يسير النظام الحاكم والمعارضة في الجزائر في خطين متوازيين لعرض مشروع “إصلاحي” لكل واحد منهما تصوره الخاص له، لكنهما يلتقيان في أن شهر يونيو القادم سيكون محطة للكشف عن معالمه الأساسية.
وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ق أعلن الجمعة الماضي عن تصوره لمشروع التعديل الدستوري بعد أيام من دعوة الطبقة السياسية والمنظمات الأهلية لمشاورات حول التعديل الدستوري اختار شهر يونيو القادم كموعد لها.
وتضمنت مسودة التعديل الدستوري التي أنجزتها لجنة خبراء قانونيين عينها بوتفليقة العام الماضي، 47 تعديلا على الدستور الحالي مست بالدرجة الأولى تحديد الفترة الرئاسية في ولايتين وتوسيع صلاحيات رئيس الوزراء، وحق المعارضة في فتح نقاشات في البرلمان، إلى جانب ضمانات للحريات الفردية وإجراءات لمكافحة الفساد.
وقال أحمد أويحي، مدير ديوان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والذي سيدير المشاورات المنتظرة في رسالة للمشاركين فيها “أؤكد لكم، باسم السيد رئيس الجمهورية، أن ورشة مراجعة الدستور لا تخضع لأية حدود مسبقة، باستثناء تلك المتعلقة بالثوابت الوطنية وكذا بالقيم والمبادئ المؤسسة لمجتمعنا”.
وأكد أنه “وجهت الدعوات للمشاركة في هذا التشاور الوطني الواسع، إلى 151 جهة هي 36 شخصية وطنية، 64 حزبا معتمدا، ورئيس المجموعة البرلمانية للثلت الذي تعينه الرئاسة بمجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، ورئيس المجموعة البرلمانية للأحرار (المستقلين) بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى بالبرلمان)، و10 منظمات وطنية، 27 جمعية وطنية تمثل حقوق الإنسان والقضاة والمحامين والصحفيين والقطاع الاقتصادي والشباب والطلبة، و12 أستاذا جامعيا تمت دعوتهم بالنظر إلى كفاءاتهم”.
وأعلنت عدة أحزاب وشخصيات جزائرية مشاركتها في هذه المشاورات وأهمها أحزاب التحالف الحاكم وهي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر والجبهة الشعبية إلى جانب مرشحي الرئاسة السابقين موسى تواتي وهو رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، ولويزة حنون زعيمة حزب العمال.
وتتجه أغلب أطياف المعارضة إلى مقاطعة هذه المشاورات وفي مقدمتهم تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي التي تضم أربعة أحزاب، ثلاثة منها إسلامية، وهي حركتا “مجتمع السلم”، و”النهضة”، وجبهة “العدالة والتنمية” إلى جانب حزب “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” ذي التوجه العلماني.
كما تضم المرشحَين المنسحبَين من سباق الرئاسة، وهما أحمد بن بيتور رئيس الحكومة الأسبق (من 23 ديسمبر 1999 إلى 27 أغسطس 2000)، ورئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان.
وقال جيلالي سفيان القيادي في التنسيقية في وقت سابق “نحن نرفض شبه مشاورات من أجل تمرير دستور السلطة الحاكمة، لأن الهدف الحقيقي منها هو تقسيم المعارضة لتمرير مشروع السلطة الحاكمة “.
وأعلنت التنسيقية في آخر اجتماع لها الأسبوع الماضي “عقد الندوة الوطنية للانتقال الديمقراطي في الجزائر يوم 07 يونيو 2014” من أجل بحث سبل أحداث تغيير سلمي للنظام الحاكم.
والتقى قادة التنسيقية خلال الأسابيع الماضية بعدة شخصيات سياسية وأحزاب ومنظمات من أجل دعوتها للمشاركة في هذه الندوة وشرح مسعاهم المتعلق بالبحث عن إجماع وطني وآليات سلمية لتغيير النظام الحاكم .
وتعمل التنسيقية كما أعلن قادتها في تصريحات إعلامية سابقة على تنسيق مواقفها مع تكتلات أخرى للمعارضة في مقدمتها حركة “بركات” التي تضم ناشطين معارضين للنظام الحاكم والذين أجرت معهم لقاءات تشاورية خلال الأيام الأخيرة إلى جانب تحالف يقودة علي بن فليس منافس بوتفليقة الأول في انتخابات الرئاسة الماضية ويسمى “قطب القوى من أجل التغيير” والذي يضم إلى جانبه 13 حزبا سياسيا دعمته في السباق الرئاسي الماضي.
وسبق للجانبين أن نظما لقاء تشاوريا أكدا فيه “ضرورة العمل المشترك من أجل تحقيق التغيير السلمي والديمقراطي في الجزائر، لاسيما بعد عملية التزوير المفضوحة التي شهدتها الرئاسيات الماضية والتي انتهت بفرض الرئيس المترشح لعهدة رابعة”.
وانتقد عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، المشاورات التي أعلنها النظام.
وقال في لقاء مع أنصار حزبه بمحافظة بشار جنوب البلاد يوم الجمعة الماضي إن ما تسعى إليه المعارضة هو “تغييرات جوهرية تحتاج إلى مشاورات موسعة مع جميع التشكيلات السياسية دون إقصاء، وأن ندوة الانتقال الديمقراطي التي تعكف عليها تنسيقية أحزاب المعارضة ستخرج بوثيقة تاريخية تعرض على السلطة، وكل الشركاء، ونرجح رفضها من طرف السلطة”.