من العدل القول إن برنامج شيتس كريك كان سيكون أقل فكاهة بكثير لو كان يدور حول عائلة ديكتاتور مخلوع بدلاً من عائلة رجل أعمال مفلس يمتلك متجر فيديو. ومع ذلك، تظل حقيقة غريبة لا يمكن إنكارها، أنه في الوقت الذي يخرج فيه الأطفال الصغار من السجون وتستمر الفظائع التي ارتكبها النظام السوري في الظهور، فإن جزءًا كبيرًا من الفضول البشري يتجه نحو تفاصيل حياة عائلة الأسد الجديدة في موسكو، مع تعليقات لاذعة: “لقد هبطوا في العالم”.
وبالطبع، قد يواجه آل الأسد مزيداً من التدهور، فعلى الرغم من التقارير المبالغ فيها عن شقق في ناطحات سحاب موسكو اللامعة، إلا أنني شخصيًّا كنت سأختار شيئاً في الطابق الأرضي.
حاليًا، قد يحاول بشار الأسد، الذي يعتبر نفسه لاجئًا سوريًّا، أن يقنع نفسه بأنه إذا منح بوتين له اللجوء، فلا ينبغي له أن يغضب من تعرض القواعد العسكرية الروسية في سوريا للخطر.
في هذه الحالة، من المحتمل أن يكون الأسد على وشك الانطلاق في رحلة اكتشاف قد تمتد عبر طول خط السكة الحديدية العابر لسيبيريا. ومع ذلك، قد تكون الرحلة أقصر بكثير. ربما يكون الأسد قد أصبح معتاداً على حالته المعلقة التي يعيشها. فقد أمضى العقدين الماضيين في حالة من التردد بشأن قرارات بسيطة، مثل ما إذا كان ينبغي عليه أن يزرع شارباً أم لا.
وفي النهاية، يبدو أنه أصبح لديه الوقت لاختيار وجهته، أو ربما هو ليس لديه هذا الوقت. فالرجل الذي استخدم الأسلحة الكيميائية ضد شعبه قد يكون موجوداً جسدياً في موسكو، لكن من الناحية الأمنية، ولما تبقى من حياته، لن يكون بمقدوره أن يحدد مكانه بوضوح.
أما بالنسبة للشعب السوري، فهم لا يزالون يعيشون في حالة من عدم اليقين؛ حيث يستحقون أكثر من أيام قليلة من الاحتفالات العاطفية. ففي أوقات الفرح، تبقى الحقيقة المؤلمة قائمة: القصص الوحشية التي تكشفها سجون التعذيب التابعة للأسد، والغموض الذي يكتنف المستقبل تحت قيادة زعيم المتمردين الإسلاميين المنتصر، أبو محمد الجولاني.
ومع ذلك، يجب أن نحتفل باللحظات السعيدة. ماذا يمكن أن يزعجك في تلك اللحظات التي يظهر فيها تمثال الأسد الأب المخلوع وهو يُجر على ظهر شاحنة، بينما تجوب به شوارع دمشق وسط تهليل السوريين؟ وفي أماكن أخرى، من أعظم لحظات أي انقلاب ناجح ضد طاغية هي رؤية الشعب المنتصر وهو يقتحم قصره، كما حدث مع آل الأسد.
هنا، نجد ستة مواطنين مظلومين يبتسمون وهم يلتقطون صوراً على أريكة تذكارية؛ وهناك مئات آخرين ينهبون ممتلكات ثمينة كان من المفترض أن تُستخدم لتوفير الطعام والدواء للأطفال في البلاد. لا شك أن أسماء الأسد ستلاحظ ذلك، وتبكي وهي تنحدث في هاتف آيفون مرصع بالماس إلى أي شخص ما زال يستمع (وهم عدد قليل جداً)، قائلة: “لا أستطيع مشاهدة هذه اللقطات.” بلا شك، هذا يبدو كـ… ما هي الكلمة؟ … انتهاك؟
قد تجد أسماء الأسد نفسها مشغولة بكتابة إحدى رسائلها السنوية المعتادة للعائلة، تلك التي تجمع بين الضحك والدهشة لدى من يتلقونها. “أخيراً، انتقلنا إلى موسكو! بالطبع، قمنا بتقليص حجم منزلنا قليلاً، لكننا ما زلنا نعتبره مكاناً دافئاً ومريحاً.
بالمناسبة، إذا أرسل أحدكم تحيات إلى عنواننا القديم، فلا نضمن أنها ستصل إلينا من المالكين الجدد. بالمناسبة، سمعنا من بعض المصادر أن الناس يعتقدون أن صديقنا العزيز فلاديمير غاضب من بشار. نود أن نطمئنكم أن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة. فلاديمير يحب بشار، فهو لا يتوقف عن دعوته لشرب الشاي معه، وهذا يبدو أمراً دافئاً جداً، ونحن نخطط لقبول الدعوة حالما ننتهي من تفريغ الأموال”.
على أي حال؛ فيما يخص الأموال، فمن المثير للدهشة أن التقارير الإخبارية حول الدكتاتوريين الفارين دائماً ما ترتبط بحساب ثرواتهم بـ 2 مليار دولار، وقد قرأت هذا الأسبوع أن الأسد هرب بمبلغ 2 مليار دولار من الأموال المدفونة. يبدو أن “2 مليار دولار” أصبحت الجواب القياسي عن السؤال: “ما هو المبلغ الذي يبدو وكأنه مال مسروق مخصص للهروب؟”
لكن إذا كان آل الأسد الأثرياء يتساءلون عن مصيرهم المقبل، فعليهم أن يعتادوا على ذلك! فعدم اليقين هو جزء كبير من متعة كونك دكتاتوراً سابقاً. قد يصبح وضعهم سيئاً بما يكفي لإرضاء حتى أشد منتقديهم. في مرحلة ما، قد يمل المضيفون من الضيافة – كما يحدث في معظم هذه المواقف التاريخية – وعندها قد يجدون أنفسهم مجبرين على التوجه إلى لاهاي.
وفي النهاية، لا أقول إن الطبيعة تتعافى، ولكن على الأقل، بدأت قوائم الشخصيات الأقوى التي كانت تُنشر في المجلات في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين تصبح أكثر منطقية. ففي عام 2007، نشرت مجلة “ديتايلز” الأمريكية قائمة بأقوى الرجال في العالم تحت سن الـ45، وكان الأسد في المرتبة الرابعة عشرة، أسفل كيفين فيديرلين، الذي كان في ذلك الوقت زوج بريتني سبيرز السابق والراقص الاحتياطي العاطل عن العمل.
إذا بدا هذا التقييم غير دقيق لمكانة القائد السوري آنذاك – وكذلك لمكانة كيفين الذي كان يقضي وقته في تدخين الحشيش ولعب بلاي ستيشن – فإنه الآن يبدو أكثر منطقية. قد يكون كيفين فيديرلين اليوم أقوى من بشار الأسد بأكثر من 14 مرتبة. على الأقل، يمكنه قضاء عطلة في أي مكان خارج المجال الجوي الروسي، دون أن يشغل باله بما إذا كان شخص توصيل الطعام هو فعلاً شخص توصيل الطعام.
المصدر: الغارديان