ترجمة وتحرير: نون بوست
في غضون ساعات من سقوط نظام الأسد، كانت القوات الإسرائيلية تتوغل بالفعل داخل الأراضي السورية؛ حيث احتلت الجانب السوري من جبل الشيخ والمنطقة العازلة بين سوريا ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل منذ أكثر من نصف قرن،طط ططلكن الجيش لم يتحرك وحده، بل تبعته حركة استيطانية جديدة.
وكتب أحد أعضاء حركة “أوري تسافون” التي تأسست هذه السنة للترويج للاستيطان جنوبي لبنان، في مجموعة تضم منتسبي الحركة على تطبيق واتساب: “علينا أن نغزو وندمر بأقصى قدر ممكن، وبأسرع وقت ممكن”. وقال عضو آخر “يجب أن نتحقق من القوانين الجديدة في سوريا لمعرفة ما إذا كان يُسمح للإسرائيليين بالاستثمار في العقارات وشراء الأراضي هناك”. وفي مجموعة أخرى واتساب أخرى، نشر الأعضاء خرائط لسوريا وحاولوا تحديد أفضل المناطق للاستيطان.
وأعربت حركة “نحالا”، بقيادة عرابة حركة الاستيطان دانييلا وايس، والتي قادت جهود الترويج لإقامة المستوطنات في غزة خلال الأشهر الأخيرة، عن رأي مشابه في منشور على فيسبوك “من يعتقد أننا يمكن أن نترك مصيرنا بين أيدي جهة أجنبية، فإنه يتخلى عن أمن إسرائيل! الاستيطان اليهودي هو الحل الوحيد الذي سيحقق الاستقرار والأمن الإقليمي لدولة إسرائيل، إلى جانب اقتصاد مستقر، ومرونة وطنية، وردع”.
وأضاف منشور نحالا أن الحركة تتطلع إلى الاستيطان “في غزة، وفي لبنان، وفي كامل هضبة الجولان بما في ذلك الجانب السوري، وفي كامل جبل الشيخ”، وأُرفق المنشور بخريطة توراتية بعنوان “حدود أبراهام”، تظهر فيها إسرائيل على كامل مساحة لبنان ومعظم سوريا والعراق.
ليست مجرد أقوال وأمنيات، بل إن هذه المجموعات الاستيطانية تعمل بجدّ على تنفيذ أهدافها. وقد وقامت حركة نحالا برسم خريطة لأماكن التي تخطط لبناء مستوطنات يهودية جديدة في قطاع غزة، مؤكدة أن أكثر من 700 عائلة يهودية تعهدت بالانتقال عندما تتاح الفرصة. وقد دخلت دانييلا وايس بنفسها إلى غزة بالفعل برفقة قوة عسكرية لاستكشاف المواقع المحتملة. وفي الأسبوع الماضي، قامت حركة أوري تسافون، التي انتظرت طوال السنة الماضية، بأول محاولة لها للاستيلاء على الأراضي في جنوب لبنان، والتي تتمركز فيها قوات الجيش الإسرائيلي بعد اتفاق وقف إطلاق النار.
في 5 ديسمبر/ كانون الأول، عبر عاموس عزاريا، مؤسس المجموعة وهو أستاذ علوم الحاسوب في جامعة أرييل في الضفة الغربية المحتلة، الحدود إلى لبنان مع ست عائلات في محاولة لإقامة بؤرة استيطانية، وقد وصلوا إلى منطقة مارون الراس، على بعد حوالي كيلومترين داخل الأراضي اللبنانية، وزرعوا أشجار الأرز تخليدًا لذكرى جندي إسرائيلي قُتل في لبنان قبل شهرين. وبعد عدة ساعات، قام الجيش الإسرائيلي بطردهم وإجبارهم على العودة إلى إسرائيل. بينما قالت الشرطة الإسرائيلية نقلًا عن الجيش إنه لم يعبر أي مدني إسرائيلي إلى لبنان، وذلك ردًا على طلب موقع “ذا هوتست بليس إن هيل” للتعليق على هذه الحادثة.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، وخلال “المؤتمر الأول للبنان” الذي نظمته حركة “أوري تسافون” عبر تطبيق “زووم”، تحدث الأعضاء عن الاستيطان في سوريا. وقال حجاي بن أرتسي، صهر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأحد أعضاء الحركة، إن حدود إسرائيل يجب أن تكون تلك التي وُعد بها الشعب اليهودي في التوراة “لا نريد مترًا واحدًا وراء نهر الفرات.. لكن يجب أن نأخذ ما وُعدنا به”.
ومع سقوط نظام الأسد وتقدم القوات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، كان المستوطنين حريصين على اغتنام الفرصة. وقال عزاريا لمجلة “ذا هوتسترا” الإسرائيلية: “لقد طالبنا الحكومة بالاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي السورية. إن المتمردين [في سوريا] لا يختلفون عن حماس. ربما يُدلون الآن بتصريحات مطمئنة، لكنهم في نهاية المطاف هماتا. من المسلمين السنة الذين سيتوحدون ضدنا كعدو مشترك، ويجب علينا أن نفعل ما بوسعنا الآن، طالما أن ذلك ممكن”.
وفي 11 ديسمبر/ كانون الأول، ادعت مجموعة صغيرة من المستوطنين أنها عبرت إلى منطقة داخل الأراضي السورية تخضع حاليًا للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، وقد صوّرت المجموعة وصولها إلى المنطقة، ورفض الجيش الإسرائيلي طلب موقع “972+” للتعليق على هذه الحادثة.
הדפסת ולימוד ספר התניא בבית חב”ד החדש בכפר חדר שבחבל הבשן (סוריה) המשוחרר.
זו ארצנו כולה! לכבוש וליישב!! pic.twitter.com/hyck0n36Vm— עמישב מלט (@amishav_) December 11, 2024
على الجانب الآخر من السياج
وتقتبس منظمة “أوري تسافون” اسمها من آية توراتية معناها “استيقظ يا شمال”، بينما يصف موقعها الإلكتروني لبنان بأنه “دولة غير موجودة على أرض الواقع”، زاعمة أن حدود الجليل الشمالي الإسرائيلي تمتد حتى شمال نهر الليطاني اللبناني، وقد وصل الجيشء الإسرائيلي بالفعل إلى تلك المنطقة مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بعد تهجير الآلاف من سكان القرى الجنوبية اللبنانية
وقال عزاريا، في مقابلة مع “ذا هوتست بليس إن هيل”: “لقد بدأنا بأنشطة أكثر هدوءًا. لقد طلبنا من الحكومة والجيش الذهاب إلى الحرب في الشمال… وتوجهنا إلى جبل الجرمق تحت غطاء من سلاح الجو وقمنا باستطلاع المنطقة باتجاه لبنان”.
غير أن محاولة الأسبوع الماضي لإقامة بؤرة استيطانية في جنوب لبنان شكّلت مرحلة جديدة تهدف من خلالها المنظمة إلى الضغط بشكل أكبر على الحكومة، وقال عزاريا في هذا السياق: “كان الهدف ولا يزال إقامة مستوطنة في لبنان. ونحن لا ننتظر من الدولة أن تقول لنا تعالوا، نحن نعمل على تحقيق ذلك”.
ووفقًا لعزاريا، فإن المنظمة تضم بالفعل آلاف الأعضاء “المتحمسين والمهتمين جدًا” بأنشطتها، مضيفًا أن العمل الذي تم الأسبوع الماضي لم يُعلن عنه مسبقًا لأن “الجيش كان سيمنعنا ولن يسمح لنا بالدخول. ومع ذلك، لم يواجهوا مقاومة كبيرة؛ حيث كانت “البوابة كانت مفتوحة فقط ودخلنا بالسيارة فقط.”
ولا يشعر عزاريا بالقلق لعدم نجاحهم في ذلك، بل يرى أن إخلاءهم هو الخطوة الأولى في خطة طويلة الأمد تميزت بها حركة الاستيطان منذ أكثر من نصف قرن.
وأوضح: “في المرة الأولى التي يتم إخلاؤنا فيها نرحل. وفي المرة الثانية، نبقى لفترة أطول. وفي المرة الثالثة، نبقى طوال الليل. وهكذا سنستمر حتى نتمكن من إقامة مستوطنة. وفي البداية، يقوم الجيش بهدمها، ثم يتوصلون إلى اتفاق على أن تكون هناك مستوطنة واحدة فقط. وفي ذلك الوقت، نبدأ العمل على المستوطنة التالية. فقد لا يكون من الواقعي أن تقوم الدولة ببناء مستوطنة من تلقاء نفسها، ولكن هذا لا يعني أنه يجب على الدولة يجب هدم التجمع الذي بنيناه”.
وتابع: “في المرحلة الأولى، سنبني المستوطنة حيثما أمكن ذلك. لا يهم الموقع، الأهم هو أن نكون على الجانب الآخر من السياج. ويجب علينا أن ننسف الحدود التي أنشأتها فرنسا وإنجلترا منذ 100 سنة. سنعيش على الحدود اللبنانية.. وإذا وصلنا هناك، ستنتقل الحدود شمالاً وسيقوم الجيش بحمايتها”.
وقال عزرايا: “كما أن الجيش يقاتل في غزة والشمال على حد سواء، كذلك الأمر بالنسبة للمستوطنات؛ حيث يجب أن نستوطن في كل مكان. وفي غزة، هناك حركة “نحالا” وعدد من الهيئات الأخرى التي تروج للاستيطان. وفي الشمال؛ نحن الحركة الوحيدة التي تتعامل مع هذا الأمر بشكل جدي في الوقت الحالي. وتقوم “نحالا” بذلك بشكل أكبر عبر التصاريح، بينما نحن نعمل بأسلوب “هجومي” أكثر.
وعزاريا واثق من أن الدعم سيأتي من المستوى السياسي. ويوضح: ”عندما أسست [أوري تسافون]، لم يكن الناس يتحدثون عن توطين جنوب لبنان على الإطلاق“، مضيفًا: ”نحن نغير الخطاب. نحن على اتصال مع أعضاء الكنيست. أفترض أنه مثلما استغرق الأمر وقتًا حتى يوافقوا على الحديث عن الاستيطان في غزة، سيستغرق الأمر وقتًا أيضًا لبدء الحديث عن الاستيطان في لبنان. ذكر [عضو الكنيست من الليكود] أرييل كالنر شيئًا ما. [وكذلك فعل عضو الكنيست عن حزب عوتسما يهوديت] ليمور سون هار-ميليخ. شيئًا فشيئًا، يتجرأ المزيد والمزيد من الناس على الحديث عن ذلك.“
ويبدو عزريا واثقًا من أن الدعم السياسي سيأتي تدريجيًا، موضحًا: “عندما أسست “أوري تسافون”، لم يكن أحد يتحدث عن الاستيطان في جنوب لبنان على الإطلاق، لكننا نغير الخطاب، ونحن على تواصل مع أعضاء الكنيست. ومن المفترض أن يستغرق التحول في الخطاب نحو استيطان لبنان وقتًا مثلما حدث مع الحديث عن الاستيطان في غزة. وكان أرييل كالينر، عضو الكنيست عن الليكود قد تحدث عن هذا الأمر، وكذلك غيرت ليمور سون هار ميلخ، عضو الكنيست من عوتسما يهوديت، من خطابها تدريجيًا، بينما لم يجرؤ المزيد من الأشخاص على الحديث عن ذلك”.
المصدر: +972