ترجمة حفصة جودة
وصلت زهرة محمد إلى محافظة لحج اليمنية منتصف أبريل مع أكثر من 70 لاجئًا إثيوبيًا آخر في رحلة من وطنها إلى جيبوتي ومنه إلى رحلة بحرية استمرت 4 أيام مع المهربين حتى وصولوا إلى ميناء مدينة عدن.
تقول زهرة: “لقد هربنا من وطننا من أجل حياة أفضل، لكننا وجدنا الأسوأ ولا نعلم ما سيواجهنا في الشهور المقبلة”، كانت السلطات قد اعتقلت زهرة – لاجئة إثيوبية في الثلاثينيات من عمرها – مع عشرات اللاجئين بينما كانوا يسيرون على أقدامهم بين محافظتي لحج وتعز، واحتجزتهم في المجمع العام بمديرية الشمايتين في تعز.
احتجزت السلطات اليمنية اللاجئين في الملاعب الرياضية والمخيمات العسكرية وفي بعض الأحيان في ساحات المؤسسات العامة تحت أشعة الشمس المباشرة. وقد أعربت المنظمة الدولية للمهاجرين “IOM” عن قلقها من التقارير التي تفيد بوفاة اللاجئين من أمراض يمكن الوقاية منها وإطلاق النار عليهم وتعرضهم لمعاملة غير إنسانية بمراكز الاحتجاز المؤقتة في اليمن.
يوم الثلاثاء طالبت وكالة الأمم المتحدة بإطلاق سراح أكثر من 3000 مهاجر معظمهم من إثيوبيا في مركزي احتجاز جنوبي اليمن، يقول جويل ميلمان المتحدث الرسمي باسم “IOM” في مؤتمر صحفي بجنيف: “هناك نحو 3000 لاجئ ما زالوا محتجزين في مركزي اعتقال مؤقتين في محافظتي عدن وأبين”.
ينتمي غالبية اللاجئين الإثيوبيين – نحو 98% منهم في 2016 وفقًا لمركز الهجرة المختلطة – إلى أقلية أورمو، ويعد غالبيتهم من المسلمين الذين يواجهون الاضطهاد والفقر منذ فترة طويلة في اليمن.
تقول زهرة: “كنا نعاني من الجوع في إثيوبيا ففررنا إلى جيبوتي، وهناك تعلمت اللغة العربية ثم تم تهريبنا في قارب إلى اليمن، وصلت إلى اليمن قبل 4 أيام ومنذ ذلك الوقت ونحن نسير على أقدامنا حتى وصلنا إلى تلك المنطقة التي لا نعرفها”.
المهاجرون الإثيوبيون يصعدون على متن سفينة تعيدهم إلى بلادهم من ميناء الحديدة
تتحدث زهرة اللغة العربية بصعوبة أما بقية اللاجئين فلا يتحدثون العربية على الإطلاق ويعتمدون على أشخاص مثل زهرة ليترجموا لهم، وبالإضافة إلى ذلك فهم لا يملكون أي طعام ولا يحملون سوى زجاجات ماء على ظهورهم.
“تشكّل المياه أهمية كبيرة لنا فنحن نسير طوال اليوم تحت أشعة الشمس، وهناك أشخاص كرماء يقدمون لنا الطعام ونحن في الطريق، وفي الليل ننام في أي مكان، نحن نفضل الأماكن التي تقع بجوار المناطق السكنية لنكون في أمان”.
لكن الوضع يتفاقم للأسوأ مع زهرة ورفاقها في المجمع العام، فهم بلا طعام ولا مُعين. تشرح زهرة قائلة: “عندما كنا خارج السجن كان الناس الكرماء يقدمون لنا الطعام أما هنا فلا أحد يساعدنا، نحن مسلمون وفررنا من بيوتنا بعد أن ساءت ظروفنا، ونأمل أن تساعدنا المنظمات والناس الكرماء”.
الوجهة: المملكة العربية السعودية
تعرف زهرة وزملاؤها كيف هو الوضع في اليمن، لذا فهم لا يخططون للبقاء هناك، وقد كان أملهم أن يتمكنوا من العبور إلى السعودية. تقول زهرة: “كانت وجهتنا السعودية حيث وصل إليها بالفعل العديد من الإثيوبيين عبر اليمن، من السهل الوصول إلى اليمن لكن من الصعب دخول السعودية، على كل حال إذا وجدنا عملًا مناسبًا في اليمن سنبقى هنا، فلدينا عائلات في إثيوبيا ونحتاج إرسال المال لهم”.
يقول لاجئ آخر في نفس المجمع: “لم أكن أعرف هؤلاء اللاجئين في المجمع حتى التقيت بهم على القارب، نحن ننتمي إلى مناطق مختلفة في إثيوبيا لكن المعاناة جمعتنا على نفس الرحلة إلى اليمن وقررنا أن نتحرك معًا حتى نصل إلى السعودية”.
حذر محمد عبدي كير مدير عمليات المنظمة من أن هؤلاء اللاجئين في أفضل الأحوال لديهم إمكانية محدودة للغاية للحصول على الخدمات الأساسية والحماية
في الرحلة من جيبوتي إلى اليمن واجه اللاجئون مواقف صعبة، حيث أجبرهم المهربون على السباحة عدة كيلومترات في البحر لتجنب القبض عليهم من السلطات اليمنية، لكن بعض اللاجئين لم يتمكنوا من القيام بذلك.
“هؤلاء الذين لا يستطيعون السباحة جيدًا يموتون في البحر لذا قبل بدء الرحلة يطلب المهربون من الأشخاص الذي لا يستطيعون السباحة أن لا يغادروا جيبوتي”، لكن ليس الإثيوبيين فقط هم من يحاول الفرار من اليمن، فاليمنيون أنفسهم يحاولون الهرب من البلاد التي مزقتها الحرب، إلى السعودية من خلال طرق المهربين، ورغم أن الرحلة ليست آمنة فاليأس جعل الناس يخاطرون بحياتهم.
الكوليرا بين اللاجئين
يعاني بعض اللاجئين في المجمع من الإسهال المائي الحاد “AWD” وتلقت عدة حالات فقط الرعاية الصحية، تقول زهرة: “يعاني 3 أشخاص من الكوليرا لكنهم لم ينقلوا سوى واحد فقط إلى المستشفى وما زال الآخرون هنا بلا رعاية صحية، كل ما نحتاجه هو الطعام والرعاية الصحية حتى يفرجوا عنا ونواصل رحلتنا في البحث عن عمل”.
في الأسبوع الماضي قالت المنظمة الدولية للهجرة إنها تراقب أيضًا مخيمًا عسكريًا في لحج، وتقول المنظمة: “هناك 8 مهاجرين على الأقل ماتوا بسبب مضاعفات تتعلق بالاسهال المائي الحاد في مستشفى ابن خلدون بمحافظة لحج، هؤلاء المهاجرون – معظمهم إثيوبيين – محتجزون في مخيم عسكري بمحافظة لحج ويضم المخيم 1400 محتجز آخر”.
تقول السلطات في المخيم إنها اكتشفت ما لا يقل عن 200 حالة إسهال مائي حاد، وأصبح فريق منظمة الهجرة الدولية في عدن على دراية بعملية اعتقال جماعية واحتجاز آلاف اللاجئين في مبانٍ ضيقة غير صالحة للاستخدام البشري يوم 21 من أبريل.
المهاجرون في انتظار ركوب قارب من مدينة عدن لترحيلهم إلى الصومال
حذّر محمد عبدي كير مدير عمليات المنظمة من أن هؤلاء اللاجئين في أفضل الأحوال لديهم إمكانية محدودة للغاية للحصول على الخدمات الأساسية والحماية، وأكد مسؤول في مكتب أمن لحج أنهم يرسلون اللاجئين إلى المستشفيات بمجرد اكتشاف إصابتهم بالكوليرا أو أي أمراض أخرى، وأضاف المسؤول: “توفر بعض المنظمات الرعاية الصحية للاجئين في مراكز الاحتجاز ولا نمنع أي منظمة من المساعدة”.
مناطق سعودية أم حوثية؟
قال المصدر الأمني من لحج أيضًا إن سلطات المحافظة مسؤولة عن القبض على أي لاجئين غير شرعيين والتحقيق معهم، وأضاف أن لحج منطقة حساسة بسبب قربها من المناطق التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون الذين كانوا في صراع مع حكومة عبد ربه منصور المدعومة من السعودية منذ عام 2015.
وأضاف: “يلجأ بعض اللاجئين الذين لا يجدون عملاً إلى القتال مع الحوثيين، يجب أن نوقف تدفق اللاجئين الإثيوبيين إلى مناطق الحوثيين”، وأكدّ أن السلطات في لحج قبضت مؤخرًا على عشرات اللاجئين وهم في طريقهم إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
ولم ينكر المصدر أن اللاجئين يتعرضون للاعتقال ويبقون تحت أشعة الشمس المباشرة، لكنه قال إنه لا يوجد أماكن لاحتجاز مئات اللاجئين، قال عبد الله أمير أحد سكان لحج إنه رأى مؤخرًا عددًا من اللاجئين الإثيوبيين وهم قادمون من عدن وفي طريقهم إلى تعز ومناطق أخرى تحت سيطرة الحوثيين.
وأضاف أمير: “يمر العديد من اللاجئين بمنطقتنا ويسألون عن الطريق إلى المملكة العربية السعودية، وعندما نخبرهم أنهم يسيرون في الطريق الخاطئ يكملون سيرهم نحو تعز ومناطق الحوثيين الأخرى، وعادة ما يكون اللاجئون جوعى ويقدم لهم الناس الطعام، لكن معظمهم نساء جائعات ولا أعتقد أن هؤلاء الجوعى يمكنهم القتال”.
ورغم أن الظروف المعيشية الحاليّة لزهرة ليست أفضل من حياتها في إثيوبيا، فإنها لا تود العودة إلى بلادها، تقول زهرة: “أتمنى أن تكون الشهور القادمة أفضل وأجد عملاً مناسبًا، فالعديد من الإثيوبيين فروا من البلاد في السنوات الأخيرة ووجدوا عملًا في السعودية أو اليمن، أعتقد أن اليمنيين سيتعاونون معنا وسأتمكن من جلب عائلتي إلى اليمن يومًا ما”.
المصدر: ميدل إيست آي