ترجمة وتحرير: نون بوست
يستعرض هذا المقال السيناريو الجيوسياسي لحوض نهر الأردن الذي يعتبر بمثابة نظام استراتيجي عابر للحدود، حيث يمكن لتوقعات المنفعة المتبادلة أن تساهم في إرساء مبدأ التعاون، على الرغم من أن الأطر التعاونية لم تشر إلى حالة تفوّق أحد الأطراف في سياق معين. من ناحية أخرى، يبدو من الضروري تسليط الضوء على ضرورة الاهتمام بالعلاقات الثنائية بين إسرائيل والأردن حول الحوض، بهدف تقديم أفكار حول كيفية تحسين الأردن لموقفه التفاوضي دون التعجيل بانهيار هياكل التعاون.
في الواقع، يمكننا أن نؤكد بشكل قاطع أن حوض نهر الأردن يمثل واحدة من أكثر مصادر المياه العذبة الهيدروغرافية المتنازع عليها بين البشر، والحساسة على المستوى الطبيعي، وكذلك من أكثر المسائل التي علّقت عليها الدول من جميع أنحاء العالم. ولا يقتصر الخيال الجماعي الذي يؤسس ويصوغ الأهمية الجيوسياسية للحوض، الذي تتم استدامته واستنساخه من مجموعة واسعة من العوامل المادية التي تُظهر العلاقة الصعبة بين القوة الإقليمية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والاستدامة البيئية، على التعدد المعقد للأطراف الفاعلة التي تشرب من مياهه وتعيش على شواطئه ومحيطه. فقد أثارت إدارته والعواقب السياسية الخطيرة الناجمة عنه مخاوف على المستوى الإقليمي، والتي قد تبلغ نطاقا عالميا.
في الأثناء، تتطلب هذه المسألة القيام بمقاربة للنزاع والتعاون في سيناريو حوض نهر الأردن كظاهرة حديثة مسبوقة بإعادة التشكيل الإقليمي بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية وإعلان دولة إسرائيل. فبعد إحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية في مدريد في التسعينيات، اكتسبت جميع الجهات الفاعلة المهتمة أساسًا قانونيًا غير مسبوق فيما يتعلق بحقوقها في المياه. ويبدو، على كل حال، أن ندرة المياه كانت في كثير من الأحيان، عاملا مساعدا لتطوير القواعد والحدود. ومن جهتهم، أكد النظريون السياسيون أنه “على الرغم من أن أهمية المياه قد تولد صراعا محتملا، إلا أنها في الواقع جعلت التعاون أكثر احتمالا”.
لقد كان ذلك ممكنا من خلال فهمٍ أفضل للطبيعة متعددة الأبعاد لتقسيم المياه، بالإضافة إلى مفهوم التعاون في الاتفاقيات الملزمة في البيئات العابرة للحدود والضعيفة بيئيا كأداة لمنع الاستغلال المفرط لصالح الاستدامة. بالتوازي مع ذلك، تعد الحوافز قصيرة الأجل ضرورية، إلى جانب مجموعة من الإجراءات الانتقامية المتبادلة التي تجعل التعاون الدائم مناسبا.
الجغرافيا ليست ظاهرة طبيعية منفصلة عن السياسة والأيديولوجية، ولكن في أسلوب خطابها تعد شكلا من أشكال القوة والمعرفة في حد ذاتها.
الموقع الجغرافي للجهات الفاعلة المشاطئة لحوض الأردن
في منطقة تُفهم فيها الأراضي والهوية والموارد بشكل جماعي على أنها مسألة دائمة للبقاء على قيد الحياة، يعد تحديد الحقوق المشروعة على “قطعة من الكعكة” مسألة جيوسياسية من الدرجة الأولى، لأن خيارات تصميم السياسات وممارسة القوة لا تزال مشروطة بهذه المفاهيم. فالجغرافيا ليست ظاهرة طبيعية منفصلة عن السياسة والأيديولوجية، ولكن في أسلوب خطابها تعد شكلا من أشكال القوة والمعرفة في حد ذاتها.
خريطة حوض نهر الأردن
عموما، يعد الفهم المشترك الذي يحدد الموارد المائية لحوض نهر الأردن أمرا بالغ الأهمية بشكل خاص بالنسبة لكل من إسرائيل والأردن وفلسطين، وبدرجة أقل للبنان وسوريا، ما يؤدي إلى وضع متناقض كان أكبر المساهمين فيه قبل سنة 1967 لبنان وسوريا، وتحديدا الجهات الفاعلة المشاطئة ذات المصادر البديلة، الخارجة عن الحوض.
في المقابل، هناك فرصة تنويع مماثلة تتعلق بإسرائيل بشأن تكنولوجيات تحلية المياه المتقدمة أو أنظمة المعالجة المبتكرة التي تستعيد حوالي 86 بالمئة من المياه لاستغلالها في الريّ. وفي سنة 2016، تأتّى حوالي 55 بالمئة من المياه للاستغلال المنزلي في إسرائيل من تحلية المياه. وقد جعلت هذه البدائل المائية الرئيسية إسرائيل أقل اعتمادا على حوض نهر الأردن، على الرغم من أن استخدام مياهه قد حافظ على معدل وسرعة عاليين بشكل غير متناسب.
فيما يتعلق بالموقع الجغرافي للجهات الفاعلة التي لها مصلحة، من الضروري أن ندرك أن التمثيلات المتباينة تبرر أو تندد بالحقائق المختلفة. ووفقا لأكواستا، التابعة منظمة الأغذية والزراعة، سيتم توزيع مساحة حوض نهر الأردن وفقا لهذه النسب: 3 بالمئة في إسرائيل، 40 بالمئة للمملكة الأردنية الهاشمية، 10 بالمئة في الأراضي السورية، 9 بالمئة في الضفة الغربية و4 بالمئة في لبنان. ويصنف البرنامج عمليات الدمج التي تمت بعد سنة 1967 كأرض إسرائيلية، وهو أمر مثير للدهشة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الأمم المتحدة لا تزال تؤهل إسرائيل باعتبارها “قوة احتلال”. ويقترح بعض المحللين، انطلاقا من فرضية إدراج هضبة الجولان كجزء من الأراضي السورية وموازنة الأهمية الاستراتيجية لنظام طبقة المياه الجوفية، توزيع المياه التي تقوض إلى حد كبير مشاركة إسرائيل المشروعة في حوض نهر الأردن.
بعد سنة 1994، أصبحت خطة جونستون أنجح دعامة للتعاون الإقليمي حتى الآن، مع تطبيق جزئي وغير متوازن، لأن إسرائيل لم تصل إلى حصتها فحسب، بل زادتها أيضا.
الاتفاقيات القانونية والتعاون
لا وجود لاتفاق أو منتدى متعدد الأطراف لتوجيه الحاجة إلى إدارة شاملة وتوافقية للحوض العابر للحدود. بالإضافة إلى ذلك، فإن القانون الدولي للمياه بشأن مستجمعات المياه من هذا النوع لا جدوى منه عمليا، كما أن القواعد القليلة المستمدة من العرف كمصدر للقانون غامضة ومشتتة جدا. وعلى أي حال، كانت هناك عدة مبادرات لمحاولة تطوير إطار عمل مشترك. ولهذا السبب، فإن الأحداث السابقة كانت بمثابة خريطة طريق للعلاقات الثنائية بين الكيانات المشاطئة التي حدثت في وقت لاحق.
على الرغم من أن عدم مشاركة جميع الجهات الفاعلة ينطوي على حقيقتين تشكلان خطرا حقيقيا على النظام الهيدرولوجي، إلا أنهما يتضحان قبل كل شيء في مهام الرصد والتنسيق والتنفيذ الفعال، والتي تكمن في مدى صلاحية الاتفاقات الثنائية المشروطة بسلوك الدول الثالثة (في الوقت الحاضر، من قبل سوريا المترددة في التعاون).
من جانب آخر، وعلى الرغم من المحاولات العديدة التي قامت بها القوى الاستعمارية في الماضي، إلا أن الأمر لم يكن كذلك، إلى غاية وضع خطة المياه الموحدة لوادي الأردن، المعروفة باسم خطة جونستون المزعومة في سنة 1955، التي توسط فيها المبعوث الأمريكي الخاص عندما تم اقتراح توزيع محدد للمياه على الدول المجاورة الأربعة. وعلى ضوء هذه الخطة، ستُخصص حوالي 60 بالمئة من نهر الأردن إلى لبنان وسوريا والأردن مقابل 40 بالمئة لإسرائيل. وبعد سنة 1994، أصبحت خطة جونستون أنجح دعامة للتعاون الإقليمي حتى الآن، مع تطبيق جزئي وغير متوازن، لأن إسرائيل لم تصل إلى حصتها فحسب، بل زادتها أيضا.
بالنسبة للأردن، تعتبر المياه لعنة ومحفزا في الآن ذاته، وذلك في العديد من جوانب السياسة الخارجية والاقتصادية والاجتماعية.
التعاون بين إسرائيل والأردن
تمثل المياه إحدى القضايا القليلة التي ضمت إسرائيل والجهات العربية الفاعلة في خطط التعاون. ويمثل الأردن حالة نموذجية، حيث كانت وضعيته كدولة وسيطة في مواجهة الدول العربية وأمينًا للشعب الفلسطيني، فعالة في إقناع إسرائيل بالممارسات التعاونية. وبالنسبة للأردن، تعتبر المياه لعنة ومحفزا في الآن ذاته، وذلك في العديد من جوانب السياسة الخارجية والاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، وقع تحديد ندرة المياه المقدمة من البنك الدولي بحوالي 1000 متر مكعب للفرد في السنة كمرجع، لكن الأردن غير قادر على توفير حتى 15 بالمئة من هذا الرقم.
وبحسب الرئيس السابق للقسم الدولي في الجيش الإسرائيلي، دانييل رايزنر، فإنه “لا يمكن حل النزاعات على المياه إلا من خلال تحديد كيفية التوزيع على أساس كمية ونوعية المياه، وليس عن طريق المفاهيم العامة”. وقد كان النهج القائم على النوعية/الكمية، هو النهج السائد في حل الاختلافات، مثلما انعكس في الملحق الثاني لمعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية لسنة 1994.
بالإضافة إلى ذلك، جرى الاتفاق على كميات المياه فيما يتعلق بنهر اليرموك، وتدفقات الأردن والاحتياطيات الجوفية لوادي عربة، حيث كانت إسرائيل ملتزمة بنقل ما يصل إلى 10 مليون متر مكعب من المياه المحلاة سنويا، مع الإشارة إلى خطة جونستون كإطار للتفاهم. وبالنظر إلى أن 50 مليون متر مكعب أخرى ستكون ضرورية لتخفيف النقص في المياه الأردنية، وافقت إسرائيل على البحث عن طرق لتوفير هذه الكمية في إطار تعاوني.
أدى مشروع آخر إلى تخفيف بعض الضغوط المفروضة على المياه في الأردن، وهو مشروع نقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت.
في المقابل، ستحافظ إسرائيل على الاستخدامات الحالية، مسلطة الضوء على الجهة الفاعلة التي وصلت إلى طاولة المفاوضات من موقع متميز، كما تمكنت أيضا من الحصول على جزء متزايد من الموارد الجوفية. من جانب آخر، يزعم بعض المؤلفين أن “حجم المياه التي يمكن للأردن الوصول إليها هو أقل بكثير من ذلك المنصوص عليه في خطة جونستون، لذلك ينبغي أن تشارك في توزيع بحيرة طبريا ومياهه الجوفية”.
كما أدى مشروع آخر إلى تخفيف بعض الضغوط المفروضة على المياه في الأردن، وهو مشروع نقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت. وتتمثل أهدافه الرئيسية في تحقيق الاستقرار على مستوى البحر الميت، الذي يشهد تدهورا مستمرا، فضلا عن تحلية إمدادات المياه وتوليد الطاقة للأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية وبناء رمز للسلام والتعاون. مع ذلك، لا زال يُشكَّك في فوائده وقدرته على البقاء ولم يسترد المشروع الزخم الذي تلاشى عندما مرت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والأردن بالانقلاب الناجم عن الحادث الذي وقع في السفارة الإسرائيلية في عمان في سنة 2017.
السيطرة على الموارد والتفوق الاستراتيجي
إن العبء الاستراتيجي الناجم عن التعايش الإقليمي في الحوض مشروط إلى حد كبير من ناحية، بالخصائص الفيزيائية الحيوية للنظام الهيدرولوجي، مثل المستويات العالية من الملوحة والمواد الكيميائية أو نسبة هطول الأمطار في فصل الشتاء والصيف. ويرتبط، من ناحية أخرى، بديناميات واحتياجات أصحاب المصلحة فيما يتعلق بالحوض الذي يعيد إنتاج قيمته الهيدرولوجية الاستراتيجية؛ بما في ذلك دور الجهات الفاعلة المشاطئة للحوض في استخدام الموارد المائية المتاحة، ودرجات الاعتماد المختلفة على الحوض، فضلا عن سياسات التنمية الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة به. وتسلط كل هذه المتغيرات الضوء على الجهة الفاعلة التي لديها القدرة والمؤهلات للسيطرة على النظام الهيدرولوجي.
على ما يبدو، فإن حالة المياه في نهر الأردن العلوي أفضل من حيث الكمية والجودة. وفقط في سوريا وإسرائيل ولبنان، يمكن الوصول إلى هذه المياه. وتقدر نسبة استخدام سوريا للماء، الذي تم تحويله في الغالب من مجرى نهر اليرموك، بحوالي 453 مليون متر مكعب في السنة، وهو رقم يفوق بكثير ذلك المنصوص عليه في خطة جونستون. وبالنسبة لتقديرات إسرائيل، رغم أنها ليست نهائية بسبب السرية فيما يتعلق بالاستهلاك في المستوطنات، فيُعتقد أنها تقدر بنحو 723 متر مكعب فقط للجزء العلوي من النهر.
استخراجات الجهات الفاعلة المشاطئة للحوض العلوي من النهر في الأردن.
تمتلك كل من سوريا والأردن أكبر مساحة من مستجمعات المياه وأكبر عدد من السكان وأعلى نسبة هطول للأمطار داخل الحوض. إلى جانب ذلك، ودون التقليل من مساهمة إسرائيل في المياه السطحية، فإن المسافة تضيق إذا أخذنا بعين الاعتبار المياه الجوفية. وتمثل إسرائيل عامل الهيمنة في نسبة الاستخدام في كلا المستويين. كما يمكن ملاحظة تفوق إسرائيل بالقدر ذاته في التنمية الاجتماعية والاقتصادية على طول حوض نهر الأردن وفي التقدم التكنولوجي الذي يعد بمثابة رصيد استراتيجي. وكما لوحظ سابقا، كان هناك تحسن تدريجي حاسم فيما يتعلق بفرص التنويع الإسرائيلية بشأن الموارد الهيدرولوجية للحوض، على الرغم من استمراره كمستخدم رئيسي له.
فرص الأردن في موقف تفاوضي أفضل
إن وجود موقف أردني أفضل في العلاقات الثنائية يمكن أن يشجع التقدم نحو خريطة طريق لاستخدام وتوزيع أكثر إنصافا. لكن كيف يمكنه تعزيز قوته التفاوضية؟ في الواقع، تعتمد العلاقات الاستراتيجية والتوترات الإسرائيلية الأردنية خارج إطار التعاون في مجال المياه اعتمادا كبيرا على النظام الهيدرولوجي. ولزيادة التأثير، يمكن للمشرعين الأردنيين تصميم نظام تعويض، بحيث يؤدي موقف الأردن الأكثر ملاءمة في إطار التعاون في مجال المياه إلى فوائد خارجية للحوض بالنسبة لإسرائيل، وهو أمر ممكن بالنسبة للأردن في دوره الوسيط.
كما يجب إيلاء اهتمام متجدد لمتغيرات “محدودية توافر المياه” “والاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية” “والتدهور البيئي”. وبالمثل، فإن الامتثال الكامل وتبادل المعلومات من شأنه أن يعزز الثقة، على الجانب العربي، ويشرك إسرائيل بشكل دائم في السياسة دون الإقليمية، مما يزيد من توقعات الاستدامة على المدى الطويل. من جهة أخرى، يمكن للمشاركة الفعالة للجهات الفاعلة الاقتصادية ذات الاهتمام أن تسهل الانتقال إلى مجال المنفعة المتبادلة والكفاءة.
دعم سلطة فلسطينية مركزية تتمتع بالشرعية والسيطرة على الضفة الغربية وغزة يجب أن يكون أولوية في استئناف الحوار حول المياه.
في الأثناء، يمارس تدفق اللاجئين درجة معينة من التأثير على السيناريوهات المستقبلية المحتملة، ليصبح الأردن مفاوضا نشطا محتملا إزاء إسرائيل، التي لا تحمل “عبء اللاجئين”، مما يضفي الشرعية على اعتماد الأردن على حوض نهر الأردن ليس فقط فيما يتعلق بالفلسطينيين، ولكن أيضا العراقيين والسوريين. كما يمكن للأردن إقناع إسرائيل بالاعتراف بالفجوة بين العرض والطلب. وقد كان العمل كوسيط نقطة قوة مستمرة بالنسبة للأردن، وبالتالي، فإن دعم سلطة فلسطينية مركزية تتمتع بالشرعية والسيطرة على الضفة الغربية وغزة يجب أن يكون أولوية في استئناف الحوار حول المياه.
علاوة على ذلك، يمكن للأردن إعادة تشكيل استراتيجيته للسياسة الخارجية من خلال ربط قضايا المياه بمجموعة من الجهود الدبلوماسية المتنوعة والمتكاملة. وقد يتطلب الأمر تغييرات، التي تتضمن تعزيز التعاون بين وزارة المياه والري ووزارة الخارجية وتوحيد أهداف المياه مع أهداف الجهات العربية الفاعلة، إلى جانب الاستفادة من العلاقة المتجذرة مع الولايات المتحدة لكسب مشاركتها.
تمثل المتغيرات التنظيمية للتبعية الأردنية والمصادر البديلة والأهمية الثقافية للحوض، فضلا عن الوجود الإقليمي الأمريكي، المفاتيح اللازمة للحد من التدهور البيئي
من ناحية أخرى، يمكن للمملكة الهاشمية أن تعمل على الحد من النهج الإسرائيلي نحو الحوض كأولوية قصوى من حيث البقاء الاقتصادي. وفي إسرائيل، تتعزز قطاعات الخدمات والتكنولوجيا والبناء على حساب الزراعة، مما يقلل من الطلب على المياه لأغراض الري، والتي لا تزال حيوية بالنسبة للمحاصيل الأردنية. وهناك طريقة أخرى تتمثل في دعم مشاريع تحلية مياه البحر وإعادة تدويرها، التي تدرك إسرائيل نتائجها بالكامل. في الآن ذاته، يمكن أن يكون المنطق معاكسا جذريا. فبمساعدة إسرائيل، يمكن للأردن الحصول على التكنولوجيا والبنية التحتية والمعرفة لتطوير طرق تحلية المياه. وبالتالي، فإن الخطط المشتركة، التي لا تقتصر على المياه، وإنما تشمل أيضا المكاسب المتبادلة الأخرى مثل الطاقة، قد تكون خيارا جذابا.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الأردن والجهات الفاعلة العربية الأخرى أن تؤكد، من خلال أدلة مادية صارمة، على إسهامها الحاسم في دورة الحياة واستخدام الحوض، مع إعادة عرض الافتراضات العامة حول التبعية الإسرائيلية. وإجمالا، تمثل المتغيرات التنظيمية للتبعية الأردنية والمصادر البديلة والأهمية الثقافية للحوض، فضلا عن الوجود الإقليمي الأمريكي، المفاتيح اللازمة للحد من التدهور البيئي، وإعادة تعريف الاستخدامات الحالية والمحتملة، وتكثيف الاتفاقات الثنائية، إلى جانب تحسين العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل والأردن، والتي، في النهاية، ستستوعب نظاما أكثر تعاونا واستدامة.
المصدر: المركز الإسباني للدراسات الاستراتيجية