في موسم استثنائي نجح الأفارقة في فرض سطوتهم على الملاعب الإنجليزية الخضراء بعدما تصدروا منصات التتويج في البطولة الأشهر والأهم في عالم الساحرة المستديرة “البريميرليغ” ليضيفوا صفحات جديدة ناصعة البياض إلى سجلات التاريخ الكروي للقارة السوداء.
ثلاثة لاعبين أفارقة نجحوا في حصد جائزة الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم هذا العام، بعد إسدال الستار على البطولة أمس الأحد التي توّج بها فريق مانشستر سيتي بعد فوزه السهل على برايتون في الجولة الختامية للبطولة، كان للجزائري رياض محرز شرف المشاركة فيها وتسجيل هدف ضمن الأربعة التي منيت بها شباك مات راين.
المصري محمد صلاح والسنغالي ساديو ماني والغابوني بيير إيميريك أوباميانغ استطاعوا وعن جدارة الفوز بالجائزة بعد منافسة شرسة، ليحتكر الأفارقة واحدة من أكثر الجوائز شعبية في العالم، علمًا بأنها ليست المرة الأولى، إذ فاز بها الملك المصري كما يلقّبه مشجعو ليفربول العام الماضي أيضًا.
الثلاثي الإفريقي دخل الجولة الأخيرة والأسبقية شبه محسومة لصلاح (22 هدفًا) بفارق هدفين عن أقرب منافسيه، ماني وأوباميانغ (20 هدفًا لكل منهما)، إلا أن الأمور تبدلت بعد ذلك. إذ نجح الأخيران في إحراز هدفين ليعادلا رقم اللاعب المصري الذي فشل في تعزيز تقدمه، ليمنح الثلاثة الجائزة مشاركة فيما بينهم.
Is right, Reds. ?@MoSalah and Sadio Mane win the 2018/19 @premierleague Golden Boot, after netting 22 goals each. ? pic.twitter.com/pFWK84aVNh
— Liverpool FC (@LFC) May 12, 2019
موسم استثنائي
يعد الموسم الحاليّ لـ”البريميرليغ” واحدًا من المواسم الاستثنائية في تاريخ البطولة، إذ ظل حسم اللقب معلقًا حتى الثواني الأخيرة، على عكس الأعوام السابقة التي كانت تحسم البطولة قبل جولتين أو ثلاثة على الأقل قبيل إسدال الستار، وهو ما أعطاها مزيدًا من الإثارة والتشويق.
دخل المتنافسان الرئيسيان، مان سيتي وليفربول، الجولة الأخيرة وبداخل كل منهما أحلامه وأمنياته، فالليفر يلعب مباراته أمام وولفرهامبتون وعينه على مباراة السيتي وبرايتون، على أمل تعثر المان ما يعني فوز الريدز بالبطولة، وبعد إحراز برايتون الهدف الأول تصاعد منسوب الأمل لرفاق صلاح وماني في حصد اللقب الأغلى لكن سرعان ما تبخر هذا الحلم عقب إمطار شباك راين برباعية متتالية أسدل معها الستار على البطولة.
يشكل اللاعبون الأفارقة في البريميرليغ قرابة 9% من إجمالي اللاعبين المشاركين في الموسم الماضي بإجمالي 45 لاعبًا من مجموع 55 لاعبًا يشاركون في الدوري
وعلى مدار الدور الثاني شهد الدوري الإنجليزي موجات من التأرجح في الصدارة بين ليفربول ومانشستر سيتي الذي ابتعد بفارق 7 نقاط للوراء، قبل أن يعود بقوة مستغلاً تعثر الأحمر أمام ويست هام وإيفرتون وليستر سيتي، قبل أن يجهز عليه السيتزن في مباراة العودة ويفوز بهدفين مقابل هدف.
وكما كان الصراع على الفوز بالبطولة من الليفر والمان لم يحسم إلا في الجولة الأخيرة، كان هناك صراع من نوع آخر على لقب الهداف، حسم كذلك في ذات الجولة، وذلك بعدما تعادل الثلاثي المصري والسنغالي والغابوني في اعتلاء قائمة الهدافين برصيد 22 هدفًا لكل منهم.
?| لحظة تتويج مان سيتي بلقب البريميرليغ 2018/2019.??pic.twitter.com/48o1u9gAAn
— Insider City (@InsiderCity_Ar) May 12, 2019
الأفارقة.. حقائق وأرقام
يعد اللاعبون الأفارقة رقمًا مهمًا ومحوريًا في بطولات أوروبا بصفة عامة، إذ نجحوا في فرض أنفسهم خلال السنوات الأخيرة، واستطاعوا تصدير صورة مشرقة عن كرة القدم الإفريقية، الأمر الذي دفع الكثير من المنتخبات الأوروبية إلى تجنيس عشرات اللاعبين، على رأسهم فرنسا على سبيل المثال.
يعد الدوري الإنجليزي أحد أكبر الدوريات في القارة العجوز التي تعج بالأفارقة، إذ يشكل اللاعبون الأفارقة في البريميرليغ قرابة 9% من إجمالي اللاعبين المشاركين في الموسم الماضي بإجمالي 45 لاعبًا من مجموع 55 لاعبًا يشاركون في الدوري، كما أنه لا يوجد نادٍ إنجليزي إلا وبه لاعب إفريقي على الأقل.
وتأتي السنغال على رأس الدول الإفريقية الأكثر تصديرًا للاعبيها للدوري الإنجليزي برصيد 8 لاعبين، تليها ساحل العاج بستة لاعبين، ثم نيجيريا بخمسة، ثم الجزائر بأربعة، ثم مصر وغانا بثلاثة لكل منهما، كما يعد ليستر سيتي وسندرلاند أكبر ناديين يملكان عددًا من اللاعبين الأفارقة إذ يضم كل منهما 5 لاعبين، يأتي من بعدهما أندية إيفرتون وواتفورد وويستهام يونايتد بفارق ضئيل بأربعة لاعبين لكل منهما.
علاوة على ذلك يعد المدافع الإيفواري إريك بايلي واحدًا من أغلى اللاعبين الأفارقة الذين انضموا إلى أندية البريميرليغ، فقد بلغت صفقة انتقاله 30 مليون جنيه إسترليني (40 مليون دولار أمريكي) مما جعله في مصاف اللاعبين الأغلى ثمنًا في الدوري، هذا بخلاف الجزائري رياض محرز الذي صنف بين الـ50 لاعبًا الأكثر قيمة في أوروبا بعدما وصلت قيمته السوقية 67.8 مليون يورو يحتل بها المرتبة الـ17 حسب تصنيف مرصد كرة القدم.
الغريب في الأمر أن من بين الـ45 لاعبًا إفريقيًا المشاركين في الدوري الإنجليزي لا يوجد بينهم حارس مرمى واحد، وهو الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات لدى خبراء الكرة، مع الوضع في الاعتبار أن حارس مرمى منتخب فرنسا ونادي كريستال بالاس ستيف ماندادندا مولود في جمهورية الكونغو الديمقراطية ولا يعد لاعبًا إفريقيًا كما يميل البعض لتصنيفه.
(صلاح.. محرز.. ماني.. أوباميانغ)
يتصدر قائمة اللاعبين الأفارقة في بريطانيا أربعة لاعبين استطاعوا تحقيق العديد من الأرقام القياسية خلال مشوارهم الكروي داخل الملاعب الإنجليزية، يتقدمهم المصري محمد صلاح الذي نجح في كتابة تاريخ جديد له وللكرة المصرية بوجه عام، بعدما حصد العديد من البطولات خلال العامين الأخيرين على وجه الخصوص.
سجل حافل لصلاح المولود في يونيو 1992 الذي بدأ مشواره الكروي مع فريق المقاولون العرب المصري قبل أن ينتقل إلى بازل السويسري الذي توّج معه باللقب موسم 2012/2013 كذلك تشيلسي موسم 2014/2015 وفيورنتينا ثم روما قبل أن يستقر رسميًا في ليفربول الإنجليزي في يونيو 2017.
حصد “مو صلاح” العديد من الجوائز خلال مشواره الكروي على رأسها أفضل لاعب صاعد في إفريقيا عام 2012، كذلك أفضل لاعب بالدوري السويسري موسم 2012 – 2013، ولاعب الموسم في روما 2015 – 2016، قبل أن يتوج بأفضل لاعب في إفريقيا عامي 2017 و2018 على التوالي.
ساديو ماني ✅ pic.twitter.com/bxjgrAWF5X
— نادي ليفربول (@LFC_Arabic) May 12, 2019
كما فاز بجائزة أحسن لاعب في الدوري الإنجليزي عام 2018 ولاعب الشهر لمرتين من رابطة الأندية الإنجليزية، بجانب لاعب الأسبوع بدوري أبطال أوروبا، علاوة على حصوله على لقب أفضل هدّاف إفريقي في البريميرليغ بنسخة واحدة وذلك بعد تسجيله 32 هدفًا في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي، كأكثر لاعب إفريقي تسجيلاً للأهداف في نسخة واحدة.
يعد رياض محرز اللاعب العربي الوحيد الذي نجح في تحقيق بطولة البريميرليغ مرتين مع ناديين مختلفين، مان سيتي وليستر سيتي
ثم يأتي الساحر السنغالي ساديو ماني، لاعب ليفربول ومنتخب السنغال، المولود في أبريل 1992، بدأ مشواره الكروي مع ميتز في فرنسا، وبعدها إلى ريد بل سالزبورغ عام 2012 الذي حصل معه على بطولتي الدوري والكأس في النمسا عام 2014، الأمر الذي فتح الباب أمامه للانتقال إلى الدوري الإنجليزي بعد تعاقده مع ساوثهامبتون الذي حقق معه رقمًا قياسيًا كأسرع هاتريك في موسم 2015 عندما سجل ثلاث أهداف في 176 ثانية خلال مباراة الفوز على أستون فيلا 6–1.
وفي عام 2016 انتقل إلى ليفربول في صفقة هي الأغلى للاعب إفريقي في هذا الوقت إذ بلغت 34 مليون جنيه إسترليني، ليصبح أحد العلامات الفارقة في مشوار الريدز نجح خلالها في تحقيق العديد من الإنجازات والأهداف توجت بفوزه بالحذاء الذهبي هذا العام بعد منافسة قوية مع حامل اللقب محمد صلاح.
أما ثالث الثلاثة فهو الغابوني بيير إميريك إميليانو فرانسوا أوباميانغ، لاعب نادي الأرسنال الذي ولد في يونيو 1989، استهل مشواره الاحترافي في فريق شباب ميلان في يناير 2007، وبعدها تنقل بين عدة فرق أوروبية على رأسها ليل وموناكو وسانت إتيان وبورسيا دورتموند.
في 31 من يناير 2018، وقع أوباميانغ لنادي أرسنال بمبلغ 56 مليون دولار وكانت مباراته الأولى التي شارك فيها مع ناديه الجديد يوم 3 من فبراير من نفس العام أمام نادي إيفرتون في الدوري الإنجليزي التي انتهت بفوز فريقه 5–1، سجل منهم هدفًا، أما أول هدف سجله المهاجم الغابوني خارج ملعبه فكان أمام برايتون حين مُني فريقه بخسارة 2/1، ليصبح أول لاعب يسجل خمسة أهداف في أول ست مباريات له مع الأرسنال.
أحرز أوباميانغ خلال موسمه الأول مع النادي الإنجليزي عشرة أهداف وأربعة تمريرات حاسمة في مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز الـ13 التي لعبها وكان آخر هداف لأرسنال تحت إشراف أرسين فينغر، وذلك قبل أن يحرز 22 هدفًا خلال الموسم الحاليّ يتوج بها هدافًا للبطولة.
يأتي رياض محرز لاعب المنتخب الجزائري ونادي مانشستر سيتي ليكمل أضلاع المربع الإفريقي الأكثر شهرة إنجليزيًا، فاللاعب الذي انضم للمان في يوليو 2018 قادمًا من ليستر سيتي نجح في تحقيق رقم تاريخي جديد كونه اللاعب العربي الوحيد الذي نجح في تحقيق بطولة البريميرليغ مرتين مع ناديين مختلفين، مان سيتي وليستر سيتي.
63' – Close for the Reds, as Mane finds Origi but his volley goes just over the bar. There's then our first substitution, as Origi is replaced by Milner.
[1-0]#LIVWOL pic.twitter.com/nNMFf58LV9
— Liverpool FC (@LFC) May 12, 2019
محرز المولود في فبراير 1991 بفرنسا، شارك في تتويج فريقه بالبطولة أمس بإحرازه هدفًا رائعًا في شبابك برايتون من مراوغة ماكرة على حدود منطقة الجزاء، ثم تصويبة صاروخية في “المقص” الأيمن للمرمى، رغم عدم مشاركته بصورة رئيسية منذ بداية المباراة.
اختير النجم الجزائري أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي عام 2016 بحسب تصويت اللاعبين، وأفضل لاعب إفريقي في نفس العام، كما فاز بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا من رابطة المحترفين لموسم (2015-2016)، بعدما ساهم في تتويج ليستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي.
لم يكن الرباعي السابق وحده سفراء الكرة الإفريقية في الملاعب الإنجليزية، فهناك العديد من الأسماء اللامعة الأخرى التي نجحت في فرض كلمتها وإن لم تتوج بجوائز، يأتي على رأسها الغيني نابي كيتا لاعب فريق ليفربول والإيفواري إريك بايلي لاعب فريق مانشستر يونايتد والعاجي ويلفرد زاها لاعب فريق كريستال والسنغالي إدريساغاي لاعب فريق إفرتون والكيني فيكتوروانيما لاعب فريق توتنهام.