تتسارع وتيرة الحرب في السودان وسط اتهامات مباشرة لدول إقليمية بتورطها في دعم مليشيا الدعم السريع بأسلحة متطورة ومرتزقة كولومبيين، ما يعكس تعقيدات الصراع المستمر بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع منذ أكثر من 19 شهرًا، متسببًا في النزوح الأسرع في العالم، مع اضطرار 20 ألف شخص للنزوح يوميًا، ما يجعل السودان يواجه أسوأ أزمة جوع عالمية، حيث يقف ثلاثة أرباع مليون شخص على أعتاب المجاعة، ويعاني 26 مليون شخص من الجوع بحسب وكالات أممية.
في هذا السياق، تتكشف تفاصيل جديدة حول طبيعة التدخلات الخارجية وأثرها على المشهد العسكري والسياسي، ما يضع الجيش السوداني أمام تحديات مصيرية وخيارات مفتوحة للتعامل مع التصعيد الذي وُصف بأنه يهدد الأمن القومي السوداني ويمس السيادة الوطنية.
في وسط هذه الأحداث تتجدد الاتهامات لدولة الإمارات العربية المتحدة بتورطها في دعم غير محدود لمليشيا الدعم السريع مع تحرك غربي لنواب في أروقة الكونغرس الأمريكي بغرض وقف مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات، حتى لا ترسلها إلى حلفائها من “الدعم السريع” في السودان.
مرتزقة كولومبيون
كشفت صحيفة لاسيلا فاسيا الكولومبية عن مقتل جنود كولومبيين في السودان، تم استقدامهم للقتال إلى جانب مليشيا الدعم السريع عبر شركة كولومبية تُدعى “وكالة الخدمات الدولية” (A4SI)، وذكرت الصحيفة أن الجنود تم استقطابهم بعروض عمل وهمية لتقديم خدمات أمنية في البنية التحتية النفطية بالإمارات.
تحدثت الصحيفة مع جنديين سابقين مشاركين، واطلعت على تسجيلات صوتية ومقاطع فيديو من جنديين آخرين داخل السودان حاليًا، في أحد التسجيلات قال أحد الكولومبيين المشاركين: “لن أخبرك بالأكاذيب، الوضع متصدع، إنه معقد، إذا كان لديك أشياء يجب حلها هناك في كولومبيا، فكر جيدًا.. هنا، الليلة الماضية، كان لدينا بالفعل ثلاثة نائمين ونحو خمسة نعسى”، في إشارة للقتلى والجرحى.
ووفقًا التقرير، هناك نحو 160 جنديًا كولومبيًا سابقًا يعملون مع مليشيا الدعم السريع في السودان، هؤلاء الجنود تم نقلهم عبر قوافل من بنغازي الليبية، واستغرقت رحلتهم عبر الصحراء 8 أيام للوصول إلى الحدود السودانية.
إحدى القوافل الأخيرة تعرضت لهجوم من القوات المشتركة المتحالفة مع الجيش السوداني، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، ما أسفر عن إصابة العريف كريستيان لومبانا، الذي تم العثور على أوراقه الثبوتية التي نشرتها القوات المشتركة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكرت الصحيفة أن العملية بدأت منذ أكثر من ثلاثة أشهر، حيث وصلت أول دفعة من الكولومبيين إلى دارفور، قرب الحدود مع ليبيا وتشاد، وذكر ضابط عسكري كولومبي متقاعد آخر في السودان، والذي اطلعت صحيفة “لاسيلا” على شهادته من خلال التسجيلات الصوتية، أن وحدته كانت على بعد نصف ساعة تقريبًا من الفاشر، وأنها تعرضت للهجوم هناك من القوات المشتركة، وقتل في ذلك الهجوم 3 كولومبيين وأصيب آخرون.
في ذات السياق صرح للصحافة الكولومبية الرائد المتقاعد أنطونيو رودريغيز شريك العقيد المتقاعد بالجيش الكولمبي ألفارو كويجانو المتهم بإرسال 300 مرتزق كولومبي إلى السودان، واتهم العقيد ألفارو كويجانو وزوجته كلوديا أوليفيروس بخداع جنود كولومبيين سابقين وإرسالهم إلى مناطق النزاع تحت وعود كاذبة بالعمل في الإمارات.
وفق رودريغيز، بدأ الأمر عام 2010 عندما تعاونت شركة كولومبية تُدعى Mi Futuro Global مع شركة إماراتية تُسمى المسار لتوظيف عسكريين متقاعدين في الجيش الإماراتي. لاحقًا، تأسست شركة A4SI عام 2017، والتي أُغلقت لاحقًا لأسباب قانونية، فتم تغيير الاسم إلى وكالة الخدمات الدولية كما يظهر في سجلات غرفة تجارة العاصمة بوغوتا والتي قيل إنها استغلت العسكريين الكولومبيين.
في عام 2022، باع رودريغيز شركته لكويجانو وزوجته مقابل 120 مليون بيزو كولومبي بسبب أزمة مالية. وبدأ الزوجان باستخدام الشركة لعقد اتفاقيات مع Global Security Service Group (GSSG) الإماراتية حسب الوصف الوارد على موقعها الإلكتروني فإن هذه الشركة هي “أول شركة أمنية خاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة تحصل على ترخيص أمني مسلح”.
ورغم ورود تقارير عن مقتل جنود كولومبيين في السودان، أكد رودريغيز أن التجنيد ما زال مستمرًا والمشروع يمكن أن يدر مليارات البيزو (العملة الكولومبية) سنويًا، وقد أكد جنود سابقون كشفوا أن كويجانو وزوجته وعدوهم بعقود عمل في الإمارات، لكنهم نُقلوا إلى السودان، وتشير الوثائق إلى أن المرتزقة وقعوا اتفاقيات مع GSSG الإماراتية التي تدير العمليات المالية من بنما.
ردود الفعل الرسمية
في هذا السياق قال الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو في منشور له على منصة “إكس” تعليقًا على هذه القضية، إنه يجب أن يتمتع العسكريون الكولومبيون بمستوى معيشي أفضل، “لكن المسؤولين عن استغلال دماء الشباب المسفوكة مقابل المال في بلدان أجنبية يجب أن يُعاقبوا جنائيًا”، وطالب بحظر نشاط المرتزقة، وأمر وزارة الخارجية بإيجاد طريقة لإعادة الجنود الكولومبيين السابقين من إفريقيا، واصفًا إياهم بـ”الشباب الذين تعرضوا للخداع”.
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الكولومبية عن بدء إجراءات ملموسة لإعادة المواطنين الكولومبيين الذين تعرضوا للخداع في السودان، حيث تم إنشاء فريق خاص بهدف إيجاد حل سريع لهذه القضية التي تعد من أولويات الحكومة، ودعا الوزير إلى إقرار سريع لقانون يحظر تجنيد المرتزقة في كولومبيا، وأوضح أن وزارة الخارجية قدّمت بالفعل مشروع قانون إلى مجلس الشيوخ، يهدف إلى منع تجنيد واستخدام المرتزقة، وتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بذلك.
من جانبها، أعربت سفيرة كولومبيا لدى القاهرة، آن ميلنيادي جافيريا، خلال لقائها عماد عدوي، سفير السودان لدى مصر، عن صدمة شعب وحكومة بلادها لدى تلقيها خبر مشاركة كولومبيين في حرب السودان.
وفي ذات الصدد تلقى وزير الخارجية السوداني الدكتور علي يوسف، محادثة هاتفية من نظيره وزير خارجية كولومبيا لويس جلبيرتو موريللو، وقدم الوزير الكولومبي اعتذارًا رسميًا نيابة عن بلاده بشأن انخراط مواطنين كولومبيين في الحرب إلى جانب مليشيا الدعم السريع.
فيما يخص الوضع في السودان، تعمل وزارة الخارجية على التحقق من الوضع الشخصي والهجري للمواطنين الكولومبيين هناك، مع تقديم المساعدة القنصلية اللازمة، بالإضافة إلى تسهيل عمليات عودتهم إلى كولومبيا أو اتخاذ أي إجراءات أخرى لحماية حقوقهم وكرامتهم الإنسانية، ولم تصدر مليشيا الدعم السريع أي تأكيد أو نفي رسمي حتى الآن بشأن الواقعة.
أسلحة أوروبية متطورة
في بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي أعلنت القوات المشتركة إحباط محاولة تهريب أسلحة متطورة إلى مدينة الفاشر بدارفور، كانت موجهة لدعم مليشيا الدعم السريع، وأوضحت القوات أن العملية تمت بعد رصد استخباراتي دقيق، وأسفرت عن ضبط طائرات مسيرة متطورة وتدمير آليات عسكرية.
وقالت القوات المشتركة في بيان رسمي إن العملية نُفذت في منطقة قرب مدينة نيالا الواقعة تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع، وأسفرت عن الاستيلاء على 9 طائرات مسيرة، بينها 3 كبيرة قادرة على حمل صواريخ جو-أرض، ومقتل أكثر من 30 من عناصر المليشيا، بالإضافة إلى تدمير 8 آليات.
وأكدت أن الطائرات المسيرة المضبوطة تم تصنيعها في جمهورية التشيك شملت طائرات درون من طراز Danger Propellers برقم تسلسلي J/DF24-23-01-043A وهي من إنتاج شركة Woodcomp Propellers في جمهورية التشيك بوسط أوروبا، معدلة للأغراض العسكرية، ويعتبر دخولها إلى السودان سابقة بدعم وتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتنسيق مع تشاد لتسهيل مرورها، معتبرة أن هذا يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن الوطني.
ووجهت القوات المشتركة اتهامات مباشرة للإمارات بتوريد الأسلحة للمليشيا وتدريب المرتزقة، ولتشاد بتسهيل مرور هذه الأسلحة عبر أراضيها، وأكد البيان جاهزية القوات للتصدي لكل المؤامرات، مشددًا على استمرار الجهود لحماية الوطن حتى التحرير الكامل.
مسودات قوانين أمريكية
في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 قدم السيناتور الأمريكي كريس فان هولن مشروع قانون يهدف إلى وقف مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، جراء المخاوف من أن تسهم هذه الأسلحة في دعم مليشيا الدعم السريع، وسط اتهامات لها بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ويسمح القانون الأمريكي المقترح بمراجعة الكونغرس لصفقات الأسلحة، ويتيح لأعضاء مجلس الشيوخ التصويت على قرارات تمنع المبيعات.
ووفقًا لوكالة رويترز للأنباء، أشار فان هولن إلى أهمية الإمارات كشريك للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، لكنه أكد أن الولايات المتحدة “لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي بينما تساهم في كارثة إنسانية”، داعيًا إلى استخدام النفوذ الأمريكي لحل الصراع سلميًا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت إدارة الرئيس جو بايدن عن صفقة محتملة لبيع ذخائر للإمارات بقيمة 1.2 مليار دولار، تشمل صواريخ متقدمة من إنتاج شركة لوكهيد مارتن، فيما تسعى المشروعات المقدمة حديثًا من المسؤولين الأمريكيين إلى وقف هذه الصفقة، وفي مايو/أيار الماضي، تقدمت النائبة الأمريكية سارا جاكوبس بمشرع قرار لمجلس النواب يقضي بقطع إمداد الأسلحة إلى الإمارات.
وتشير تقارير عديدة رسمية وأخرى صحفية إلى تورط الإمارات في الحرب السودانية من خلال وقوفها وراء قوات الدعم السريع وتزويدها بالسلاح عقب إنشاء مطار لهذا الغرض في دولة تشاد بالقرب من الحدود الغربية للبلاد.
وفي السياق، جددت منظمة هيومن رايتس ووتش اتهاماتها لدولة الإمارات العربية المتحدة بالوقوف خلف الدعم السريع، وهاجمت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان في تقرير حديث لها الرابطة الأمريكية لكرة السلة (NBA) لشراكتها مع وزارة الثقافة والسياحة الإماراتية، وقالت إن هذه الأنشطة تعتبر جزءًا من استراتيجية أوسع تُعرف بـ”غسيل السمعة”، تهدف إلى صرف الانتباه عن الانتهاكات الحقوقية التي ترتكبها الإمارات داخليًا وخارجيًا.
منحى جديد للحرب
في هذا الصدد أعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة ووزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، أن الحرب اتخذت منحى خطيرًا، مع ظهور أسلحة استراتيجية تشمل طائرات مسيرة وصواريخ موجهة تستخدمها مليشيا الدعم السريع، مؤكدًا أن هذه الأسلحة، التي تُنتجها دول كبرى، تم تهريبها إلى السودان عبر دولة تشاد، ما يُعدّ انتهاكًا للقانون الدولي.
وأوضح الأعيسر أن دعم الإمارات لا يقتصر على تقديم السلاح والتمويل، بل تقود أيضًا تحركات سياسية دولية وإقليمية لدعم المليشيا وتنفيذ أجندتها في السودان، كما أشار إلى أن المليشيا أصبحت تستخدم أسلحة لم تُسجل من قبل في يد جماعات غير حكومية، مثل الطائرات المسيرة الموجهة، ما يعزز تورط جهات دولية كبرى.
في السياق ذاته، حمّل وزير الخارجية، الدكتور علي يوسف، الإمارات المسؤولية القانونية والجنائية لدورها في الحرب، مؤكدًا أنها شريك مباشر في الجرائم ضد الشعب السوداني، وأوضح أن التحقيقات تُظهر أن الطائرات المسيرة يتم تجميعها في الإمارات، قبل إدارتها من الأراضي التشادية القريبة من الحدود السودانية، بمساعدة ممرات آمنة توفرها تشاد.
ومن جهتها، خلال بيان صحفي لوزارة الدفاع، قدمت القوات المسلحة السودانية تفاصيل دقيقة حول الدعم الإماراتي لمليشيا الدعم السريع، وأوضحت أن الإمارات زودت المليشيا بطائرات مسيرة متطورة من طراز (SGPR) حصلت عليها في 2015 من شركة صربية، وطائرات أخرى من إنتاج شركة إماراتية في 2019.
وبيّنت القوات المسلحة أن هذه الطائرات تم شحنها عبر رحلات جوية مباشرة إلى مطار أم جرس في تشاد، قبل نقلها إلى السودان، بإشراف خبراء إماراتيين دربوا عناصر المليشيا ومرتزقة في الإمارات وفي مناطق سودانية.
كما أظهرت التقارير أن شركة فلاي سكاي إيربص، ومقرها الإمارات، نفذت أكثر من 50 رحلة جوية في شهر واحد عام 2021، لنقل إمدادات عسكرية إلى دولة مجاورة، ما يشير إلى استمرار الدعم العسكري للمليشيا.
لا يمكن تجاهل دور الإمارات
في هذا الصدد، ذكر أكرم علي وهو مراقب مهتم بالشأن السياسي في حديثه لـ”نون بوست” أن أسباب إنهاء الصراع في السودان موجودة إذا كان المجتمع الدولي والفاعل الإقليمي جادين في ذلك، موضحًا أنه “يمكن إنهاء الأزمة من خلال التفاوض أو بدعم مؤسسات الدولة أو حتى الحسم العسكري، لكن يجب أن يكون هناك توجه جاد لوقف قنوات إمداد الدعم السريع، سواء عبر الضغط على الإمارات أو غيرها”.
وأضاف “هناك مشكلة كبيرة في توصيف الأزمة في السودان، دور الإمارات في الحرب دور حقيقي وفاعل وقوي، فهي الممول الأساسي لمليشيا الدعم السريع، أي حل يتجاهل هذا الدور لن يكون حلًا أمثل”.
وأشار أكرم إلى أن الإمارات لديها مصالح كبيرة جدًا مع الولايات المتحدة وبريطانيا، متسائلًا: “لماذا تعادي الإمارات الشعب السوداني هكذا؟ هناك مصلحة اقتصادية كبيرة جدًا للإمارات في السودان، فلماذا تدعم مليشيا ترتكب جرائم حرب ضد الشعب السوداني؟”.
وأوضح “أعتقد أن الإمارات تصلها تقارير من تنسيقية تقدم تزيد مخاوفها من عودة الإسلاميين للسلطة، وهذه التقارير لا تعكس الحقيقة”، وأردف “السودان ذهب خطوات كبيرة جدًا في كشف الإمارات. لكن أي حل سياسي أو دولي يجب أن يتعامل مع الدور الإماراتي بجدية، لأنه لا يمكن تجاهل تأثيرها كفاعل إقليمي في الأزمة السودانية”، بحسب وصفه.
خيارات الجيش السوداني
من جهتها، أكدت القوات المسلحة أنها نجحت في تحييد الطائرات المسيرة التي هاجمت مدينتي عطبرة ومروي بالكامل عبر المضادات الأرضية وأجهزة التشويش المتطورة.
وأشار الجيش إلى أن النسخة الجديدة من الطائرات، التي زودت بها الإمارات المليشيا، تعمل بمحركات بنزين وتحمل 50 كيلوغرامًا من المتفجرات، وهي مزودة بأجهزة مقاومة للتشويش، وعلى الرغم من تطورها، أكدت القوات المسلحة قدرتها على التعامل مع هذه الأسلحة وإفشال جميع الهجمات.
وفي السياق الدبلوماسي، قدمت حكومة السودان شكوى رسمية ضد جمهورية تشاد المجاورة إلى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب التابعة للاتحاد الإفريقي في أوائل نوفمبر/تشرين الأول الماضي ضد تشاد بشأن مساندتها لمليشيا الدعم السريع في الجرائم التي ارتكبتها.
كما أكد محللون أن الحرب في السودان شهدت تحولات نوعية على المستويات العسكرية والسياسية والدبلوماسية، ما يعزز فرص الجيش السوداني في تحقيق نصر حاسم، لكن تحديات داخلية وخارجية قد تغير المعادلة.
عسكريًا، يشير مراقبون إلى انتقال الجيش من وضعية الدفاع إلى الهجوم، بدءًا من تحرير الإذاعة في أم درمان، وعبور الكباري نحو مناطق مركزية في الخرطوم وبحري، وصولًا إلى تأمين مناطق استراتيجية مثل سنجة وجبل موية، وانفتاحه نحو ولاية الجزيرة في معارك مستمرة منذ الأول من ديسمبر/كانون الثاني وحتى الآن، وتقدمه في عدة محاور وسيطرته على مناطق استراتيجية جديدة كمصنع سكر سنار.
وفي السياق السياسي، شهدت الدولة تحولًا في خطابها الرسمي، حيث تبنت موقفًا صارمًا ضد التفاوض مع مليشيا الدعم السريع، مع تأكيد سردية سيادة الدولة ورفض الاستتباع، وبرز هذا الموقف في تصريحات القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان في مؤتمراته الصحفية بخصوص مفاوضات جنيف وفي نيويورك .
أما على الصعيد الجيوسياسي، كان الفيتو الروسي في مجلس الأمن أحد أبرز الأحداث، كما أشار محللون إلى بداية تشكل تحالفات إقليمية جديدة تضم السودان في ظل الأحداث العالمية الراهنة، ما يعزز موقعه على الخريطة الدولية.
في المحصلة هل ستتمكن القوات المسلحة السودانية من مواجهة هذا التصعيد المتزايد والتعامل مع التدخلات الإقليمية بأدواتها العسكرية الحالية؟ وإلى أي مدى ستؤثر الضغوط الخارجية على قدرة السودان في تحقيق الاستقرار والحفاظ على سيادته؟ وهل ستكون هناك جهود دولية حقيقية للضغط على الدول الداعمة للمليشيا لوقف تدخلاتها؟
سنتابع ونرى.