تواجه أجهزة الأمن المصرية اتهامات جديدة بتعذيب معتقل لديها، المعتقل صومالي هولندي، والتعذيب كان لصالح المخابرات البريطانية هذه المرة.
فقد كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية في تحقيق خاص، عن تواطؤ جهاز المخابرات الداخلية البريطانية المعروفة باسم MI5 في تعذيب وابتزاز إسلاميين متهمين في قضايا تتعلق بالإرهاب لتجنيدهم كعملاء في صفوفها، عبر تسخير مخابرات دول أخرى، لا سيما الجهاز الأمني المصري عقب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي.
وأماط التحقيق اللثام عن تعاون أمني واستخباراتي بين الجهاز ذائع الصيت والأجهزة الأمنية في مصر، عقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز الماضي، وقالت الصحيفة إن هناك عدة شواهد لاستجواب عملاء المخابرات البريطانية لمشتبه بهم إسلاميين، كان آخرها في فبراير/ شباط الماضي، بعد أن وجّه هولندي من أصل صومالي، اعتقل لفترة، اتهامات للمخابرات البريطانية بالمشاركة في تعذيبه واستجوابه في مصر.
الرجل ويدعى أحمد ديني (25 عامًا)، أقام في بريطانيا في الفترة من 2006 و2011، قال لمحاميه إنه استجوِبَ من قبل أحد أفراد المخابرات البريطانية MI5 أثناء تعرضه للتعذيب في أحد السجون المصرية في وقت سابق من هذا العام.
وقالت صحيفة الإندبندنت إن هذه الشهادة الهامة لـ “ديني” تدحض تصريحات وكالات الأمن والاستخبارات البريطانية في العام الماضي بأنها لم تعد تشارك في عمليات تعذيب المشتبه فيهم، أو المحتجزين بصورة غير قانونية في دولة أجنبية. ففي نوفمبر/ تشرين الثاني، أكد رئيس جهاز المخابرات البريطانية أمام أعضاء البرلمان أن ضباطه لم يعودوا يشاركون أو يتغاضون عن التعذيب، وهي عمليات راجت لدى أجهزة الأمن الأمريكية والبريطانية بعد 11 سبتمبر 2001.
ويؤكد ديني – الذي هو حفيد الرئيس الصومالي المخلوع محمد سياد بري – أنه أثناء فترة سجنه على مدار ثمانية أشهر في القاهرة، تم تقييده بالأغلال وتعصيب عينيه، وتعرض للضرب للعديد من المرات، وتم تجريده من ملابسه وتهديده باغتصاب زوجته، كما تعرض للصعق بالكهرباء و الضرب بالسياط.
وقال الرجل في رسالة خطية استطاع تهريبها من زنزانته في السجن عن طريق محاميه، إنه أثناء فترة احتجازه وتعذيبه هذا العام، زاره رجل بريطاني، يعتقد أنه يعمل لصالح المخابرات البريطانية MI5، وتعهد الرجل له بإطلاق سراحه إذا وافق على العمل لصالح المخابرات.
ديني لديه ابنتان تعيشان في المملكة المتحدة، قال إنه رفض هذا العرض، وأكد أنه كان مستهدفًا من قبل المخابرات البريطانية عندما كان يعيش في برمنغهام في الفترة ما بين 2006 و2011، وأنه شعر بالقلق حتى أنه اشتكى إلى وسائل الإعلام من محاولات التحرش به من قبل الأجهزة الأمنية البريطانية.
وفي رسالته إلى محاميه أندريه سيبريجتس سرد ديني تفاصيل تعرضه للتعذيب قائلاً: “أريد أيضًا أن أعلمكم بأنه في 17 فبراير 2014 حدث شيء غريب جدًا، فأنا الآن متأكد بنسبة 100 في المائة من أن المخابرات البريطانية جزء من هذه المتاعب، لأني التقيت أحد عملائها السريين الذي حاول إقناعي بالعمل معهم مقابل حريتي، وقد قام بزيارتي هنا في السجن وهو رجل بريطاني أبيض البشرة ذو لهجة لندنية، وقال لي إن الحكومة الهولندية ليست قادرة على فعل أي شيء بالنسبة لي”.
وأوضح، أن العميل السري البريطاني قابله لمدة نصف ساعة وأنهى المقابلة قائلاً: “أنا سوف أعود مرة أخرى وعليك التفكير بحكمة فحريتك هي الثمن”. بعد هذه المقابلة بيومين، أجبرته السلطات المصرية على مشاهدة شاب يتم جلده بخرطوم مصنوع من المطاط. وأوضحت منظمة كيج البريطانية، المعنية برصد التجاوزات المرتبطة بالحرب على الإرهاب، أن هذا هو أول دليل جديد على التواطؤ البريطاني في التعذيب منذ عام 2008 وأن القضية قيد التحقيق من قبل “لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة”.
وكان ديني قد ألقي القبض عليه بعد أسابيع من الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي العام الماضي، بعد أن غادر المملكة المتحدة ليتزوج من امرأة ألمانية عام 2011، وبينما كان مسافرًا أصدر وزير الداخلية البريطاني أمرًا بالقبض عليه بتهمة التورط في نشاط يدعم التطرف الإسلامي، وأصبح غير قادر على العودة إلى المملكة المتحدة.
عائلة ديني هربت من الصومال عندما كان في الثالثة من عمره، ولم يعد إليها مرة أخرى منذ ذلك الحين، واستقر ديني أولاً في هولندا وحصل على الجنسية، ثم انتقل للعيش في بريطانيا حيث درس وعمل كحارس أمن في إحدى المدارس. توجه الرجل بعدها بزوجته وأطفاله لعيشوا في مصر. وفي مارس/ آذار من هذا العام، أطلق سراحه من قبل السلطات المصرية دون توجيه أي اتهام له.
وفي طريق عودته إلى هولندا تم اعتقاله في إسطنبول بسبب وجود مذكرة توقيف بحقه من قبل الولايات المتحدة، وهو مسجون حتى هذه اللحظة في تركيا، في انتظار المزيد من المذكرات القضائية الواردة من أمريكا، والتي تتهمه بأنه عضو في منظمة شباب المجاهدين في الصومال.
وقال متحدث باسم السفارة المصرية في لندن لجريدة الإندبندنت إنه سيتم اجراء تحقيق في ادعاءات ديني، بينما لم تعلق المخابرات البريطانية على الخبر.
يُذكَر أن وزير الخارجية المصري نبيل فهمي قال إن هناك تنسيقًا عاليًا بين المخابرات البريطانية ونظيرتها المصرية حول محاربة الإرهاب، وجاءت هذه التصريحات خلال مقابلة مع (بي بي سي) على هامش زيارته الأسبوع الماضي إلى لندن.
وقبل حوالي شهر، كشفت صحيفة فاينانشال تايمز في تحقيق أجراه مراسلها في القاهرة عن وجود شبكة من السجون في مصر، تُستغل لاعتقال المعارضين وتعذيبهم، كما كشفت ملفات أمنية عقب الثورة عن وجود سجون سرية برعاية المخابرات الأمريكية في مصر، وظهرت تلك السجون والتي يُطلق عليها “المواقع السوداء” في أكثر من عملية منها عملية اختطاف إمام مصري إيطالي من ميلان وترحيله من قبل المخابرات الأمريكية إلى القاهرة وتعذيبه برعاية أجهزة الأمن المصرية.
المصدر: إندبندنت – العربي الجديد – نون بوست