الهارب إلى العاصمة الروسية موسكو، صبيحة 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري والحائز مؤخرًا على لقب “لاجئ”، وسيطرة المعارضة المسلحة على المشهد، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة لسوريا لا وجود فيها لعائلة الأسد، التي جثمت على صدور السوريين لأكثر من 5 عقود كاملة، أعقبها ردود فعل واسعة.
وتباينت المواقف إزاء المشهد السوري بين مرحّب بخيارات الشعب السوري واحترام إرادته الحرة في اختيار سلطته الحاكمة، والإطاحة بجلاديه ممّن حوّلوا الدولة إلى “بلكونة” للأجندات الدولية؛ ومتحفظ ومراقب عن كثب في انتظار ما سيؤول إليه الوضع، الذي يعاني نسبيًا من حالة ضبابية متوقعة نظرًا إلى الفراغ الذي أحدثه انهيار النظام.
الموقف العربي.. انحياز دبلوماسي لخيارات الشعب السوري
جاءت المواقف العربية -بما فيها مواقف الدول ذات العلاقات الجيدة مع النظام البائد- في مجملها مرحّبة بخيارات الشعب السوري، داعية إلى سرعة ترتيب البيت من الداخل ونبذ الخلافات والانقسامات، وضرورة اتخاذ الإجراءات العاجلة لإحلال الاستقرار والتنمية، ومحذّرة في الوقت ذاته من الانزلاق للفوضى، كما دعت المجتمع الدولي إلى دعم المشروع الوطني السوري، حيث سوريا لكل السوريين ولا وجود لأي أجندات أجنبية بداخلها.
قطر.. رحّب المتحدث باسم وزارة الخارجية ماجد الأنصاري بـ”الخطوات الإيجابية التي اتخذتها قوى المعارضة، لا سيما المحافظة على سلامة المدنيين واستقرار مؤسسات الدولة وضمان استمرار الخدمات العامة”، معتبرًا أنها “تمثل بداية مرحلة جديدة تتيح للشعب السوري تحقيق تطلعاته المشروعة نحو الحرية والعدالة والسلام”، مؤكدًا في الوقت ذاته على أن “الشعب السوري الشقيق الذي قدّم تضحيات لا تحصى في سبيل حريته، واستمر في ثباته الأسطوري لأكثر من عقد من الزمان في مواجهة آلة البطش والقمع، يستحق اليوم اعترافًا ودعمًا من المجتمع الدولي بمشروعه الوطني”.
الكويت.. قالت وزارة الخارجية في بيان رسمي لها إنها “تراقب تطورات الأحداث في سوريا الشقيقة باهتمام بالغ”، مؤكدة على “ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واحترام استقلالها وسيادتها على أراضيها وضمان حماية الشعب السوري الشقيق وحقن دماء أبنائه”.
السعودية.. أكدت في بيان لها إنها “تتابع التطورات المتسارعة في سوريا الشقيقة، وتعرب عن ارتياحها للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري الشقيق وحقن الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها”، مضيفة أن المملكة تؤكد “وقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق وخياراته في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا، تدعو إلى تضافر الجهود للحفاظ على وحدة سوريا وتلاحم شعبها، بما يحميها – بحول الله – من الانزلاق نحو الفوضى والانقسام”، مجددة “دعمها لكل ما من شأنه تحقيق أمن سوريا الشقيقة واستقرارها بما يصون سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها”.
الإمارات.. دعت خارجيتها الأطراف السورية إلى تغليب الحكمة للخروج من المرحلة “الحرجة” التي تمرّ بها البلاد، بما يلبّي طموحات وتطلعات السوريين بكافة أطيافهم، وشددت على ضرورة حماية مؤسسات الدولة، مضيفة في بيان لها إنها “تتابع باهتمام شديد تطورات الأحداث الجارية في الجمهورية العربية السورية، وتؤكد حرصها على وحدة وسلامة البلاد، وضمان الأمن والاستقرار للشعب السوري الشقيق”.
سلطنة عُمان.. أكدت وزارة خارجيتها أنها تتابع التطورات في سوريا عن كثب، منوهة في بيان لها إلى “ضرورة احترام إرادة الشعب السوري الشقيق والحفاظ على سيادة سوريا وسلامة أراضيها ووحدتها بشكل كامل”، داعية جميع الأطراف إلى “ممارسة ضبط النفس وتجنب التصعيد والعنف، والتوجه إلى تحقيق المصالحة الوطنية، بما يحقق للشعب السوري الشقيق تطلعاته في الأمن والاستقرار والتنمية والرخاء”.
البحرين.. قالت إنها تتابع المشهد في سياق حرصها على أمن الدولة السورية واستقرارها وصون سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، وحثّت في بيان لها “جميع الأطراف ومكونات الشعب السوري على تغليب المصلحة العليا للوطن والمواطنين، والحفاظ على المؤسسات العامة للدولة وسلامة منشآتها الحيوية والاقتصادية”، مؤكدة في الوقت ذاته دعمها الجهود الإقليمية والدولية الداعمة للشعب السوري الشقيق، وتطلعاته نحو بناء مستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والوحدة والعدالة، وتيسير عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم.
مصر.. قالت القاهرة في بيان لها إنها “تتابع باهتمام كبير التغير الذي شهدته الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وتؤكد وقوفها إلى جانب الدولة والشعب السوري ودعمها لسيادة سوريا ووحدة وتكامل أراضيها”، داعية جميع الأطراف بكافة توجهاتها “إلى صون مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية، وتغليب المصلحة العليا للبلاد، من خلال توحيد الأهداف والأولويات وبدء عملية سياسية متكاملة وشاملة تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلي، واستعادة وضع سوريا الإقليمي والدولي”، مؤكدة على “استمرارها في العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار ودعم العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري الشقيق”.
الأردن.. قال عاهل البلاد الملك عبد الله الثاني، إن بلاده “تقف إلى جانب الأشقاء السوريين وتحترم إرادتهم وخياراتهم”، وفق بيان للديوان الملكي، مؤكدًا في كلمة له خلال ترؤّسه اجتماعًا لمجلس الأمن القومي على “ضرورة حماية أمن سوريا ومواطنيها ومنجزات شعبها، والعمل بشكل حثيث وسريع لفرض الاستقرار وتجنب أي صراع قد يؤدي إلى الفوضى”، وتابع أن بلاده “لطالما وقفت إلى جانب الأشقاء السوريين منذ بداية الأزمة، وفتحت أبوابها للاجئين خلال العقد الماضي مقدمة لهم مختلف الخدمات من صحة وتعليم وغيرها أسوة بالأردنيين”، مضيفًا أن الأردن سيقدم “كل إسناد ممكن للشعب السوري الشقيق في جهوده لإعادة بناء وطنه ومؤسساته ونظامه السياسي، وبما يضمن أمن سوريا وسيادتها وحريتها والعيش الحر الكريم لكل مواطنيها”، وسيدعم أي عملية سياسية يطلقها الشعب السوري لبناء نظام يلبي طموحاته ويحفظ حقوقه.
العراق.. أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، أن بلاده “تواصل الاتصالات الدولية مع الدول الشقيقة والصديقة، لدفع الجهود نحو الاستقرار وحفظ الأمن والنظام العام والأرواح والممتلكات للشعب السوري الشقيق”، مؤكدًا على “أهمية عدم التدخل في الشأن الداخلي السوري أو دعم جهة لصالح أخرى، وإنّ التدخل لن يدفع بالأوضاع في سوريا سوى إلى المزيد من الصراع والتفرقة”، محذرًا من أن أي تدخل قد يدفع الشعب السوري ثمنه غاليًا، “وهذا ما لا يقبل به العراق لبلد شقيق ومستقلّ وذي سيادة، ويرتبط بشعبنا العراقي بروابط الأخوّة والتاريخ والدم والدين”.
الجزائر.. دعت الخارجية الجزائرية كافة الأطراف السورية إلى الوحدة والسلم والعمل من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه، مؤكدة في بيان لها “وقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق الذي تربطه بالشعب الجزائري صفحات نيّرة من التاريخ المشترك القائم على التضامن والتآزر”، داعية إلى “الحوار بين أبناء الشعب السوري، بكافة أطيافه ومكوناته، وتغليب المصالح العليا لسوريا الشقيقة، والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد، والتوجه إلى المستقبل لبناء وطن يسع الجميع، في ظل مؤسسات نابعة من إرادة الشعب السوري بعيدًا عن التدخلات الأجنبية”
فلسطين.. قالت الرئاسة الفلسطينية إن “بلادها وشعبها يقف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، واحترام إرادته وخياراته السياسية، وبما يضمن أمنه واستقراره والحفاظ على منجزاته”، مشددة على تأكيدها على ضرورة “احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية، والحفاظ على أمنها واستقرارها، متمنين دوام التقدم والازدهار للشعب السوري الشقيق”، كما دعت إلى “تغليب جميع الأطراف السياسية لمصالح الشعب السوري، وبما يضمن استعادة دور سوريا الهام في المنطقة والعالم، والذي يصبّ في مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة نحو الحرية والاستقلال”.
الداعمون لرحيل النظام
رحّبت تركيا بقدرة الشعب السوري على فرض اختياراته على الجميع، محترمة قراره في اختيار من يحكمه ويدير شؤون بلاده، فيما حثَّ وزير الخارجية التركى هاكان فيدان، على ضرورة أن تشمل الإدارة السورية الجديدة الجميع، مؤكدًا أن الشعب السورى هو مَن سيقرر مستقبله.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي له في الدوحة أن الشعب السوري في الوقت الحالي ليس في الوضع المناسب الذي يسمح له بإعادة البناء بمفرده، مشددًا على ضرورة قيام الجهات الدولية الفاعلة والقوى الإقليمية بمسؤولياتها وبواجباتها بما يضمن سلامة الأراضي السورية، محذرًا من استغلال ما أسماها التنظيمات الإرهابية للوضع من أجل التمدد وإثارة الفوضى.
وأكد الوزير التركي على أن بلاده لم يكن لديها أي تواصل مع الأسد، رغم دعوة الرئيس رجب طيب أردوغان له إلى إجراء محادثات تهدف إلى تطبيع العلاقات قبل فترة، منوهًا إلى أنه بوسع ملايين السوريين الذين فرّوا من بلادهم جراء النزاع العودة إلى ديارهم.
من جانبه رحّب البيت الأبيض بنجاح المعارضة السورية في الإطاحة بنظام الأسد، منوهًا إلى متابعة ومراقبة الرئيس جو بايدن للمشهد السوري بشكل دقيق، وأنه على اتصال دائم مع الشركاء الإقليميين، فيما كشف عن أن الأولويات الآن تتمثل فى “ضمان ألا يشجّع النزاع على عودة ظهور تنظيم داعش أو يؤدى إلى كارثة إنسانية”
أما الرئيس الفائز في الانتخابات الأخيرة دونالد ترامب، فعلق عبر منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال”، قائلًا: “رحل الأسد، فرَّ من بلاده، لم تعد روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، مهتمة بحمايته بعد الآن”، وأضاف: “لم يكن هناك سبب لوجود روسيا هناك في المقام الأول، لقد فقدوا كل اهتمامهم بسوريا بسبب أوكرانيا، حيث يوجد حوالى 600 ألف جندي روسي جريح أو قتيل، في حرب لم يكن ينبغي لها أن تبدأ أبدًا، وقد تستمر إلى الأبد”.
وعلى المستوى الأوروبي، رحّبت فرنسا بسقوط نظام الأسد، ودعت إلى “إنهاء القتال والمضي نحو انتقال سياسي سلمي”، مؤكدة: “الوقت الآن هو وقت الوحدة في سوريا”، فيما أبدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، “ارتياحها الكبير” لسقوط الأسد، محذّرة في الوقت ذاته من وصول المتشددين إلى السلطة، داعية كافة الأطراف إلى تحمل مسؤولياتها تجاه جميع السوريين.
من جانبه رحّب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، برحيل الأسد، قائلًا إن “الشعب السوري يعاني منذ وقت طويل جدًّا في ظل النظام الذي كان يسيطر على البلاد”، متعهّدًا بتعزيز انخراط بلاده في الشرق الأوسط والعمل مع حلفائها الإقليميين لدعم التعاون الدفاعي، مضيفًا في بيان له أن المملكة ستلعب دورًا أكثر حضورًا في المنطقة لدعم الاستقرار على المدى الطويل، مشيرًا إلى أهمية إجراء تسوية سياسية تعيد الأمن والاستقرار للبلاد، معتبرًا ما حدث تطورًا تاريخيًا لمصلحة المستقبل السوري بعيدًا عن العنف والفوضى.
الموالون للنظام السوري.. تناقض براغماتيكي
المشهد الأسطوري للثوار والحسم السريع للمعركة وانهيار نظام الأسد بهذه الطريقة المهينة، والتأكيد على إرادة السوريين في تدشين مرحلة جديدة من السيادة والاستقلالية لبلادهم، دفع حتى القوى الموالية للنظام السوري والداعمة له في مواجهة الشعب ومعارضته على مدار 10 سنة كاملة إلى اختيار البراغماتية، والتراجع عن مواقفها السابقة والإعلان بشكل دبلوماسي عن دعمها لخيارات الشعب السوري.
فها هي روسيا التي دعمت الأسد عام 2015، وقلبت موازين القوى لصالحه في مواجهة شعبه، وساعدته في ارتكاب كبريات المجازر الإجرامية بحق الآلاف من المدنيين العزل، تعلن اليوم أنها على تواصل مع المعارضة المسلحة التي حاربتها على مدار 9 سنوات كاملة، وذلك بعدما تيقن لها أن دعمها للأسد ما عاد مجديًا، فاختارت اللعب على الحصان الفائز بمنطق براغماتي واضح.
وبخصوص القاعدتين العسكريتين الروسيتين، القاعدة البحرية في طرطوس والمطار العسكري في حميميم، فلم تبدِ موسكو أي قلق بشأنهما، لافتة أن الوضع لا يمثل أي خطورة بشأنهما، حسبما جاء على لسان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الذي قال إن المعارضة “قدّمت ضمانات بشأن أمن القواعد العسكرية والمؤسسات الدبلوماسية الروسية على الأراضي السورية”.
ورغم منح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس النظام الهارب، بشار الأسد، حق اللجوء في بلاده، إلا أن ذلك لم يمنعه من رفع علم المعارضة السورية فوق السفارة السورية في موسكو غداة إسقاط النظام، في رسالة ضمنية سياسية واضحة، مفادها قبول روسيا بالنظام السوري الجديد الذي تمثله المعارضة التي حاربتها لسنوات طويلة.
ولم يلقِ الروس بالًا لما يُثار بشأن تداعيات هذا الانقلاب في المواقف، والتضحية بأحد أكبر الحلفاء في المنطقة، على صورة بلادهم أمام شركائها، وتشويه صورتها كحليف موثوق به، ومصداقية بوتين بين حلفائه، إذ تنتهج موسكو سياسة براغماتية واضحة في ضوء ما تتعرض له من ضغوط داخلية وعلى الساحة الأوكرانية.
البراغماتية ذاتها سيطرت على الموقف الإيراني، فمن الدعم المطلق لنظام الأسد والزود عنه بشتى السبل في مواجهة الثوار والمعارضة على مدار سنوات، ها هو الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، يتقبّل الوضع الراهن بمستجداته المفاجئة، ويدعو إلى ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا، مضيفًا أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد ونظامها السياسي، معربًا عن أمله أن يتمكن الشعب السوري الذي وصفه بالعظيم من تقرير مستقبله، بعيدًا عن “العنف والتدخلات الخارجية المدمرة”.
وفي السياق ذاته، ورغم تحميل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الجيش السوري مسؤولية ما حدث، مرجعًا ذلك إلى فشله في الصمود أمام المقاومة التي وصفها بأنها أدّت دورها هناك، إلا أنه في الوقت ذاته أعلن دعم بلاده لإرادة الشعب السوري من خلال آليات ديمقراطية وشعبية، وإن ألمح إلى أن الطريق سيكون صعبًا، زاعمًا أن لدى بلاده مخاوف ممّا سماه “اندلاع حرب أهلية أو طائفية جديدة أو تقسيم سوريا وتحولها إلى مركز للإرهاب”.
وكان عراقجي قد التقى الأسد في دمشق في الأول من الشهر الجاري، وبحث معه التطورات في سوريا عقب سيطرة المعارضة المسلحة على مدينة حلب ومناطق أخرى حينها، ناقلًا له رسالة دعم بلاده “لشخصه ولسوريا وشعبها”، غير أن التطورات المتسارعة وتماسك المعارضة ووحدة جبهاتها كانت الأسرع في حسم المعركة.
لم يختلف الموقف الإيراني عن موقف ذراعه اللبنانية “حزب الله”، والذي انقلب من الدعم المطلق للأسد ونظامه ومساعدته بالميليشيات والسلاح في مواجهة السوريين والمعارضة، إلى الإعلان عن الوقوف إلى جانب سوريا وشعبها والتشديد على ضرورة الحفاظ على وحدتها أرضًا وشعبًا، وذلك بعد ما اُعتبر أن ما جرى “تحول كبير وخطير وجديد”.
تعليق طلبات اللجوء للسوريين.. تسرُّع غير مبرر
في إجراء مستغرب وسريع، وغير مبرر على الأقل في الوقت الراهن، أعلنت بعض الدول الأوروبية تعليقها طلبات اللجوء التي تخص السوريين، فيما أعلنت أخرى استعدادها لترحيل اللاجئين لديها إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد، رغم ضبابية المشهد في الداخل السوري وعدم تهيئة الأمور للعودة
حيث علقت كل من النمسا والدنمارك والنرويج واليونان وبلجيكا، الاثنين 9 ديسمبر/ كانون الأول 2024، جميع طلبات اللجوء السورية الحالية، ومراجعة جميع الحالات التي تم فيها منح اللجوء، فيما أعلنت فرنسا أنها ستدرس هذا القرار، وأكدت ألمانيا أن تقييم طلبات اللجوء المقدمة من سوريين مقيمين في ألمانيا سيعتمد على التطورات في سوريا بعد الإطاحة بالأسد، كما جاء على لسان وزيرة الداخلية نانسي فيزر.
وفي السويد، البلد الثاني في الاتحاد الأوروبي الذي استقبل أكبر عدد من السوريين الفارين من الحرب خلال عامي 2015 و2016 بعد ألمانيا، طالب زعيم كتلة “ديمقراطيو السويد” اليمينة المتطرفة، والمشاركة في الائتلاف الحكومي، بمراجعة تراخيص الإقامة التي مُنحت للاجئين أتوا من سوريا، داعيًا إلى مغادرتهم إلى بلادهم، حيث كتب على منصة “إكس” يقول إن “قوات إسلامية مدمرة تقف وراء تغيير النظام” في سوريا، و”ألاحظ أن مجموعات تستفيد من هذا التطور هنا في السويد، عليكم أن تعتبروها فرصة جيدة للعودة إلى بلادكم”.
وفي مواجهة تلك الهرولة غير المبررة، دعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، الى إظهار “الصبر واليقظة” في شأن قضية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد إسقاط النظام، حيث قال المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، في بيان إن “المفوضية تنصح بإبقاء التركيز على قضية العودة”، وتأمل أن تسمح التطورات على الأرض بـ”عمليات عودة طوعية وآمنة ودائمة، مع لاجئين قادرين على اتخاذ قرارات واضحة”.
التريث ذاته طالب به المتحدث باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي أنور العنوني، الذي قال إن ظروف العودة الآمنة والطوعية والكريمة إلى سوريا لم تتوفر بعد، معربًا عن اعتقاده بأن معظم السوريين في دول الاتحاد الأوروبي يحلمون بالعودة إلى بلدهم، لكن “الوضع الحالي يوفر أملًا كبيرًا بالفعل، لكنه أيضًا يحمل قدرًا كبيرًا من عدم اليقين”، وتابع: “الأمر متروك لكل فرد وكل أسرة ليقرروا ما يريدون القيام به، لكن في الوقت الحالي نرى أن الظروف اللازمة للعودة الآمنة والطوعية والكريمة إلى سوريا ليست متوفرة”.