ترجمة وتحرير: نون بوست
هل أنت مدمن على هاتفك الذكي؟ وفقا لشركة غوغل، يمسك 95 بالمئة من مستخدمي نظام التشغيل أندرويد هواتفهم كل ست دقائق ويتلقون إشعارات كل سبع دقائق. لقد أضحى مستخدمو الهواتف الذكية يشعرون بحذر شديد إزاء هذه المسألة. وفي نهاية المطاف، استجابت الشركات التكنولوجية لهذه المخاوف.
أما بالنسبة للهواتف التي تعمل بنظام أندرويد، فهناك تطبيقات مماثلة لجهات خارجية، على غرار “أكشن داش” وخاصية “الرفاه الرقمي” المتوفرة على أحدث هواتف بكسل التي أنتجتها شركة غوغل، التي تسمح للمستخدمين بمراقبة مقدار الوقت الذي يقضونه في استخدام التطبيقات ووضع حد لاستعمالها.
يمكن للمستخدمين أيضا تفعيل خاصية ‘فليب تو أوش” التي توفرها هواتف بكسل التي تجعل جميع الإشعارات صامتة عندما تقلب الهاتف. وتهدف خاصية “ويند داون” على مساعدة الأشخاص على البقاء غير متصلين بشبكة الإنترنت من خلال الحد من عدد الإشعارات التي ترسلها التطبيقات وتحويل الشاشة إلى اللون الرمادي وهو ما يجعل تطبيق إنستغرام وفليب بورد غير جذاب.
في مدونته، يعترف كلوف بأنه يشعر بعدم الارتياح لعدم تمكّنه من البحث في محرّك غوغل عن أي سؤال يخطر بباله
في المقابل، اتخذ بعض المستخدمين خطوة جذرية في التعامل مع هواتفهم الذكية. فعلى سبيل المثال، يفضّل دانييل كلوف، المدير التنفيذي المعني بالتكنولوجيا، ترك هاتفه الأيفون في المنزل واصطحاب هاتف “نوكيا 130” الذي لا يحتوي على كاميرا ولا تطبيقات متطورة ولا متصفح إنترنت ليستعمله للمكالمات والرسائل النصية فحسب. ويستخدم آخرون هواتف مصممة خصّيصا لكبار السن، على غرار “دورو إيزي فون”، وهو هاتف ذو طراز قديم يحتوي على أزرار كبيرة الحجم ووظائف محدودة.
في مدونته، يعترف كلوف بأنه يشعر بعدم الارتياح لعدم تمكّنه من البحث في محرّك غوغل عن أي سؤال يخطر بباله، ولكنه يقول: “ما يخالجني من شعور جيّد دون وجود هاتف ذكي في حياتي يفوق بكثير هذا الإحساس بالفراغ”. وفي سنة 2015، اشترى أكثر من ثلاثة آلاف شخص هاتف كيك ستارتر “لايت فون”، وهو جهاز محمول بحجم بطاقة الائتمان مصمم ليقع استخدامه لأقل وقت ممكن. ويمّكن هذا الجهاز مستعمليه من إجراء المكالمات وتلقيها، ولكنه يحتوي أيضا على تطبيق يمكّن المستخدم من إحالة المكالمات الهاتفية الواردة إلى رقمه المعتاد. لذلك، يمكنك ترك هاتفك الذكي في المنزل.
يدعو كال نيوبورت، مؤلف كتاب “البساطة الرقمية.. اختيار حياة مركزة في عالم صاخب”، إلى اتباع نهج صارم للحد من الأمور التي تشتت انتباه المستخدم بسبب الهواتف الذكية، حيث يقول: “يبدو أن الحل الوحيد الذي سيؤتي ثماره في نهاية الأمر هو بدء صفحة جديدة وإعادة بناء حياتهم الرقمية من جديد”. فضلا عن ذلك، نصح نيوبورت عن التخلي بشكل تام عن جميع أجهزة التكنولوجيا، على غرار الهواتف الذكية وألعاب الفيديو ونتفليكس لمدة 30 يوما، ومن ثم العودة تدريجيا إلى استخدام التطبيقات المهمة فحسب.
في الواقع، تتمحور هذه التجربة التي تتمثل في التخلي عن الهواتف الذكية لمدة 30 يوما حول تغيير طبيعة علاقتنا بالتكنولوجيا
بالنسبة لنيوبورت، لا يعني هذا الأمر ببساطة “التخلص من الإدمان الرقمي”، وإنما تخلّى المستخدمين عن الأجهزة لفترة وجيزة والعودة بعد ذلك إلى عاداتهم التكنولوجية القديمة. ويقول نيوبورت: “هذا لا يبدو منطقيا، فلا يمكنك طلب هذا الأمر من شخص يعاني من إدمان المخدرات”.
في الواقع، تتمحور هذه التجربة التي تتمثل في التخلي عن الهواتف الذكية لمدة 30 يوما حول تغيير طبيعة علاقتنا بالتكنولوجيا. وأوضح نيوبورت، الذي لا يملك حسابا شخصيا على وسائل التواصل الاجتماعي، أن “هناك أمرا واحدا يدركه الأشخاص عندما يصبحون غير قادرين على الولوج على نطاق واسع لما أسميه” تيّار” المحتوى الرقمي الذي وقعه إنشاؤه باستخدام الخوارزميات؛ ألا وهو فقدان شعورهم بأهمية هذه الأشياء”. فعندما تتوقف عن تناول الوجبات السريعة، يصبح مذاق الرقائق المقلية مالحا للغاية، وتصبح الشوكولاتة حلوة جدا.
خلال الأشهر القليلة الماضية من سنة 2018، قابل نيوبورت أكثر من 1600 شخص شاركوا في تجربته، وقد أشار إلى أن الكثير منهم “لم يدركوا أنه كان لديهم شعور كامن بالقلق”، مضيفا أنهم “حين قرروا التخلي عن قدر كبير من التكنولوجيا في حياتهم اليومية، تلاشى هذا الشعور”.
أوضح نيوبورت أن جوهر البساطة الرقميّة يتمحور حول موافقتك على التخلي عن المعلومات غير القيّمة لتوفير المزيد من الوقت للمعلومات عالية القيمة
تجدر الإشارة إلى أن المشاركين في الدراسة غير الرسمية، التي أجراها نيوبورت، كانوا قلقين من أن عدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، على غرار تطبيقي فيسبوك ماسنجر وواتس آب، سيؤدي إلى خسارتهم علاقات الصداقة التي أنشأوها. كما كانوا يخشون من التخلف عن اللحاق بركب التكنولوجيا. لكن كان رد نيوبورت بسيطا للغاية: “أنتم فعلا تفوّتون على أنفسكم القيام بالعديد من الأمور”.
أوضح نيوبورت أن جوهر البساطة الرقميّة يتمحور حول موافقتك على التخلي عن المعلومات غير القيّمة لتوفير المزيد من الوقت للمعلومات عالية القيمة. وبين نيوبورت أن “تركيز معظم اهتمامك على الأشياء القيّمة، قد يكون أفضل من محاولة تقسيم هذا الاهتمام على عدّة مجالات غير نافعة”. ويقدم نيوبورت مجموعة من النصائح، التي ستعلمك الطريقة الصحيحة للعيش وفق مبدأ البساطة: مثل الانضمام إلى النوادي، والاطلاع على وسائل الإعلام التقليديّة مثل الصحف والمجلات، وتحديد أوقات مناسبة لاستخدام تويتر أو نتفليكس مثلما تحدّد موعدا مع الطبيب أو موعد الذهاب للصالة الرياضية.
في حال شعرت أن الاستغناء عن هاتفك لمدة شهر أمر شاق، فهناك ثلاثة تغييرات بسيطة يقول نيوبورت إنه من شأنها أن تساعدك على التعامل مع هذا الوضع. فعلى سبيل المثال، يمكنك حذف التطبيقات التي تستحوذ على انتباهك والتي “من شأنها أن تكسب شخصًا ما بعض المال من خلال نقرة بسيطة من طرفك”. وأضاف نيوبورت: “لست مضطرًا إلى إيقاف هذه الخدمات، ولكن عليك تقييد نطاق عملها على الكمبيوتر المحمول أو الكمبيوتر القار”.
يجدر بك التوقف عن النقر على زرّ “الإعجاب” و”محاولة استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية لبناء تفاعل حقيقي مع العالم، عوضا عن استبداله بعالم افتراضي
إلى جانب ذلك، يمكن ممارسة “الأنشطة الترفيهية” مثل قراءة الكتب أو الطهي أو اكتساب مهارة ما أو الانضمام إلى فريق رياضي محلي. وقال نيوبورت إنه “ما إن يجرّب الناس هذا النوع من التطبيقات، حتى يفقدوا رغبتهم في الاطلاع على التطبيقات السخيفة الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأخيرًا، يجدر بك التوقف عن النقر على زرّ “الإعجاب” و”محاولة استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية لبناء تفاعل حقيقي مع العالم، عوضا عن استبداله بعالم افتراضي. وفي هذا السياق، أكد نيوبورت أنه “يجب عليك استخدام هذه الوسائل كأداة لوجستية لمساعدتك في خلق تفاعل أفضل وأكثر واقعية”.
المصدر: وايرد