المجر: حقيقة قتل المهاجرين جوعًا في السجون

1221580-checknews_refugies-en-hongrie

أفادت الأمم المتحدة ومجلس أوروبا فضلًا عن العديد من الجمعيات الإنسانية أنه منذ شهر آب/أغسطس سنة 2018، حُرم 23 مهاجرًا، ممن سيتمّ ترحيلهم من الطعام في مراكز الاحتجاز في المجر، لمدة تصل أحيانًا إلى خمسة أيام.

سؤال طرحه أدريان ريكي يوم 22/05/2019

تحية طيبة

مساء يوم الأربعاء، في الوقت الذي تطرق فيه “البرنامج السياسي لفرنسا 2” إلى موضوع الهجرة مع ممثلي عدة قوائم للانتخابات الأوروبية، أعلن رافائيل غلوكسمان أن “هناك مهاجرين يموتون في السجون الهنغارية بسبب نقص الغذاء”. وبعد أن اتصل به صحفيون من “تشاك نيوز”، اعترف رافائيل غلوكسمان، بأن “مفردة الموت ذات وقع قوي بعض الشيء، وقد قلتها في خضم الاندفاع في النقاش، لكن لم يكن لها أي داع”. وبالنسبة لبقية إفاداته، أشار غلوكسمان إلى أنه يؤيد تصريحه “حول تقرير المدافعة عن حقوق الإنسان دنيا مياتوفيتش” ويعتبر أنه “من المدهش أن دولة أوروبية، تستفيد من أموال أوروبية، وهي أموال متأتية من ضرائبنا، ترفض إطعام الأشخاص الموجودين داخل مراكز احتجاز”.

الأمم المتحدة ومجلس أوروبا قلقان بشأن الحرمان من الطعام في مراكز احتجاز المهاجرين في المجر

تتأتى التصريحات التي أدلى بها رئيس قائمة “بلاس بيبليك” بالفعل من مصادر موثوقة وتحديدا من تقرير نُشر في 21 أيار/ مايو سنة 2019، إثر زيارة مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا، دنيا مياتوفيتش، إلى المجر، والتي امتدت من الرابع إلى الثامن من شباط/ فبراير سنة 2019. وقد جاء في التقرير التالي: “إن المفوضة تشعر بالقلق إزاء حقيقة أن العديد من طالبي اللجوء، بمن فيهم طالبو اللجوء (الذين قدموا هذه المطالب لأكثر من مرة) المحتجزون في مناطق العبور في إطار إجراء مراقبة الأجانب، قد حُرموا من الطعام أثناء احتجازهم. ويتم هذا الاحتجاز الفعلي بالرجوع إلى القانون الثاني لسنة 2007 بشأن دخول وإقامة رعايا البلدان التي لا تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي”.

في الواقع، لم يكن مجلس أوروبا المؤسسة الوحيدة التي حذرت من الوضع في مناطق العبور للحدود بين المجر وصربيا

علاوة على ذلك، ورد في التقرير أنه “لا يفرض المرسوم الحكومي المتعلق بتطبيقه على السلطات المختصة في مجال اللجوء توفير الغذاء للأشخاص الخاضعين لإجراءات شرطة الأجانب في مناطق العبور. وفي شهر آب/أغسطس سنة 2018، أُرسلت خمس عرائض إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من أجل طلب اتخاذ تدابير مؤقتة وعاجلة بموجب المادة 39 من لائحة المحكمة، بهدف وضع حد لعمليات الحرمان من الطعام. ووافقت المحكمة على هذه الطلبات، ما دفع بالسلطات إلى تقديم الطعام للاجئين”.

كما جاء في التقرير أن “المفوضة تشعر بقلق شديد إزاء تقديم ثمانية طلبات مماثلة لتدابير مؤقتة وعاجلة وقُبولها مرة أخرى في شهر شباط/فبراير وآذار/مارس ونيسان/أبريل سنة 2019. وتؤكد المفوضة أن المجر ملزمة بموجب المعايير الأوروبية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بمعاملة جميع الأشخاص المحتجزين في مناطق العبور بإنسانية وكرامة”.

في الواقع، لم يكن مجلس أوروبا المؤسسة الوحيدة التي حذرت من الوضع في مناطق العبور للحدود بين المجر وصربيا. ففي الثالث من أيار/ مايو سنة 2019، سبق وأن أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأنه “وفقا للتقارير الصادرة منذ آب/أغسطس، حرمت السلطات المجرية ما لا يقل عن 21 مهاجرًا ينتظرون الترحيل من الطعام، لفترات تصل في بعض الحالات إلى خمسة أيام”. ونشرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نتائج تقرير دنيا مياتوفيتش.

23 مهاجرا حُرموا من الطعام في مناطق العبور منذ آب / أغسطس سنة 2018

منذ شهر آب/أغسطس سنة 2018، تدين جمعيات حقوق الإنسان، هيومن رايتس ووتش والفرع الهنغاري للجنة هلسنكي، عمليات الحرمان من الغذاء التي جدّت في مناطق العبور الهنغارية، حيث يتم احتجاز المهاجرين القادمين من صربيا. وبعد أن تواصل معها صحفيو تشاك نيوز، تفيد لجنة هلسنكي في المجر أنه “منذ آب/أغسطس سنة 2018، كانت هناك 14 حالة لم يحصل فيها 23 شخصًا على الطعام في مناطق العبور. وبما أن لجنة هلسنكي الهنغارية هي المنظمة الوحيدة في المجر التي تقدم مساعدة قانونية مجانية لطالبي اللجوء، فقد رفعنا كل هذه القضايا إلى أنظار محكمة العدل الأوروبية“.

عند سؤالها عن مفردة “السجون” التي استخدمها رافائيل غلوكسمان لوصف مناطق العبور، ردت ليديا غال، الباحثة في هيومن رايتس ووتش والمتواجدة في المجر، قائلة: “لا يتعلق الأمر بالسجن بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وإنما بمراكز الاحتجاز.”

من خلال تناول تفاصيل هذا الإحصاء الذي تم إنجازه في شهر نيسان/أبريل سنة 2019، حيث تم تسجيل 13 حالة، يمكن ملاحظة أن فترات الحرمان من الطعام تتراوح بين يوم وخمسة أيام، وأنها تتعلق في أغلب الأحيان بآباء قادمين من العراق، وأفغانستان وإيران، بصحبة أطفالهم، الذين يجب ترحيلهم في كل مرة إلى العراق أو صربيا بعد فشل طلبات اللجوء. ويشير التقرير إلى أنه يتم أحيانًا إطعام القصّر والنساء.

في المقابل، لا يتم تقديم وجبات الطعام للرجال البالغين. فعلى سبيل المثال، لاحظت لجنة هلسنكي أنه في إحدى العائلات العراقية، لم يتغذّى الأبوان لمدة أربعة أيام وأنه “أثناء تناول وجبات الطعام، يُنقل أطفالهما إلى مكان منفصل داخل المركز”، ما يمنعهم من تقاسم وجباتهم. بالإضافة إلى ذلك، حددت منظمات غير حكومية هيومن رايتس ووتش ولجنة هلسنكي أنه لا وجود لحالات وفاة في مناطق العبور المجرية.

لا وجود لحالات وفاة داخل مراكز الاحتجاز

عند سؤالها عن مفردة “السجون” التي استخدمها رافائيل غلوكسمان لوصف مناطق العبور، ردت ليديا غال، الباحثة في هيومن رايتس ووتش والمتواجدة في المجر، قائلة: “لا يتعلق الأمر بالسجن بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وإنما بمراكز الاحتجاز. ولكن، حين تتواجد داخل هذه المراكز، فستَعلق هناك. ومن جانبها، قالت الحكومة الهنغارية إن المهاجرين يمكنهم مغادرتها للعودة إلى صربيا، ولكن إذا كنت ترغب في متابعة إجراءات طلب اللجوء في المجر، فيجب عليك البقاء في منطقة العبور هذه. وفي حال غادرتها، فستتخلّى عن إجراءات اللجوء”.

أشارت حكومة فيكتور أوربان إلى أن “الادعاء بأن السلطات الهنغارية قد تكون ملزمة بتوفير خدمات تقديم الطعام بعد إنهاء إجراءات اللجوء لا أساس له من الصحة”

أوردت لجنة هلسنكي أنه “منذ 28 آذار/مارس سنة 2017، يتم احتجاز جميع طالبي اللجوء، باستثناء القصر غير المصحوبين بأولياء أمورهم الذين تقل أعمارهم عن 14 سنة، في منطقتي عبور حتى نهاية إجراءات اللجوء الخاصة بهم. ونظريا، يمكن للأشخاص مغادرة منطقة العبور في اتجاه صربيا، ما يعني الإلغاء التلقائي لطلب اللجوء. ويعني هذا الأمر كذلك أنه يتعين عليهم دخول صربيا بطريقة غير قانونية، وبالتالي ارتكاب جريمة قد تؤدي إلى دفعهم غرامات مالية، بما في ذلك أمر ترحيل من صربيا. وعموما، لا يمكن الخروج من مناطق العبور إلى هنغاريا سوى في حالتين، سواء مُنح الشخص حماية (بعد أن أصبح لاجئًا أو مستفيدًا من الحماية المؤقتة)، أو حصل على تصريح السماح بالإقامة لمدة سنة)، أو إذا ما كان مقدم الطلب قاصرا غير مصحوبا بولي أمره ودون سن 14 سنة. وفي هذه الحالة، يتم نقل الطفل إلى مركز للرعاية بالقرب من بودابست”.

“وحدها الحكومة الهنغارية صرحت بأن الوضع في منطقة العبور لا يمثل احتجازا”

تشير المنظمة غير الحكومية إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومختلف هيئات الأمم المتحدة على غرار الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة، تعتبر أن “الوضع في منطقة العبور هو بحكم الواقع احتجازا. ووحدها الحكومة الهنغارية صرحت بأن الوضع في منطقة العبور، ليس كذلك”.

في شأن ذي صلة، ردّت حكومة فيكتور أوربان على تقرير دنيا مياتوفيتش المؤرخ في 21 أيار/مايو سنة 2019 كالآتي: “يستخدم التقرير مفردة الاحتجاز للإشارة إلى اللجوء في مكان محدد في منطقة العبور. وانطلاقا من القطاع الأجنبي، يمكن المغادرة إلى صربيا في أي وقت. ونتيجة لذلك، لن يُحرم الأشخاص الذين تم ترحيلهم من حقوقهم قانونيًا في حال غادروا منطقة العبور. ومن المهم التأكيد على أنه تتم رعاية القصّر على حساب نفقة الدولة الهنغارية أثناء إجراء الرقابة على الأجانب”.

وأشارت حكومة فيكتور أوربان إلى أن “الادعاء بأن السلطات الهنغارية قد تكون ملزمة بتوفير خدمات تقديم الطعام بعد إنهاء إجراءات اللجوء لا أساس له من الصحة. ونظرًا لأنه يمكن مغادرة منطقة العبور طوعًا إلى صربيا في أي وقت ولأنه يمكن شراء الطعام في منطقة العبور متى شاء اللاجئ، فإنه يتم استيفاء شروط الرعاية ولا تعدّ الدولة مجبرة على توفير عناية إضافية على ميزانيتها”.

ومن جهتها، اعتبرت الجمعيات الإنسانية التي اتصل بها صحفيو تشاك نيوز هذا التصريح “ساخراً”.

المصدر: ليبراسيون