بسبب الخلاف حول الثورة السورية، انفرط عقد حلف الممانعة الذي جمع لسنوات بين إيران وسوريا وحزب الله من جهة وقطر وتركيا وحماس من جهة أخرى.
كما أدى الخلاف حول الموقف مما عاشته مصر يوم 3 يوليو 2013 إلى تصدع العلاقات الخليجية وأسس لخصومة جدية بين السعودية والإمارات من ناحية وقطر من ناحية أخرى.
وإن كانت قطر قد تعودت منذ سنوات على التغريد بمفردها خارج السرب الخليجي عبر الاعتماد على حلفائها الإقليميين الآخرين في المنطقة، إيران وتركيا وأحيانا عمان، فإن الخاسر الأكبر هو المملكة العربية السعودية، التي حاصرت نفسها بخصوم إقليميين مثل تركيا وإيران وإسرائيل وقطر، وفقدت في نفس الوقت دولة الكويت التي “خذلتها” في خلافها الأخير مع قطر خوفًا من تصاعد الغضب السياسي الداخلي في البلاد، كما ورطت نفسها في مصر التي ستمتص طاقة السعودية المادية والسياسية والدبلوماسية لسنوات.
وفي ظل هذه العزلة الإقليمية التي يتوقع أن تعيشها السعودية مستقبلًا، وتحت وطأة الضغوط التي تمارسها قطر وتركيا إعلاميًا وسياسيًا وحتى اقتصاديًا لإفشال المشروع الذي تبنته السعودية في مصر، يرى محللون أن السعودية تتجه إلى تشكيل حلف إقليمي جديد يمكنها من ترجيح كفتها في موازين المنطقة ومن الإخلال بموازين كفة خصومها.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، وإلى جانب أخبار الخلاف القطري السعودية والأحاديث والتقارب القطري الإيراني والتقارب القطري العماني والتقارب السعودي الإيراني، رصد موقع نون بوست دلالات أخرى على قرب تشكل حلف جديد غير تقليدي قد يجمع بصفة مباشرة أو غير مباشرة بين كل من السعودية وإيران وإسرائيل.
دلالات على تقارب إسرائيلي سعودي:
في يوم 14/04/2014، قال وزير الخارجية الإسرائيلي “إن إسرائيل تجري مباحثات سرية مع بعض الدول العربية التي لا تعترف بها، من بينها السعودية والكويت، وتتطلع لإقامة علاقات دبلوماسية بدافع القلق المشترك من إيران”.
في مطلع شهر مارس/ آذار، قالت صحيفة “جيروسلام بوست” إن رئيس المخابرات السعودية السابق الأمير” تركي الفيصل” أطرى بشكل واضح ومباشر على وزيرة العدل الإسرائيلية “تسيبي ليفني”، وأن ليفني أجابته قائلة: “ليتك كنت قادرًا على الجلوس معي على المنصة والتحدث حول ذلك”.
في شهر ديسمبر الماضي، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، شارك في المؤتمر الأمني الخاص بدول الخليج، والذي عقد الإمارات العربية المتحدة، وقالت إن بيريز التحق بالاجتماع عبر نظام الفيديو كونفرنس وألقى كلمته من على مكتبه في القدس، وخلفه العلم الإسرائيلي، مؤكدة: “استمع المشاركون في المؤتمر باهتمام للرئيس الإسرائيلي، ولم يغادر أحد الغرفة، كما صفقوا لها في نهاية كلمته”، مشيرة إلى أن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة هي من وجهت الدعوة لبيريز.
توادٌ سعودي إيراني:
قبل يومين، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل: “السعودية وجهت دعوة جديدة لوزير الخارجية الإيراني لزيارة بلادها”، وأشار إلى أن “السعودية مستعدة للمحادثات مع إيران”، وأنه “لابد من إعادة التواصل مع إيران لأجل استقرار المنطقة”.
في شهر ديسمبر 2013، وخلال جولته الخليجية، قال وزير الخارجية الإيراني، جواد الظريف، إنه مستعد “للالتقاء بالأخوة في السعودية، وفي أقرب فرصة ممكنة”، كما لم تخل كل التصاريح واللقاءات التي أجراها الوزير الإيران في دول الخليج من رسائل الطمأنة لدول الخليج عامة وللسعودية خاصة، من أن الاتفاق الإيرانية الغربي لا يشكل أي تهديد على دول المنطقة.
وبالأمس، قال موقع العربية نت (المحسوب على النظام السعودي) إن نائب وزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبد اللهيان” أعلن عن “ترحيب إيران بمفاوضات مع السعودية لتشجيع حصول تقارب بين البلدين وتسوية المشاكل الإقليمية”.
الرؤية والدور الأمريكي:
قبل أسابيع، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمجلة “نيويوركر”: “إذا ما استطعنا جعل إيران تتصرف بشكل طبيعي كدولة – لا تدعم منظمات إرهابية، ولا تحاول إثارة النعرات الطائفية في بلدان أخرى، ولا تحاول تطوير سلاح نووي – فإننا قد نجد اتزانًا في مناطق السنة (الأغلبية السنية)، أو ما بين الخليج وإيران”.
هذا التوازن، جاء لتحقيقه وزير الدفاع الأمريكي “تشاك هيغل” الذي زار في الأيام القليلة الماضية المملكة العربية السعودية وبحث “آخر التطورات الإقليمية” مع ولي العهد السعودي الأمير “سلمان بن عبد العزيز آل سعود” ثم التقى بوزراء دفاع دول مجلس التعاون الخليجي وممثليهم في جدة وطمأنهم من أن “الإدارة الأمريكية لن تسمح لإيران بتطوير السلاح النووي”.
ومن جدة انتقل هيغل إلى الأردن ومنها إلى مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب، حيث استقبله وزير الدفاع “موشيه يعلون” وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن الملف الإيراني كان أبرز الملفات التي اجتمع الوزيران لمناقشتها.
الوساطة حجر أساس للحلف الجديد:
وأمام عراقة الصراع والعداء بين كل من إيران والسعودية، يرى محللون أن حجر الأساس في تشييد الحلف الإقليمي الجديد قد يكون عبر مفاوضات إسرائيلية إيرانية غير مباشرة وعبر وساطة سعودية قد تتحول مستقبلاً وبمباركة أمريكية إلى حلف جديد يغير خارطة التوازنات في المنطقة ويربك المسار التركي القطري.