طوال أشهر مضت، مرت الاحتجاجات السودانية يوميًا باهتمام إعلامي دولي محدود، بينما تم تجاهلها أو مراقبتها في وسائل الإعلام المحلية، لكن صور الإبداع التي جاءت من موقع الاعتصام ساعدت في تعزيز صورة الحراك الثوري.
استخدم الفنانون الشباب أعمالهم للتعبير عن إحباطات الجماهير في بلد يتوق إلى الإصلاح السياسي، بعد أن أدت 30 عامًا من حكم عمر البشير ونظامه الذي قدم نفسه كمنقذ وموحد للسودان إلى هجرة العقول الفذة في كل تخصص وتفكك كامل للفنون.
لذلك فإن رفض البعض رؤية أهمية أو تأثير الفن في المجتمع ليس مفاجئًا؛ فهناك أكثر من دليل على القمع العنيف الذي يعيشه الشعب السوداني، وهو نتيجة طبيعية لثلاثة عقود من المصاعب الاقتصادية والفقر.
الفن السوداني يغذي شرارة الثورة
كان الفن أحد ضحايا نظام البشير الذي ليس لديه الوقت “للأشياء السخيفة” كما يسميها، مثل التعبير الإبداعي وتحقيق الذات، لكن التعبير الإبداعي هو جزء لا يتجزأ من الشخصية السودانية ومتجذر بعمق في الثقافة والفولكلور الشعبي.
في غياب الحرية، استمر الفن – بكل أشكاله – كوسيلة للبعض في السودان ليقولوا بصوت عال ما يمكن فقط أن يُهمس به، وبالنسبة للمغتربين من الشتات السوداني، فهو نسيج لكل خيط يربطهم بالوطن.
من الفقر المتزايد والتشرد إلى مشاكل النقل العام المتفاقمة، تعرض لوحة عبد الرحمن الناظر بإيجاز وقوة العديد من القضايا التي واجهها المواطنون في الخرطوم خلال هذا الوقت
خلال السنوات القليلة الماضية، كانت البلاد تعيش أحلك فترة في تاريخها الحديث، ففي ديسمبر/كانون الأول 2017، راقب السودانيون وسط حالة من الذهول قيام الحكومة بطرح خطط الموازنة العامة لعام 2018، وكشفت أن الغالبية العظمى من الأموال كانت مخصصة “للدفاع والأمن” (تم ضخ معظمها في جهاز الأمن والمخابرات، وهو وكالة الاستخبارات الوطنية والجهاز الرئيسي للقمع)، في حين تم تخصيص 3% فقط من الموازنة للتعليم، و2% للرعاية الصحية.
مع الوقوع في الكارثة تلو الأخرى، ثبت أن عام 2018 هو العاصفة الحقيقية التي يخشى الكثيرون من حدوثها، فقد كان السودان واقتصاده في حالة من السقوط الحر، وهو ما انعكس بشكل كبير على المبدعين والفنانين السودانيين.
بعد رفع الدعم الحكومي عن الخبز، أصدر الفنان الرقمي عبد الرحمن الناظر عملاً فنيًا بعنوان “رغيف الخبز”، كان هذا تقاربًا مع اللوحة الشهيرة “خلق آدم” أو “خلق الإنسان” للرسام العالمي مايكل أنجيلو، في هذه القطعة الفنية كان يمكن أن نرى آدم يصل إلى الله مع رغيف الخبز في يديه، كل هذا تم تركيبه على خلفية مميزة لمستودع حافلات سوداني مزدحم.
من الفقر المتزايد والتشرد إلى مشاكل النقل العام المتفاقمة، تعرض لوحة عبد الرحمن الناظر بإيجاز وقوة العديد من القضايا التي واجهها المواطنون في الخرطوم خلال هذا الوقت.
بحلول منتصف عام 2018، ارتفع معدل التضخم في السودان إلى 62% تقريبًا، متضاعفًا عن العام السابق، حيث بلغ عام 2017 نحو 32.35%، وظل معدل التضخم في البلاد يسجل ارتفاعًا متواليًا لشهور منذ أن اتخذت وزارة المالية في نوفمبر/كانون الثاني 2016 إجراءات برفع الدعم الحكومي جزئيًا عن الوقود والكهرباء والدواء.
في تعاقب سريع للأحداث، توالت الكارثة تلو الأخرى، فهناك نورا حسين البالغة من العمر 19 عامًا حُكم عليها بالإعدام لقتلها زوجها الذي تزوجها قبل 3 سنوات بالقوة واغتصبها بمساعدة بعض أقاربه، مما تسبب في غضب دولي ودخلت البلاد مرة أخرى في نقاش عن مشروعية زواج الأطفال والاغتصاب الزوجي في السودان.
سخر رسامو الكاريكاتير على الإنترنت من مختلف الشتات السوداني من رجال الجيش السودانيين ومجدوا جهود المتظاهرين، مضيفين إلى النظام البيئي للفن الذي خلقته الاحتجاجات
على الجهة الأخرى، لم يتم القضاء على تفشي فيروس شيكونغونيا المسبب لداء يدعى شيكونغونيا، مما أثر على أكثر من 11 ألف شخص في شهر واحد، ثم تفاقمت الأزمة بشكل كبير بسبب الاستعداد الروتيني الحالي للحكومة المحلية والوطنية لموسم الأمطار والفيضانات الذي أسفر أيضًا عن غرق 22 طفلاً في غضون أسبوعين.
سخر رسامو الكاريكاتير على الإنترنت من مختلف الشتات السوداني من رجال الجيش السودانيين ومجدوا جهود المتظاهرين، مضيفين إلى النظام البيئي للفن الذي خلقته الاحتجاجات.
من شبه الجزيرة العربية عبر البحر الأحمر، ابتكر رسام الكاريكاتير والمصمم السوداني أبو عبيدة محمد قطع فنية مؤلمة عبَّرت عن هذا الواقع المؤلم، فالفن لا يتعلق دائمًا بالأشياء الجميلة؛ إنه يتعلق بما يكون عليه الناس، بل هو انعكاس لما يحدث في حياتهم وكيف يؤثر عليها.
يرسم أبوعبيدة محمد خريطة السودان في أشكال مختلفة
استخدم محمد شكل خريطة السودان في رسوماته للتعبير عما يحدث في بلاده، فمرة يرسمها في شكل سجن أو بقعة دم ومرة أخرى على هيئة قمر أو حفرة، وهي خطوة تُعد تذكيرًا صارخًا لا يلين بأن هذه ليست قضايا محلية منعزلة، ولكنها توضح الحالة العامة للبلاد.
بعد ذلك، في 9 من ديسمبر/كانون الأول، أصدر أبو عبيدة “صرخة الوطن“، وهي قطعة فنية أثبتت تلك النبوءة بعد 10 أيام فقط، ففي 19 من ديسمبر/كانون الأول 2018، خرج طلاب المدارس الثانوية في مدينة عطبرة شمال شرق السودان إلى الشوارع بعد اكتشاف أن أسعار الغداء المدرسي تضاعفت بين عشية وضحاها.
كانت شجاعة هؤلاء الشباب الشرارة التي يحتاجها الناس، ففتح غضبهم المتدفق الأبواب على مصراعيها، وأطلقوا موجة من الغضب التي توغلت في البلاد وصولاً إلى العاصمة الخرطوم، واجتاحت الرجال والنساء والأطفال في أعقابها.
ثورة فنية على المحرمات السياسية والاجتماعية
خارج الشوارع وعلى شبكة الإنترنت، أثارت موجة الاحتجاج طفرة في النشاط الإبداعي. بالنسبة لفنانين، مثل إيناس ساتير، كانت التصاميم التي ابتكروها وسيلة لمعالجة الأحداث التي كانت تتكشف، عندما كانت وسائل الإعلام، خاصةً في البداية، غائبة وغير دقيقة في الإبلاغ عن الاحتجاجات.
ثم ابتكرت ساتير سلسلة “الكيزان” (لفظ يطلق على رجالات السلطة في السودان) و”لماذا هم سيئون بالنسبة لك”، وهي مجموعة توفر في وقت واحد سياقًا تاريخيًا وتعليقًا مؤثرًا عن تأثير هذه “الديكتاتورية” التي قادها البشير على مدار الثلاثين عامًا الماضية.
لا يوجد تصميم يوضح ذلك بشكل رائع مثل هذا التصميم، الذي يتجلى فيه تدهور السودان، ففي التعليق كتبت ساتير: “إذا كان السودان شخصًا، فسيصبح في غاية المرض الآن”.
تصاميم أخرى من مصمم الجرافيك سوار والفنان تيبان الباشا تخلد ذكرى لحظات مميزة في الحراك السوداني، في حين أن اللوحات الجدارية للفنانة أصيل دياب خلدت بعض الشباب الذين فقدوا حياتهم على أيدي النظام، وكانت بمثابة دعوة للاستيقاظ لأولئك الذين ما زالوا على الحياد.
انتشرت تصاميم أبو عبيدة في الفترة الأخيرة – كغيره من الفنانين الذين صعدوا مع تنحي وسائل الإعلام – بالتزامن مع الاحتجاجات التي تشهدها السودان، فقد أثارت هذه الانتفاضة الشعبية صحوة اجتماعية وسياسية وثقافية، وفي نواح كثيرة كان الفن المولود من هذا الحراك الشعبي يعمل جنبًا إلى جنب معها، متحديًا العديد من المفاهيم السياسية والاجتماعية النمطية التي يتم تناولها في الشارع.
فقد تُرجم تصميم علاء ساتير “ثورة مَرَه” إلى “ثورة المرأة”، للتصدى لكره النساء المتفشي في المجتمع السوداني عمومًا وحشر أنوفهن في الحركة الثورية بشكل خاص، وعلى وجه التحديد، كان ذلك نقدًا لاذعًا لهتافات اُستخدمت خلال الاحتجاجات المبكرة التي أشارت إلى الرئيس بازدراء كـ”ابن امرأة”.
في التعليق المصاحب للتصميم يوضح علاء أنه تم استخدام كلمة “مَرَه” التي تعني “المرأة” إلى جانب العديد من الكلمات المرتبطة بالأنوثة كافتراءات للإشارة إلى السمات السلبية مثل الضعف لفترة طويلة، بينما يكون استخدام كلمة “راجل أو الرجالة” تعني “الرجل أو الرجولة” للقيام بالعكس، وأضاف: “بينما نحن في البحث عن الحرية، دعنا ننتبه فقط إلى كره النساء لدينا وإبقائه بعيدًا عن هتافاتنا”.
ارتقى فنانو هذه الحركة إلى هذا الحدث النادر، وشغلوا دور الوثائقيين ومراقبي سجلات الثورة، حيث أحيت القطع الفنية لمصمم الجرافيك سوار والفنان تبيان الباشا لحظات مميزة في الحراك السوداني، في حين أن جداريات الفنانة أصيل دياب خلدت بعض الشباب الذين فقدوا حياتهم على أيدي النظام، وكانت بمثابة دعوة للاستيقاظ من أجل أولئك الذين ما زالت صورهم على الجدران.
جداريات توثق ربيع السودان
اعتاد مقر القيادة العامة للجيش السوداني أن يكون مكانًا غير مرحِب بمواطني البلاد، كان المارة يهرولون أمامه، كما تم حظر التصوير والاقتراب منه، لكن على مدار الأسابيع القلية الماضية، أصبح المقر العسكري مركزًا للحياة في العاصمة الخرطوم، حيث ساعد اعتصام شعبي في نزع زعيمين عن السلطة ويسعيان إلى قلب النظام الحاكم برمته.
الجدران الخرسانية العالية والمؤمنة بدرجة عالية التي تستضيف وكالات الاستخبارات المخيفة، تحولت إلى لوحات جدارية من فن “الجرافيتي” الذي يغطيها الآن، وأصبح موقع الاحتجاج أمام قيادة الجيش السوداني في الخرطوم مركزًا للإبداع.
جداريات الفنانة أصيل دياب خلدت بعض الشباب الذين فقدوا حياتهم على أيدي النظام
أساليب وطرق فينة عديدة لجأ إليها السودانيون للتعبير عن مطالبهم من الثورة، كان الرسم على الجدران أحد أهم تلك الأساليب والفنون وأكثر قدرة على توصيل رسالتها بسلاسة وقوة، وذات أثر كبير على عدد من الناس.
أتاحت الثورة لكل من يرسم على هذه الجدران حرية التعبير عن أنفسهم، وعن رؤيتهم للحياة، ولم يكن متاحًا لهم حرية التعبير في أي مكان وبأي شكل، ولولاها ما كانت تأتي لهم حرية أن يرسم كل منهم فكرته بحريته دون تقييد الوطن الكبير.
بدأ عدد من الفنانين والشباب والشابات برسم جداريات على الحيطان ترمز للثورة والحرية والعدالة، وتجتذب الحشود المشاركة في اعتصام ما زال مستمرًا حتى اليوم، بعد أن وجدت الثورة طريقها إلى الجدران التي كانت رمزًا لسلطة الحكم العسكري على مدى 3 عقود، لكنها باتت اليوم ملكًا للسودانيين الذين رأوا فيها ثورة فنية على كل المحرمات السياسية والاجتماعية.
بعض الشباب كان سلاحهم الفرشاة والألوان، فنقلوا صوت الشارع وآماله وطموحاته ومطالبه من خلال رسومات خُطت على الجدران، فشكلت بسرعة ملامح امرأة سودانية ذات قسمات إفريقية ترفع قبضتها في السماء وتتزين بقرط تراثي معروف باسم العديل والزين.
الأسوار التي تحيط بمبنى القيادة العامة للجيش حوَّلها الشباب إلى لوحة فنية تحكي حكايا ربيع السودان الجديد وتوثق للثورة وأحلامها
رسم الثوار في الشوارع وعلى الجدران وفي كل مكان في الساحة وخارجها، لإعلام الناس بأهمية الفنون وتقديم الأفكار بطريقة بسيطة إلى الناس، فقد أصبح فضاء الحرية واسعًا بعد أن سقط النظام، وأصبح الطريق معبَّدًا أمام الكثيرين للإبداع بعد أن كان محرمًا عليهم التعبير عن آرائهم.
يجري العمل يوميًا على قدم وساق على بعد خطوات من جسر ممتد على نهر النيل يربط بين الخرطوم ومنطقة الخرطوم بحري، وعلى امتداد جدران مقبرة تاريخية (ضمت رموزا وطنية سودانية) في حي بري شرقي الخرطوم (على مسافة قصيرة من مقر الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش).
أمَّا الأسوار التي تحيط بمبنى القيادة العامة للجيش فحوَّلها الشباب إلى لوحة فنية تحكي حكايا ربيع السودان الجديد وتوثق للثورة وأحلامها، فنالت هذه الرسومات التي تعكس روح الثورة ورموزها إعجاب المعتصمين.
تغطي الآن طبقة من فن “الجرافيتي” وغيرها من أشكال الرسم كل سطح حول الاعتصام تقريبًا، معبرة عن مطالبة المحتجين بـ”العدالة” ومتعهدة “باستمرار الثورة” ومهددة بـ”العصيان المدني” وسط استمرار الخلافات مع المجلس العسكري.
جذب المكان اهتمام السودانيين الذين يقفون ويتأملون الرسومات واللوحات التي تعبر عن مشاعرهم قبل أن يواصلوا سيرهم إلى ميدان الاعتصام، “المظاهرات السلمية والورود بدل الرصاص والحرية والوطن”، كلها رموز حضرت في الرسومات التي وُلدت من رحم الثورة السودانية.
ستبقى تلك الجدران شاهدة على الثورة السودانية التي هدمت جدران الخوف والكبت والحرمان، وشيدت مكانها جدرانًا أخرى تتحدث بلغة صامتة عن الحرب والسلام والعدالة وعن شعب ما زال صامدًا في الميدان يحرس ثورته إلى حين تحقيق مطالبها.
تتواصل الثورة ويزدهر الفن
بدأت الاحتجاجات ضد البشير ونظامه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكنها تصاعدت بعد 6 من أبريل/نيسان الحاليّ عندما احتفل المتظاهرون بذكرى الانتفاضة الأخيرة الناجحة عام 1985، وقرروا بدء اعتصام خارج المقر العسكري للجيش.
بينما كانت المسيرات السابقة تُفرق بالغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والرصاص الحي في كثير من الأحيان، تمكن المتظاهرون من تحويل موقع الاعتصام إلى موقع احتجاج دائم مما أدى إلى زيادة الضغط على البشير، وعندما حاولت قوات الأمن في بعض الأحيان تفريق الحشود، تدخل الجنود المتمركزون حوله.
أزهر حراك السودان، الذي أطاح بحكم البشير، باقة فنية تجلت في هتافات وأغانٍ سياسية أعادت للأذهان أجواء القصائد الثورية القديمة التي تغنى بها أشهر مطربي السودان
أصبح الاعتصام منصة غير متوقعة للفنون، حيث تُقام العروض المسرحية والموسيقى الليلية المرتجلة في الفضاء الخارجي وسط المتظاهرين، وسمحت المساحة الآمنة نسبيًا للاحتجاج للفن بالازدهار واكتساب شهرة بطريقة كانت صعبة من قبل.
ولم يكن وجود الفنون الذي شمل أيضًا المسرحيين وعروض التمثيل الصامت، مجرد حادث، إذ يقدم تجمع المهنيين السودانيين الذي ينظم برنامجًا يوميًا تقريبًا للاحتجاجات منذ ديسمبر/كانون الأول، جدولاً يوميًا للفنون إلى جانب الخطب السياسية للمساعدة في توحيد المحتجين وتعزيز روحهم.
يحضر المتظاهرون الاعتصام في نوبات لضمان وجود دائم خارج المقر العسكري، وغالبًا تبدأ الحياة ليلًا عندما يتجمع الآلاف بانتظام.
أزهر حراك السودان الذي أطاح بحكم البشير، باقة فنية تجلت في هتافات وأغانٍ سياسية أعادت للأذهان أجواء القصائد الثورية القديمة التي تغنى بها أشهر مطربي السودان.
أقيمت حفلات موسيقية حية، مما أدى إلى اندلاع الأغاني تحت عنوان “الثورة” التي انتشرت في الأشهر الأخيرة، وتهيمن الآن على البث في العديد من محطات الإذاعة السودانية.
لكن الكثير من وسائل الترفيه كانت أكثر حميمية، حيث تتكون من موسيقي واحد يقوم بالآداء مباشرة للحشد من حوله، مثل عازف الكمان حسام عبد السلام الذي قام بعروض منتظمة أو جندي سوداني أبدى تضامنه مع المحتجين من خلال العزف على البوق للحشود.
Photo of the day ❤️
The greatest sudanese Violinist Husam Abl-Alsalam pic.twitter.com/FKPh4Zxaxq
— Lana H. Haroun (@lana_hago) April 10, 2019
قبل نحو أسبوعين جذبت الناشطة السودانية آلاء صلاح أنظار العالم، إذ رسمت حالة ثورية متكاملة العناصر ليس فقط بسبب دلالة ثوبها الأبيض التقليدي أو بفضل حركاتها الباعثة على القوة بل أيضًا بفضل كلمات قصيدة “حبوبتي كنداكة” التي صورتها كملكة عائدة من غياهب التاريخ لتقود موكب المحتجين.
وقد فاجأ بعض المراقبين أن تصبح المرأة ذات الرداء الأبيض والأقراط الدائرية الذهبية أيقونة الاحتجاج في بلد طالما عرف القمع المنتظم للمرأة من الدولة، لكن النساء لعبن دورًا رئيسيًا في المظاهرات في السودان في الأشهر الأخيرة، حيث كان الرجال في كثير من الأحيان أقلية بين الحشود التي تطالب الرئيس عمر البشير بالتنحي.
وفي حين لم يغب الأطفال عن المشهد، فقدموا توليفة تتناغم فيها اللغة العربية بالموسيقى الإفريقية أو النوبية، نفض الحراك الغبار عن عدد من الأغاني الثورية القديمة، كقصيدة “أصبح الصبح” لصاحبها محمد الفيتوري، وتعد هذه الأغنية باكورة أغاني “ثورة أكتوبر 1964” التي أطاحت بحكومة الجنرال إبراهيم عبود.
لقد أثبت التعبير الفني أنه جزء جوهري من هذه الانتفاضة، حيث يقوم بدور متعدد الأغراض فيها، وفي جميع أنحاء العالم، يمارس السودانيون قصائد شعر مثل الأسلحة، وهم يهتفون في قوافي متوازنة من أجل الحرية، وعلى شبكة الإنترنت وخارجها، رُسم الفن ورُش الطلاء للتوثيق والتثقيف والتحفيز.