قبل أن تجمع الوحدة شطري اليمن في التسعينيات من القرن الماضي، لم يعرف في الجنوب اليمني سوى نظام الحزب الواحد وفق النمط الاشتراكي، في حين لم يعرف الشمال الممارسة الحزبية، وإنما برزت مساعٍ في شكل مؤتمر أشبه بالحزب الواحد، حاول فيه النظام استقطاب القوى السياسية الموجودة على الأرض دون ممارسة حزبية فاعلة، لكنها كانت حاضرة، وسنستعرضها في هذا التقرير.
الانتقال الكبير جاء مع الوحدة اليمنية، وما أتاحه دستور الوحدة من مساحة جديدة للعمل الحزبي، وبدأ الأمر في شكل توافق بين حزبي الإصلاح والمؤتمر، قبل أن تعرج العلاقة بينهما إلى مرحلة تأزم.
تحالفت الأحزاب السياسية من بينها حزبي الحق واتحاد القوى الشعبية ذات التوجه الشيعي ضد حزب المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم 1990-2011)، لكنها اختلفت جميعها بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية اليمنية في 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل علي عبد الله صالح مؤسس حزب المؤتمر الشعبي العام والرئيس اليمني السابق لثلاثة عقود ونيف.
وقبل الدخول في الحديث عن تحالفات الأحزاب السياسية اليمنية وفاعليتها في الساحة السياسية في الوقت الراهن، لزم علينا التنويه إلى بداية الحالة السياسية للأحزاب السياسية في اليمن وعددها في السطور التالية.
بعد قيام دولة الوحدة في اليمن 22 من مايو 1990، بلغ عدد التنظيمات والأحزاب السياسية التي أعلنت عن نفسها في السنوات الأولى للتجربة الديمقراطية أكثر من 46 حزبًا وتنظيمًا سياسيًا، لعبوا دورًا مهمًا في المشهد السياسي
لمحة عن الأحزاب السياسية في اليمن
قبل 1990 كانت الأحزاب السياسية في اليمن تنشط في إطار من السرية خوفًا من الملاحقات الأمنية، يستثنى من هذا حزب المؤتمر الشعبي العام في الشطر الشمالي منه، والحزب الاشتراكي اليمني في الشطر الجنوبي من اليمن، لكون نظام الجنوب أو جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حينها كان حكمها يخضع للحزب الواحد وفق النمط الاشتراكي، كما ذكرنا في مقدمة هذا الموضوع، بينما في اليمن، كان علي عبد الله صالح حذرًا من أن يفتح الباب للأحزاب السياسية خوفًا من إزاحته من الحكم كما حصل مع أسلافه.
لكن ذلك تغير تمامًا بعد قيام دولة الوحدة في اليمن 22 من مايو 1990، إذ بلغ عدد التنظيمات والأحزاب السياسية التي أعلنت عن نفسها في السنوات الأولى للتجربة الديمقراطية أكثر من 46 حزبًا وتنظيمًا سياسيًا لعبوا دورًا مهمًا في المشهد السياسي.
ما قبل الوحدة اليمنية كان هناك تنظيمات سياسية موجودة وعددها 12، وهي: المؤتمر الشعبى العام والحزب الاشتراكي اليمني وحزب البعث العربي القومي (الجناح العراقي) وحزب البعث الاشتراكي (الجناح السوري) والتنظيم الوحدوي الناصري وجماعة الإخوان المسلمين والجبهة الوطنية الديمقراطية وحزب رابطة أبناء الجنوب وتنظيم التصحيح الناصري واتحاد القوى الشعبية والتجمع الوحدوي اليمني والتنظيم الشعبي للقوى الثورية لجبهة التحرير (الستة أحزاب الأخيرة كانت تنشط من خارج اليمن).
إبان صدور قانون الأحزاب كانت الساحة اليمنية تعرف أحزابًا تاريخية قديمة كما عرفت حينها تشكيل أحزاب حديثة فضلاً عن انشقاق بعض الأحزاب
هناك تنظيمات جديدة وطنية وقومية تشكلت في أثناء مرحلة إعادة الوحدة اليمنية، وبلغ عددها 14 شملت حزب البعث العربي الاشتراكي والتجمع الوحدوي اليمني والتنظيم السبتمبري وحزب الأحرار الدستوريين وجبهة القوى الوحدوية والحزب القومي الاجتماعي وحزب الشورى اليمني وحزب جبهة التحرير وتنظيم حراس الوحدة والحزب الجمهوري وحزب المنبر الحر والجبهة الديمقراطية المتحدة وجبهة التصحيح الثوري وحزب فتاة اليمن.
وتنظيمات ناصرية انشقت عن التيار الناصري، بلغ عددها 4 هي: التنظيم الشعبي التقدمي الناصري وتنظيم الصقور الناصرية والطلائع الوحدوية الناصرية والحزب الناصري الديمقراطي.
أيضًا هناك أحزاب يمنية تشكلت بعد إعلان إعادة الوحدة اليمنية وبلغ عددها 8 وهي: التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن) وحزب الحق واتحاد القوى الشعبية (تحولا بعد 2011 إلى الشيعة صراحة ودعم المليشيات الحوثية) وجماعات السنة المحمدية وتنظيم النهضة اليمني وحزب العمل الإسلامي وحزب الله والجبهة الشعبية للإنقاذ.
تميزت السنة الأولى من عمر الوحدة بالاندفاع الشديد نحو تشكيل الأحزاب والتنظيمات السياسية بسبب مرونة القانون آنذاك التي أتاحت لكل من يريد تأسيس حزب أن يفعل
اندفاع لتشكيل الأحزاب
تم إعلان قيام التعددية الحزبية في اليمن بشكل متزامن مع إعلان الجمهورية اليمنية في 22 من مايو/أيار 1990، وتعزز ذلك بصدور القانون المنظم للأحزاب الصادر بتاريخ 16 من أكتوبر 1991، وتنص المادة 13 من هذا القانون على تشكيل لجنة تسمى لجنة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية، وتختص بفحص الطلبات المقدمة لتأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية والتحقق من توافر الشروط القانونية الواجبة لإنشاء كل حزب.
وإبان صدور قانون الأحزاب كانت الساحة اليمنية تعرف أحزابًا تاريخية قديمة كما عرفت حينها تشكيل أحزاب حديثة فضلاً عن انشقاق بعض الأحزاب.
تميزت السنة الأولى من عمر الوحدة بالاندفاع الشديد نحو تشكيل الأحزاب والتنظيمات السياسية بسبب مرونة القانون آنذاك التي أتاحت لكل من يريد تأسيس حزب أن يفعل، حيث نص القانون على كل جماعة يمنية منظمة على أساس مبادئ وأهداف مشتركة وفقًا للشرعية الدستورية، تمارس نشاطها بالوسائل السلمية والديمقراطية بهدف تداول السلطة سلميًا أو المشاركة فيها، لكن في الفترات التالية وحتى عام 2015 تقلص عدد الأحزاب الفاعلة إلى 22 حزبًا حتى قبيل الانقلاب.
هناك الأحزاب الجديدة التي ظهرت مع إعلان الوحدة كتلك التي عبرت عن شكل من أشكال التجديد والتجاوز في الممارسة السياسية مثل “التجمع الوحدوي اليمني” الذي ضم مثقفين وسياسيين من أيدولوجيات مختلفة
الأحزاب السياسية في اليمن
من الممكن تصنيف الأحزاب اليمنية إلى مجموعتين منذ الوحدة وهما:
– الأحزاب السياسية ذات الخلفية الشمولية التي كانت قائمة قبل الوحدة مثل الحزب الاشتراكي اليمني (يساري) والتنظيمات الناصرية والبعثية (قومية) وحزب التجمع اليمني للإصلاح (إسلامي).
– أحزاب الإدارة وعلى رأسها المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، وارتبطت به من حيث التمويل والنشأة بعض التشكيلات الحزبية أطلق عليها “الأحزاب المفرخة”، وأدى ظهورها إلى تضخم المشهد الحزبي كما أثرت في جدية العمل السياسي العلني بعد الوحدة، وهناك الأحزاب الجديدة التي ظهرت مع إعلان الوحدة كتلك التي عبرت عن شكل من أشكال التجديد والتجاوز في الممارسة السياسية مثل “التجمع الوحدوي اليمني” الذي ضم مثقفين وسياسيين من أيدولوجيات مختلفة.
المؤتمر الشعبي العام
هو التنظيم الحاكم في الجمهورية العربية اليمنية سابقًا منذ عام 1982 وحتى مايو 1990، تقاسم السلطة مع الحزب الاشتراكي اليمني من تاريخ تحقيق الوحدة 22 من مايو 1990 وحتى أبريل 1993م، شارك في حكومة ائتلاف ثلاثية مع الحزب الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للإصلاح من مايو 1993 وحتى 7 من يوليو 1994، وشارك في حكومة ائتلاف ثنائية مع التجمع اليمني للإصلاح من يوليو 1994 وحتى أبريل 1997، ويمتلك 229 مقعدًا أي ما نسبته 76.08% من إجمالي مقاعد مجلس النواب (301).
يعتبر الحزب الاشتراكي من أكثر الأحزاب ممارسة للنقد الذاتي وهذا يبدو واضحًا من خلال وثائقه في العديد من مؤتمراته واجتماعاته العامة
التجمع اليمني للإصلاح
حزب سياسي ترجع جذوره إلى حركة الإخوان المسلمين ومع إعلان الجمهورية اليمنية في 22 من مايو 1990 خرج من نفق العمل السري إلى الممارسة العلنية، وفي 13 من سبتمبر 1990 تم الإعلان رسميًا عن “لتجمع اليمني للإصلاح” من بين أكثر من 1200 شخصية مؤسسة تم اختيار 60 شخصًا ليشكلوا لجنة تحضيرية (للإصلاح)، رئيسه محمد عبد الله اليدومي وأمينه العام عبد الوهاب الآنسي، ولديه 45 مقعدًا من مقاعد مجلس النواب بنسبة 14.95%.
الحزب الاشتراكي اليمني
تعود جذور الحزب الاشتراكي اليمني إلى حركة القوميين العرب التي تشكلت في بيروت عام 1948 وتأسس الحزب عام 1978 كامتداد للجبهة القومية وفصائل يسارية أخرى مؤمنة بالفكر الاشتراكي في الساحة اليمنية.
تعرض الحزب لموجات من الصراعات الإيديولوجية والصدامات المسلحة بين أجنحته أثرت على بنيته الفكرية والتنظيمية إلى حد ما، وكان الصدام المسلح في 13 من يناير 1986 هو الأقوى، وعند قيام الوحدة اليمنية في مايو 1990 كان شريكًا فاعلاً في الوحدة.
يعتبر الحزب الاشتراكي من أكثر الأحزاب ممارسة للنقد الذاتي وهذا يبدو واضحًا من خلال وثائقه في العديد من مؤتمراته واجتماعاته العامة، ولديه 7 مقاعد في البرلمان بنسبة 2.33%.
حزب البعث العربي الاشتراكي (جناح العراق) تم تأسيسه في اليمن منتصف خمسينيات القرن الماضي، وأمينه العام الحاليّ عبد الوهاب محمود، ويمتلك مقعدين في البرلمان اليمني ما يمثل نسبة 0.66%
التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري
تم تأسيسه في 1965، لكن ليس لديه الفاعلية الجماهيرية والحزبية، ولم يشارك في السلطة التنفيذية منذ ممارسته النشاط الحزبي، لكن شارك في الانتخابات النيابية الأولى في 1993 وحصل على مقعد واحد، وثلاثة مقاعد في انتخابات أبريل 1997، وحصل على المقاعد ذاتها في انتخبات 2003، وما زال متمسكًا بها حتى الآن.
حزب البعث العربي الاشتراكي (جناح العراق)
أُسس في اليمن منتصف خمسينيات القرن الماضي، وأمينه العام الحاليّ عبد الوهاب محمود، يمتلك مقعدين في البرلمان اليمني ما يمثل نسبة 0.66%، وليس له اعتراضات سياسية، وصل به الأمر إلى ترشيح الرئيس اليمني السابق لأكثر من مرة في الانتخابات الرئاسية اليمنية.
حزب البعث العربي الاشتراكي القومي (جناح سوريا)
هو الآخر أُسس منتصف خمسينيات القرن الماضي، وأمينه العام الحاليّ قاسم سلام سعيد، مارس نشاطه الحزبي سرًا حتى عام 1990 وبعدها أعلن نشاطه كحزب سياسي.
شارك في الانتخابات النيابية الأولى 1993 وحصل على 7 مقاعد من إجمالي مقاعد البرلمان (301) بالاشتراك مع حزب البعث العربي الاشتراكي قبل أن يختلفا، وشارك في الانتخابات النيابية الثانية ولم يحصل على أي مقعد.
شارك في الانتخابات النيابية الثالثة 2003 ولم يحصل على أي مقعد وحصل على 23745 صوتًا من إجمالي الأصوات الصحيحة البالغ عددها 5996049 وبنسبة 0.40% .
13 حزبًا تم تأسيسهم بعد الوحدة وحاولوا إثبات وجودهم بالحياة السياسية اليمنية إلا أن برامجهم فشلت ولم تلب متطلبات شعبيتهم
حزب الحق
ظهر هذا الحزب بعد قيام الوحدة اليمنية اليمنية في 22 من مايو 1990 مع كثير من الأحزاب الأخرى التي برزت على مستوى الساحة اليمنية مع انتهاج التعددية السياسية والحزبية، لكنه ذات توجه إسلامي (شيعي) ظل يخفي توجهه الطائفي حتى 2007 وأعلن تأييده المطلق للحركة الحوثية الشيعية في اليمن، وأمينه العام حسن زيد.
شارك في الانتخابات النيابية الثالثة 2003 ولم يحصل على أي مقعد وحصل على 4585 صوتًا من إجمالي الأصوات الصحيحة البالغ عددها 5996049 وبنسبة 0.08% .
الحزب الناصري الديمقراطي
تأسس بعد الوحدة اليمنية، أمينه العام ياسين عبده سعيد، وشارك في الانتخابات النيابية الأولى في أبريل 1993 وحصل على مقعد واحد في البرلمان، ولم يحصل على أي مقعد في الانتخابات النيابية الثانية 1997 ولا الثالثة في العام 2003.
تنظيم التصحيح الشعبي الناصري
من الأحزاب السياسية التي تأسست بعد الوحدة اليمنية، وأمينه العام عبد العزيز مقبل، شارك في الانتخابات النيابية الأولى في أبريل 1993 وحصل على مقعد واحد من إجمالي (301) في مجلس النواب، ولم يحصل على أي مقعد في الانتخابات النيابية الثانية ولا الثالثة.
في 14 من أبريل 2019، أعلن 18 حزبًا يمنيًا بمدينة سيئون ثاني أكبر مدن محافظة حضرموت شرقي البلاد، تشكيل تحالف سياسي لدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، تحت اسم “التحالف الوطني للقوى السياسية اليمنية”
وهناك 13 حزبًا تم تأسيسهم بعد الوحدة وحاولوا إثبات وجودهم بالحياة السياسية اليمنية إلا أن برامجهم فشلت ولم تلب متطلبات شعبيتهم، وشاركوا في الانتخابات البرلمانية والمحلية ولم يحصدوا أي صوت، وهذه الأحزاب هي: حزب جبهة التحرير والحزب القومي الاجتماعي والجبهة الوطنية الديمقراطية وحزب التحرير الشعبي الوحدوي ورابطة أبناء اليمن والوحدة الشعبية اليمني والشعب الديمقراطي والتنظيم السبتمبري الديمقراطي والتجمع الوحدوي اليمني والرابطة اليمنية واتحاد القوي الشعبية اليمنية والخضر الاجتماعي والاتحاد الديمقراطي للقوى الشعبية.
تحالفات جديدة
بعد أن ظلت الأحزاب اليمنية حبيسة الصراع بين المليشيات الحوثية والحكومة اليمنية دون أن تتحرك خشية من الملاحقة الحوثية لعناصرها أو منازل أعضائها، غامرت في الظهور وإعلان مشاركتها في تحالف سياسي جديد لدعم شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ففي 14 من أبريل 2019، أعلن 18 حزبًا يمنيًا بمدينة سيئون ثاني أكبر مدن محافظة حضرموت شرقي البلاد، تشكيل تحالف سياسي لدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، تحت اسم “التحالف الوطني للقوى السياسية اليمنية”.
يقول المعلنون عن التحالف إن تشكيله نابع من الضرورة الوطنية واستجابة لحاجة الساحة السياسية لوجود إطار جامع لمختلف المكونات والقوى، ويهدف إلى دعم مسار استعادة الدولة وإحلال السلام وإنهاء الانقلاب (إشارة لسيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء وبعض محافظات شمال البلاد) واستعادة العملية السياسية السلمية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وبناء الدولة الاتحادية.
يأتي إعلان هذا التحالف، بالتزامن مع انعقاد مجلس النواب اليمني لأول مرة منذ اندلاع الحرب في 2015، بمدينة سيئون.
من السهل الإعلان عن تحالفات جديدة، لكن من الصعوبة تطبيق أهدافها نتيجة لأن بعض تلك الأحزاب التي أعلنت مشاركتها في التحالف السياسي لا تتمتع بقاعدة شعبية
والأحزاب المشكلة لهذا التحالف هي: “المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والحراك الجنوبي السلمي وحزب العدالة والبناء واتحاد الرشاد اليمني وحركة النهضة للتغيير السلمي وحزب التضامن الوطني واتحاد القوى الشعبي والتجمع الوحدوي اليمني وحزب البعث العربي الاشتراكي وحزب السلم والتنمية والحزب الجمهوري وحزب الشعب الديمقراطي (حشد) وحزب البعث العربي الاشتراكي القومي وجبهة التحرير والاتحاد الجمهوري.
المشكلون للتحالف السياسي وضعوا له برنامجًا سياسيًا من أولوياته دعم الشرعية بقيادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وتأييد التحالف العربي الداعم لها والالتزام بالمرجعيات الـ3 (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل والقرارات الدولية ذات الصلة) والعمل من أجل تحقيق مشروع الدولة الاتحادية وفقًا لمخرجات الحوار الوطني الشامل، والتمسك بما يخص الجنوب وقضيته الوطنية وفقًا لمخرجات الحوار الوطني والقرارات الدولية ذات الصلة، فالائتلاف جزء من العمل السياسي الوطني السلمي وخطوة نحو تحقيق الشراكة السياسية والمجتمعية وإرساء دعائم الديمقراطية والمصالحة الوطنية.
وفقًا لأبجديات إعلان التحالف يبدو أن تشكيله جاء بهدف سياسي بحت وله رسائل عديدة أبرزها دعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام أكبر الأحزاب السياسية في اليمن، وثانيها مناهضة أي جماعة سياسية تريد الخروج من عباءة الدولة اليمنية واعتبارها جماعة متمردة، وهي ربما إشارة إلى جماعات من أبناء المحافظات الجنوبية الساعية للانفصال عن الوطن الأم.
تحتاج الأحزاب السياسية في اليمن إلى ثورة تصحيح في التوجه، وإعادة هيكلة في برامجهم السياسية المدمرة ليس للوطن فحسب ولكن مدمرة للقضية اليمنية وأبناء شعبها
قد لا يرضي هذا أي من القادة في الحراك الجنوبي أو المتمردين الانفصاليين لكونه يخالف توقعاتهم وأطماعهم السياسية والعسكرية، ولهذا وجدنا هاني بن بريك نائب ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي مثيرًا الأقاويل والمشاكل، وصل الأمر لتوظيف “بلاطجة” يحملون علم انفصال الجنوب يجيبون الشوارع بهدف زعزعة أمن المنطقة، لكن وقف التحالف بكل قوة لإحباط تلك المحاولة.
من السهل إعلان تحالفات جديدة، لكن من الصعوبة تطبيق أهدافها نتيجة لأن بعض تلك الأحزاب التي أعلنت مشاركتها في التحالف السياسي لا تتمتع بقاعدة شعبية عدا حزبي المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، وكلاهما مختلفين في التوجه، إذ يريد الإصلاح استكمال مسار انتفاضة 2011 وحل المؤتمر الشعبي العام نهائيًا كما حصل في بعض بلدان الربيع العربي، بينما يحمل المؤتمر الشعبي العام الحقد العارم على “الإصلاح” على اعتبار أنه من تسبب في إزاحته عن الحكم حينما شارك في احتجاجات 2011.
تحتاج الأحزاب السياسية في اليمن إلى ثورة تصحيح في التوجه وإعادة هيكلة في برامجهم السياسية المدمرة ليس للوطن فحسب ولكن مدمرة للقضية اليمنية وأبناء شعبها، فالسؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى سيظل اليمن حبيس الأحزاب السياسية وأطماعها وأنانيتها؟