ترجمة وتحرير: نون بوست
عند السير شرقًا على طول خط الترام من محطة بيكاديللي في مانشستر ستمر بحانة “بنك إنجلترا”، وبالتوجه نحو المنازل القديمة ستجد مكانا لغسل السيارات أين يجلس عاملان في الخارج يرتديان ملابس العمل في انتظار المهام التالية. وإذا واصلت السير ستصل بعد خمس دقائق إلى وكيل مبيعات مرسيدس، الذي يعد بمثابة برج حراسة خارج ملعب الاتحاد، موطن نادي مانشستر سيتي لكرة القدم. ويمكنك أيضا رؤية اسم ثاني أكبر شركة طيران في الإمارات العربية المتحدة في كل مكان. ويوجد خلف الملعب حرم الاتحاد للطيران، الذي يمتد على مساحة شاسعة، ويحتوي على ملاعب تدريب ومدرسة ومكاتب ومحلات تجارية ومعهد مانشستر للصحة وغيرها الكثير.
في متجر النادي، أخبر الموظفون موقع “ميدل إيست آي” أن أكثر القمصان مبيعًا هي القمصان التي وقّعها كل من سيرجيو أغويرو، ورحيم ستيرلينغ، وكيفن دي بروين، علما بأن هؤلاء اللاعبين ساهموا في ظفر السيتي بلقب الدوري الإنجليزي للمرة الثانية على التوالي. ويبرر هذا الإنجاز المال الذي أنفقه عليهم مالك النادي، الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، العضو البارز في الأسرة الحاكمة في أبو ظبي.
بعد أن حاز على هذا اللقب يوم الأحد الماضي، نشر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش تغريدة باللغة العربية هنأ فيها منصور وأثنى على “الإنجاز التاريخي والنجاح الأسطوري الذي أحرزه”. ويوم السبت، يواجه مانشستر سيتي واتفورد في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي برعاية طيران الإمارات، وهي شركة طيران أخرى من الإمارات. وإذا فازوا، سيصبحون أول فريق في تاريخ كرة القدم الإنجليزية يفوز بثلاثية محلية من الجوائز: لقب الدوري وكأس الاتحاد وكأس الدوري. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، ضخّ منصور ما لا يقل عن 1.3 مليار جنيه إسترليني (1.6 مليار دولار) لخزينة النادي. في المقابل، رفع مشجعو النادي لافتات تشكره.
سيف ذو حدين
عندما اشترى النادي سنة 2008، كتب نائب رئيس الوزراء الإماراتي ما يلي: “تعد كرة القدم في الدوري الممتاز أحد أفضل المنتجات الترفيهية في العالم. ومجموعة سيتي لكرة القدم، تحت ملكية مجموعة أبو ظبي المتحدة، في طريقها إلى أن تصبح أمازون أو ديزني بتمويل من الإمارات. وسندير سلسلة من أندية كرة القدم من الولايات المتحدة إلى الأوروغواي ومن إسبانيا إلى الصين”.
تلعب أندية مدينة نيويورك لكرة القدم، مثل ميلبورن سيتي وناديهم الأم مانشستر سيتي، باللون الأزرق مع شعار اتحاد الطيران على مقدمة قمصانهم. وعلى هذا النحو، أصبحت كرة القدم -الرياضة الأكثر مشاهدة في العالم- إعلانًا عالميًا لأبو ظبي وطريقة لممارسة “استراتيجية القوة الناعمة” في الإمارات. ولكن، كما يقول نيكولاس مكجيهان، الباحث الإماراتي السابق في “هيومن رايتس ووتش”، فإن مالكي السيتي “في الحقيقة هم سيف ذو حدين”.
كان ملعب الاتحاد في السابق ملعب مدينة مانشستر، وتم بناؤه ودفع ثمنه من المال العام
في رسالة بريد إلكتروني مسربة كتبت سنة 2013 بشأن انتقال النادي إلى نيويورك، قال الأسترالي سايمون بيرس، مدير إدارة مدينة مانشستر ورئيس الاتصالات الاستراتيجية في أبوظبي: “إن نقاط ضعف الإمارات العربية المتحدة قد سُلط عليها الضوء: وهي المثليين والثروة والنساء وإسرائيل”. وبالتالي، إن نجاح مانشستر سيتي قد أثار بعض الاهتمام الجديد بالانتقادات طويلة الأمد لدولة الإمارات العربية المتحدة. وحيال هذا الشأن، قال مكجيهان: “هذه واحدة من أكثر الحكومات المسيئة والخطرة هناك”.
إن ادعاءات من قبيل سوء معاملة العمال المهاجرين، والتباين الهائل في الثروة، والسياسات القمعية التي تستهدف النساء والمثليين، وتعذيب السجناء، والشروع في حرب أسفرت عن مقتل الآلاف من الأبرياء في اليمن؛ قد شدت انتباه بعض مئات الملايين من الأشخاص الذين يشاهدون الدوري الإنجليزي الممتاز حول العالم نحو الإمارات. لقد أصبح مشجعو نادي مانشستر كما يسميهم مكجيهان “جيش العلاقات العامة غير مدفوع الأجر” لأبو ظبي، فهم يدافعون عن الإمارات على وسائل التواصل الاجتماعي.
إن دولة الخليج التي كانت تحت سيطرة البريطانيين فيما مضى بات حكامها الآن يُشكرون ويُكرمون من قبل الرجال والنساء في ملعب كرة القدم في شمال إنجلترا
من جانب آخر، يقول ديفيد موني، وهو أحد مشجعي السيتي: “ابحث بعمق بما فيه الكفاية وستجد أعمالاً غامضة في المعاملات المالية لكل ناد، حيث تضخ الأموال وهناك الكثير من الشخصيات والممارسات المشكوك فيها”.
إن دولة الخليج التي كانت تحت سيطرة البريطانيين فيما مضى بات حكامها الآن يُشكرون ويُكرمون من قبل الرجال والنساء في ملعب كرة القدم في شمال إنجلترا. ولكن يواجه مانشستر سيتي نوعًا آخر من التهديد، حيث يهدد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بحظره من دوري الأبطال بسبب انتهاكه للوائح اللعب المالي النظيف من خلال تحويل أموال الشيخ منصور في إطار صفقات رعاية مبالغ فيها.
من نادي العمال إلى نادي ليلي ضخم
في أيام المباريات، تفتح حانة “ماري دي”، الواقعة على الطريق مباشرة في أحد أركان ملعب الاتحاد، أبوابها أمام عشاق السيتي فقط. ويحتشد المئات بانتظام داخل الشريط الرئيسي ويصطفّون في حلبة الرقص ويملؤون المساحة الخارجية في الخلف.
لسنوات، كانت حانة “ماري دي” نادي عمال برادفورد، أي موطنا للعاملين في المنطقة. وتعد مانشستر مهد الثورة الصناعية وموطن نادي كرة القدم الذي أنفق أموالا أكثر من أي شيء آخر في العالم خلال العقد الماضي، ولكنها تعد أيضا واحدة من أكثر السلطات المحلية حرمانًا في المملكة المتحدة.
سنة 1993، اشترى إيرلندي يدعى مايك كيهو الحانة وتولى إدارتها. وفي تلك الأيام، كان مانشستر سيتي لا يزال يلعب في ملعب ماين رود الذي يقع في موس سايد جنوب وسط مدينة مانشستر وعلى بعد أكثر من ثلاثة أميال من ملعب الاتحاد. وهذا يعني أن الدعم التقليدي للنادي مستمد من تلك المناطق، وليس من شرق مانشستر. وفي سنة 2002، استضاف مانشستر ألعاب الكومنولث. وقد بني ملعب مدينة مانشستر لهذا الحدث. وكان مانشستر سيتي في حالة من الاضطرابات ولكن لا يزال يقود الحشود الموالية له التي يتجاوز عددها أكثر من 30 ألف شخص.
على مدى سنوات، بقي سكان منطقة بيسويك في انتظار الاطلاع على نوايا كل من فريق مانشستر سيتي لكرة القدم ومجلس المدينة المتعلقة بمستقبلهم وبمصير المكان الذي يعيشون فيه
بعد ظهر يوم الإثنين، يتوجه جميع الأشخاص الذين يشجعون فريق مانشستر يونايتد إلى الحانة الرئيسية، على الرغم من أن الديكور ذو طابع نادي مانشستر سيتي. وكان كل تومي وستيف وكولن في أوائل الخمسينيات من العمر. وقد نشأ تومي وترعرع في بيسويك وعاش هناك طوال حياته. يعيش تومي في مجتمع يفتقر إلى وفرة المال والفرص على حد السواء، إلا الناس يعرفون بعضهم بعضًا ويعتني كل منهم بالآخر. ومن خارج حانة “ماري دي” المحلية، بإمكانك رؤية ملعب الاتحاد وكل ما يمثله. وعلى مدى سنوات، بقي سكان منطقة بيسويك في انتظار الاطلاع على نوايا كل من فريق مانشستر سيتي لكرة القدم ومجلس المدينة المتعلقة بمستقبلهم وبمصير المكان الذي يعيشون فيه. وحيال هذا الشأن، علّق تومي قائلا: “يرغب النادي في هدم المنطقة، لكن لا يزال المجتمع يجهل حقيقة ما يحدث”.
في حانة “ماري دي”، يتساءل المقامرون حول ما إذا كانت الثروة النفطية لأبو ظبي ستتدفق إلى منطقة بيسويك مجتثة بذلك مجتمع الطبقة العاملة، ومسوية مبنى المجلس مع الأرض لتستبدله بشقق في الأدوار العلوية. وأضاف تومي: “نرغب فقط في معرفة ما يجري”. وتجدر الإشارة إلى أن تومي له ابنتان، وفي ظل الأوضاع الحالية، يشعر الأب بالقلق بشأن مستقبلهما. لقد اقتنى تومي مسكنا تابعا للحكومة مقابل مبلغ قدره 14 ألف جنيه إسترليني أي ما يعادل 17.800 دولار، وتبلغ قيمته في الوقت الحالي 150 ألف جنيه إسترليني أي 191 ألف دولار.
مثله مثل معظم زملائه المقيمين في بيسويك، من المرجح أن يحقق تومي أرباحا كبيرة في حال قام نادي مانشستر سيتي بشراء منزله، غير أنه على غرار معظم سكان المنطقة، لا يرغب في الانتقال إلى جزء آخر من المدينة، إذ يقول: “إنه مجتمعك ولا ترغب في مغادرته”.
قائد فريق مانشستر سيتي، فينسينت كومباني، يركض في سعادة إثر تسجيله هدف الفوز أمام ليستر سيتي خلال المباراة ما قبل الأخيرة من الدوري الإنجليزي الممتاز
في الحقيقة، يتشارك أفراد المجتمع الشعور بالاستسلام، إذ يتساءل تومي: “إنهم عرب يملكون مليارات الجنيهات، ما الذي يسعنا فعله؟”. لا زال النادي يعلن عن وجود وظائف شاغرة في النادي بأجر يقل عن 9 جنيهات إسترلينية في الساعة (11.4 دولارًا)، والذي يعتبر الأجر المعيشي في المنطقة، كما أنه يستمر في الاستعانة بشركات توظيف خارجية.
مثّل بناء ملعب مدينة مانشستر وقدوم فريق مانشستر سيتي إلى الطريق المقابل لحانته، بمثابة الحلم الذي تحوّل إلى حقيقة بالنسبة لمايك كيهو. وعندما حل فريقه المفضّل بجوار الحانة، لم يتردّد كيهو في تحويل المكان إلى مزار لعشاق مانشستر سيتي. وعندما يتعلق الأمر بامتلاك أبو ظبي للنادي، يبدو كيهو متفائلا نسبيا حيث يعبر عن وجهة نظره قائلا: “حسب رأيي، لقد عرف الوضع تحسنا”، مشيرًا إلى استثمار النادي في صالة رياضية ومدرسة محلية، “إنهم يفعلون الكثير في المجتمع وكمشجع، أعتقد أنه أمر رائع. ويعتبر ممثلو أبو ظبي رجال أعمال من الطراز العالمي. وبصفتي صاحب حانة، فإن قدوم النادي إلى المنطقة يعني توافد الجماهير على حانتي خلال أيام المباريات، بمن في ذلك الأشخاص المقبلين من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بالأجواء”.
لا يقدّم مجلس مدينة مانشستر سيتي أي ضمانات حول مصير حانة “ماري دي”. ويبدو أن مجلس المدينة الفخور بماضيه الراديكالي تربطه علاقة وثيقة إلى حد ما مع أبو ظبي
مع ذلك، يتفهم كيهو شعور الاستياء الذي يسيطر على عملائه المحليين وأصدقائه. في المقابل، يضحك تومي وستيف وكولن حول شغف مايك بالنادي مفيدين بأنه: “من الطبيعي أن يقول ذلك، فهو بصدد جني الأرباح”. ولكن بما أن مصير أولئك الذين يرتادون الحانة لايزال غامضا، فلا يمكن أن يكون الأمر واضحا أيضا بالنسبة لمايك كيهو وحانته “ماري دي”.
شركاء الأعمال المثاليين
وفقا لكيهو، لا يقدّم مجلس مدينة مانشستر سيتي أي ضمانات حول مصير حانة “ماري دي”. ويبدو أن مجلس المدينة الفخور بماضيه الراديكالي تربطه علاقة وثيقة إلى حد ما مع أبو ظبي. ففي سنة 2016، راسلت كل من منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش قادة مانشستر عشية ذكرى مذبحة بيترلو، مطالبة إياهم “باتخاذ بعض الخطوات البسيطة والمبدئية التي تدعم ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وللتأكد من أن علاقات مانشستر التجارية مع كبار المسؤولين والشخصيات المرموقة في حكومة الإمارات العربية المتحدة لا تلحق الضرر بسمعة المدينة”.
بناء على ذلك، ردّ رئيس مجلس مدينة مانشستر، ريتشارد ليز، على هذه الرسالة واصفا حكام أبو ظبي بأنهم “شركاء أعمال مثاليون” مفيدا بأن الانتهاكات “المزعومة” والمفصّلة في الرسالة تعتبر خارجة عن نطاق سيطرة فريق مانشستر سيتي.
تمثّل أبوظبي أقوى الإمارات السبع التي تضمها دولة الإمارات وأكثرها ثراء
مرّ الفريق بأوقات عصيبة قبل أن يتدخّل الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وينقذ الموقف. ويقول المشجع والمذيع هوارد هوكين: “يهدف قدوم أبو ظبي إلى مانشستر إلى تعزيز مكانتها. ويمثل هذا الأمر نوعا من العلاقات العامة كما أن هذا الوضع يناسبنا تماما”. في ذلك اليوم في مانشستر، في لقاء مع ممثلي منصور، أرسل المدير التنفيذي للنادي، غاري كوك، برسالة إلى الإمارات مفادها: “يعد هذا النادي لكرة القدم بمثابة القماش الأبيض الذي بإمكانكم رسم ما شئتم عليه”.
في الواقع، تمثّل أبوظبي أقوى الإمارات السبع التي تضمها دولة الإمارات وأكثرها ثراء. ويعد الشخص الذي يتولى تسيير أبو ظبي ويملي سياستها شقيق الشيخ منصور، ولي عهد أبو ظبي الأمير محمد بن زايد. في الأثناء، يشغل رئيس مجلس إدارة نادي مانشستر سيتي، خلدون المبارك، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة والذي يعتبر من أهم مساعدي محمد بن زايد، منصب الرئيس التنفيذي لشركة مبادلة تناهز قيمة أصولها 50 مليار دولار وتستثمر أموالا طائلة في جميع أنواع الصفقات بما في ذلك العقارات والأدوية.
على اليمين، رئيس مجلس إدارة مانشستر سيتي خلدون المبارك رفقة المالك السابق للنادي، تاكسين شيناواترا، بعد أن قام الشيخ منصور بشراء النادي
تتّضح ملامح اللعب النظيف المتعلّقة بسيتي من خلال سلسلة من المقالات التي نشرتها مجلة “دير شبيغل” الألمانية، والتي تمحورت حول الاتصالات الداخلية المسرّبة التي تكشف أن النادي يستخدم أموال أبو ظبي لدفع تكاليف الرعاية. وبينما ينتظر التحقيق الذي يجريه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بخصوص النادي إصدار حكمه النهائي، انتقد نادي مانشستر سيتي ما أسماه “بالعملية غير المرضية والمحدودة والعدائية”، واصفا الادعاءات المسلّطة ضد النادي بأنها “خاطئة تمامًا”.
تتجلى خطوات التهرّب التي يزعم أن مانشستر سيتي اعتمدها، من خلال التناقض بين العلامة التجاريّة التي تقدّمها أبو ظبي والإجراءات التي تتخذها داخل البلاد وفي الشرق الأوسط. ويعتقد الباحث المستقل في مجال حقوق الإنسان، نيكولاس مكجيهان، أن المستوى الجديد من العار الذي لحق بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عقب مقتل الصحفي جمال خاشقجي قد طغى إلى حد ما على المكائد المستمرة لمحمد بن زايد والإمارات.
أضاف مكجيهان أن “الإمارايّين لا يهتمون لا بالرياضة، ولا بكرة القدم، بل بالسلطة والمال وهذا هو سبب اهتمامهم بكرة القدم في الأساس، إذ يستغلونها بطريقة معقدة للغاية”
في ظل جميع الأحداث، يبدو أن الشيخ محمّد بن زايد قد لعب دور المرشد بالنسبة للملك السعودي الأصغر سنا. وفي تطور مثير للأحداث، فإن الشائعات التي أفادت بأن محمد بن سلمان يتطلّع إلى تولي مهمّة الإشراف على مانشستر يونايتد، لن تتلاشى بسهولة. وأضاف مكجيهان أن “الإمارايّين لا يهتمون لا بالرياضة، ولا بكرة القدم، بل بالسلطة والمال وهذا هو سبب اهتمامهم بكرة القدم في الأساس، إذ يستغلونها بطريقة معقدة للغاية”.
“رجل عادي”
في أيار/ مايو 2018، انتبه جماهير كرة القدم البريطانية إلى هذا الوضع عندما ألقي القبض على ماثيو هيدجز، وهو طالب الدكتوراه البريطاني الذي كان في الإمارات في رحلة بحث علمي، في مطار دبي الدولي للاشتباه في قيامه بالتجسس نيابة عن الحكومة البريطانية. واحتجز هيدجز لمدة سبعة أشهر، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة ثم عُفي عنه عقب احتجاجات دولية.
في هذا السياق، صرّحت دانييلا تيخادا زوجة هيدجز، لموقع “ميدل إيست آي”، أنه من المهم أن يدرك مشجعو كرة القدم أن زوجها “رجل عادي ومشجع كرة القدم”، مثلهم تمامًا. وفي الواقع، لا تواجه تيخادا أي مشكلة مع مشجعي مانشستر سيتي، ولا حتى مع امتلاك أبو ظبي للنادي، لكنها تعتقد أن مقاطعة المباريات “من شأنه أن يرسل رسالة واضحة للعالم ولمموّلي النادي”.
يشعر مشجعو مانشستر سيتي بالفرح بفضل النجاح الذي حقّقوه، كما بنى معظمهم ارتباطًا متينا بالنادي قبل وقت طويل من دخول أبو ظبي في الصورة
علاوة على ذلك، إن ما كشفته تيخادا عن احتجاز زوجها يعطي نظرة ثاقبة على حقيقة كرة القدم في السيتي. فقد احتجز هيدجز في مكتب عازل للصوت ودون نوافذ لمدة ستة أشهر، وظل على هذه الحال بين النور الساطع والظلام القاتم. وأوردت تيخادا أن زوجها أُجبر على تناول مجموعة قوية من الأدوية شملت مضادات الاكتئاب والحبوب المضادة للقلق وحبوب النوم ومضادات الهستامين. وأضافت تاخيدا أن زوجها لا يزال يتعاطى هذه الأدوية، “لكن الجرعة خفّضت إلى ما يقارب عُشر ما كانت عليه عندما كان في الإمارات، لكنه لا يستطيع الاستغناء عنها”.
ونتيجة لما حصل، شُخّص الأكاديمي البريطاني بإصابته باضطراب ما بعد الصدمة، إذ أشارت تيخادا إلى أن “حياة الناس لا تعود إلى طبيعتها لمجرد إطلاق سراحهم”. وفي هذا الإطار، قدّمت الحكومة البريطانيّة دعما ضئيلا، ولكنّ تيخادا أوردت أنها “كانت تصدّق أن بريطانيا تدافع عن مواطنيها، وأنها لا تضع مصالحها المالية في المرتبة الأولى، إلا أن الواقع مخالف لذلك تماما”.
بيب غوارديولا يرتدي شريطا أصفر لدعم قادة استقلال كاتالان المسجونين، كما أنه يتجاهل الأسئلة المتعلّقة بالإمارات
خلال فترة نشر هذا التقرير، لم يستجب مانشستر سيتي لطلبات “ميدل إيست آي” المتكررة للتعليق على مخاوف المجتمع المحلي، وقضايا حقوق الإنسان في الإمارات، وقضية ماثيو هيدجز، ودعم بيب غوارديولا لحركة الاستقلال الكتالونية.
النقد “العنصري”
يشعر مشجعو مانشستر سيتي بالفرح بفضل النجاح الذي حقّقوه، كما بنى معظمهم ارتباطًا متينا بالنادي قبل وقت طويل من دخول أبو ظبي في الصورة. ويذهب الكثيرون إلى أبعد من ذلك ويدافعون عن النادي، حتى أنهم يصفون الانتقادات الموجّهة للإمارات بأنها “عنصرية”. وفي هذا الإطار، أفاد ماكجيهان بأن “التصريحات التي تفيد بأن هذه الانتقادات هي عنصريّة، مجرّد هراء”.
أثارت قضية ماثيو هيدجز اهتماما كبيرا بانتهاكات حقوق الإنسان، لكن دون بروز أي تدخّل بريطاني أو غربي، على الرغم من حقيقة أن بريطانيا حليف قديم للإمارات ومصدر تزوّدها الأساسي بالأسلحة. في المقابل، يعتقد مكجيهان أن هناك خطرًا دائمًا من أن الاهتمام الكبير بهذه القضايا سيتلاشى في النهاية.
يشيد عشاق سيتي بمالكي النادي ويدافعون عنهم على وسائل التواصل الاجتماعي ويدافعون عن قيادتهم للنادي لأنهم يعلمون أن الإمارات هي التي منحتهم حقبة النجاح هذه
ألقى لاعب خط الوسط يحيى توريه، الذي انضمّ إلى سيتي بعد أن كان في برشلونة سنة 2010، خطابًا على أرض ملعب الاتحاد بعد تركه النادي سنة 2018، حيث شَكر كلا من منصور والمبارك. وأورد شاكرا هؤلاء الداعمين: “أعتقد أن هؤلاء الرجال كانوا رائعين للغاية مع الجماهير، لأن سيتي كان يقبع طويلا تحت ظل يونايتد، وأعتقد أنهم يجلبون السعادة للجماهير”. وبالتالي صفّق هؤلاء المشجعون، إلى جانب غوارديولا، وهتفوا لصالح المتبرعين الإماراتيين.
في هذا السياق، يشيد عشاق سيتي بمالكي النادي ويدافعون عنهم على وسائل التواصل الاجتماعي ويدافعون عن قيادتهم للنادي لأنهم يعلمون أن الإمارات هي التي منحتهم حقبة النجاح هذه. وفي طريق العودة إلى وسط مدينة مانشستر من ملعب الاتحاد، تفسح الدواخل المزدحمة ومساكن المجلس المتداعية الطريق لمواقع البناء من خلال لوحات إعلانات الشركات البارزة التي تعرض رؤى الحياة العصرية المتطورة.
مشروع تطوير عقاري تحت إشراف مجلس مدينة مانشستر ومجموعة أبو ظبي المتحدة
تعود بعض هذه المشاريع إلى شركة “مانشستر لايف دفالوبمانتس” المملوكة من قبل مجلس مدينة مانشستر ومجموعة أبو ظبي المتحدة، وهي شركة استثمار وتطوير خاصة يمتلكها الشيخ منصور. وتمنح هذه المشاهد والبنايات المارة لمحة عما قيل لهم أنه سيكون مكانا ذو “فخامة خمس نجوم”.
المصدر: ميدل إيست آي