عشرات الأعمال الدرامية العراقية بدأ عرضها في شهر رمضان الحاليّ، تنوّعت ما بين مسلسلات تليفزيونية تحاكي الواقع العراقي وبرامج كوميدية ساخرة سلّطت الضوء على مجموعة من القضايا التي تلامس المجتمع وتنتقد الأوضاع في البلاد بنكهة كوميدية ساخرة لافتة للنظر ومجموعة من برامج الفوازير الرمضانية والمسابقات بالنكهة العراقية.
كثافة الدراما العراقية في رمضان 2019
لعل أكثر المسلسلات التليفزيونية العراقية شهرة في رمضان الحاليّ هو مسلسل “لخة” الذي تعرضه قناة الشرقية من بطولة أحمد البشير، ويتناول مجموعة من الأحداث التي يعايشها العراقيون يوميًا بطريقة ساخرة وكوميدية. كما تبث قناة mbc عراق مسلسل “العرضحالجي” من بطولة قاسم الملاك وسعد خليفة وهو مسلسل كوميدي ساخر نال إعجابًا وانتقادًا في آن معًا، بين من أعجب بالصورة الفنية للمسلسل ومن انتقد السيناريو الذي وجده البعض تقليدًا لأعمال درامية سابقة.
واجهت بعض الأعمال الرمضانية العراقية كمًا من الانتقادات عن الأداء التمثيلي فيها، خاصة أن بعض النقاد وصفوا الأعمال بـ”الأداء المتكلف والمتشنج” للممثلين، واللغة “العالية” التي يتحدثون بها
أما مسلسل “الفندق” فقد عدَّ أحد أكثر الأعمال الدرامية ضخامة، وتبثه قناة الشرقية أيضًا، فهو أول مسلسل تليفزيوني عراقي ينتج داخل البلاد بأكمله منذ عام 2012، وأهم ما ميز المسلسل هو عودة بعض النجوم للعمل مجددًا داخل البلاد بعد قرابة العقدين على مغادرتها. يعرض المسلسل في 20 حلقة، وهو من تأليف السيناريست حامد المالكي وإخراج حسن حسني، وبطولة شذى سالم وسامي قفطان وسناء عبد الرحمن ومحمود أبو العباس وغالب جواد ونجلاء فهمي ودزدمونة وزهور علاء وإيناس طالب وغيرهم.
قال حسن حسني نجم الدراما التليفزيونية العراقية في التسعينيات الذي عاد من الخارج لإخراج مسلسل “الفندق”: “الشعب العراقي متعطش للدراما”، مشيرًا إلى أن المسلسل يتناول البذرة الغامضة لبغداد وتشابكها مع الإتجار بالبشر في العاصمة وبقية المحافظات.
انتقادات
واجهت بعض الأعمال الرمضانية العراقية كمًا من الانتقادات عن الأداء التمثيلي فيها، خاصة أن بعض النقاد وصفوا الممصلين بأنهم ذوي “أداء متكلف ومتشنج” ويستخدمون اللغة “العالية”. وعن هذه الانتقادات قال السيناريست حامد المالكي: “الممثل العراقي يؤدي أداءً مسرحيًا مبالغًا فيه، إذ إنه تخرج في كلية الفنون قسم المسرح في الغالب، لكن هناك طاقات تمثيلة جيدة، وعلى البقية العمل على أنفسهم وتطوير قابلياتهم”.
تقول الكاتبة الصحفية أية حسين علي إنه وعلى الرغم من حالة الركود الاقتصادي والتقشف المالي الذي تعيشه البلاد، فإن الدراما العراقية هذا العام تتنافس بمجموعة كبيرة من الأعمال الدرامية والكوميدية والاجتماعية، كما يشهد هذا الموسم عودة نخبة من النجوم العراقيين الكبار الذين غابوا عن الساحة الفنية لسنوات طويلة
من جانبها، قالت الممثلة العراقية إيناس طالب إن أداء فترة السبعينيات لم يكن متكلفًا، إنما كان غاية بالتلقائية وقتها، فتلك المرحلة كانت مبنية على التكلف في الواقع، لذا فالأداء محكوم بمنطق الحياة، بحسبها. وأوضحت طالب أن الجيل اللاحق من الممثلين تطور في لغة الجسد واللفظ وضبط مخارج الحروف بدقة أكاديمية، إذ إن معظم الممثلين عززوا الموهبة بالدراسة الفنية المتخصصة ومن خلال ممارسة التمثيل في أكثر من عمل درامي جيد.
وفي الصعيد ذاته، تقول الكاتبة الصحفية أية حسين علي إنه وعلى الرغم من حالة الركود الاقتصادي والتقشف المالي الذي تعيشه البلاد، فإن الدراما العراقية هذا العام تتنافس بمجموعة كبيرة من الأعمال الدرامية والكوميدية والاجتماعية، كما يشهد هذا الموسم عودة نخبة من النجوم العراقيين الكبار الذين غابوا عن الساحة الفنية لسنوات طويلة.
وتضيف علي أن من أبرز المسلسلات التي تُعرض هذا العام مسلسل “يسكن قلبي”، وهو مسلسل دراما اجتماعي، يتناول عددًا من المشكلات التي مرت بها البلاد خلال الفترة الماضية، ويسعى لتقديم حلول لها، وهو من إنتاج صندوق دعم الدراما العراقية الذي تأسس عام 2014، بعد أن أوقفت شبكة الإعلام العراقي دعمها للإنتاج الدرامي في البلاد.
ويمكن حصر الأعمال الدرامية العراقية بعدة مسلسلات تليفزيونية أنتجت هذا العام وهي “لخة” و”شلع قلع” و”هوى بغداد” و”يسكن قلبي” و”العرضحالجي” و”أيام الإجازة 2″ و”الفندق”.
موسم غزير ومكرّر
يعد الموسم الرمضاني الحاليّ من أكثر المواسم الرمضانية غزارة في الدراما العراقية، إلا أن ذلك الإنتاج واجه بعض الانتقادات من نقاد ومتابعين على حد سواء.
يقول الناشط المدني وأحد المتابعين للدراما العراقية عمر السالم في حديثه لـ”نون بوست” إن الكثير من الأعمال الدرامية الحاليّة هي تقليد لأعمال درامية سابقة وبعضها لم يأت بجديد، وانتقد السالم كتاب السيناريو العراقيين الذين دأبوا على تقليد بعض الأفكار القديمة، كما حدث بمسلسل “العرضحالجي” الذي يمثل فيه قاسم الملاك الذي جاء بدور مشابه لبطولاته السابقة دون إضفاء أي ميزة درامية جديدة تشد المتابع العراقي.
رغم أن العراق كان من أوائل المدارس الفنية في العالم العربي، فإن الحروب التي عايشتها البلاد، أدت بالدراما إلى التراجع الكبير حالها حال بقية القطاعات، لتسعى شركات الإنتاج الخاصة من جديد إلى بث روح جديدة في الدرما العراقية لمواكبة التقدم الفني الذي حققته الدراما في كثير من الدول العربية، مساعٍ حثيثة قد تعيد العراق إلى الساحة الفنية العربية في السنوات القادمة
ويلقي السالم باللوم على الشركات المنتجة التي ما زالت تحاول الخروج من المألوف دون جدوى، مشددًا على أن الدراما العراقية بدأت تشهد تطورًا لافتًا، لكنها ما زالت بحاجة إلى سنوات أخرى من العمل حتى تصل إلى مراحل الاحترافية.
من جهته يرى الصحفي مروان هشام في حديثه لـ”نون بوست” أن الإنتاج الدرامي العراقي تميز في رمضان لهذا العام بالكثافة النسبية قياسًا بالأعوام السابقة، وبأعمال فنية أرادت تقديم مقاربات لمشاكل الواقع العراقي، فضلاً عن أنه تميز بجودة فنية عالية من حيث الصورة والديكور، في تأثر واضح بالأعمال الفنية التركية والسورية والمصرية.
ويستدرك هشام حديثه بالقول: “الدراما العراقية ما زالت تعاني من مشكلة السيناريو والنصوص والمعالجات الفنية، وهو ما يجعل شعبيتها متواضعة حتى داخل العراق الذي يقبل جمهوره على متابعة الأعمال العربية والتركية بشكل مكثف”.
وعن غزارة الإنتاج والجهات المسيطرة على الدراما العراقية، أضاف هشام: “في العادة تبرز قناة الشرقية التي عرفت بإنتاجها الفني الضخم كل عام مقارنة بالقنوات الأخرى، لكن دخول قناة mbc عراق إلى الساحة جعلها تتنافس بقوة مع الشرقية، خاصة بعدما استطاعت القناة الجديدة استقطاب العديد من نجوم الشرقية المعروفين مثل آلاء حسين وإحسان دعدوش وغيرهما، أما القنوات الأخرى فتكتفي في العادة بإنتاج مقاطع كوميدية أو برامج اجتماعية على الأغلب”.
يشير كثير من المراقبين إلى أن قناة mbc Iraq لم تستطع سحب البساط من قناة الشرقية التي ظلت محافظة على كم نوعي من الإنتاج الدرامي وهي القناة التي بدأت بإنتاج الدراما العراقية من افتتاحها قبل أكثر من 14 عامًا
ويرى هشام أن مجموعة قنوات الشرقية وmbc عراق استحوذتا على الكم الأكبر من حجم الإنتاج الدرامي في رمضان الحاليّ. فقناة الشرقية أنتجت عدة أعمال هذا العام استقطبت كثيرًا من الاهتمام والمتابعة، مثل مسلسل هوى بغداد والفندق وشلع قلع وباكو بغداد ولخة، فيما أنتجت mbc عراق مسلسلات العرضحالچي وحامض حلو، واكتفت قناة العراقية بإنتاج مسلسل “أيام الإجازة 2” الذي يعد امتدادًا لجزء أول عرض في ثمانينيات القرن الماضي.
ويشير كثير من المراقبين إلى أن قناة mbc عراق لم تستطع سحب البساط من قناة الشرقية التي ظلّت محافظة على كم نوعي من الإنتاج الدرامي وهي القناة التي بدأت بإنتاج الدراما العراقية من افتتاحها قبل أكثر من 14 عامًا.
ورغم أن العراق كان من أوائل المدارس الفنية في العالم العربي، فإن الحروب التي عايشتها البلاد، أدت بالدراما إلى التراجع الكبير حالها حال بقية القطاعات، لتسعى شركات الإنتاج الخاصة من جديد إلى بث روح جديدة في الدرما العراقية لمواكبة التقدم الفني الذي حققته الدراما في كثير من الدول العربية، مساعٍ حثيثة قد تعيد العراق إلى الساحة الفنية العربية في السنوات القادمة.