ترجمة حفصة جودة
بعد مرور أكثر من 1000 يوم على حرب اليمن، ووسط أسوأ أزمة إنسانية عالمية، أصبح مرحبًا بالتقارير التي تتحدث عن انسحاب الحوثيين من ميناء الحديدة، لكنه تطوّر ضعيف تحيطه الشكوك والمخاوف.
يعد انسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسي خطوة واحدة في تحقيق اتفاقية السلام في ستكولهم، لكنها خطوة صغيرة جدًا، فهناك ديناميات أوسع للصراع يجب معالجتها أولًا قبل التحدث بثقة عن أي خطوات نحو السلام.
في تلك المرحلة من الصراع اختار النائب كيث فاز رئيس المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب في اليمن أن يكتب خطابًا لوزير الخارجية جيرمي هنت ليشكره على جهوده في تحقيق السلام في اليمن، وطالب الخطاب – برعاية النائبين أندرو ميتشيل وأليسون تويلس – الحكومة باستخدام جميع الوسائل الممكنة للضغط على حلفاء بريطانيا في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لإنهاء هذا الصراع.
لكن الغريب أن الخطاب لم يذكر أبدًا الحقيقة المزعجة لصادرات الأسلحة البريطانية للتحالف الذي تقوده السعودية، التي لعبت دورًا رئيسيًا في خلق الكارثة الإنسانية التي تدعي الحكومة معالجتها.
تؤكد حكومة المملكة المتحدة على كرمها في تخصيص 120 مليون جنيه إسترليني للمساعدات الإنسانية في اليمن عامي 2018 و2019 وتمجد دورها في عملية السلام بما في ذلك تطورات الحديدة.
لاحظ خبراء الأمم المتحدة أن الضربات الجوية للتحالف بقيادة السعودية تسببت في معظم الخسائر المدنية في اليمن
هذه الادعاءات أصبحت واضحة بشكل متزايد مع انتشار الانتقادات المحلية لمبيعات الأسلحة البريطانية للتحالف بقيادة السعودية بما في ذلك التحدي القانوني للحملة المناهضة لتجارة السلاح وفرض الدول الأوروبية الأخرى سياسات أكثر تقييدًا، لقد أصبحت المملكة المتحدة تسير خارج السرب مع جهودها لتبرير موقفها الذي أصبح أكثر عبثية لدرجة أن جيرمي هنت أعلن في نهاية مارس أنه من الإفلاس الأخلاقي عدم بيع الأسلحة للسعوديين.
المشكلة الرئيسية هنا في موقف الحكومة أن استهداف المدنيين – الذي يمنعه القانون الدولي – أصبح مكونًا أساسيًا في إستراتيجة التحالف السعودي في اليمن، فهذا الأذي المدني الشديد في اليمن ليس عرضًا جانبيًا لإستراتيجة عسكرية فعالة.
لذا فالجهود المبذولة لتحقيق التوازن بين مبيعات الأسلحة من ناحية والدبلوماسية بما في ذلك المساعدات الإنسانية من ناحية أخرى ليست ناجحة، فلا يمكن لأي قدر من المال أن يعوض إستراتيجية عسكرية تعتمد على إيذاء السكان المدنيين بدنيًا واقتصاديًا ونفسيًا.
لاحظ خبراء الأمم المتحدة أن الضربات الجوية للتحالف بقيادة السعودية تسببت في معظم الخسائر المدنية في اليمن، وخلص إلى أن أعضاء التحالف السعودي ارتكبوا أفعالًا ترقى لأن تكون جرائم دولية وفقًا لتقرير محكمة مستقلة مختصة.
الحصار الاقتصادي والاستهداف العسكري للمدنيين في اليمن يعد غير قانوني وفقًا للقانون الدولي
أخبرت مجموعة الممر الآمن اليمنية “The Yemen Safe Passage Group” – التي تضم سفراء وملحقين دفاع سابقين – جيرمي هنت أن الحصار الاقتصادي والاستهداف العسكري للمدنيين غير قانوني وفقًا للقانون الدولي، لكنهما ما زالا جزءًا رئيسيًا من إستراتيجية السعودية، كما أن المجموعة تدعم المطالبة بتعليق مبيعات الأسلحة البريطانية حتى تحقيق سلام دائم في اليمن.
عندما يطالب ملحقون سابقون في الدفاع مع جماعات مناهضة لتجارة السلاح بنفس الأمر، فقد تتوقع أن الحكومة ستتوقف وتستمع إليهم، لكن الحكومة تستمر في الحشد وإثارة الشكوك عما يحدث في اليمن، لكي تعلن أن المخاطر المرتبطة بمبيعات السلاح في اليمن ليست واضحة وبالتالي لا يوجد سبب يدعو لتعليقها.
إذا كانت المجموعة البرلمانية في اليمن تسعى لتشجيع جيرمي هنت على استخدام كل الأدوات المتاحة لإنهاء الصراع في اليمن، فيجب أن يشمل ذلك تعليق مبيعات الأسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية.
وفي الواقع خلص تقرير نشر قبل عام للمجموعة البرلمانية بدعوة المملكة المتحدة – حسب الأدلة المتوافرة – لتعليق مبيعات الأسلحة بشكل فوري لجميع الأطراف المتهمة بانتهاك القانون الدولي.
يرى برنامج “Dispatches” أن مهام القصف السعودي ستتوقف في غضون 7 إلى 14 يومًا إذا توقف الدعم الهندسي لها، وحكومة المملكة المتحدة في موقف يسمح لها بإجبار الأطرف المتحاربة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وذلك بسحب الدعم المادي الدبلوماسي والمعنوي للتحالف.
لكن حذف هذا الأمر من دعوة المجموعة البرلمانية في اليمن، فإن الموقعين على خطاب المجموعة يضعفون من قوة نواياهم الصالحة ويلقون بأفضل الفرص لفرض تغيير في ديناميات الحرب.
وفي هذا السياق الذي لن تقوم اللجان البرلمانية المسؤولة عن التدقيق في سياسات صادرات السلاح الحكومية، بوضع مبيعات الأسلحة للسعودية على جدول أعمال تحقيقهم الأخير، ويسمح فيه حزب المحافظين لرئيس اللجان من حزب العمال بتلقي انتقادات بشأن فشل اللجان، فسيكون ذلك علامة سيئة على المساءلة في السياسات البريطانية واليمن.
المصدر: الغارديان