في غرفة صغيرة بأحد الأحياء الفقيرة في العاصمة الكورية الجنوبية “سيول” نشأ الملياردير “كيم بيوم سو” 김범수 في أسرة مكونة من ثمانية أفراد، كان بيوم سو طفلًا لأبوين لم يستكملا المراحل المتقدمة من التعليم المدرسي، لكن هذا لم يمنعه من أن يصبح أسطورة في عالم الاقتصاد وأنجح رائد أعمال في كوريا الجنوبية بثروة تتجاوز الـ2 ونصف مليار دولار!
“كان علينا صناعة طرقنا الخاصة لأن والدينا لم يكن لديهما الوقت لرعايتنا، وهذا القدر من الاستقلالية جعلنا نتعلم تحمل المسؤولية”. كيم بيوم سو 김범수
في الغرفة الصغيرة
لم يكن سهلًا على بيوم سو استكمال تعليمه، في الوقت الذي تنقل فيه والداه من وظيفة لأخرى لكسب قوت العائلة، لكنه تمكن من الالتحاق بالكلية ليكون أول من يفعل هذا من أخوته، كما أنه بدأ في إعطاء دروس خصوصية ليتمكن من إكمال دراسته، وقد نجح في هذا وتخرج في كلية الهندسة الصناعية عام 1990.
كل تلك المصاعب التي واجهت السيد كيم في حياته شدت من عزيمته وأعطته القدرة على استثمار قدراته، فبدأ بيوم سو بعد التخرج بالعمل في مجال تطوير خدمة الاتصال عبر الإنترنت في شركة سامسونج العالمية، وبعد خمس سنوات ترك الشركة ليؤسس مقهى إنترنت ويبدأ في اتباع شغفه الحقيقي وهو “تطوير الألعاب عبر الإنترنت” فهو لم يتمكن في طفولته من تجربة ألعاب الحاسوب، لكن هذا تغير في فترة شبابه، وأصبح الحلم الذي يُشَكِّل مستقبله.
“الإنترنت يُمكنك من تجربة أشياء لا يمكنك تجربتها في الواقع أبدًا، ففي الألعاب الجماعية في أثناء محاولة قتل الأعداء وحماية قلعتلك، يمكنك من خلال هذا تعلم مهارات حل المشكلات من خلال وضع إستراتيجيات إبداعية والتعاون مع الآخرين”. كيم بيوم سو 김범수
أول موقع ألعاب كوري على الإنترنت
أنشأ “كيم” مشروعين ناجحين من نقطة الصفر وهما:
1- أول بوابة ألعاب على الإنترنت في البلاد وهي موقع:Hangame Communications.
2- تطبيق KakaoTalk للمراسلة المحمولة في كل مكان.
عام 1998، جذب موقع Hangame عددًا كبيرًا من الزيارات، وكالعادة أول هاجس لرائد الأعمال دائمًا ما يكون “ألا يتمكن من دفع رواتب موظفيه”، وقد عمل بيوم سو ليلًا ونهارًا كصاحب عمل ومبرمج وسط الكثير من تحديات حتى يتمكن من تحقيق ذلك النجاح حتى انتقل إلى كاليفورنيا لبناء شركته هناك، لكن الأمر لم يكن بالسهولة التي تخيلها، فاستقال عام 2007.
عاد بيوم سو إلى كوريا الجنوبية مرة أخرى في الوقت الذي بدأ مشروعه في كاليفورنيا بالانهيار، لكن هذا لم يجعله يتوقف عن الحلم.
كاكاو 카카오
تزامنت عودة بيوم سو مع انطلاق الآيفون وسيطرة الهواتف الذكية على السوق خصوصًا في أوروبا وأمريكا الشمالية، وقد بات متوقعًا أن تتبع كوريا هذه الموجة الكبيرة من انتشار الهواتف الذكية.
وقد وجد بيوم سو أن إرسال رسالة قصيرة ليست بالشيء المكلف، لكن تبادل الرسائل بالطبع سيكون كذلك لو لم يكن مجانيًا.
عام 2010، أطلق كيم بيوم سو تطبيق KakaoTalk 카카오톡 للمحادثات والرسائل الذي يستخدمه الآن ثلاثة أرباع سكان كوريا الجنوبية البالغ عددهم 50 مليون نسمة، فنحو 90% من مالكي الهواتف الذكية في كوريا الجنوبية يستخدمون هذا التطبيق.
كذلك هناك عشرات الملايين من مستخدمي “كاكاو” لا يستخدمونه في الدردشة فقط بل في التسوق والألعاب أيضًا، إذا تجنبنا أن هناك أكثر من 18 مليون مستخدم لبرنامج الـ”كاكاو” حول العالم”!
عام 2014، تم دمج “كاكاو” مع “داوم” للاتصالات منافس شركة “نايفر”، حيث وفّر ميزانية أوسع نطاقًا للانتقال إلى خطوط أعمال جديدة منها الأعمال المصرفية عبر الهواتف الذكية وسيارات الأجرة.
هناك العديد من الأشياء التي جعلت “كاكاو”شركة ناجحة أهمها:
1- كيم بيوم سو غامر بعقله: فكر أولاً في احتياج السوق، وراقب انتشار الهواتف الذكية وبدأ في صناعة تجربة خاصة ببلده وواجه المستثمرين ومحتكري السوق متمكنًا من صناعة تجربته الفريدة.
2- شركة “كاكاو” شركة أفقية: على عكس الشركات الكورية الأخرى حيث هناك ترتيب إداري والكثير من المعايير الثقافية المعقدة المتعلقة بالسن والترتيب الهرمي إلا أن بيوم سو لم يتبع هذا في إدارة شركته، وهذا ما أثبت نجاحه، فسياسته الأفقية جعلت هناك تواصل بين أعضاء الفرق وساعدت على تعاونهم.
3- أعادت الشركة تنظيم الفريق الداخلي لأكثر من أربعين مرة منذ نشأتها وذلك لتلبية احتياجات السوق والاستجابة للتطور بشكل أفضل وأسرع.
4- مع إطلاق تطبيق كاكاو، كان كيم يُكرّس وقتًا لطموحه الشخصي في تطوير 100 شركة ناشئة تكنولوجية، إذ استثمر بالفعل في أكثر من 70 شركة ناشئة، من خلال شركتي رأس المال الاستثماري.
“إن التجارب الفاشلة تعد البذرة الأولى في بستان نجاحاتك القادمة، فمن الفشل تستطيع التعلّم وتعزيز الخبرة لديك في التعامل”. كيم بيوم سو 김범수
حصل “كيم بيوم سو” في مسيرته على العديد من الجوائز، منها:
1- جائزة الإبداع السادس لـ”بوني جيون” عام 2012.
2- جائزة ديسان في دورتها الثانية والعشرين عام 2013.
3- ميدالية “دونجتان الصناعية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات” عام 2015.
4- احتل صدارة أثرياء عالم التكنولوجيا عام 2016.