ترجمة وتحرير: نون بوست
“ذكر المشاركون، الذين سبق لهم أن صرحوا أنهم يحاولون بفعالية تنويع مصادر الأخبار التي يسْتَقُونها من الإنترنت من خلال التفاعل مع الأشخاص والمحتوى الذي يتبنى وجهات نظر مختلفة، أنهم يشهدون انخفاضًا في مستويات القلق إزاء الأحداث الحالية”.
عمومًا، أشارت دراسة جديدة إلى أن المستهلكين الذين يتخذون خطوات فعالة من أجل تنويع استهلاكهم، من خلال متابعة الحسابات ووسائل الإعلام التي تنشر مجموعة واسعة من وجهات النظر فضلًا عن التفاعل عبر الإنترنت مع أشخاص لديهم وجهات نظر مختلفة، لا يشعرون بالقلق إزاء الأحداث التي وقعت في الوقت الراهن مقارنة بالأشخاص الذين لا يتخذون مثل هذه الخطوات.
مع ذلك، لا يبدو البحث في غرفة صدى الأخبار التي تم إنشاؤها ذاتيا، أنه يحد من الشعور بالقلق. وفي هذا الصدد، أفاد الديمقراطيون أيضا أنهم يشعرون بالقلق إزاء الأحداث الجارية مقارنة بالجمهوريين، الأمر الذي لا يعد مفاجئا عند الأخذ بعين الاعتبار الطرف الذي يتواجد حاليا في البيت الأبيض.
يجد منشئو غرفة الصدى “مقدّمي المحتوى (الأشخاص ومصادر الأخبار ومواقع الإنترنت الأخرى) الذين يتفقون معهم ويُتابعونهم. وفي حال اعترض طريقهم إما شخص أو مصدر يختلفون معه في الرأي، فسيتم إما حذف هذا المحتوى أو المستخدم”
وتجدر الإشارة إلى أن كلا من بروك أوكسير وجيسيكا فايتاك، من جامعة ماريلاند، أعدّتا الورقة البحثية التي تحمل عنوان “العوامل التي تحفز التخصيص وإنشاء غرفة الصدى في بيئات الأخبار الرقمية”. وباستخدام منصة أمازون ميكانيكال ترك الرقمية، أجرت كل من أوكسير وفايتاك استطلاع رأي شمل 317 شخصا من البالغين الأمريكيين حول عادات استهلاك الأخبار، حيث صنّفتا ما إذا كانوا “منشئي غرفة الصدى” أم “ساعين إلى التنوع”.
في الواقع، يجد منشئو غرفة الصدى “مقدّمي المحتوى (الأشخاص ومصادر الأخبار ومواقع الإنترنت الأخرى) الذين يتفقون معهم ويُتابعونهم. وفي حال اعترض طريقهم إما شخص أو مصدر يختلفون معه في الرأي، فسيتم إما حذف هذا المحتوى أو المستخدم”. أما “الساعون إلى التنوع”، “فيتعمّدون البحث عن مجموعة متنوعة من وجهات النظر في صفحات آخر الأخبار الخاصة بهم. فضلا عن ذلك، تشير ردود هؤلاء المستخدمين إلى أنهم يعتبرون مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة للمشاركة ولتوسيع نظرتهم حول العالم على عكس الآخرين”.
علاوة على ذلك، طرح الباحثون مجموعة من الأسئلة بغية التأكد من ميول المشاركين السياسية وقياس مستويات قلقهم بشأن الأحداث الحالية.
كشف الباحثون أن الأشخاص الذين ينوّعون مصادر أخبارهم على الإنترنت أفادوا بتراجع مستويات القلق الذي يشعرون به فيما يتعلق بالأحداث الراهنة:
“لقد كانت العلاقة بين المقاييس الفرعية للساعين إلى التنوع هامة من الناحية الإحصائية، في حين لم تكن العلاقة بين المقاييس الفرعية لمنشئي غرفة الصدى ذات أهمية من الناحية الإحصائية… بعبارة أخرى، أعرب المشاركون الذين أبلغوا عن محاولاتهم تنويع مصادر أخبارهم عبر الإنترنت من خلال التفاعل مع أشخاص ومحتوى يعكس وجهات نظر مختلفة، عن انخفاض مستويات القلق المتعلقة بالأحداث الراهنة. لكن لم تُسجل اختلافات في نسب القلق بين أولئك الذين يعملون بشكل نشط على خلق بيئة رقمية يُحاطون فيها بآراء ووجهات نظر مماثلة لآرائهم”.
في الواقع، يبدو هذا الأمر منطقيا من نواحي عديدة. فعلى سبيل المثال، إذا كنت ديمقراطيا تتابع بشكل أساسي مصادر أخبار إلكترونية ذات اتجاه يساري، فمن المحتمل جدا أن تخيفك المواد الإخبارية هذه الأيام (التي تتطرق إلى تغير المناخ والإجهاض وترامب). وقد تُؤدي إضافة بعض المصادر الإخبارية المعتدلة وذات الاتجاه اليميني إلى التخفيف من حدة القلق وذلك من خلال تغيير نبرة العناوين الرئيسية (التي غالبا ما تكون أول الأشياء التي تستقطب نظر القارئ)، أو ببساطة عن طريق التطرق لمواضيع أخرى (وبالتالي خفض موادك الإخبارية بنسبة 50 بالمائة التي تتعلق بقرار “تقييد الإجهاض وإلغائه”، وقد يقلل ذلك بدوره من الوقت الذي تقضيه في القلق بشأن هذا القرار وإمكانية إلغائه).
تُعتبر هذه الدراسة محدودة نظرا لأنها أقيمت على نطاق ضيق، وقد أجريت عن طريق منصة “أمازون ميكانيكال تراك” الرقمية التي لا تمثل جميع الأمريكيين
من الواضح أن اتباع مجموعة واسعة من مصادر الأخبار والأشخاص المتواجدين على الإنترنت لا يساعد على التخلص من مشاعر القلق. وحيال هذا الشأن يُفيد الديمقراطيون بأنهم “يشعرون بقلق أكبر عند استهلاكهم لمحتوى إخباري مقارنة بالجمهوريين، في حين تبدو مواقف المستقلين متباينة”. وتجدر الإشارة إلى أن هذا البحث قد أُجري في أواخر سنة 2017، عندما سيطر الجمهوريون على البيت الأبيض ومجلسي النواب والشيوخ.
لكن تُعتبر هذه الدراسة محدودة نظرا لأنها أقيمت على نطاق ضيق، وقد أجريت عن طريق منصة “أمازون ميكانيكال تراك” الرقمية التي لا تمثل جميع الأمريكيين (على الرغم من أن موظفي “أمازون ميكانيكال تراك” يمثلون شريحة من السكان الذين يمتلكون مهارات تقنية كافية لتخصيص مصادر الأخبار الخاصة بهم على الإنترنت).
ربما لا يتذكر المشاركون جميع الإجراءات التي يقومون بها تجاه محتوى الأخبار عبر الإنترنت (على الرغم من كوننا “نؤمن بالطريقة التي صممنا بها الأسئلة للتمكن من معرفة أساليب التخصيص المتبعة، وذلك من خلال التركيز على ممارسات محددة على غرار كتم وحظر وإنشاء قوائم، التي أدت بدورها إلى عملية استرجاع أكثر دقة”).
دائما ما تخضع السلوكيات التي يتم الإبلاغ عنها ذاتيا إلى تحيز الرغبة الاجتماعية، لا سيما فيما يتعلق باستهلاك الأخبار. (غالبا ما يقوم الأشخاص بإعلام الباحثين أنهم يستهلكون نوعا سخيفا جدا من الأخبار مقارنة بما يفعلون عادة). ومن جهتهم، يدعو الباحثون إلى إجراء دراسة أخرى حول العوامل التي تدفع الأشخاص إلى تخصيص الأخبار التي يقرؤونها، فضلا عن “العلاقة بين القلق حول الأحداث الراهنة وتخصيص الأخبار الرقمية”.
قدمت مجموعة من الشركات الناشئة ذات النوايا الحسنة ملحقات متصفح أو تطبيقات من شأنها مساعدة الأشخاص على تنويع الأخبار التي يقرؤونها، إلا أن الجمهور الذي تستهدفه هذه المنتجات صغير جدا
إلى جانب ذلك، لم تتطرق الدراسة إلى ذكر أن الأشخاص الذين يبذلون قصارى جهدهم لتخصيص مصادر الأخبار عبر الإنترنت عن طريق بحثهم عن مجموعة متنوعة من الآراء، لا يعتبرون معيارا. وفي الحقيقة، هناك الكثير من الأشخاص الذين يقومون بتشغيل التلفزيون ويحصلون على كمية من الأخبار أكبر بالمقارنة مع الذين يستثمرون وقتهم في تخصيص مصادر الأخبار. وإلى حدود نهاية سنة 2018، يُقال إن 20 بالمائة فقط من المواطنين الأمريكيين يتلقون الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما لا يستهلك الكثير منهم الأخبار المتواجدة على الإنترنت مطلقا.
كما قدمت مجموعة من الشركات الناشئة ذات النوايا الحسنة ملحقات متصفح أو تطبيقات من شأنها مساعدة الأشخاص على تنويع الأخبار التي يقرؤونها، إلا أن الجمهور الذي تستهدفه هذه المنتجات صغير جدا. وقد تُساعد عملية تنويع مصادر الأخبار عبر الإنترنت مجموعات فرعية معينة من الأشخاص على التقليل من شعورهم بالقلق، لكن ذلك لا يعتبر حلا واسع النطاق لأنه ببساطة لا يمثل أولوية بالنسبة لغالبية الشعب الأمريكي. أما بالنسبة للأشخاص الذي يميلون إلى القلق فلا تُعد هذه الفكرة مريحة.
المصدر: نيمن لاب