ دون تواجدها معه.
أرتني زينب بطاقة الهوية المؤقتة التي يحصل عليها جميع طالبي اللجوء عند وصولهم إلى ساموس، ويوجد تحت اسمها وتاريخ ميلادها موعد مقابلتها القادمة وختمٌ أحمر يمنعها من مغادرة الجزيرة. واصلت زينب حديثها، ماسحة دموعها: “إن الوضع خطير للغاية بالنسبة للأطفال في الصومال. لقد جئت إلى هنا وكلها أمل في أن أجد الأمان، وأن أبني حياة لي هنا ومن ثمّ أجلب ابني. لكنني لا أستطيع أن أعيش عالقة وسط هذا المخيم، إنني أشعر بالضيق، وأبكي كثيرا لوحدي”.
من المفترض أن تتلقى النساء اللاتي يصلن إلى هنا بمفردهن مثل زينب الرعاية المناسبة، ويجب نقلهن إلى البر الرئيسي بسرعة. لكن في الواقع، لا يتمتع الكثيرون بأي حماية على الإطلاق، بصرف النظر عن منعهن من الخروج بعد حلول الظلام وإعطائهن قفلا صغيرا لإغلاق سحاب خيامهن.
يسيطر الخوف من العنف الجنسي على نساء المخيم، الذي يمثّل صدمة كبرى خاصة للناجيات من الاغتصاب والتعذيب خلال الحروب التي دفعتهن للهرب إلى ساموس
إلى جانب ذلك، تضطر النساء للتعامل مع التحرش الجنسي والمضايقات. ونظرًا إلى أن مراحيض المخيم مسدودة وقذرة، والأرضيات منهارة، والجدران سوداء بسبب كثرة الأوساخ، فإن أولئك الذين يعيشون في الخيام يحتاجون إلى استخدام المراحيض والاستحمام داخل حاويات. في المقابل، يشغل الرجال معظم الحاويات، إذ يمنع بعضهم دخول الأطفال أو النساء، بينما يتقاضى آخرون رسومًا.
أخبرتني إحدى النساء أنها قبضت على رجل يتجسس على النساء أثناء استحمامهن. ونتيجة لكل هذا، غالبًا ما تتجنب النساء استعمال دورات المياه تمامًا، وعوضا عن ذلك، يغتسلن في الأحواض، ويستخدمن الأكياس والِدلاء البلاستيكية كمراحيض، ويتبوّلن في زجاجات.
دورات المياه المخصّصة للاجئين في ساموس
أخبرتني الدكتورة صوفي غيديون أن “معدلات العدوى مرتفعة للغاية نظرا لمدى تلوّث المخيم”. وتدير غيديون منظمة طبية غير حكومية صغيرة تقع خارج المخيم تدعى “ميداكالي” أين يعمل أربعة أطباء وممرضتان على خدمة ما بين 90 و100 لاجئ يوميًا. ويحتوي هذا المخيم على طبيب رسمي واحد، ولكن لا يوجد أي طبيب أسنان. أخبرني كذلك العديد من اللاجئين عن الساعات الطويلة التي يقضونها في الانتظار من أجل رؤية الطبيب، فقط ليعودوا أدراجهم مع موعد جديد للانتظار ساعات إضافية في يوم آخر.
فضلا عن ذلك، يسيطر الخوف من العنف الجنسي على نساء المخيم، الذي يمثّل صدمة كبرى خاصة للناجيات من الاغتصاب والتعذيب خلال الحروب التي دفعتهن للهرب إلى ساموس. وصلت اللاجئة السوريّة ماجدة علي إلى ساموس سنة 2016 وتعمل الآن كوسيط ثقافي لطبيب المخيم، وصرّحت أنها ترى ضحيتين للاغتصاب على الأقل في المخيم كل شهر. ومع ذلك، لا يحتوي المخيم سوى على أخصائية نفسية واحدة، تتمثل مهمتها الرئيسية في تقييم الصدمة التي مرّ بها كلّ طالب لجوء، مما يعني أنهم لا يستطيعون رؤيتها سوى لمرة واحدة.
اُفتتح هذا المخيم، الذي تديره الحكومة اليونانية بمساعدة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في شباط/ فبراير 2016 كمركز طوارئ لاستقبال وتحديد هوية طالبي اللجوء، أي مركز معالجة مؤقت. ويقع المخيّم على جانب جبلٍ مباشرة فوق بلدة فاثي، ويتمركز فوق قاعدة عسكرية سابقة مصممة لاستيعاب ما لا يتجاوز 648 سريرًا ومحاطة بجدران إسمنتيّة وأسوار لمجابهة الأعاصير تعلوها لفائف من الأسلاك الشائكة، إلى جانب أضواء هائلة فوق أعمدة طويلة تبقى منارة طوال الليل.
لطالما كانت الحياة في مخيم ساموس أليمة وقاسية، لكن منذ إبرام الاتفاقيّة ازداد الوضع سوءًا
داخل هذه الجدران، توجد العشرات من حاويات الشحن البيضاء، مثل التي تسكنها ليلى، مصفوفة أعلى التل، إلى جانب آلاف الخيام المنصوبة بينها. علاوة على ذلك، تتكدس أكوام القمامة في الأزقة، وينشر الغسيل فوق الأسوار والأسلاك الشائكة وقمم الخيام، وتجري الفئران بين أكوام القاذورات، بينما يمشي الأطفال حفاة في الوحل والغبار.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، أصبح اللاجئون أكثر تقبّلا لإقامتهم الطويلة في المخيم، حتى أنهم بنوا قرية من الأكواخ المصنوعة من البطانيات الرمادية التي تقدّمها المفوضية والبلاستيك الأزرق الممتد فوق إطارات خشبية، وهو مكان يطبخون فيه على أسطوانات الغاز أو فوق نار المخيّم، ويستخدمون فيه الدلاء عوضا عن المراحيض.
لطالما كانت الحياة في مخيم ساموس أليمة وقاسية، لكن منذ إبرام الاتفاقيّة ازداد الوضع سوءًا. ومع ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف الماضي، استمر تدفّق الماء لمدة ساعتين فقط في تلك الأيام، وانسدّت جميع المراحيض، وانبعثت من المخيم رائحة مياه الصرف الصحي.
خلال الشتاء، ينفذ الطعام من المخيم لأيام وتصبح الحاويات مزدحمة لدرجة أن اللاجئين ينامون على الأرض بينما تغسل الرياح والأمطار خيامهم وتسبح ممتلكاتهم في أنهار من الطين. بحلول الربيع، تصبح الظروف مزرية لدرجة أن أوكسفام و24 منظمة غير حكومية أخرى أرسلت عشية الذكرى الثالثة للصفقة اليونانية التركية رسالة إلى قادة الاتحاد الأوروبي مفادها أن الصفقة أدت إلى تبني اليونان سياسات غير حكيمة أو فعالة وتنطوي على العديد من المخاطر.
على الرغم من قساوة العنصرية وانعدام الأمن والظروف المزرية، إلا أن اللاجئين لا يعتبرونها أكبر متاعبهم، حيث أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم معرفتهم ما إن كانوا سيحصلون على حق اللجوء والإذن بمغادرة الجزيرة أو سيتم إعادتهم إلى تركيا حيث يمكن ترحيلهم للبلد الذي فروا منه
تحول الازدحام المفرط لمصدر إزعاج بالنسبة للسكان المحليين الذين قدموا الكثير من المساعدة عند بداية تدفق اللاجئين، حيث قدموا لهم الغذاء المجاني في مطاعمهم، واستقبلوهم بالملابس الجافة والمياه عند نزولهم في حالة رهيبة من القوارب المطاطية التي أوصلتهم. لكن سكان جزيرة ساموس التي تعتمد على السياحة ومدينة فاثي الصغيرة سئموا من هذا الوضع. وفي السابع من شباط/ فبراير، أغلق الناس محلاتهم يوما كاملا احتجاجا على الوضع ومطالبين السلطات اليونانية باتخاذ تدابير حيال ازدياد عدد اللاجئين. وبينما أكتب هذا المقال، يرفض 70 من الأهالي المحليين إرسال أطفالهم إلى المدرسة مع أطفال اللاجئين بتعلة أنهم ينشرون المرض.
أخبرتني زينب أن الناس وحتى الأطفال يقومون بتغطية أفواههم عند مرور اللاجئين كأنهم مصدر للعدوى، وعندما يذهبون لشراء بعض الحاجيات من المتاجر يقول أصحابها إنها ليست للبيع في حين أنهم يبيعونها للسكان المحليين. وأضافت زينب بأنها ذهبت صحبة صديقتها لشراء بعض الأكل من مطعم وعندما جلستا لتناوله أخبرهما صاحب المطعم أنه لا يمكنهما أن تأكلا هنا وقام بطردهما.
على الرغم من قساوة العنصرية وانعدام الأمن والظروف المزرية، إلا أن اللاجئين لا يعتبرونها أكبر متاعبهم، حيث أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم معرفتهم ما إن كانوا سيحصلون على حق اللجوء والإذن بمغادرة الجزيرة أو سيتم إعادتهم إلى تركيا حيث يمكن ترحيلهم للبلد الذي فروا منه.
ومن جهتها، قالت زينب إنهم لا يملكون أي سيطرة على مستقبلهم ولا يمكنهم سوى الخوف والانتظار. وأضافت بأنهم لا يطمحون سوى إلى عيش حياة عادية وآمنة هنا ولا يطمعون في الرفاهية. وذكرت زينب أنهم يريدون أن يقوموا بعمل نافع لكنهم لا يستطيعون القيام بأي شيء لمساعدة أنفسهم فضلا عن مساعدة الآخرين.
المصدر: ذا نايشن