تألق عدد وازن من السوريين في دول المهجر خلال السنين القليلة التي أعقبت الثورة السورية، وطبعوا بصمتهم في جوانب مختلفة، مؤكدين بذلك أن اللجوء ليس عائقًا للنجاح. إنجازات هؤلاء الشباب مثّلت ردًا على ما يكرره البعض من أن اللاجئين “عالة” على البلدان التي يلجؤون إليها، كما أنها سرّعت اندماجهم في المجتمعات التي يعيشون بها.
في هذه التقرير، نسلط الضوء على نماذج للاجئين سوريين لمع نجمهم في مواطن لجؤوا إليها، عبر ابتكاراتهم في مجالات علمية، لم يكتب لها كلها أن تسلك طريقها إلى السوق بالضرورة، إلا أنها تبرز الوجه العصامي والريادي لشباب سوريا.
عبد الرحمن الأشرف وجائزة الشباب الأوروبي الرقمي
المهندس السوري عبد الرحمن الأشرف
من هؤلاء السوريين كان المهندس السوري عبد الرحمن الأشرف الذي حصل على جائزة “الشباب الأوروبي الرقمي” لعام 2016 عن مشروع “فري كوم” في مدينة غراس النمساوية، المشروع الذي أعطته صوتها لجنة التحكيم المؤلفة من 16 عضوًا أوروبيًا، من بين 167 مشروعًا مقدمًا، تضمن تقنية جديدة تتيح للمستخدمين إمكانية التواصل وإجراء المكالمات وإرسال الرسائل والأخبار بشكل مجاني حتى في حال انقطاع الاتصالات أو عدم توافر مزود خدمة الإنترنت أو أبراج تغطية أو أقمار صناعية، وتؤسس التقنية لطرق مبتكرة لتكوين شبكة بين الأشخاص بالاعتماد على هواتفهم الذكية بدلًا من أبراج التغطية والأقمار الصناعية، ويزيد اتساع وقوة الشبكة مع ازدياد الأشخاص المتصلين بها.
كان المقصد الأولي من هذه الفكرة مساعدة الأشخاص في مناطق الحروب أو الكوارث، لتتسع وتشمل جميع الأماكن التي تعاني من سوء اتصالات أو شبكة إنترنت ضعيفة.
سيرين حمشو.. براءة اختراع في مجال الطاقة المتجددة
المهندسة سيرين حمشو
في مكتب الاختراعات العالمية “بورد”، سجلت المهندسة سيرين حمشو براءة اختراع صناعية تختص بمجال طاقة الرياح، الاختراع عبارة عن نظام حماية للعناصر الكهربائية الموجودة في الأبراج التي كانت تتعرض للتلف المستمر نتيجة الحركة الدائمة الموجودة في التوربين، سيرين التي تعمل في شركة “جنرال إلكتريك” أكدت في أحد لقاءاتها أن اختراعها يتم تطبيقه في توربينات XMW.3 في ألمانيا واليابان، معربة عن أملها في أن يتم تركيبه في 15 ألف توربين هوائي على الأقل حول العالم.
فريق أمل سوريا.. إنجازات متواصلة
فريق أمل سوريا
وفيما يرتبط بالطاقة أيضًا، فاز فريق “أمل سوريا” المؤلف من مجموعة من الشباب السوريين اللاجئين في لبنان، بجائزة المرتبة الأولى في مسابقة تكنولوجية نظمتها مؤسسة “فرست غلوبال” العالمية في المكسيك، واستطاع أعضاء الفريق تصميم رجل آلي “روبوت” قادر على توليد الطاقة النظيفة.
مثّل “أمل سوريا” اللاجئين حول العالم، ونافس نحو 200 فريق من دول عدة مثل ألمانيا والولايات المتحدة وكندا والمكسيك بلاعبين فقط هما عمار كبور وماهر العيساوي، إضافة إلى المدرب أسامة شحادة، بحسب ما ذكرته منظمة “مابس” الداعمة للفريق.
الإنجاز الجديد يعتبر إضافة لإنجازات سابقة للفريق، أبرزها حصوله على جائزة “الإلهام والتحفيز ” للروبوت في الولايات المتحدة الأمريكية.
سينار.. سيارة تعمل على الطاقة الشمسية صنعها “محمد جمعة عبدو”
مستعينًا بخردة المناطق الصناعية في ولاية هاتاي التركية، نجح المهندس السوري محمد جمعة عبدو بتصميم سيارة تعمل بالطاقة الشمسية والكهربائية، مهندس الكهرباء والإلكترون الذي ألجأته ظروف الحرب إلى تركيا عام 2011، زود السيارة بلوحات وصفائح تمكنها من العمل بالطاقة الشمسية، وعن طريق الكهرباء، إذ تسير البطارية الكاملة مسافة 100 كيلو متر، ويمكن إعادة شحنها بشكل تام خلال 4 ساعات.
السيارة تحتوي على حساس للمطر ومسجلة ونظام ذكي للعودة إلى الخلف ونظام ملاحة (خرائط جوجل)، ومزودة أيضًا بـ5 كاميرات لمراقبة الطريق، اثنان منها يعمل بدلًا عن المرايا الجانبية وتسهيل الرؤية في الجو الماطر والضبابي، كما أنها تتسع لأربعة أشخاص وتستطيع السير بسرعة تصل حتى 70 كيلومترًا في الساعة.
مأمون طاهر.. تطوير جيل جديد من الغرافين
الباحث مأمون طاهر
استطاع الباحث مأمون الطاهر ابتكار جيل جديد من مادة “الغرافين” يمنع تحولها إلى “الغرافيت”، ولم يستطع العلماء على مدى عقود حل مشكلة تعاني منها مادة الغرافين، إذ إن المكونات المجهرية لهذه المادة تلتصق ببعضها عند إعادة إنتاجها، ما يفقدها خصائصها الفريدة، وأهمها المرونة والقساوة في الوقت ذاته.
لكن الرئيس التنفيذي لشركة غارفماتيك استطاع تطوير مادة تسمى “آروس غرافين” تمنع التصاق المكونات المجهرية للغرافين عبر تشكيلها فواصل تتخلل تلك المكونات، وبذلك يمكن استخدامها في العديد من الصناعات، وتعد الغرافين مادة فريدة في عالم الكيمياء ولها خصائص لا تملكها أي مادة أخرى، إذ يمكن جعلها أكثر قساوة من الألماس أو أكثر ليونة من المطاط، كما أنها توصل الكهرباء والحرارة بشكل أفضل من أي مادة أخرى.
يمان أبو جيب.. أول سوري يفوز بمسابقة نجم العلوم
يمان أبو جيب
حقق يمان أبو جيب المركز الأول في مسابقة نجوم العلوم، التي تنظمها مؤسسة قطر لتنمية المهارات لدى الشباب العربي، وحصد يمان نتيجة 37.2% متفوقًا على كلٍّ من المصري عمر حامد والسعوي حسن البلوي اللذين حلّا في المركزين الثاني والثالث تواليًا.
ابتكر يمان غسالة شمسية سماها “Glean” تعمل بالطاقة الشمسية وتوفر 60 لترًا من كمية المياه المستخدمة في الغسالات الكهربائية العادية، يمان أكد أن هدفه لن يقتصر على تطوير “غلين” بل سيسعى “لمنح الشباب في جميع أنحاء المنطقة الثقة بقدرتهم على تحسين حياة الناس من خلال الابتكار”، ومنذ بدء المسابقة قبل 10 سنوات، كان يمان هو السوري الأول والوحيد الذي حصل على المركز الأول.
عبد الوهاب عميرة.. اختراعات متنوعة
عبد الوهاب عميرة
رغم اعتقاله من نظام الأسد بعد أن قدم بحثًا عن النفايات النووية وطريقة دفنها في سوريا، استمر الشاب الطموح عبد الوهاب عميرة في العمل على مشاريعه التي بلغت أكثر من 14 اختراعًا، منها اختراع عن التخلص من النفايات النووية وإرسالها إلى الفضاء الخارجي، واختراع يتعلق باستخدام الطاقة البحرية، طاقة الأمواج، لتوليد الطاقة الكهربائية للمدن.
عبد الوهاب أطلق عليه النظام السوري لقب “أصغر مخترع سوري” ثم سحب منه اللقب وزج به في السجن! لم يتعرض لصدمة الاعتقال من نظام الأسد فحسب، بل تعرض لتهديد بالقتل ومحاولات اغتيال من جهات دولية عدة بعد أن أعلن ابتكاره لمنظومة دفاع جوي تمكّن الثوار من التصدي لطيران النظام، الأمر الذي اضطره وأهله إلى تغيير مكان سكنهم باستمرار، وتغيير أرقام هواتفهم بين فترة وأخرى.
ليست هذه الحالات الإبداعية هي الجانب المتميز الوحيد للاجئين السوريين، فبالإضافة إلى التفوق على مستوى المعدلات في الجامعات، أسهم السوريون في النمو الاقتصادي للدول التي لجأوا إليها، ويبدو أن هذه الإسهامات لم تخفف كثيرًا من المواقف العنصرية التي تمارس ضدهم في بعض البلدان العربية، أو تلجم مساع لطردهم وإرجاعهم إلى بلدهم، الذي لم تخمد نيران الحرب فيه بعد، ولا انكشفت أسبابها.